أمجد مصباح يكتب: أغانٍ مهدت للنصر الأعظم
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
«فدائى» حالة نادرة فى الغناء الوطنىعمالقة الغناء.. كتيبة قتالية تدفع الهمم
فى شهر أكتوبر من كل عام نحتفل جميعاً بنسمات النصر العظيم فى أكتوبر 1973، ولكن هذا العام الاحتفال يحمل طابعاً خاصاً جداً، حيث تمر الذكرى الخمسين لانتصار أكتوبر.
يخطئ من يتصور أن الإعداد لهذا النصر بدأ عام 73، ولكن الاستعداد جاء بعد أيام قليلة من وقوع نكسة 1967 من كل النواحى.
فى هذا التقرير المطول نستوحى العديد من الأغنيات الوطنية الرائعة التى زرعت الأمل فى نفوس المصريين والعرب، وشحذت الهمم بين آلاف الجنود المصريين لتحقيق النصر واستعادة الأرض، ورد الاعتبار لكرامة ملايين المصريين بداية من كوكب الشرق وسيدة الغناء العربى أم كلثوم. تستطيع القول إنها كانت كتيبة عسكرية فى حد ذاتها، حيث غنت للوطن وقامت بعمل حفلات فى كل أنحاء العالم للتبرع للمجهود الحربى، وأبدعت فى أغنيات أصبح عندى الآن بندقية، مصر التى فى خاطرى، صوت الوطن، نحبها من روحنا، وبالسلام احنا بدينا بالسلام، وغيرها من الأغنيات الرائعة.
حدث ولا حرج عن العندليب الراحل عبدالحليم حافظ، الذى نجح فى إلهاب مشاعر ملايين المصريين وزرع الأمل فى نفوسهم بعد أيام قليلة من نكسة 1967. أبدع كثيراً فى الأغنية الرائعة «عدى النهار» تأليف عبدالرحمن الأبنودى وألحان بليغ حمدى.
عبدالحليم حافظومن ينسى تلك الكلمات «كل الدروب، واخدة بلادنا للنهار واحنا بلدنا للنهار بتحب موال النهار لما يعدى فى الدروب ويغنى قدام كل دار» الأغنية التى كانت بمثابة تحفيز هائل للجنود والشعب بشكل عام.
أغنية البندقية اتكلمت، كلمات محمد حمزة ألحان بليغ حمدى. قال فيها «سكت الكلام والبندقية اتكلمت والنار وطلقات البارود، شدى على إيدين الجنود، اتبسمت»، وفى موضع آخر «يا شعب يا واقف على باب النهار قربت بصمودك طريق الانتصار، زرعت من تانى الأمل فى كل دار».
محمد حمزةولا ننسى أغنية فدائى والمقطع الشهير «أموت أعيش ما يهمنيش وكفاية أشوف علم العروبة باقى».
«لو مت يا أمى ما تبكيش راح أموت علشان بلدى تعيش.. أفرحى يامه وزفينى وفى يوم النصر افتكرينى».
بالإضافة لأغنيات «أحلف بسماها، وإبنك يقولك يا بطل»، ورائعة «خلى السلاح صاحى».
بليغ حمديهضبة مصر شادية أبدعت هى الأخرى فى العديد من الأغنيات الوطنية فى تلك الفترة العصيبة فى نهاية عام 1971، الأغنية الوطنية الأشهر «يا حبيبتى يا مصر» تأليف محمد حمزة وألحان بليغ حمدى.
أغنية خالدة بمعنى الكلمة وكلماتها محفورة فى وجدان المصريين «ما شافش الرجال السمر الشداد فوق كل المحن ولا شاف العناد فى عيون الولاد وتحدى الزمن.. ولا شاف إصرار فى عيون البشر بتقول أحرار ولازم ننتصر» كلمات تلهب الحماس والإصرار على تحقيق النصر المنتظر.
شاديةكما غنت «يا أم الصابرين» بالإضافة لأغنيات عاطفية كانت موجهة للجنود منها «قولوا لعين الشمس ما تحماشى لحسن حبيب القلب صابح ماشى». كروان الشرق الراحلة فايزة أحمد أبدعت أغنيتين غاية فى الروعة والجمال، من كلمات صالح جودت ألحان محمد سلطان وهى «قاهرتى.. وشارع الأمل».
ما أروعها حينما غنت «حبيبتى قاهرتى لم تغلبى لم تقهرى.. وخير ما أشدو به أنى أحب بلدى»، وفى شارع الأمل غنت «ونحن للنضال لم نزل فكيف تستكين للفشل». وبيتا فى شارع الأمل ولا ننسى رائعة المطرب الراحل سمير الإسكندرانى «يارب بلدى».
القيثارة فيروز غنت للقدوس عيوننا إليك ترحل كل يوم، والموسيقار الراحل فريد الأطرش غنى «سنة وسنتين وأنت يا قلبى تقول أنا فين. شفت النيل وعرفت أنا فين يا مصر يا عمرى يا نور العين».
ولا ننسى أنشودة رايات النصر للمجموعة تأليف الشاعر الراحلة نبيلة قنديل ألحان الموسيقار الراحل على إسماعيل قبل عام من النصر العظيم «رايحين رايحين شايلين فى أيدنا سلاح راجعين رافعين رايات النصر باسمك يا بلدى حاربنا يا بلدى جيشك وشعبك يرد التحدى».
نكسة 1967 كانت كبوة استطاع المصريون عبورها، وكان للغناء دور هائل فى شحذ الهمم، وللتاريخ أم كلثوم وعبدالحليم، وبليغ حمدى والأبنودى والموجى وكمال الطويل والعظيمة شادية وفايزة أحمد كانوا بمثابة جنود فى ساحة القتال، دور كان عظيماً لن ينساه التاريخ أبداً، لذا ظلت أغانيهم خالدة فى وجدان الملايين نسمعها ونسترجع معها نسمات الكفاح والنصر التاريخى فى 6 أكتوبر 1973، رحم الله فنانى مصر العظام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أكتوبر 1973 كوكب الشرق شادية كمال الطويل أم كلثوم عبدالحليم حافظ بلیغ حمدى
إقرأ أيضاً:
مؤمن الجندي يكتب: بين الثواني والسراب.. موعد مع المجهول
في زوايا الحياة التي تنقلب فيها الأقدار، حيث تتماوج الأرواح بين طيف الأمل وظلال الشقاء، ينبثق الوفاء كنسيم يهب دون أن يُرى، كما لو أنه وعدٌ غامض مكتوب في سجلات الزمن.. أيامنا بين يديه كريشة في مهب الريح، يوم لك، يوم عليك، لا شيء ثابت إلا تقلبات القدر، ولا شيء يستمر سوى لحظات الوفاء التي قد تشرق في لحظة ثم تختفي في أخرى، تلك هي حكمة الحياة، أن نُعطي وفي صمت نتلقى، أن نكون أوفياء لذكريات لا نملكها، وأن نُحسن للآخرين رغم أن غدًا قد يخبئ لنا ما لا نعلمه.. في هذه المساحة الغامضة، حيث تتراقص الأقدار في دورتها الأبدية، يكون الوفاء هو النور الذي نستدل به في عتمة الأيام، رغم أن الأقدار قد تلعب بنا كما تشاء.
مؤمن الجندي يكتب: رهبة الضوء الأخير مؤمن الجندي يكتب: صلاح والحمارتوالت الأيام ونحن نسمع عن قصص نجاح اللاعبين الذين صعدوا من أحياء فقيرة أو من قرى نائية ليتألقوا في الكرة المصرية، لكن الحزن الذي حل علينا بفقدان لاعب كرة القدم محمد شوقي، لاعب كفر الشيخ، الذي سقط في الملعب وتوفي إثره، يعيدنا جميعًا إلى السؤال الأهم: هل نحن قادرون على الوفاء لأولئك الذين يحملون أحلامًا على أكتافهم؟
محمد شوقي، الشاب الذي لم يتجاوز عمره الثلاثين، كان مثالًا للاعب الملتزم والمحب للعبة.. وفقدانه المفاجئ ألهمنا جميعًا بالتفكير في دور المجتمع واللاعبين أنفسهم في تكرار هذا المشهد الأليم، الذي يفتح جرحًا عميقًا في قلوب محبي كرة القدم.. لكن ما يلفت الانتباه في هذا السياق هو أننا لا نحتاج فقط إلى مناقشة فقدانه، بل إلى تحديد الطريقة التي سنتعامل بها مع هذه المواقف في المستقبل، وخاصة تجاه عائلات اللاعبين وأسرهم.
الوفاء للأبطال المجهولينفي كل مرة نذكر فيها محمد شوقي، نذكر شابًا وقف في الميدان وواجه المخاطر بجرأة، لكنه كان يعول أسرة وأحلامًا تنتظر تحقُّقها.. إن خطواته كانت مسعى لتحقيق رغبات أسرة، ورسم أمل على وجوه محبي الرياضة من بلدته، وهذا يجعل الوفاء له ولأمثاله ليس مجرد واجب عاطفي، بل مسؤولية اجتماعية ملحة.
إن الوفاء الحقيقي لا يتمثل في كلمات العزاء التي نلقيها فقط، بل في الأفعال التي تُترجم تلك الكلمات إلى واقع.. يجب أن يكون للمجتمع الرياضي سواء كان من خلال الأندية الرياضية أو المؤسسات الشريكة أو حتى الأفراد، دور محوري في دعم أسرة الراحل محمد شوقي، وتوفير كل ما تحتاجه زوجته وطفله المنتظر من رعاية.. أما الدور الأكبر هو لوزارة الرياضة والجهات المنوط بها خلق مظلة أمان تضمن للرياضيين حياة كريمة بعيدًا عن تداعيات الفقدان.. فشوقي ليس الأول ولا الأخير!
أقول بكل أمانة، ينبغي أن تكون هناك آلية لضمان أن يكون لنا جميعُا من الوزير للغفير في الوسط الرياضي، دور فاعل في هذه الأوقات الصعبة.. قد يكون ذلك في شكل صندوق تضامني يتم إنشاءه لدعم أسر الرياضيين الذين يتعرضون لحوادث مميتة، أو اتخاذ خطوات لتأمين مستقبل أطفال هؤلاء اللاعبين الراحلين.
وحتى مع تكرار مثل هذه الحوادث في البطولات المصرية، يجب أن يُنظر إلى ذلك من منظور المصلحة العامة، بحيث يصبح دعم أسر اللاعبين جزءًا من العقد الاحترافي ذاته كمثال، على الأندية المصرية أن تبذل المزيد من الجهد لتوفير التأمينات الصحية والمالية التي تغطي كل لاعب ولا بد من الاستعانة جهاز صدمات القلب (AED) كأداة أساسية للحفاظ على حياة اللاعبين.. هذا الجهاز، الذي يُعتبر من الضروريات في مواجهة حالات السكتة القلبية المفاجئة، بات ضرورة لا غنى عنها داخل الأندية الرياضية.. فالوفاء يكون في ضمان أن لا تُترك أسرة اللاعب لمواجهة الحياة بمفردها، وأن تُمنح فرص أكبر لبقية اللاعبين في مصر خاصة "الغلابة" ليعرفوا أن المجتمع وراءهم في كل خطوة، وأنهم ليسوا مجرد أرقام على القوائم.
فكل لاعب هو أكثر من مجرد لاعب؛ هو إنسان له أحلامه وأسرته، وهو جزء من مجتمع يستحق الدعم والتكريم، وأمامنا اليوم فرصة لرد الجميل لشبابنا المبدعين في الملاعب، ولعل ما حدث مع محمد شوقي يكون بداية لثقافة جديدة من الوفاء المجتمعي، التي تضمن لكل لاعب مصري أن يعيش بكرامة، حتى في أصعب اللحظات.
وفي ختام هذه الرحلة بين ظلال الأقدار وأشعة الوفاء، يبقى لنا أن نتذكر أن الحياة ليست سوى لحظات تتنقل بين أيدينا كالغبار، لا نملك منها سوى ما نقدمه للآخرين.. يوم لك ويوم عليك، لكن الوفاء لا يعترف بالزمن، ولا بالمكان، بل هو فعل نبيل يبقى حتى عندما تختفي الأسماء وتذبل الوجوه، فلنكن أوفياء في العطاء، في الفعل الصادق، في الكلمة التي تُقال، وفي القلب الذي لا يعرف الخيانة.. فلا يغرنا ما نملك اليوم، لأن الغد يحمل معه ما لا نعلمه، ولكني أؤمن أن الوفاء هو وحده الذي سيظل باقيًا، فلتكن رسالة اليوم أن الوفاء ليس خيارًا، بل هو القوة الحقيقية التي تحفظ لنا إنسانيتنا، وتبقي على روحنا حية، حتى في مواجهة أقسى التقلبات.
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا