الإغاثة من الفيضانات في ليبيا تعرقلها "الحروب" والانقسام
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
طرابلس: بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على كارثة الفيضانات القاتلة في ليبيا، لا تزال الإدارتان المتنافستان في البلد المنقسم على خلاف مرير حول كيفية إدارة جهود المساعدات وإعادة الإعمار الضخمة.
وفي أعقاب الكارثة التي وقعت يومي 10 و11 سبتمبر، أعلن المعسكران المتنافسان في شرق وغرب الدولة التي مزقتها الحرب عن خططهما الخاصة لعقد مؤتمر لإعادة الإعمار.
وتحذر الأمم المتحدة والحكومات الغربية والمراقبون الدوليون من أن السياسات المختلة في ليبيا تعيق الجهود الرامية إلى مساعدة عشرات الآلاف من الناجين النازحين على إعادة بناء حياتهم.
وشدد رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عبد الله باثيلي الاثنين على أن الجهود المتنافسة "تؤدي إلى نتائج عكسية وتعمق الانقسامات القائمة في البلاد وتعرقل جهود إعادة الإعمار".
وأيدت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا دعوته إلى إنشاء "آلية وطنية ليبية موحدة" بالتنسيق مع شركاء دوليين "لتقديم إغاثة شفافة وخاضعة للمساءلة".
وحذرت كلوديا جازيني، من مجموعة الأزمات الدولية، من أن الإدارتين المتنافستين في ليبيا قد "تستخدمان هذه الأزمة بطرق انتهازية"، بما في ذلك احتمال تحويل الأموال.
وحذرت من أن "هناك بالفعل دلائل على وجود حروب على النفوذ (وحملات التضليل المقابلة لها) بين المتنافسين حول من يجب أن يتولى مسؤولية جهود إعادة الإعمار".
إن الاحتياجات الإنسانية هائلة في مدينة درنة الشرقية المدمرة، حيث اخترق فيضان ضخم سدين عند منبع النهر واجتاحت أحياء بأكملها إلى البحر الأبيض المتوسط، تاركًا وراءه أرضًا قاحلة مروعة.
وأعلنت السلطات المحلية أن عدد القتلى بلغ 3845، لكنها لم تعلن بعد عن رقم رسمي لعدد الأشخاص الذين ما زالوا في عداد المفقودين، وهو عدد تقدره منظمات الإغاثة الدولية بحوالي 10000 في الأيام الأولى بعد الكارثة.
ويُعزى حجم الدمار إلى الحجم الهائل للأمطار التي جلبتها العاصفة دانيال القوية، وإلى تأثير سنوات الفوضى في ليبيا على البنية التحتية الحيوية وأنظمة الإنذار المبكر والاستجابة لحالات الطوارئ.
- سنوات من الفوضى -
وتشهد الدولة الواقعة في شمال إفريقيا الغنية بالنفط حالة من الاضطراب منذ الانتفاضة الشعبية التي دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011 والتي أدت إلى الإطاحة بالديكتاتور معمر القذافي وقتله.
وأعقب ذلك سنوات من القتال شارك فيها عدد لا يحصى من الميليشيات القبلية والجهاديين والمرتزقة الأجانب حيث أصبحت البلاد أيضًا بوابة للمهاجرين غير الشرعيين المتجهين إلى أوروبا، والذين عانى الكثير منهم من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا.
ولا تزال ليبيا الآن منقسمة بين عدوين سابقين في ساحة المعركة: الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة ومقرها العاصمة طرابلس في الغرب، والشرق المنكوب بالكوارث، والمدعوم من الرجل العسكري القوي خليفة حفتر.
وحفتر مقرب من روسيا ومجموعة مرتزقة فاغنر التابعة لها ومن الإمارات العربية المتحدة الغنية بالنفط، التي قادت جهود الإغاثة المبكرة من الكارثة.
وبعد الفيضان، سارعت حكومة شرق البلاد إلى دعوة "المجتمع الدولي" لحضور مؤتمر المانحين المقرر عقده في 10 تشرين الأول/أكتوبر، وهو الإعلان الذي قوبل بالتشكيك في الخارج.
ومنذ ذلك الحين تم تأجيل الاجتماع حتى الأول من نوفمبر.
كما وزع المسؤولون الشرقيون شيكات للمساعدة والتعويضات على رؤساء بلديات البلديات المتضررة من الفيضانات، وهو جهد موثق في الصور المنشورة على الإنترنت.
وفي الوقت نفسه، أعلن البرلمان الليبي، ومقره مدينة بنغازي شرق البلاد، أنه خصص 1.9 مليار يورو لإعادة الإعمار، دون أن يحدد كيفية إنفاقها.
ومما يوضح الفوضى المؤسسية أن الحكومة الليبية المتمركزة في الغرب هي التي أعلنت عن تقديم مساعدات بقيمة 18 مليون يورو للمدارس المتضررة من الفيضانات في الشرق.
- "كسر الجمود" -
وحذر السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند من أنه "يجب على الليبيين إنشاء الهياكل التي تجمع السلطات من جميع أنحاء البلاد معًا للاتفاق على النفقات ذات الأولوية وضمان تخصيص الأموال بكفاءة وبشكل صحيح".
"إننا نحث السلطات الليبية الآن على تشكيل مثل هذه الهياكل الموحدة - بدلاً من إطلاق جهود منفصلة - التي تمثل الشعب الليبي دون تأخير."
وقال باتيلي من الأمم المتحدة إن "الشعب الليبي أعرب عن مخاوفه بشأن تقديرات التكلفة التعسفية ومبادرات إعادة الإعمار الأحادية الجانب المعلنة دون شفافية وقبول من جميع السلطات المعنية وأصحاب المصلحة".
وحث على إنشاء "آلية وطنية موحدة" لتوجيه جهود إعادة الإعمار السريعة "على أساس تقييم موثوق ومستقل وموضوعي للأضرار والاحتياجات، وتقديرات التكلفة المحددة بشكل احترافي، وعمليات التعاقد والمشتريات الشفافة".
وعلى نطاق أوسع، دعا باتيلي إلى تجديد الجهود نحو الوحدة الوطنية وإجراء الانتخابات، مشددًا على أن "تأثير العاصفة دانيال يؤكد أيضًا ضرورة تسريع المفاوضات بشأن كسر الجمود السياسي".
المصدر: شبكة الأمة برس
إقرأ أيضاً:
إدارة ترامب تبحث مع ليبيا ترحيل مهاجرين إليها
أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن بلاده تبحث عن دول أخرى، على غرار السلفادور، لكي ترحّل إليها مهاجرين غير شرعيين من دول ثالثة، وبحسب وسائل إعلام أميركية بدأت واشنطن بالفعل محادثات مع ليبيا بهذا الشأن.
ونقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مصادر مطلعة على المحادثات قولها إن الإدارة "ناقشت مع ليبيا ورواندا إمكانية إرسال المهاجرين الذين لديهم سجلات إجرامية والموجودين في الولايات المتحدة إلى هذين البلدين".
وبالإضافة إلى إرسال المهاجرين ذوي السجلات الجنائية، يأمل مسؤولو ترامب أيضا في الدخول في مفاوضات رسمية مع ليبيا لإبرام ما يسمى بـ"اتفاقية الدولة الثالثة الآمنة"، التي ستسمح للولايات المتحدة بإرسال طالبي اللجوء الذين يُقبض عليهم على الحدود الأميركية إلى ليبيا، وفقا لأحد المصادر.
وحسب المصادر "لم يُتخذ أي قرار بعد، وليس من الواضح أي الجنسيات ستكون مؤهلة" معتبرة هذه الخطوة "تصعيدا كبيرا في مساعي الإدارة الأميركية لردع المسافرين إلى الولايات المتحدة، ونقل بعض الموجودين منها بالفعل إلى دول تبعد آلاف الأميال، بعضها له تاريخ متقلب".
والتقى مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الأميركية هذا الأسبوع مسؤولين ليبيين وناقشوا اقتراح إرسال مهاجرين إلى الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، بحسب أحد المصادر.
إعلان ممثل حفتروأفاد تقرير "سي إن إن" بأن الشبكة تواصلت مع ممثل "الجنرال" الليبي صدام حفتر، الذي كان في واشنطن لإجراء محادثات مع المسؤولين هذا الأسبوع، للحصول على تعليق، لكنها لم تحصل عليه بعد.
وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بأنهم "لا يناقشون تفاصيل الاتصالات الدبلوماسية والوزارة تعمل على مستوى العالم لتطبيق سياسات إدارة ترامب المتعلقة بالهجرة".
وقال وزير الخارجية ماركو روبيو في اجتماع أمس الأربعاء "أقول هذا دون اعتذار، نحن نبحث بنشاط عن دول أخرى لاستقبال الأشخاص من دول ثالثة".
وأوضح "نحن نعمل مع دول أخرى لنقول نريد أن نرسل إليكم بعضا من أكثر البشر دناءة إلى بلدانكم، فهل ستفعلون ذلك كخدمة لنا؟ وكلما ابتعدنا عن أميركا، كان ذلك أفضل، حتى لا يتمكنوا من العودة عبر الحدود".
ومن نقاط الضغط المحتملة للولايات المتحدة في أي محادثات هي احتمال فرض حظر سفر آخر على الزوار من عدة دول، وهو ما لمحت إليه إدارة ترامب لكنها لم تعلن عنه بعد. وقد أُدرجت ليبيا في الحظر خلال ولاية ترامب الأولى.
وأشار تقرير للأمم المتحدة، صدر عام 2024، إلى سنوات من انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، وأبدى مخاوفه من غياب المساءلة عن هذه الانتهاكات.
كما وثقت جماعات حقوق الإنسان ووكالات الأمم المتحدة لسنوات انتهاكات ممنهجة في ليبيا، بما في ذلك مزاعم العمل القسري والضرب والاغتصاب والتعذيب.
وكانت هناك محادثات أيضا هذا الأسبوع بين الولايات المتحدة ورواندا لدفع خطة لاستخدام البلاد لترحيل المهاجرين غير المسجلين في الولايات المتحدة، حسبما ذكرت مصادر مطلعة على الأمر.
هاجس ترامببدأت المحادثات مع رواندا في الأيام الأولى لإدارة ترامب، عندما أرسلت إدارة ترامب مذكرة دبلوماسية إلى العديد من دول العالم لقياس مدى اهتمامها بالعمل على ترحيل المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة. وأفادت مصادر بأن رواندا أبدت انفتاحها على مثل هذه المحادثات.
إعلانففي مارس/آذار، رُحِل شخص من الولايات المتحدة إلى رواندا، في عملية نقل اعتبرت نموذجا يمكن تطبيقه على نطاق أوسع، وفقا لمصادر سي إن إن، وكان هذا الشخص لاجئا عراقيا يُدعى عمر عبد الستار أمين.
وهذا الأمر ليس جديدا على رواندا، نظرا لاتفاقية أبرمتها مع المملكة المتحدة عام 2022 لترحيل طالبي اللجوء في المملكة المتحدة إلى رواندا.
لكن الخطة واجهت صعوبات قانونية، وأوقفها رئيس الوزراء البريطاني المنتخب حديثا كير ستارمر العام الماضي، واصفا إياها بـ"الخدعة".
ومن المرجح أن يواجه ترحيل المهاجرين من دول ثالثة إلى ليبيا ورواندا تحديات قانونية. ففي الشهر الماضي، منع قاضٍ فدرالي إدارة ترامب مؤقتا من ترحيل الأشخاص إلى دول غير دولهم دون إخطار مسبق وإتاحة الفرصة لهم للاعتراض.