طرابلس: بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على كارثة الفيضانات القاتلة في ليبيا، لا تزال الإدارتان المتنافستان في البلد المنقسم على خلاف مرير حول كيفية إدارة جهود المساعدات وإعادة الإعمار الضخمة.

وفي أعقاب الكارثة التي وقعت يومي 10 و11 سبتمبر، أعلن المعسكران المتنافسان في شرق وغرب الدولة التي مزقتها الحرب عن خططهما الخاصة لعقد مؤتمر لإعادة الإعمار.

وتحذر الأمم المتحدة والحكومات الغربية والمراقبون الدوليون من أن السياسات المختلة في ليبيا تعيق الجهود الرامية إلى مساعدة عشرات الآلاف من الناجين النازحين على إعادة بناء حياتهم.

وشدد رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عبد الله باثيلي الاثنين على أن الجهود المتنافسة "تؤدي إلى نتائج عكسية وتعمق الانقسامات القائمة في البلاد وتعرقل جهود إعادة الإعمار".

وأيدت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا دعوته إلى إنشاء "آلية وطنية ليبية موحدة" بالتنسيق مع شركاء دوليين "لتقديم إغاثة شفافة وخاضعة للمساءلة".

وحذرت كلوديا جازيني، من مجموعة الأزمات الدولية، من أن الإدارتين المتنافستين في ليبيا قد "تستخدمان هذه الأزمة بطرق انتهازية"، بما في ذلك احتمال تحويل الأموال.

وحذرت من أن "هناك بالفعل دلائل على وجود حروب على النفوذ (وحملات التضليل المقابلة لها) بين المتنافسين حول من يجب أن يتولى مسؤولية جهود إعادة الإعمار".

إن الاحتياجات الإنسانية هائلة في مدينة درنة الشرقية المدمرة، حيث اخترق فيضان ضخم سدين عند منبع النهر واجتاحت أحياء بأكملها إلى البحر الأبيض المتوسط، تاركًا وراءه أرضًا قاحلة مروعة.

وأعلنت السلطات المحلية أن عدد القتلى بلغ 3845، لكنها لم تعلن بعد عن رقم رسمي لعدد الأشخاص الذين ما زالوا في عداد المفقودين، وهو عدد تقدره منظمات الإغاثة الدولية بحوالي 10000 في الأيام الأولى بعد الكارثة.

ويُعزى حجم الدمار إلى الحجم الهائل للأمطار التي جلبتها العاصفة دانيال القوية، وإلى تأثير سنوات الفوضى في ليبيا على البنية التحتية الحيوية وأنظمة الإنذار المبكر والاستجابة لحالات الطوارئ.

- سنوات من الفوضى -

وتشهد الدولة الواقعة في شمال إفريقيا الغنية بالنفط حالة من الاضطراب منذ الانتفاضة الشعبية التي دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011 والتي أدت إلى الإطاحة بالديكتاتور معمر القذافي وقتله.

وأعقب ذلك سنوات من القتال شارك فيها عدد لا يحصى من الميليشيات القبلية والجهاديين والمرتزقة الأجانب حيث أصبحت البلاد أيضًا بوابة للمهاجرين غير الشرعيين المتجهين إلى أوروبا، والذين عانى الكثير منهم من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا.

ولا تزال ليبيا الآن منقسمة بين عدوين سابقين في ساحة المعركة: الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة ومقرها العاصمة طرابلس في الغرب، والشرق المنكوب بالكوارث، والمدعوم من الرجل العسكري القوي خليفة حفتر.

وحفتر مقرب من روسيا ومجموعة مرتزقة فاغنر التابعة لها ومن الإمارات العربية المتحدة الغنية بالنفط، التي قادت جهود الإغاثة المبكرة من الكارثة.

وبعد الفيضان، سارعت حكومة شرق البلاد إلى دعوة "المجتمع الدولي" لحضور مؤتمر المانحين المقرر عقده في 10 تشرين الأول/أكتوبر، وهو الإعلان الذي قوبل بالتشكيك في الخارج.

ومنذ ذلك الحين تم تأجيل الاجتماع حتى الأول من نوفمبر.

كما وزع المسؤولون الشرقيون شيكات للمساعدة والتعويضات على رؤساء بلديات البلديات المتضررة من الفيضانات، وهو جهد موثق في الصور المنشورة على الإنترنت.

وفي الوقت نفسه، أعلن البرلمان الليبي، ومقره مدينة بنغازي شرق البلاد، أنه خصص 1.9 مليار يورو لإعادة الإعمار، دون أن يحدد كيفية إنفاقها.

ومما يوضح الفوضى المؤسسية أن الحكومة الليبية المتمركزة في الغرب هي التي أعلنت عن تقديم مساعدات بقيمة 18 مليون يورو للمدارس المتضررة من الفيضانات في الشرق.

- "كسر الجمود" -

وحذر السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند من أنه "يجب على الليبيين إنشاء الهياكل التي تجمع السلطات من جميع أنحاء البلاد معًا للاتفاق على النفقات ذات الأولوية وضمان تخصيص الأموال بكفاءة وبشكل صحيح".

"إننا نحث السلطات الليبية الآن على تشكيل مثل هذه الهياكل الموحدة - بدلاً من إطلاق جهود منفصلة - التي تمثل الشعب الليبي دون تأخير."

وقال باتيلي من الأمم المتحدة إن "الشعب الليبي أعرب عن مخاوفه بشأن تقديرات التكلفة التعسفية ومبادرات إعادة الإعمار الأحادية الجانب المعلنة دون شفافية وقبول من جميع السلطات المعنية وأصحاب المصلحة".

وحث على إنشاء "آلية وطنية موحدة" لتوجيه جهود إعادة الإعمار السريعة "على أساس تقييم موثوق ومستقل وموضوعي للأضرار والاحتياجات، وتقديرات التكلفة المحددة بشكل احترافي، وعمليات التعاقد والمشتريات الشفافة".

وعلى نطاق أوسع، دعا باتيلي إلى تجديد الجهود نحو الوحدة الوطنية وإجراء الانتخابات، مشددًا على أن "تأثير العاصفة دانيال يؤكد أيضًا ضرورة تسريع المفاوضات بشأن كسر الجمود السياسي".

 

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

نصر الدين: 34 قطاعًا صناعيًا مصريًا يسهم في برنامج إعادة إعمار ليبيا

قال المهندس علاء نصر الدين، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأخشاب، وعضو لجنة التعاون العربي باتحاد الصناعات المصرية، إن عام 2024 شهد العديد من الأحداث والتحولات الاقتصادية المهمة على مستوى كافة القطاعات الاقتصادية والتجارية، وبصفة خاصة قطاع الصناعة الذي شهد العديد من التغيرات الهامة. موضحًا أن من أفضل ما حدث لقطاع الصناعة المصرية خلال العام الجاري هو القضاء على سماسرة الأراضي الصناعية وظاهرة تسقيع الأراضي المخصصة للاستثمار الصناعي.

أشاد عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأخشاب بقرارات نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، ووزير الصناعة والنقل، وعلى رأسها حزمة الإجراءات التحفيزية للصناعة والحوافز الضريبية، ودمج القطاع غير الرسمي بالرسمي، وقرار منع إقامة ورش في المناطق السكنية وأن تقام في المناطق الصناعية فقط.

مؤشر داو جونز يرتفع بنحو 500 نقطة.. ويسجل خسارة للأسبوع الثالث على التواليسعر الريال السعودي بالبنوك اليوم السبت 21 ديسمبر 2024

وقال نصر الدين، في تصريحات صحفية اليوم، إنه هناك اهتمام غير مسبوق بتنظيم البعثات المختلفة للدول العربية، وسعي الحكومة للتعاون الخارجي مع العديد من الدول في القطاع الصناعي. موضحًا أن اتحاد الصناعات مهتم للغاية بسفر وفود من الصناعة إلى الدول الخارجية، آخرها دولة “ليبيا” الشقيقة للتعاون في مجال الصناعة، مشيرًا إلى أن الزيارة الأخيرة لوفد من قطاع الصناعات إلى ليبيا كانت موفقة للغاية حيث أسفرت عن المشاركة في الدعم الصناعي في 34 قطاعًا ضمن برنامج إعادة إعمار ليبيا.

أكّد نصر الدين أن اتجاه وزير الصناعة الحالي نحو التصدير وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية، واتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها التيسير على الصناع، وكذلك تشجيعهم على عمليات التصدير، وكذلك تشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية على الأراضي المصرية، من شأنه توفير آلاف فرص العمل للمصريين، ونقل الخبرات الأجنبية إلى مصر، ويساهم في تعزيز الصادرات المصرية.

وفيما يتعلق بنقل التكنولوجيا الحديثة للصناعة المصرية، أكد نصر الدين على حرص الحكومة على إنشاء المدارس التكنولوجية التطبيقية، وهو ما ساهم في تطوير الصناعة المصرية في العديد من القطاعات.

وأشاد عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأخشاب بالمشاركة في المعارض الخارجية والمحلية، وكان آخرها معرض مصر الدولي للأخشاب، الذي جمع مصنعيين مصريين وأجانب وتم عرض أحدث الآلات في مجال الأخشاب والأثاث والزجاج، وساهم في عرض أحدث التقنيات في العالم أمام المصنع المصري، مشيدًا بمبادرات البنك المركزي لدعم الصناعة، التي ساعدت المنتجين على توفير التمويل اللازم لهم لشراء الآلات وتطوير المنتجات.

وطالب نصر الدين بضرورة تحديد سن لسائق التوك توك، الذي سرق العامل صغير السن من المصانع، والسماح لهؤلاء الشباب صغيري السن بالعمل في المصانع وتدريبهم بالصورة اللازمة، مشيرًا إلى أنه كان صاحب مبادرة “بليه” لأن المصانع في حاجة كبيرة للعامل المساعد الذي يتم تدريبه وتأهيله ليكون صانعًا ماهرًا.

وأشاد المهندس علاء نصر الدين بالدورة الحالية من معرض تراثنا، الذي شهد مهارات وابتكارات للصناع المصريين في كافة الحرف اليدوية، مؤكدًا أن الدولة تبذل جهدًا كبيرًا لدعم أصحاب الحرف اليدوية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بكافة السبل، وتدريبهم ومساعدتهم على التسويق الإلكتروني.

وطالب نصر الدين الحكومة بأن يتم تنظيم معرض تراثنا أكثر من مرة في العام، وأن يتم عمل نسخ منه خارج مصر، مؤكدًا أن تراثنا واجهة مشرفة للصناعات اليدوية المصرية أمام العالم.

وقال عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأخشاب إن قرار الحكومة بإعادة تشغيل شركة النصر للسيارات مرة أخرى خطوة رائعة وتحسب للحكومة، متمنيًا أن تكون هناك قرارات مماثلة للعديد من المصانع التي توقفت عن العمل وإعادة تشغيلها مرة أخرى.

وتوقع نصر الدين أن يشهد عام 2025 المزيد من الإنجازات في القطاع الصناعي، وأن تعود الصناعة المصرية لسابق عهدها وتنافس بقوة الصناعة في الدول الأخرى المتقدمة.

مقالات مشابهة

  • بشأن إعادة الإعمار.. بيان من حزب الله
  • بعد تصدره التريند..ماذا تعرف قانون قيصر؟
  • لابيد: الحكومة لا تستطيع منعنا من الاستمرار في إعادة البلاد إلى مسارها الصحيح
  • نصر الدين: 34 قطاعًا صناعيًا مصريًا يسهم في برنامج إعادة إعمار ليبيا
  • الأمم المتحدة تتهم إسرائيل باستخدام سلاح التجويع ضد سكان غزة (فيديو)
  • تجميد الأصول.. ما العقوبات التي طالب الشرع برفعها عن سوريا؟
  • “الأرصاد الجوية”: ليبيا ستتعرض لمنخفضين جويين الأسبوع المقبل
  • ميقاتي يبحث ومنسق الأمم المتحدة في لبنان إعادة الإعمار
  • «صندوق النقد» يتحدث عن خطط إعادة إعمار سوريا
  • اليوم الموالي لإعلان وقف العدوان على غزة.. قراءة في كتاب