تواصل وسائل الإعلام العبرية الحديث باهتمام عن العلاقات بين المملكة العربية السعودية والاحتلال الإسرائيلي، وسلطت الضوء على علاقات قديمة سرية قد ترقى إلى "تحالف سري" بين السعودية وزعماء يهود، كان لهم دور حاسم في احتلال فلسطين وقيام "إسرائيل".

وأوضحت "هآرتس" في تقرير لها أعده عوفر أديرت، أنه "قبل 95 سنة فشلت المحاولة الأولى لعقد لقاء يهودي–سعودي؛ الياهو أفيشتاين (إيلات)، وهو طالب في معهد دراسات الشرق في الجامعة العبرية والذي أصبح فيما بعد رئيس جهاز "الموساد".

وعرض في 1928 إرسال بعثة آثار إلى خيبر، وهي بلدة في شبه الجزيرة العربية عاش فيها اليهود حتى بداية عهد الإسلام. رئيس الجامعة في حينه، يهودا لايف ماغنس، حاول التوجه بوساطة بريطانيا إلى ابن سعود، الذي أصبح فيما بعد مؤسس المملكة السعودية، لكن مصير هذه المحاولة حسم بعامل خارجي، وهو رفض بريطانيا هذه المبادرة بالكامل".

وفي كتابه بعنوان "من عشيقة إلى معروفة للجمهور"، قال البروفيسور الإسرائيلي إيلي فوده من قسم الدراسات الإسلامية ودراسات الشرق الأوسط في الجامعة العبرية: "هكذا تم حفظ هذه الإمكانية للقاء يهودي–سعودي أول، حتى لو كان بشكل سري ومجهول".

وأضاف فوده: "كانت هناك علاقات سرية لإسرائيل مع دول وأقليات في الشرق الأوسط، والفصل الذي تم تكريسه للسعودية رسم الاستعراض التاريخي الشامل والأكثر حداثة الذي كتب حتى الآن في هذا الموضوع، والذي يمكن أن يسلط الضوء على الاتصالات لإقامة العلاقات بين الدول في الوقت الحاضر".

"أرض وعرة"

ونوهت "هآرتس"، إلى أن "هذه العلاقات تم نسجها في البداية من وراء الكواليس، وتراوحت بين اتصالات معينة وتبادل الرسائل ومشاركة معلومات استخبارية، وحتى الدفع قدما بمبادرات سلمية"، منوهة إلى أن "فوده في كتابه، اعتبر العلاقات الطويلة بين الدول نوعا من "الحلف السري"، الذي وضع على قواعد براغماتية، ضمن أمور أخرى، سلسلة أعداء وخصوم مشتركين في الشرق الأوسط، والعلاقات المتبادلة بين الدول، وجرت إلى جانب العداء العلني الذي أظهرته العائلة المالكة والخطاب العدائي الذي اتخذته تجاه اليهودية والصهيونية".

وزعم فوده أن "زعماء السعودية تمسكوا بمقاربة واقعية وبراغماتية تجاه اليهود في فلسطين، وبعد ذلك تجاه قيام الدولة اليهودية"، مضيفا أنه "رغم أن تسوية القضية الفلسطينية تم وضعها منذ البداية كأساس رئيسي للتطبيع، السعودية كانت على استعداد لإقامة علاقات سرية مع إسرائيل، تقوم على مصالح مشتركة أخرى، وفي بعض الأحيان كانت العائلة المالكة في السعودية تضع العقبات".

ورأى أن "إسرائيل فوتت عدة فرص لتحسين العلاقات مع الرياض؛ لأنها اختارت تجاهل طلباتها أو رفضتها لأسباب غير مفهومة".


أما المبادرة الثانية بحسب الصحيفة، كانت من قبل "أفيشتاين"، "فقد حققت النجاح؛ في 1937، بصفته عضوا في الدائرة السياسية في الوكالة الدولية، التقى في بيروت لإجراء محادثة وصفت بأنها غير رسمية، مع فؤاد حمزة، المدير العام في وزارة الخارجية السعودية، هذا اللقاء مهد الطريق للقاء جمع بين حمزة ودافيد بن غوريون، الذي كان في حينه رئيس إدارة الوكالة".

وعن اللقاء، قال البروفيسور يهوشع فورات من الجامعة العبرية: "في اللقاء حلل بن غوريون مسألة "أرض إسرائيل" في سياق الوضع العام في الشرق الأوسط وكونها محاطة بالدول العربية، وقال حمزة؛ يجب مناقشة النزاع في فلسطين من وجهة نظر عرب فلسطين".

وعلق فوده: "رغم أن مواقف الطرفين كانت بعيدة عن بعضها، إلا أن المحادثات ساعدت على التعرف على وجهات النظر والمصالح للطرف الآخر".

وذكرت "هآرتس"، أن "أفيشتاين في تلك السنة، سافر إلى لندن كعضو في بعثة مثلت الاستيطان اليهودي في حفل تتويج الملك جورج السادس، وخاب أمله في محاولته إقامة علاقات مباشرة مع الأمير سعود، ولي عهد السعودية، ومع يوسف ياسين، سكرتيره، وكانا قد مثلا المملكة في حفل التتويج.

ولفت فوده، أن "الأمير سعود، استشاط غضبا ووبخ حمزة بشدة، عندما علم بلقاء الأخير مع بن غوريون"، موضحا أن "محاولة موشيه شريت، رئيس القسم السياسي في الوكالة، عندما التقى مع دبلوماسي سعودي في الممثلية السعودية في لندن، وطلب إقامة علاقة مباشرة مع الملك، وقد فشلت".

وكتب المؤرخ هارولد آرمسترونغ لـ بن غوريون: "ربما البذور التي زرعتها ستعطي ثمارها، وربما ستذبل وتجف، أجد أن الأرض صخرية ووعرة".

لقاءات سرية

وبينت الصحيفة، أن "المؤرخ آرمسترونغ، حظي بإمكانية بالاتصال المباشر مع الملك وتوجه إليه بمبادرة منه، وفي تلك السنوات، كان هناك عدة محاولات لحل مسألة "فلسطين/أرض إسرائيل" عن طريق إقامة فيدرالية عربية وتضمين إسرائيل كمكون يهودي فيها، وأحد هذه المحاولات تضمن اقتراحا بوضع ابن سعود على رأس هذه الفيدرالية، ومن حاول الدفع قدما بهذه الفكرة هو السيناتور جوهان فيلبي، وهو مستشرق بريطاني له علاقات ودية مع العائلة المالكة في السعودية".

أخبار متعلقة


ونبهت إلى أن "السعودية لم تشارك في أي يوم بصورة كبيرة في الحروب ضد إسرائيل، والبعد الجغرافي عن ساحة الخلافات مكنها من الحفاظ على بعد أيديولوجي عن النزاع الإسرائيلي–العربي، وفي حرب 1948، أرسلت المملكة قوة صغيرة، تقريبا لم تشارك في القتال، وابن سعود عارض خطة التقسيم، لكن موقفه نبع من الخوف من أن الأردن سيوسع مناطق نفوذه في العالم العربي ويسيطر على فلسطين".

وأشار فوده، إلى أن "الأب المؤسس للمملكة، وضع أسس السياسة الخارجية بشكل عام، وتجاه الصهيونية وإسرائيل بشكل خاص، وكانت فيها مقاربة سياسية براغماتية، لا ترتكز على عقيدة أيديولوجية متشددة".

ولفتت "هآرتس" إلى أن "ابن سعود ومع مرور الوقت، سلم بهذه الخطة"، وكذلك "وريثه سعود، واصل هذا الخط ولم يقدم مساعدة عسكرية لمصر في حرب سيناء".

وزعمت أن "مشاركة مصر في الحرب الأهلية في اليمن في الستينيات، أوصلت العداء بين القاهرة والرياض إلى الذروة، ووضعت إسرائيل والسعودية للمرة الأولى في نفس المعسكر، وقد حاولتا إضعاف التهديد المصري".

وبحسب أحد التقارير، فإن "رئيس المخابرات السعودية، كمال أدهم، كان يعرف أن طائرات إسرائيلية، حلقت في سماء بلاده في الطريق إلى إنزال الذخيرة للجناح الملكي في اليمن".

وأشارت "هآرتس"، إلى أن "السياسة الخارجية البراغماتية استمرت أيضا في عهد الملك فيصل، الذي رفض إرسال قوات إلى مصر في حرب 1967، وعقب الحرب – بحسب فوده - اعترف بشكل مباشر بإسرائيل وبحدود 1967، ولكن هذا الاعتراف لم ينضج لدرجة الحوار بين الطرفين، ومنذ تلك الفترة، سجلت عدة محاولات فاشلة لإجراء اتصالات".


وتابعت: "بعد الحرب تمت تجربة الأمل في إحداث اختراقة في العلاقات، البارون أدموند دي روتشيلد التقى في باريس مع الثري السعودي عدنان الخاشقجي، المقرب من العائلة المالكة، بهدف تحديد لقاء مع فيصل. عدنان طلب من روتشيلد تزويده بتفويض من غولدا مئير، رئيسة الحكومة في حينه، لكن مثل هذه المصادقة لم يتم الحصول عليها، ورجل الموساد مناحيم (ناحيك) نبوت، شهد أنه في 1969 تسلمت إسرائيل طلبا من فيصل بفتح حوار لتسوية سياسية".

وأشارت إلى أن "القوات السعودية لم تشارك أيضا في حرب أكتوبر 1973، وفي السبعينيات، واصل عدنان لعب دوره في الاتصالات السرية، وعلاقته التجارية مع يعقوب نمرودي وكمحي جعلته قناة اتصال محتملة بين الجانبين. كمحي نقل إليه معلومات عن خطة عمليات تخريب لتقويض استقرار النظام في السعودية، والأخير وعد بنقلها إلى فهد، الذي أصبح بعد ذلك وليا للعهد، وفي وقت آخر، حولت إسرائيل للسعودية بواسطة جهاز مخابرات عربية معلومات عن مؤامرة لاغتيال فهد".

وقال كمحي: "تحت الأرض، جرت طوال فترة طويلة عمليات تبادل معلومات استخبارية محدودة"، وأضاف رئيس "الموساد" السابق أفرايم هليفي: "في النصف الأول من ذاك العقد، كانت محاولة لعقد لقاء سري في لندن بين أدهم ووزير خارجية إسرائيل آبا إيبان، الذي لم يستيقظ في الوقت المناسب، ولم ينجح في الوصول إلى اللقاء. ربما كل شيء كان سيظهر مختلفا الآن، أحيانا يحدث ذلك، الناس يجب أن لا يناموا في الوقت غير الصحيح".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة السعودية فلسطين فلسطين السعودية الاحتلال الإسرائيلي صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العائلة المالکة الشرق الأوسط بن غوریون فی حرب إلى أن

إقرأ أيضاً:

سعود بن صقر يبحث تعزيز العلاقات مع رئيس مجموعة الصداقة الإماراتية الإيطالية

استقبل الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، في قصره بمدينة صقر بن محمد اليوم الثلاثاء، سالفاتوري كاياتا، رئيس مجموعة الصداقة مع الإمارات في البرلمان الإيطالي، ولورينزو فانارا، سفير جمهورية إيطاليا لدى الدولة، والوفد المرافق لهما.

ورحب حاكم رأس الخيمة، برئيس المجموعة، والسفير، وبحث معهما سبل تعزيز العلاقات مع جمهورية إيطاليا في مختلف المجالات، وعدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك.
من جانبه، عبر سالفاتوري كاياتا، ولورينزو فانارا، والوفد المرافق لهما، عن بالغ شكرهم وتقديرهم لحاكم رأس الخيمة، على كرم الضيافة وحسن الاستقبال، مشيدين بعمق العلاقات القوية التي تربط البلدين.

مقالات مشابهة

  • سعود بن صقر يبحث تعزيز العلاقات مع رئيس مجموعة الصداقة الإماراتية الإيطالية
  • تفاصيل جديدة حول المباحثات السعودية الإيرانية في الرياض
  • ترقب لاتفاق وشيك بلبنان و"أسباب سرية" تدفع إسرائيل للموافقة عليه
  • كيف تهدد حرب غزة علاقات إسرائيل مع الأردن والإمارات والسعودية ؟
  • إسرائيل تعاقب هآرتس بعد تصريحات ناشرها الداعمة للفلسطينيين
  • نتنياهو يدين مهاجمة متطرفين يهود لقائد عسكري إسرائيلي في الضفة الغربية
  • ما الذي يحدث في السعودية؟.. أكثر من 19 ألف موقوف خلال أسبوع
  • قيادي حوثي يكشف تفاصيل جديدة عن مفاوضات السلام مع السعودية
  • من هو محمد حيدر الذي تدعي إسرائيل استهدافه بغارة بيروت؟
  • سباك يعثر على كنز بـ 2.4 مليون دولار في فيلا قديمة