تحت هذا العنوان نشرت "بوليتيكو" مقالا لبول مكليري ولارا سيليغمان حول خطط أوكرانيا لتعويض نقص إمدادات الأسلحة الغربية على خلفية نفاد مخزونات هذه الأسلحة في أوروبا والولايات المتحدة.

وجاء في المقال:

في قاعة مؤتمرات بفندق في كييف أواخر الأسبوع الماضي، اجتماع القادة الأوكرانيون مع المئات من مسؤولي صناعة الدفاع وصانعي السياسات من الدول الحليفة، وكانت الرسالة واضحة: أوكرانيا تفتح ذراعيها للأعمال التجارية "البيزنس".

وعلى الرغم من شبح إطلاق الصواريخ الروسية على العاصمة الأوكرانية، كان المنتدى الدولي للصناعات الدفاعية مشابها بشكل مخيف للمؤتمرات المزدحمة التي تعقد عدة مرات سنويا في واشنطن ولندن. لكن المخاطر كانت مختلفة بالنسبة لهذا الوضع، إذ تجد أوكرانيا أن الأسلحة التي يرسلها لها أنصارها تنفد، في حين يتزايد قلق الآخرين من تخصيص المزيد من الأموال للصراع.

وفي ظل الهجوم الموجه ضد صانعي الأسلحة في مختلف أنحاء العالم، تحاول البلاد فعليا أن تأخذ زمام الأمور بنفسها.

إقرأ المزيد وول ستريت جورنال: معارك حول المساعدات لأوكرانيا والحلفاء يتوجسون خشية

يقول الشريك الإداري في شركة COSA Intelligence Solutions في كييف، بافل فيركنياتسكي: "إنها مسألة بقاء"، حيث أنه ليست هناك فترة طويلة يمكن لأوكرانيا أن تتوقع الاعتماد فيها على التبرعات من الشركاء الذين يمكن إيقاف دعمهم بانتخابات واحدة.

في بداية الفعالية، أخبر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي الجمهور أن صفقات الإنتاج المشترك "يتم التفاوض عليها بالفعل مع شركائنا"، وأنه أنشأ تمويلا في الميزانية الوطنية للمساعدة في تمويل تلك الشراكات. كما ألقى الرئيس التنفيذي السابق لشركة "غوغل"، إريك شميدت، كلمة في هذا الحدث، وكذلك الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ.

كانت أوكرانيا منذ فترة طويلة عملاقا صناعيا، ينتج الآلات الثقيلة والمحركات لسفن البحرية الروسية والمروحيات العسكرية، إلى جانب المدرعات والطائرات والأسلحة الصغيرة. وقد تضرر عدد من مرافق الإنتاج في هذه "الحرب". ومع ذلك، يتطلق المسؤولون الأوكرانيون إلى شركات الدفاع الغربية للحصول على التزامات يرغبون في استثمارها وبنائها في أوكرانيا حتى قبل توقف القتال.

وقد أعرب اثنان من مقاولي الدفاع الأوروبيين بالفعل عن حماسهما للبدء في العمل، حيث قالت شركة Rheinmetall، شركة الأسلحة الألمانية العملاقة، إنها ستعمل مع شركة الأسلحة الحكومية الأوكرانية Ukroboronprom لبناء الدبابات والمدرعات، كما أعلنت شركة BAE البريطانية أنها ستفتتح مكتبا في كييف وتتطلع إلى تصنيع بنادق عيار 105 ملم في أوكرانيا.

فرنسا كانت إحدى الدول التي تميل إلى فكرة الإنتاج المشترك، حيث جاء إلى كييف حوالي 20 من كبار رجال الأعمال الفرنسيين برفقة وزير القوات المسلحة، سيباستيان ليكورنو، وانضموا إلى ممثلين عن أكثر من 250 شركة منتشرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا.

 كما غمرت التشيك الفعالية بوفد كبير، يعكس النهج الشامل الذي تتبعه البلاد لمساعدة كييف على صد "الغزو الروسي"، حيث قامت أكبر شركات الدفاع في البلاد، التي تسمى كذلك "جمهورية التشيك"، منذ أشهر بتوظيف عمال أوكرانيين في مصانعها، التي تنتج أجهزة الرؤية الليلية، والذخيرة، وغيرها من الأسلحة في صفقات الإنتاج المشترك مع الشركات الأوكرانية. وقال أحد المسؤولين التشيكيين، ممن حضروا الفعالية، إن الهدف هو نقل هذا الإنتاج إلى أوكرانيا في أقرب وقت ممكن.

كل هذا جزء من تردد أكبر ومتزايد بين المسؤولين الأوكرانيين، وهو أنه "سيتعين علينا أن نصبح إسرائيل في أوروبا، دولة مكتفية ذاتيا، ولكن بمساعدة دول أخرى"، وفقا لما قاله دانييل فايديتش، رئيس شركة Yorktown Solutions، التي تدافع عن مصالح أوكرانيا لدى واشنطن. وسوف يعتمد هذا الجهد على صفقات الإنتاج المشترك "التي من شأنها تطوير القدرات في المنطقة في البداية، ثم في داخل البلاد عندما يكون ذلك ممكنا".

إقرأ المزيد كيف نتجنب الحرب العالمية الثالثة؟

ويريد القادة في كييف أن يأتي ذلك اليوم عاجلا وليس آجلا، وهو أمر عززته تعليقات عدد من المسؤولين الغربيين خلال الأسابيع القليلة الماضية، بأن الأسلحة بدأت تنفد، وأن الحلفاء لم يكثفوا خطوط إنتاجهم بشكل كبير لمواكبة الطلب.

وقال أحد المسؤولين الأوروبيين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته للتحدث بصراحة عن مثل هذه القضية الحساسة سياسيا: "لا يمكننا أن نستمر في العطاء من مخزوناتنا".

وأضاف المسؤول أنه لا يزال هناك دعم شعبي وسياسي قوي لقتال أوكرانيا، لكننا "قدمنا كل ما لن يعرض أمننا للخطر".

كما صرح أحد مسؤولي إدارة بايدن بأنه بعد 18 شهرا من القتال المكثف، بدأت المخزونات الأوروبية تنفد، على الرغم من تزايد الأمل في أن تتمكن الدول من العمل معا لإيجاد المزيد من الحلول.

وتابع المسؤول: "إن تضاؤل المخزونات أمر متوقع، مع الأخذ في الاعتبار نطاق ما تم تقديمه لأوكرانيا". وقال: "ما يهمنا هو إذا لم يفعل شركاؤنا شيئا حيال ذلك. لكن هناك حرص في جميع أنحاء العالم على العمل معا، ودعم قواعدنا الصناعية".

ويصطدم هذا الحماس بالواقع البسيط المتمثل في المدة التي تستغرقها الشركات والبلدان لضخ الأموال في خطوط الإنتاج الحالية وإنشاء خطوط جديدة.

لقد دفع "العدوان الروسي"، والتحديث العسكري الصيني السريع، العديد من الدول الكبرى المانحة لأوكرانيا إلى النظر إلى ما لديها، والتساؤل حول ما قد تحتاجه. وفي حين أن العواصم مستعدة لدعم الأوكرانيين في تقليص الآلة العسكرية الروسية، فإنها تشعر بالقلق بشأن ما تبقى لهم، في حالة تحدي سيادتهم.

ويقول الجنرال ستيفان ميل رئيس أركان القوات الجوية والفضائية الفرنسية للصحفيين مؤخرا في واشنطن: "بعد عامين، نحتاج الآن إلى إجراء مناقشة أخرى، لأننا لا نستطيع أن نعطي ونعطي ونرى أنظمتنا تنهار في أوكرانيا"، حيث يلوح الآن خيار لإجراء بعض المناقشات بين أوكرانيا والشركات، وبعد ذلك سيكون التمويل جزءا يمكن لفرنسا بالطبع أن تدفعه للمساعدة في الإنتاج.

وما زاد الطين بلة هو إعلان بولندا مؤخرا أنها ستوقف التبرعات لأوكرانيا مؤقتا من أجل تعزيز قدراتها.

صداع آخر ظهر لكييف نهاية هذا الأسبوع، عندما توصل الكونغرس أخيرا إلى اتفاق لتمويل حكومة الولايات المتحدة بشكل مؤقت، إلا أنه جردها من المليارات لدعم أوكرانيا بعدم تمرير مشروع القانون.

وقد نفدت الأموال بالفعل من مبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا، والتي تدفع تكاليف أنظمة الأسلحة أمريكية الصنع ليتم وضعها بموجب عقد، ولا يزال لدى وزارة الدفاع ما قيمته 5.4 مليار دولار من الأسلحة المتاحة لإرسالها إلى أوكرانيا، لكن الأموال تنفد بسرعة لتجديد مخزوناتها الخاصة، وفقا لمسؤولين أمريكيين مطلعين على المناقشات.

إضافة إلى ذلك لا يزال هناك الكثير من الأسئلة حول حجم الإنتاج الدفاعي الذي يمكن أن يحدث في أوكرانيا، بينما تستمر الصواريخ الروسية والطائرات المسيرة "الإيرانية" في استهداف البنية التحتية الحيوية، إلا أن الحرب لا تظهر أي علامات على التباطؤ، حتى مع قلق الدول الشريكة بشأن ما تبقى لها لتقديمه.

والموقف في كييف هو أنه لا يوجد خيار سوى العثور على شركات لمساعدتهم على القيام بذلك بأنفسهم.

ويتابع فيركنياتسكي من COSA Intelligence Solutions أن "الأولوية الأولى هي أن تعتمد أوكرانيا على نفسها، لأنه حتى لو انتهت الحرب اليوم، فإن أوكرانيا ستكون درعا لأوروبا ضد محاولات روسيا المستقبلية" الاستيلاء على الأراضي أو زعزعة استقرار أوروبا. ويضيف: "سوف يحدث ذلك لأن الروس سيبقون كما هم إلى الأبد".

المصدر: Politico

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا أسلحة ومعدات عسكرية الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي البنتاغون الجيش الأمريكي الجيش الروسي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حلف الناتو مؤشرات اقتصادية وزارة الدفاع الروسية الإنتاج المشترک فی أوکرانیا فی کییف

إقرأ أيضاً:

جون كيري: أوكرانيا لن تنتصر في الصراع مع روسيا

أكد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري أن أوكرانيا لن تنتصر في الصراع مع روسيا، مشيرا إلى أنها أمام خيارات محدودة وسيتعين عليها في النهاية اختيار التسوية بطرق دبلوماسية.

وقال كيري في مقابلة مع صحيفة "التايمز" البريطانية: "أعتقد أن أوكرانيا ستحل هذا الوضع بطريقة أو بأخرى، لا أستطيع القول إن الأمر سينتهي بانتصارها، ولا أعتقد أن النصر الكامل مضمون لأي أحد".


وأضاف: "في رأيي، يجب أن تكون هناك تسوية دبلوماسية حيث يقول كل طرف ما يجب أن يقوله لجعل هذه العملية ممكنة، أو سيكون هناك صراع مجمد، أو كارثة يحقق فيها أحد الطرفين انتصارا حاسما.. هذه هي الخيارات الوحيدة الممكنة".

كما أعرب كيري عن رأي مفاده أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يمكن أن يضر بسمعة الولايات المتحدة في العالم إذا توقف عن تقديم المساعدات لأوكرانيا في حال عودته إلى البيت الأبيض بعد نتائج الانتخابات في نوفمبر، مشيرا إلى أن مثل هذا القرار قد يؤدي إلى ظهور تهديدات أمنية جديدة في أوروبا الشرقية.

يذكر أن روسيا قد حذرت كييف والدول الغربية من أن التعويل على الحل العسكري وعلى دعم نظام كييف بالأسلحة لن يُسهم في إطلاق مفاوضات كما أنه يطيل أمد الصراع ويؤدي إلى تدمير أوكرانيا.

وفي 14 يونيو حدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، شروط مفاوضات السلام مع كييف.

وأكد بوتين باستمرار على استعداد موسكو للتفاوص، وشدد في الوقت نفسه على أن روسيا ستنطلق من الوضع الراهن على الأرض.

وأوضح أن رد فعل الغرب على مبادراته للسلام كان متوقعا، لكن الساسة العقلاء سيفكرون فيها إذا كانوا يريدون إنهاء الصراع في وسط أوروبا.

وأشار إلى أن مقترح روسيا للسلام لن يدوم إلى الأبد وسيتغير وفقا للوضع

مقالات مشابهة

  • فرنسا.. اتهام شركة "نستله" رسميًا بـ "القتل" في قضية تلوث بكتيري
  • أمين عام الناتو يرفض دعوات إجبار أوكرانيا على قبول مبدأ "الأرض مقابل السلام" لإنهاء الحرب
  • ألمانيا.. تراجع الإنتاج الصناعي وتوجه لاقتراض المليارات
  • جون كيري: أوكرانيا لن تنتصر في الصراع مع روسيا
  • بوتين: ننظر بجدية تصريحات ترامب حول وقف الحرب في أوكرانيا
  • الوزير قطنا خلال اجتماع في اللاذقية.. دعم القطاع الزراعي أولوية أساسية
  • روسيا تصد هجوما أوكرانيا على ميناء بالبحر الأسود .. ودول الناتو ترفض خطة لدعم كييف
  • ضبط 133 قطعة سلاح و 315 قضية مخدرات خلال 24 ساعة
  • الأمن القومي على المحك: عقد تسليح بقيمة 670 مليون دولار لوزارة الدفاع مع شركة “تاليس” المتورطة بالفساد
  • بسبب الفساد..الناتو سيبلغ كييف أنها غير جاهزة للانضمام للحلف