يريفان عاصمة أرمينيا.. إحدى أقدم المدن في التاريخ
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
يريفان عاصمة أرمينيا وأكبر مدنها، وهي واحدة من أقدم المدن التاريخية المأهولة في العالم، إذ يعود تاريخها إلى عام 782 قبل الميلاد، وتقع على ضفاف نهر هرازدان الكبير الذي يتحد مع نهر آراس في سهول آرارات على طول الحدود مع تركيا. وتصنّف يريفان بأنها عاصمة للثقافة والفنون، ومنحتها اليونسكو لقب "عاصمة الكتاب" عام 2012.
تعاقبت عليها كثير من الدول، وشهدت حضارات وثقافات متنوعة ومختلفة، وإبان الفتح الإسلامي تحولت إلى معبر للقوافل التجارية العربية المتجهة إلى الهند.
وأصبحت يريفان عاصمة لأرمينيا عام 1918، وهي العاصمة الـ13 في تاريخها، وتحولت من مدينة صغيرة يسكنها عدد قليل من الناس في عهد القيصرية الروسية إلى مدينة مليئة بالسكان، يقطنها ما يربو عن مليون نسمة، وتصنّف حاضنة للثقافة والفنون، وفيها مقر الحكومة الأرمينية.
شهدت نهضة عمرانية كبيرة منذ بداية الألفية الثالثة للميلاد، وتجذب الزائرين من مختلف أنحاء العالم، إذ تحتضن كثيرا من الآثار، وتزخر بتراكمات من التاريخ.
مدينة يريفان وفي الأفق جبل أرارات وشلال يريفان (غيتي) الموقعتقع مدينة يريفان في سهول جبال أرارات، وتطل على نهر هرازدان في الوسط الغربي للبلاد التي توجد بين 4 دول، حيث تحدها تركيا من الغرب وجورجيا من الشمال وأذربيجان من الشرق وإيران من الجنوب.
وتقع يريفان على بعد 28 كيلومترا مع الحدود التركية، وهي مبنية على مصبات الأودية والأنهار، وسهول الجبال التي تحيط بها.
ويعود تاريخها لحقبة ما قبل الميلاد، وهي جزء من المملكة الأرمينية التي شهد تاريخها كثيرا من الصراعات والحروب.
السكانتعد يريفان موطنا لقرابة ثلث سكان جمهورية أرمينيا، بنحو مليون نسمة من مجموع السكان البالغ عددهم قرابة 3 ملايين نسمة حسب إحصاءات حكومية لعام 2021.
وكانت المدينة مأهولة بالسكان منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد، ورغم أنها الموطن الأصلي للأرمن، فقد استوطنها العرب والترك والفرس والجورجيون والمغول والروس في حقب زمنية مختلفة.
وفي عام 1582م، خضعت لحكم الأتراك، وباتت جزءا من أقاليمهم، حتى سنة 1604 إذ أصبحت خاضعة للفرس.
ومنذ القدم كانت يريفان موطنا للأرمن، وفي نهاية الـ17 تغيرت التركيبة السكانية للمدينة، إذ استوطنها المسلمون من أعراق مختلفة.
ووفق بعض المصادر، فمنذ نهايات القرن الـ14 وحتى القرن الـ20 كانت مدينة يريفان وبعض المناطق في أرمينيا تتألف من أغلبية مسلمة.
مقبرة الحرب التذكارية في يريفان لحرب ناغورني قره باغ الثانية التي بدأت في 27 سبتمبر/أيلول الماضي (الفرنسية)ومع حلول القرن الـ20 عاش المسلمون الأذريون مرحلة من التهميش والتمييز والتهجير القسري والجماعي، حتى تغيرت التركيبة الديمغرافية والعرقية في المدينة.
وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، رجع إليها عشرات الآلاف من الأرمن الذين كانوا في العراق وسوريا ومناطق الشام، وأصبحوا يمثلون 98% من سكانها.
وتوجد بها أقليات روسية وفارسية، ويعتنق الغالبية من السكان الدين الأرمني الأرثوذكسي.
وتقع بها كاتدرائية القدّيس غريغوريوس التي تصنّف أكبر كنيسة للأرمن في العالم.
ويتحدث السكان الأرمينية التي هي اللغة الرسمية للدولة، بالإضافة إلى الروسية التي يتحدث بها بعض السكان من ذوي الأصول الروسية.
التاريخيعود تاريخ يريفان إلى القرن الثامن قبل الميلاد، إذ أصبحت عاصمة للمملكة الأرمينية في تلك الحقبة.
وبعد الميلاد خضعت لأحكام مختلفة، حيث تعاقب عليها العرب والرومان والفرس والترك والروس.
وبين فترة 1915-1917 شهدت أرمينيا مقتل 600 ألف شخص، وتسفير 1.5 مليون إلى سوريا وكان أغلبهم من قاطني يريفان.
وعام 1918 أصبحت عاصمة لدولة أرمينيا المستقلة عن الدولة العثمانية التي انهزمت في الحرب العالمية الأولى.
وفي 1922 اعتمدت عاصمة لدولة أرمينيا التي انضمت إلى الاتحاد السوفياتي، وبعد الاستقلال وتفكك الاتحاد عام 1991 بقيت مركزا للقرار السياسي، لتكون العاصمة الـ13 في تاريخ أرمينيا.
كاتدرائية القديس غريغوريوس المنور واحدة من أكبر الكنائس الرسولية الأرمنية في العالم (غيتي) الاقتصادتعد يريفان شريان اقتصاد أرمينيا، وتحتضن العديد من المصانع التي تسهم في تحريك عجلات الاقتصاد، كمصانع الخمور والسجائر والسجاد.
وتعد السياحة إحدى أهم الركائز الاقتصادية للعاصمة التي تضم كثيرا من الأماكن التاريخية الجذابة.
كما تقبل على المدينة كثير من الجالية الأرمينية المغتربة في أنحاء العالم، واستقبلت أيضا مهاجرين من روسيا أتوا لشراء شقق فاخرة في أحيائها الراقية.
ففي سنة 2022 وحدها تم إحصاء 650 ألف مواطن روسي قدموا للعيش في يريفان، مما زاد قيمة العقار، كما أن التحويلات المالية أسهمت في رفع معدلات النمو، فقد ارتفعت التحويلات من 886 مليون دولار في 2021 إلى 3.6 مليار دولار في 2022 أي بنسبة 15% من الناتج المحلي الإجمالي لأرمينيا.
وقد انعكست هذه الحركة المالية على قطاع المصارف التي تضاعف دخلها أكثر من مرتين. ووفق بيانات رسمية صادرة من وزارة الاقتصاد، فقد ارتفع حجم التجارة بنسبة 23% للنصف الأول من العام 2023.
النصب التذكاري لما يسمى مذبحة الأرمن بين عامي 1915 و1922 (غيتي) أهم المعالمتضم المدينة كثيرا من العالم التاريخية والأماكن السياحية الجذابة منها:
المسجد الأزرق: ويعود تاريخه إلى القرن الـ19.
قلعة إيربوني: شُيدت عام 782م، وتقع بجانب جبل أرارات الذي يقال إن سفينة نوح -عليه السلام- رست عليه بعد الطوفان.
المتحف الوطني: وتم تشييده عام 1957، ويضم 17 ألف مخطوطة و30 ألف وثيقة تاريخية، كما يحتوي تماثيل ولوحات لأشهر العلماء في أرمينيا.
الكاسكاد: حديقة مدرّجة تحاكي الحدائق البابلية المعلقة، أسست عام 1971، وأعيد ترميمها عام 2009.
ساحة الجمهورية الكلاسيكية: تحتفظ بآثار من الحكم الفارسي والسوفياتي.
متحف يريفان: يضم العديد من الآثار، وبه أقدم حذاء موجود في العالم، وعمره 5500 ميلادي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قبل المیلاد فی العالم کثیرا من
إقرأ أيضاً:
ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
ما دمنا لم نفارق بعد نظام القطب الواحد المهيمن على العالم تظل النظرية القديمة التي نقول إن الشعب الأمريكي عندما يختار رئيسه فهو يختار أيضا رئيسا للعالم نظرية صحيحة. ويصبح لتوجه هذا الرئيس في فترة حكمه تأثير حاسم على نظام العلاقات الدولية وحالة الحرب والسلم في العالم كله.
ولهذا فإن فوز دونالد ترامب اليميني الإنجيلي القومي المتشدد يتجاوز مغزاه الساحة الداخلية الأمريكي وحصره في أنه يمثل هزيمة تاريخية للحزب الديمقراطي أمام الحزب الجمهوري تجعله عاجزا تقريبا لمدة ٤ أعوام قادمة عن منع ترامب من تمرير أي سياسة في كونجرس يسيطر تماما على مجلسيه.
هذا المقال يتفق بالتالي مع وجهة النظر التي تقول إن اختيار الشعب الأمريكي لدونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية ـ رغم خطابه السياسي المتطرف ـ هو دليل على أن التيار الذي يعبر عنه هو تيار رئيسي متجذر متنامٍ في المجتمع الأمريكي وليس تيارا هامشيا.
فكرة الصدفة أو الخروج عن المألوف التي روج لها الديمقراطيون عن فوز ترامب في المرة الأولى ٢٠١٦ ثبت خطأها الفادح بعد أن حصل في ٢٠٢٤ على تفويض سلطة شبه مطلق واستثنائي في الانتخابات الأخيرة بعد فوزه بالتصويت الشعبي وتصويت المجمع الانتخابي وبفارق مخيف.
لكن الذي يطرح الأسئلة الكبرى عن أمريكا والعالم هو ليس بأي فارق من الأصوات فاز ترامب ولكن كيف فاز ترامب؟ بعبارة أوضح أن الأهم من الـ٧٥ مليون صوت الشعبية والـ٣١٢ التي حصل عليها في المجمع الانتخابي هو السياق الاجتماعي الثقافي الذي أعاد ترامب إلى البيت الأبيض في واقعة لم تتكرر كثيرا في التاريخ الأمريكي.
أهم شيء في هذا السياق هو أن ترامب لم يخض الانتخابات ضد هاريس والحزب الديمقراطي فقط بل خاضه ضد قوة أمريكا الناعمة بأكملها.. فلقد وقفت ضد ترامب أهم مؤسستين للقوة الناعمة في أمريكا بل وفي العالم كله وهما مؤسستا الإعلام ومؤسسة هوليوود لصناعة السينما. كل نجوم هوليوود الكبار، تقريبا، من الممثلين الحائزين على الأوسكار وكبار مخرجيها ومنتجيها العظام، وأساطير الغناء والحاصلين على جوائز جرامي وبروداوي وأغلبية الفائزين ببوليتزر ومعظم الأمريكيين الحائزين على نوبل كل هؤلاء كانوا ضده ومع منافسته هاريس... يمكن القول باختصار إن نحو ٩٠٪ من النخبة الأمريكية وقفت ضد ترامب واعتبرته خطرا على الديمقراطية وعنصريا وفاشيا ومستبدا سيعصف بمنجز النظام السياسي الأمريكي منذ جورج واشنطن. الأغلبية الساحقة من وسائل الإعلام الرئيسية التي شكلت عقل الأمريكيين من محطات التلفزة الكبرى إلي الصحف والمجلات والدوريات الرصينة كلها وقفت ضد ترامب وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم ينحز منها صراحة لترامب غير موقع إكس «تويتر سابقا». هذه القوة الناعمة ذات السحر الأسطوري عجزت عن أن تقنع الشعب الأمريكي بإسقاط ترامب. صحيح أن ترامب فاز ولكن من انهزم ليس هاريس. أتذكر إن أول تعبير قفز إلى ذهني بعد إعلان نتائج الانتخابات هو أن ترامب انتصر على هوليوود. من انهزم هم هوليوود والثقافة وصناعة الإعلام في الولايات المتحدة. لم يكن البروفيسور جوزيف ناي أحد أهم منظري القوة الناعمة في العلوم السياسية مخطئا منذ أن دق أجراس الخطر منذ ٢٠١٦ بأن نجاح ترامب في الولاية الأولى هو مؤشر خطير على تآكل حاد في القوة الناعمة الأمريكية. وعاد بعد فوزه هذا الشهر ليؤكد أنه تآكل مرشح للاستمرار بسرعة في ولايته الثانية التي تبدأ بعد سبعة أسابيع تقريبا وتستمر تقريبا حتى نهاية العقد الحالي.
وهذا هو مربط الفرس في السؤال الكبير الأول هل يدعم هذا المؤشر الخطير التيار المتزايد حتى داخل بعض دوائر الفكر والأكاديميا الأمريكية نفسها الذي يرى أن الإمبراطورية ومعها الغرب كله هو في حالة أفول تدريجي؟
في أي تقدير منصف فإن هذا التآكل في قوة أمريكا الناعمة يدعم التيار الذي يؤكد أن الامبراطورية الأمريكية وربما معها الحضارة الغربية المهيمنة منذ نحو٤ قرون على البشرية هي في حالة انحدار نحو الأفول. الإمبراطورية الأمريكية تختلف عن إمبراطوريات الاستعمار القديم الأوروبية فبينما كان نفوذ الأولى (خاصة الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية) على العالم يبدأ بالقوة الخشنة وبالتحديد الغزو والاحتلال العسكري وبعدها يأتي وعلى المدى الطويل تأثير قوتها الناعمة ولغتها وثقافتها ونظمها الإدارية والتعليمية على شعوب المستعمرات فإن أمريكا كاستعمار إمبريالي جديد بدأ وتسلل أولا بالقوة الناعمة عبر تقدم علمي وتكنولوجي انتزع من أوروبا سبق الاختراعات الكبرى التي أفادت البشرية ومن أفلام هوليوود عرف العالم أمريكا في البداية بحريات ويلسون الأربع الديمقراطية وأفلام هوليوود وجامعات هارفارد و برينستون ومؤسسات فولبرايت وفورد التي تطبع الكتب الرخيصة وتقدم المنح وعلى عكس صورة المستعمر القبيح الأوروبي في أفريقيا وآسيا ظلت نخب وشعوب العالم الثالث حتى أوائل الخمسينات تعتقد أن أمريكا بلد تقدمي يدعم التحرر والاستقلال وتبارى بعض نخبها في تسويق الحلم الأمريكي منذ الأربعينيات مثل كتاب مصطفى أمين الشهير «أمريكا الضاحكة». وهناك اتفاق شبه عام على أن نمط الحياة الأمريكي والصورة الذهنية عن أمريكا أرض الأحلام وما تقدمه من فنون في هوليوود وبروداوي وغيرها هي شاركت في سقوط الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشيوعي بنفس القدر الذي ساهمت به القوة العسكرية الأمريكية. إذا وضعنا الانهيار الأخلاقي والمستوى المخجل من المعايير المزدوجة في دعم حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية للفلسطينيين واللبنانيين والاستخدام المفرط للقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية كأدوات قوة خشنة للإمبراطورية الأمريكية فإن واشنطن تدمر القوة الناعمة وجاذبية الحياة والنظام الأمريكيين للشعوب الأخرى وهي واحدة من أهم القواعد الأساسية التي قامت عليها إمبراطورتيها.
إضافة إلى دعم مسار الأفول للإمبراطورية وبالتالي تأكيد أن العالم آجلا أو عاجلا متجه نحو نظام متعدد الأقطاب مهما بلغت وحشية القوة العسكرية الأمريكية الساعية لمنع حدوثه.. فإن تطورا دوليا خطيرا يحمله في ثناياه فوز ترامب وتياره. خاصة عندما تلقفه الغرب ودول غنية في المنطقة. يمكن معرفة حجم خطر انتشار اليمين المتطرف ذي الجذر الديني إذا كان المجتمع الذي يصدره هو المجتمع الذي تقود دولته العالم. المسألة ليست تقديرات وتخمينات يري الجميع بأم أعينهم كيف أدي وصول ترامب في ولايته الأولى إلى صعود اليمين المتطرف في أوروبا وتمكنه في الوقت الراهن من السيطرة على حكومات العديد من الدول الأوروبية بعضها دول كبيرة مثل إيطاليا.
لهذا الصعود المحتمل لتيارات اليمين المسيحي المرتبط بالصهيونية العالمية مخاطر على السلم الدولي منها عودة سيناريوهات صراع الحضارات وتذكية نيران الحروب والصراعات الثقافية وربما العسكرية بين الحضارة الغربية وحضارات أخرى مثل الحضارة الإسلامية والصينية والروسية.. إلخ كل أطرافها تقريبا يمتلكون الأسلحة النووية!!
حسين عبد الغني كاتب وإعلامي مصري