لَمْ يَعُدْ خافيًا على أحَدٍ أهمِّية الدَّوْر الذي تؤدِّيه الجهات الرقابيَّة، سواء على النَّواحي الماليَّة أو الإداريَّة، فقَدْ أصبحت الرقابة الماليَّة والإداريَّة ركنًا مُهمًّا من أركان الإدارة في الدَّولة الحديثة، وهي عنصر أساس لتحقيق نجاح كُلِّ عمل مُنظَّم، حيث تعمل تلك الجهات في إطارٍ قانونيٍّ يعمل على تعزيز النَّزاهة والشفافيَّة، والتقليل من التجاوزات وترشيد الإنفاق، فهي ضمانة تُعبِّر عن إرادة الشَّعب وتسعى إلى تسيير أموال الدَّولة وتوجيهها الوجهة الصحيحة، كما تعمل تلك الجهات على الحيلولة دُونَ حدوث أيِّ تهاون في تحصيل الإيرادات أو زيادة في المصروفات عن المبالغ المُحدَّدة، ثمَّ التأكُّد من توافُق ما تمَّ تنفيذه مع الخطط والبرامج التنفيذيَّة.


ومن هذا المنطلق فإنَّ جهاز الرقابة الإداريَّة والماليَّة هو جهة تتمتع بالاستقلاليَّة لأداء دَوْر مُهمٍّ وحيويٍّ في الحفاظ على المال العامِّ من سوء التصرُّف أو الانحراف، والتأكُّد من سلامة طُرق الإنفاق وصحَّة المستندات المُقدَّمة، وكذلك الكشف عن الإسراف في النفقات، ما يجعله إحدى الأدوات المهمَّة في ترسيخ مصداقيَّة الدَّولة، وتوجُّهها نَحْوَ القضاء على الفساد الماليِّ والإداريِّ، وتُعدُّ سلطنة عُمان من أبرز الدوَل التي تعمل على تحقيق رقابة قادرة على ترجمة الرؤية السَّامية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ في إعلاء مبادئ الشفافيَّة والنَّزاهة والمساءلة والمُحاسَبة في كُلِّ القِطاعات، وإشراك المُجتمع في الإسهام الفاعل في تعزيز منظومة الرقابة لتحقيق الأهداف الوطنيَّة.
ويأتي إصدار جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدَّولة ملخَّصًا للمُجتمع عن نتائج أعماله الواردة بتقريره السنويِّ للعام 2022، مستعرِضًا ما أسفرت عَنْه نتائج المتابعة الماليَّة والإداريَّة لبعض الوحدات الحكوميَّة والهيئات والاستثمارات والشركات المشمولة برقابته بعد استيفاء الإجراءات المتَّبعة مع تلك الجهات، إلى جانب استعراض جهود الجهاز في تعزيز النَّزاهة خلال العام الماضي، كخطوة مهمَّة تعمل على تجسيد الشراكة المُجتمعيَّة، وتعزيز قِيَم النَّزاهة وترسيخ ثقافة حماية المال العامِّ وصون مكتسبات الوطن، وتعمل على إشراك المواطن وتعريفه بما تمَّ إنجازه في هذا الصَّدد من خلال استعراض الخطوات التي اتَّبعها جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدَّولة، حيث اشتمل هذا الملخَّص المُجتمعيُّ للتقرير السنويِّ على إحصاءات عامَّة بعدد وأنواع المهام الرقابيَّة التي تضمَّنتها خطَّة الفحص السنويَّة للعام الماضي، حيث نفَّذ الجهاز (181) مهمَّة صدر عَنْها (147) تقريرًا تضمنت (1591) ملحوظة، توزَّعت على بعض الوحدات الحكوميَّة والهيئات والاستثمارات والشركات المشمولة برقابة الجهاز.
وتضمَّن المُلخَّص بيانًا عن الآثار الإيجابيَّة لنتائج أعمال الجهاز لعامِ 2022 وتمثَّلت في تحقيق قِيمة مضافة مباشرة من واقع تحصيل واسترداد مبالغ ماليَّة لصالح الخزانة العامَّة بلغَتْ نَحْوَ (17.8) مليون ريال عُماني توزَّعت على الوحدات الحكوميَّة والهيئات والاستثمارات والشركات، بالإضافة إلى (80) مليون ريال عُماني حُصِّلت في عام 2021م وأُدرجت في التقرير السنويِّ لعام 2022 في ضوء متابعة الجهاز لتلك المبالغ وتلقِّي مؤيِّدات تحصيلها بعد رفع التقرير السنويِّ عن العام 2021، إضافة إلى تعامل الجهاز مع (113) قضيَّة تتعلَّق بالأموال العامَّة في عام 2022، صدرت بشأن بعضها أحكام بالإدانة. وكعنصرٍ آخر في طريق تعزيز الشراكة المُجتمعيَّة، بلغ عدد الشكاوى والبلاغات التي تلقَّاها الجهاز (587) خلال العام الماضي بنسبة إنجاز بلغت نَحْوَ (84) بالمئة، وهي نسبة تؤكِّد عُمق الاستجابة وسرعتها.
إنَّ ما يضطلع به جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدَّولة من مهامَّ ومسؤوليَّات تحظى بالمتابعة والتقدير ـ وإنْ كانت تقَعُ في نطاق عمله ـ مع الآمال العِراض بأنْ يتضاعفَ حجْمُ هذه المسؤوليَّات والأدوار مع سرعة معالجة المخالفات والملاحظات وتسمية الأشياء بمُسمَّياتها.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الرقابة المالی جهاز الرقابة ة والإداری

إقرأ أيضاً:

الحكومة تبقي على منع الجمعيات وتقييد النيابة العامة في قضايا دعاوى الفساد المالي (مشروع المسطرة الجنائية)

بعد الجدل الذي أثارته المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي صادقت عليه الحكومة في 29 غشت 2024، بسبب منع الجمعيات من  رفع دعاوى تتعلق بالفساد، تم الإبقاء على صيغة نفس المادة في المشروع الذي أحيل على مجلس النواب يوم الخميس الماضي، مما يعني أن الموضوع سيكون محل جدل كبير في الأوساط السياسية والحقوقية.

وجاءت الصيغة المحالة على مجلس النواب بخصوص المادة 3 كما يلي:

« لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم «الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية «للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك ».

وتضيف المادة انه: « خلافا للفقرة السابقة، يمكن للنيابة العامة المختصة إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية تلقائيا في الجرائم المشار إليها أعلاه « إذا تعلق الأمر بحالة التلبس ».

وبذلك فإن نص المادة 3 تم الاحتفاظ به مع الإشارة إلى أن النيابة العامة يمكنها التحرك تلقائيا فقط في حالة التلبس.

وهذا يعني أنه لا يمكن قبول الدعاوى التي ترفعها الجمعيات التي تهتم بمحاربة الفساد واختلاس المال العام، كما هو الحال منذ سنوات،  بحيث أن مسطرة الدعاوى في قضايا محاربة المال العام يجب أن تمر عبر القنوات التي حددتها المادة 3 في مشروع القانون، وهي:

-أن يكون هناك طلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض.

-أن يتم الطلب بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية.

-أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية «للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك.

هذا الإجراء المسطري الجديد اعتبره حقوقيون وقضاة بمثابة تقييد لصلاحيات النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية في ملفات الفساد. كما يقيد حق المجتمع المدني في رفع دعاوى الفساد المالي.

أما بخصوص الجمعيات فإن المادة 7 من المشروع أبقت على  النص التالي:

« يمكن للجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة والحاصلة على «إذن بالتقاضي من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل حسب الضوابط التي يحددها نص تنظيمي أن تنتصب طرفاً مدنياً، إذا كانت قد تأسست بصفة قانونية منذ أربع سنوات قبل ارتكاب الفعل الجرمي.. »

وهذا يعني أنه حتى حق التنصب كطرف مدني تم تقييده بشروط بالنسبة للجمعيات، وهي:

-أن تكون الجمعية معترفا لها بالمنفعة العامة، -أن تكون حاصلة على إذن بالتنصب طرفا مدنيا يمنحه لها وزير العدل.

-أن تكون مؤسسة بصفة قانونية منذ أربع سنوات.

وكانت هذه التدابير الجديدة  المتعلقة بتحريك ملفات الفساد المالي أثارت جدلا كبيرا وسط الحقوقيين، كما انتقدتها هيئة النزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وجمعية ترانسبارانسي.

كلمات دلالية الجمعيات الفساد المالي المسطرة الجنائية المغرب

مقالات مشابهة

  • برلماني: افتتاح مصنع سيارات «جيلي» يعزز التوطين ويخلق فرصا استثمارية هائلة
  • هيئة الأوقاف: حققنا 1.5 مليار جنيه إيرادات خلال النصف الأول من العام المالي الجاري
  • بغداد اليوم تعلن نتائج الاستفتاء السنوي لاختيار أفضل الشخصيات لعام 2024
  • الفياض: قوى سياسية منعت تمرير الكثير من القوانين وعطلت الدور الرقابي للبرلمان
  • النزاهة: ضـبط متهمـين اثنين لتجـاوزهما عـلى عقـارات عائدة الدولة في نينوى
  • الفياض: قوى سياسية منعت تمرير الكثير من القوانين وعطلت الدور الرقابي للبرلمان - عاجل
  • المؤتمر السنوي لقسم الهستولوجي بطب قصر العيني يناقش تطور الجهاز المناعي
  • المشاط: 4% معدل نمو متوقع للاقتصاد بالربع الأول من العام المالي الحالي
  • وكيل تعليم الفيوم يتفقد لجان امتحانات نصف العام 2025 لضمان الانضباط والشفافية
  • الحكومة تبقي على منع الجمعيات وتقييد النيابة العامة في قضايا دعاوى الفساد المالي (مشروع المسطرة الجنائية)