في العمق : مكاتب قيادات الجهاز الإداري للدولة فـي ميزان المتابعة والرقابة
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
ينطلق طرحنا للموضوع من مبدأ أنَّ الوظيفة العامَّة تكليف لا تشريف، ومسؤوليَّة لا استجمام، وعمل وإخلاص، وليس تصريحات وظواهر صوتيَّة، خدمة للمواطن ورعاية لمصالح الوطن وليس الحصول على المكاسب الذَّاتيَّة وتحقيق أغراض شخصيَّة. هذا المنطلق عِندما يتأسَّس في ذات الموظف فإنَّه ينتقل إلى عُمق الضمير، ويجري في الشعور مجرى الدَّم في العروق، تصدقه المعطيات والممارسات وتعكسه المواقف والتجارب التي تعبِّر عن مدى وجود حسِّ الإنسان في قِيَم هذا المسؤول أو ذاك، في التزامه عقليَّة الوفرة، وفتح الفرص للمواطنين للتنعُّم بخيرات هذا الوطن، وفاء لصنيعهم، وحفاظًا على حقوقهم مع المحافظة على استدامتها للأجيال القادمة، الأمْرُ الذي يواجه فيه عقليَّة الندرة وإغلاق الأبواب وتضييق الفرص التي باتت تسيء لموارد الوطن وتستهلك ثرواته وتحجِّم إمكاناته؛ فإنَّ إسقاط هذه الصورة على واقعنا اليوم يؤكِّد الحاجة إلى إعادة إنتاج مسار صناعة القيادات في منظومة الجهاز الإداري للدَّولة، تلك التي تصنع للوطن قوَّة، وللمواطن حضورًا وصِيتًا، فيما تسطِّره من روائع الإنجاز، وتترجمه من معاني العطاء والعمل والإنتاجيَّة، وهو الذي يُمكِن استخلاصه من رؤية عُمان 2040 في محور «القيادة والإدارة الاقتصاديَّة»؛ والهدف «إدارات عُليا مُتجدِّدة قائمة على كفاءات تناسب ديناميكيَّة السُّوق والتوقُّعات المستقبليَّة والتغيُّرات المتسارعة»؛ فإنَّ تجسيد هذه الصورة في واقع عمل المؤسَّسات يتطلب مراجعات دقيقة، وتوجُّهات أعمق في بناء قدرات القيادات، وخلق الاستعداد والدافع لدَيْها لإنجاز مهمَّاتها وتأطير مستوى عملها في ظلِّ تنافسيَّة راقية، وتميُّز نوعي، واختيار دقيق مرتكز على التجربة والمهارة والكفاءة والاستعداد؛ قيادات متفاعلة مع الحدث، متضامنة مع المبدأ، مدركة لقِيمة الحوار، قادرة على اتِّخاذ القرار السريع والجريء؛ في ظلِّ رؤية عمليَّة متوازنة بَيْنَ المنجز الفعلي للمؤسَّسات والتسويق الإعلامي للأفكار والشعارات ومستوى ملامستها لواقع التطبيق، واعتمادها على الدراسات التقييميَّة المشتركة، وتوظيف البحث العلمي في القرار المؤسَّسي، وقدرتها على معالجة مستوى التدخل المُجتمعي في قرارات المؤسَّسة، بما يُعزِّز من فرص الارتقاء بعملها في ظلِّ ما تمتلكه من قدرات واستعدادات ومهارات وفكر ورؤية مُتجدِّدة واقعيَّة بعيدة المدى في قراءتها للمشهد الوطني بتجلِّياته المختلفة، والتكيُّف مع هذا التحوُّل وفق ما أنتجته مؤشِّرات القياس ومعايير التقييم المستخدمة.
وعَلَيْه، فإنَّ معطيات الواقع الإداري وحجم التراكمات فيه، تؤكِّد الحاجة إلى إعادة هيكلة البنية الأدائيَّة والتواصليَّة والفنيَّة والمهنيَّة والقِيَميَّة لمكتب المسؤول الحكومي، وأنَّ موجة الإصلاح الإداري التي تتَّجه إليها منظومة الجهاز الإداري للدَّولة يجِبُ أن تبدأَ من مكتب المسؤول الحكومي، وأنَّ تحقيق مفاهيم وأبجديَّات رؤية «عُمان 2040» المرتكزة على الشفافيَّة والحوكمة والكفاءة والنزاهة والإنتاجيَّة والمصداقيَّة والإيمان بروح المبادئ والإخلاص والاحتواء وامتلاك روح التغيير والتعاون والاحترام وغيره؛ إنَّما يجِبُ أن تبدأَ من مكاتب المسؤولين الحكوميِّين ومَن في حكمهم، بحيث يرتسمون نهج القدوة والنموذج في العمل الجادِّ المُخلِص والأداء الكفؤ الراقي، والخِطاب المُعزَّز بالمصداقيَّة والشفافيَّة والوضوح، وحسِّ الذوق، وعِندها سنجزم بأنَّ كُلَّ شيء في المؤسَّسة يجري إلى استقرار ووفق المخطَّط له، وعِندها تغيب الأثَرة والأنانيَّة والأيديولوجيَّات والازدواجيَّة في العمل، والتعقيدات وتأخير المعاملات، وتصبح المؤسَّسات كقلْبِ رجلٍ واحد، المسؤول الحكومي شعلتها وأمامها وطريقها الذي يصنع مِنْها قوَّة ويبني لأجْلها نموذجًا، ستنعكس نواتجه على الواقع العملي، فإنَّ التحدِّي الذي نعتقد أنَّ على مجلس الوزراء الموقَّر أن يعملَ عَلَيْه في إطار تنفيذ مستهدفات رؤية «عُمان 2040» هو إعادة هيكلة وبناء وإنتاج القيادات التي تَقُودُ مكاتب المسؤولين الحكوميِّين في الجهاز الإداري للدَّولة والمؤسَّسات ذات الشخصيَّة الاعتباريَّة والرؤساء التنفيذيِّين في الشركات، فإنَّ قدرة هذه المكاتب على ترك بصمة لها في الواقع يظهر في صِدق تعاملها مع النَّاس وإيمانها بمبدأ أولويَّة الحقوق، وإدراكها أنَّ المسؤول الحكومي موظف في الدَّولة مكلَّف بمسؤوليَّة وأنَّ له الحقَّ وعَلَيْهم الواجب في أن تصلَ إليه هذه الأمور ممَّا صغر مِنْها أو كبر، ممَّا قلَّ مِنْها أو كثر كتابًا مفروضًا، ومبدأ يجِبُ عَلَيْهم أن يكُونُوا عونًا على تحقيقه. أخيرًا، يجِبُ أن ندركَ بأنَّ المسؤول الحكومي بَشَر، وقَدْ يحصل أن تَغِيبَ عَلَيْه بعض الأمور أو أن يصدرَ قرارات فيها غمط في الحقوق، فإنَّ دَوْر مكتب المسؤول الحكومي تبصيره وتوضيح الصورة له ومساعدته في إحقاق الحقِّ. ولأنَّ القانون منَحَه الصلاحيَّات الكافية والاستثناءات التي يُمكِن أن يصنعَ من خلالها قوَّة واحترام المُجتمع، خصوصًا في القضايا العامَّة التي تهمُّ مصالح النَّاس انطلاقًا من مبدأ «الرحمة فوق القانون» و»الراحمون يرحمهم الله تبارك وتعالى، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من في السماء». إنَّ المسؤول الحكومي بذَل، رجُل المهمَّات الصعبة أقْسَم أمام السُّلطان وبشهادة أبناء الوطن بأنْ يحافظَ على النظام الأساسي للدَّولة ويرعى مصالح الوطن والمواطنين، لذلك فهو مسؤول أمام الله والوطن والسُّلطان في أن يكُونَ أُمَّة لوطنِه، يلتمس فيه الوطن طريق القوَّة نَحْوَ النهوض بمؤسَّسته أو قِطاعه، ويلتمس فيه المواطن النزاهة والإخلاص والتفاني والخيريَّة في تحقيق مصالحهم ورعاية شؤونهم.
د.رجب بن علي العويسي
Rajab.2020@hotmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: أو عدم ة التی التی ت الذی ی ع ندما
إقرأ أيضاً:
بعد شكاوى المستخدمين.."ميتا" توضح سبب صعوبة إلغاء متابعة دونالد ترامب
أعرب مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي عن استيائهم من سياسة شركة "ميتا" التي تمنعهم من إلغاء متابعة حسابات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونائبه جي دي فانس، والسيدة الأولى ميلانيا ترامب على منصة إنستغرام.
وذكر عدد من المستخدمين بما فيهم مشاهير مثل المغنيتين ديمي لوفاتو وغراسي أبرامز، أنهم ظلوا يتابعون حساب دونالد ترامب بشكل تلقائي، وأقر البعض منهم أنهم أصبحوا غير قادرين على التوقف عن المتابعة.
عبر خاصية "الستوري" على إنستغرام، أعربت المغنية غراسي أبرامز عن استيائها، موضحة أنها اضطرت لإلغاء متابعة حسابات الرئيس الأمريكي ونائبه ثلاث مرات متتالية، بسبب قيام "ميتا" بإعادة متابعة الحسابات تلقائياً دون رغبتها.
فيما قالت ديمي لوفاتو على إنستغرام: "لقد ألغيت متابعة دونالد مرتين اليوم".
ميتا توضحأوضحت شركة ميتا أن هناك مشاكل تقنية تمنع بعض الأشخاص حالياً من التوقف عن متابعة الحساب الرسمي لترامب، لكنها أكدت أن المستخدمين لم يتم إجبارهم على متابعة هذه الحسابات في البداية.
ومنذ أن أصبح دونالد ترامب رئيساً، حصل أيضاً على السيطرة على حسابات Potus و VP على إنستغرام وفيسبوك.
وقد أدى ذلك إلى شكاوى من المستخدمين الذين اكتشفوا أنهم يتابعون ترامب أو نائبه جي دي فانس، رغم أنهم لم يطلبوا ذلك، حيث كانوا يتابعون تلك الحسابات عندما كانت مملوكة لسياسيين آخرين.
واعترفت شركة ميتا أن بعض الأشخاص يواجهون صعوبة في إلغاء متابعة تلك الحسابات، لكنها أشارت إلى أنه سيتم إصلاح المشكلة قريباً.
وقال أندي ستون، مدير التواصل في ميتا، في بيان تناول فيه الشكاوى بشكل عام: "قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتم تنفيذ طلبات المتابعة وإلغاء المتابعة مع انتقال هذه الحسابات من شخص لآخر".
وكتب: "هذه الحسابات تُدار من قبل البيت الأبيض، لذا مع وجود إدارة جديدة، يتغير المحتوى على تلك الصفحات.
وتابع: "هذه هي نفس الإجراءات التي اتبعناها خلال الانتقال الرئاسي الأخير. قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتم تنفيذ طلبات المتابعة وإلغاء المتابعة مع انتقال هذه الحسابات من شخص لآخر."