يأمل وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، تعزيز ثقافة المساعدة الاجتماعية بمختلف محاكم البلاد، مع توالي الانتقادات لأدوار الموظفين المكلفين بمهام هذه المساعدة، لاسيما جراء تحويل المساعدين الاجتماعيين من وظائفهم الأصلية بقرارات من رؤساء المصالح بالمحاكم، إلى وظائف بعيدة تماما عن المساعدة الاجتماعية، مثل خدمة السجل العدلي، والاستقبال.

واعتبر وهبي، في كلمة اليوم الثلاثاء بسلا، على أهمية خلال افتتاح أشغال المؤتمر الوطني الثاني للمساعدة الاجتماعية في مجال العدالة، الذي تنظمه وزارة العدل بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، على مدى يومين، حول موضوع “المساعدة الاجتماعية بالمحاكم وآفاق تطوير الخدمات المقدمة للأطفال والنساء والفئات الخاصة”، أن مهنة المساعدة الاجتماعية أساسية داخل المحاكم لأنها تحرص على أنسنة الإجراءات القضائية وتيسير الخدمات للمواطنين.

وأضاف أن مهنة المساعدة الاجتماعية ينبغي أن تكون بمثابة جسر بين المواطن والعدالة بمفهومها الواسع، مسجلا أن المساعدات والمساعدين الاجتماعيين يضطلعون بدور هام من خلال تتبع وضعية المرأة والطفل ومواكبة مسار التكفل القضائي وتعريفهم بحقوقهم، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم.

وفي سياق ذي صلة، شدد الوزير على ضرورة فتح المجال أمام المساعدات والمساعدين الاجتماعيين للاضطلاع بأدوارهم في أحسن الظروف، داعيا إلى تحديد هذه الأدوار وفق المهام وطبيعة التكوين، وذلك بما يفتح لهم الطريق للارتقاء في المسار الوظيفي.

من جهة أخرى، دعا الوزير إلى تسريع مسار تحديث منظومة العدالة ورقمنة مختلف خدماتها الإلكترونية الرامية إلى تيسير الولوج الرقمي للمواطنين، من خلال تبسيط ورقمنة مسارات الإدارة القضائية، لتسريع الإجراءات وتيسيرها وتوفير خدمات ذات جودة عالية للمواطن.

وإثر ذلك، تم عرض شريط مؤسساتي يسلط الضوء على مسار المساعدة الاجتماعية داخل محاكم المملكة منذ إحداث خلايا التكفل بالنساء سنة 2004، وتوظيف المساعدين الاجتماعيين خريجي المعهد الوطني للعمل الاجتماعي وحاملي شهادة الإجازة المهنية في شعبة المساعدة الاجتماعية، الذين يبلغ عددهم الإجمالي حاليا 337 مساعدة ومساعدا اجتماعيا، سواء بخلايا التكفل بالنساء والأطفال أو بأقسام قضاء الأسرة.

ويأتي المؤتمر الوطني، في نسخته الثانية، في ضوء مستجدات القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي الصادر في يوليوز 2022، وما تضمنه من مستجدات تروم مأسسة المساعدة الاجتماعية بالمحاكم من خلال إحداث مكاتب المساعدة الاجتماعية بكل من المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف.

كلمات دلالية اجتماعي المغرب حكومة محاكم مساعدات

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: اجتماعي المغرب حكومة محاكم مساعدات المساعدة الاجتماعیة

إقرأ أيضاً:

التصوف التقليدي والمعاصر في السودان: قراءة مقارنة في ضوء التحولات الاجتماعية والسياسية

الروحانيات كمرآة لتاريخ السودان
يُعد التصوف في السودان ظاهرة متعددة الأبعاد؛ دينية، اجتماعية، وسياسية، ساهمت بعمق في تشكيل الهوية الوطنية على مر العصور. من الطرق الصوفية التي قادت المقاومة ضد الاستعمار، إلى التيارات المعاصرة التي تناقش الديمقراطية وحقوق المرأة، يظل التصوف السوداني تيارًا روحيًا حيًّا يتكيّف مع تحولات الواقع دون أن يفقد جوهره. في هذا المقال نقف عند الثابت والمتحول في تجربة التصوف السوداني، من خلال مقارنة بين صيغته التقليدية والمعاصرة.
أولًا: التصوف التقليدي – البناء الاجتماعي والسياسي
أ. الطرق الكبرى وأدوارها التاريخية
القادرية: من أقدم الطرق، ارتبطت بالتجارة ونشر الإسلام في غرب السودان عبر شبكة الزوايا، ولعبت دورًا بارزًا في دعم مقاومة المهدية للاستعمار التركي-المصري.
الختمية: تأسست في القرن التاسع عشر، وتحالفت لاحقًا مع الاستعمار البريطاني، مما أثار جدلًا حول موقعها السياسي. مع ذلك، احتفظت بنفوذ كبير خاصة في شرق السودان.
السمانية: ارتبطت بقبائل البجة، وكان لها تأثير ثقافي واضح من خلال الشعر والمدائح النبوية.
ب. الطقوس كنسيج مجتمعي
الحضرة: لم تكن مجرد ذكر جماعي، بل مثلت فضاءً اجتماعيًا لتسوية النزاعات وتعزيز الروابط القبلية.
الأضرحة: مثل ضريح الشيخ حمد النيل في أم درمان، الذي أصبح مزارًا وطنيًا يجمع السودانيين بمختلف مشاربهم.
المولديات: مهرجانات دينية سنوية استُخدمت أحيانًا كمنصات للتعبير عن رفض السياسات الرسمية، كما حدث في عهد الرئيس جعفر نميري.
ج. العلاقة المعقدة مع السياسة
دعمت طرق مثل الأنصار حكومة الصادق المهدي الديمقراطية (1986–1989)، بينما تحالف بعض شيوخ الختمية مع نظام البشير، مما أثر على مصداقيتهم في الشارع السوداني.
ثانيًا: التصوف المعاصر – تفكيك المركزية ومواجهة التحديات
أ. عوامل التحول
التمدين: انتقال السكان من الريف إلى المدن أدى إلى ضعف الارتباط بالزوايا التقليدية.
صعود السلفية: منذ الثمانينيات، واجهت الطرق الصوفية هجومًا شرسًا من التيارات السلفية المدعومة من النظام، مما دفعها إلى إعادة تعريف نفسها.
التكنولوجيا: مثلت منصات مثل "يوتيوب" و"فيسبوك" أدوات جديدة لعرض الذكر والمجالس الصوفية، خصوصًا خلال جائحة كوفيد-19.
ب. ملامح التصوف الجديد
التصوف الفردي: بعض الشباب يتبنون التصوف من خلال قراءات شخصية لجلال الدين الرومي أو الاستماع إلى مدائح، دون الانتماء لطريقة بعينها.
التصوف النسوي: ظهور شخصيات نسائية مثل السيدة مريم الميرغنية
تنتمي إلى البيت الميرغني، ويرجح أنها كانت بنتًا أو حفيدة لأحد خلفاء السيد محمد عثمان الميرغني.
كانت كاتبة ومدرّسة، وشاركت في مجالس الذكر النسائية.
نُسبت إليها عدة رسائل روحية كانت تُتداول بين النساء المريدات. بكسلا، ساهم هذا في كسر هيمنة الذكورية في القيادة الروحية.
التصوف النشط: شارك صوفيون شباب في ثورة ديسمبر 2019، مستلهمين مفاهيم العدالة الإلهية والكرامة في مواجهة الطغيان.
ج. حوار الأجيال والثقافات
التراث والحداثة: فنانون شباب مثل عصام صديق دمجوا بين أبيات ابن الفارض وإيقاعات الراب السوداني.
السلام الأهلي: لعب بعض الشيوخ الصوفيين دورًا في مبادرات المصالحة القبلية في دارفور، مقابل خطاب ديني متشدد متصاعد.
ثالثًا: التحديات الراهنة
التمويل الخارجي: دعم بعض الدول الخليجية للتيارات السلفية يهدد استقلالية الزوايا الصوفية.
الانقسامات الداخلية: خلافات بين الشيوخ التقليديين حول القيادة والشرعية، خاصة بعد سقوط نظام البشير.
الاستقطاب السياسي: وُجهت اتهامات لبعض الطرق بالميل لقوى الثورة المضادة بعد 2019.
رابعًا: مستقبل التصوف – اختراع الذات من جديد؟
التعليم البديل: بعض الزوايا في شرق السودان بدأت تمزج بين العلوم الحديثة والمناهج الصوفية لجذب الأجيال الجديدة.
الحوار العالمي: شارك صوفيون سودانيون في مؤتمرات دولية حول الإسلام الروحي، كصورة بديلة عن التشدد.
الروحانية الكونية: بدأت تظهر توجهات لدى بعض الشباب لدمج التصوف مع عناصر من الفلسفات الشرقية مثل البوذية واليوغا، ما يثير نقاشًا حول حدود التجديد الديني.
التصوف كفلسفة مقاومة
ليس التصوف في السودان مجرد ممارسة دينية، بل هو سردية مقاومة تعبّر عن نضال داخلي واجتماعي طويل الأمد. إذا كان التصوف التقليدي قد حافظ على الهوية خلال فترات الاستعمار، فإن التصوف المعاصر يحاول أن يصون روح المجتمع في مواجهة تحديات العولمة والتشدد. في كل تحولاته، يظل التصوف السوداني مرآة لروح هذا الشعب، الباحث عن المعنى، والعدل، والسلام.

zuhair.osman@aol.com

   

مقالات مشابهة

  • «الوطني» يناقش إدارة واستدامة الوقف وأموال الزكاة الأربعاء
  • التصوف التقليدي والمعاصر في السودان: قراءة مقارنة في ضوء التحولات الاجتماعية والسياسية
  • وزير الشؤون الاجتماعية يُحيي صمود عمال اليمن ومواقفهم الوطنية ضد العدوان
  • وزارة العدل تفوز بجائزة مسار المبدعين
  • العرادة يلتقي التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية ويؤكد على ضرورة تعزيز وحدة الصف الوطني
  • الأردن يقدم مرافعة شفوية أمام محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال
  • وزير السياحة والآثار يلتقي رئيس هيئة الطيران المدني والخطوط الجوية الإماراتية لبحث تعزيز التعاون وزيادة الحركة السياحية إلى مصر
  • العدل الدولية تواصل جلساتها لتقييم مسؤولية إسرائيل بشأن عمل المنظمات الإنسانية بفلسطين
  • «الدبيبة» يزور المؤسسة الوطنية للنفط ويؤكد أهمية دورها في تعزيز الاقتصاد الوطني
  • التيار الوطني الحر يتحرّك للملمة كوادره