فن الدبلوماسية.. مفاهيم وتاريخ فن الإتيكيت «2»
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
يتوقَّع الكثيرون بأنَّ فنَّ الإتيكيت هو عبارة عن طريقة مسك السكِّين والشوكة أثناء الأكل، كما ويتساءل البعض من مختلف المستويات والمناصب: هل فنُّ الإتيكيت يُعدُّ من كاريزما الموظَّف والذي سوف يتبوَّأ منصبًا أعلى أم وظيفة مهمَّة؟ وهل فنُّ الإتيكيت أهمِّيته كأهمِّية الطِّب والهندسة والعلوم الأخرى؟ وأنا شخصيًّا أُجزِّئ فنَّ الإتيكيت إلى جزءيْنِ رئيسَيْنِ:(أوَّلهما: فنُّ الإتيكيت الحكومي، وثانيًا: الإتيكيت الاجتماعي).
يُعرف الإتيكيت الاجتماعي بأنَّه الأُسُس الراسخة لتنمية الموارد البَشَريَّة والمُجتمع (إيجابيًّا أو سلبيًّا) وأوَّلها نواة المُجتمع وهي العائلة (الأب، الأُم، الأولاد والبنات). وبدأت أوروبا على وجْهِ الخصوص بعد عصر النهضة الاهتمام كثيرًا بفنِّ الإتيكيت الاجتماعي، حيث بدأت المدارس الدبلوماسيَّة الفرنسيَّة أوَّلًا، ثمَّ الإنجليزيَّة بوضع اللَّمسات التفصيليَّة لكُلِّ مفردات الحياة اليوميَّة بكُلِّ دقَّةٍ وتفانٍ. وبما أنَّ الإتيكيت يُعرف بأنَّه السُّلوك المُهذَّب الرَّاقي للشَّخص، وكيفيَّة التعامل مع الطرف الآخر بكُلِّ معاني الأخلاق الحميدة الأصيلة من: صِدْق، رحابة صدر، بشاشة الوَجْه، الابتسامة الشفَّافة، حُسن الهندام للمظهر الخارجي، الحماسة للعمل اليومي، فنِّ إدارة الحديث واختيار الكلمة الجميلة الراقية، ونبرة الصوت الهادئة، فنِّ المجاملة وإتيكيت التعامل مع الآخرين، كاريزما المرأة بالمناسبات الرسميَّة والحكوميَّة.. وغيرها من المجالات الأخرى.
يتفرع الإتيكيت الاجتماعي إلى أكثر من (115) جزءًا وفي مختلف مجالات الحياة الاجتماعيَّة اليوميَّة، والتي تدخل ضِمْن سلوك وتصرُّفات ومشاعر الشَّخص تجاه الغير من المُجتمع، ومن أهمِّ هذه الفروع: إتيكيت التصميم الداخلي للبيت؛ لأنَّه يُدلِّل على ذَوق وثقافة وكاريزما الزوج والزوجة بالدَّرجة الأساس، لذلك تُركِّز مدارس الدبلوماسيَّة والتي تعتمد على معاهد الديكورات والتصميم الداخلي ابتداءً من ألوان الستائر، الجدران، الأثاث، الإكسسوارات، الطاولات، الصوَر المعلَّقة وأحجامها بحيث تكُونُ كُلُّ هذه التفرعات متناسقة الألوان لِتعطيَ انطباعًا إيجابيًّا أو سلبيًّا على شخصيَّة أهل الدَّار، فلا يُمكِن أن تكُونَ الستائر بلَوْنٍ غامقٍ بُنِّي والأثاث أزرق فاتح والطاولات بلَوْنٍ أسود وغيرها من الألوان غير المتناسقة، وكذلك بقيَّة الغُرَف، وهذا بالأحرى يقع على مسؤوليَّة الزوجة التي هي جوهر المشاعر والذَّوق والأحاسيس الجميلة بالاستشارة مع زوجها، حتَّى النباتات الداخليَّة لها ردود أفعال إيجابيَّة على النَّفْس البَشَريَّة. كما أنَّ التجديد في الديكور الداخلي بتحريك الأثاث بزوايا مختلفة قَدْ يبعث روح الطَّاقة الإيجابيَّة لدى العائلة، ويًعطي انطباعًا عن كاريزما الأُمِّ وربَّة البيت. ومن أهمِّ التفرُّعات الأخرى: إتيكيت الحياة الزوجيَّة، إتيكيت التعامل مع الوالدَيْنِ، إتيكيت التعامل مع كبار السِّن، إتيكيت مع أفراد العائلة (البنات، الولد)، إتيكيت التعامل مع خادمة المنزل التي الآن هي جزء من البيت والتي بدأت تنقل ثقافتها إلى الأطفال وبقيَّة العائلة حتَّى الأكل، إتيكيت إدارة الحديث واختيار الكلمات المُهذَّبة بَيْنَ أفراد العائلة، إتيكيت المزاح وحدوده وقَدْ ينتهي إلى الزَّعل والجفاء، إتيكيت التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، إتيكيت التعامل مع المراهقين، إتيكيت المشي والجلوس، إتيكيت التكلُّم ومستوى نبرة الصوت في المطاعم والحفلات الرسميَّة والاجتماعيَّة، إتيكيت التعارف في الدَّعوات الاجتماعيَّة، إتيكيت اختيار ألوان الملابس، إتيكيت اختيار الهدايا ومناسباتها، إتيكيت اختيار وتقديم الزهور وألوانها، إتيكيت الطَّعام في حفلات الشَّاي الصباحيَّة أو المسائيَّة، إتيكيت حضور حفلات الزواج، إتيكيت زيارة المَرْضى، إتيكيت استقبال ومصافحة رجال الدِّين، إتيكيت التعامل مع المرأة، إتيكيت استعمال الهاتف، إتيكيت أوقات المكالمات الهاتفيَّة، فلَيْسَ من المعقول الاتِّصال السَّاعة 8 صباحًا فقط للسؤال عن الصحَّة والاطمئنان؛ لأنَّه تمَّ تقسيم ساعات اليوم إلى 6 أجزاء في كُلِّ جزء 4 ساعات. فعلى سبيل المثال، السَّاعات المثاليَّة للاتِّصال تبدأ من س9 إلى س1، ومن س5 عصرًا وحتَّى س 9 ليلًا كاتِّصالات روتينيَّة، وتُقسَّم البقيَّة إلى (طارئة، عاجلة، مهمَّة). تتفاخر المدارس الدبلوماسيَّة بمختلف جنسيَّاتها وأنواعها بتطوير وصقل كاريزما جميع شرائح المُجتمع وبمختلف الأعمار بتدريس فنِّ الإتيكيت الاجتماعي في المدارس الابتدائيَّة كمادَّة تفاضليَّة للطلاب، بالإضافة إلى تدريسها بحلقات خاصَّة مكثَّفة استنادًا إلى نوع واسم فنِّ الإتيكيت الاجتماعي. ويمتاز مُجتمعنا العُماني بكُلِّ فخرٍ بنبرة الصوت الهادئ في مختلف الأماكن والمناسبات، بالإضافة إلى كثير من آداب وفنِّ الإتيكيت الاجتماعي، وهذه من الدّلالات الجميلة التي تُدلِّل على الكاريزما الرَّاقية للمواطن العُماني.
د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الم جتمع
إقرأ أيضاً:
البيت الروسي بالقاهرة يحتفل بعيد الدبلوماسية وسط حضور بارز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نظم البيت الروسي بالقاهرة احتفالية متميزة بمناسبة عيد الدبلوماسية الروسية، بحضور مراد جاتين، مدير المراكز الثقافية الروسية في مصر، وفاليري بريبيتكوف، مدير المدرسة الروسية التابعة لسفارة روسيا الاتحادية بالقاهرة، إلى جانب عدد من أعضاء البعثة الدبلوماسية الروسية، وطلاب المدرسة الروسية، ومجموعة من الدارسين المصريين للغة الروسية.
استهل مراد جاتين كلمته بالإشادة بأهمية هذه المناسبة، مشددًا على ضرورة تخليد رموز الدبلوماسية الروسية التي أسهمت في تعزيز العلاقات مع الدول الصديقة. وسلط الضوء على يفجيني بريماكوف، الدبلوماسي البارز ورئيس وزراء روسيا ووزير خارجيتها السابق، الذي عمل في مصر لفترة طويلة وأتقن اللغة العربية، مشيرًا إلى دوره الكبير في توطيد العلاقات بين الاتحاد السوفيتي وشعوب الدول العربية.
من جانبه، تحدث فاليري بريبيتكوف عن المبادئ التي تقوم عليها الدبلوماسية الروسية، والتي ترتكز على الحوار، التواصل، التفاهم، والمصالح المشتركة، مؤكدًا على دورها في حل النزاعات الدولية عبر الحوار والمفاوضات المباشرة.
كما شدد على أهمية الطلاب باعتبارهم صناع المستقبل، متوقعًا أن يكون لهم دور بارز في استكمال مسيرة الدبلوماسية الروسية وتعزيز التعاون مع شعوب العالم.
تضمنت الاحتفالية معرضًا للصور الأرشيفية، استعرض جوانب من حياة يفجيني بريماكوف، بما في ذلك صور من فترة عمله في القاهرة، إضافة إلى لقاءاته مع الرؤساء والملوك العرب.
واختتمت الفعالية بزيارة قام بها الوفد الروسي إلى مقبرة القنصل العام الروسي السابق أليكسي سميرنوف، الواقعة في كنيسة القديس جيورجي بمنطقة مصر القديمة (ماري جرجس)، حيث تم وضع الزهور تكريمًا لذكرى الدبلوماسيين الروس الراحلين.
IMG-20250304-WA0016 IMG-20250304-WA0015 IMG-20250304-WA0013 IMG-20250304-WA0012 IMG-20250304-WA0014