تابعنا في الأيام السابقة خطاب الجنرال البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي قدم فيه شرح للأحداث الجارية في السودان منذ 15 أبريل حسب وجهة نظره . كما قدم رؤيته لحل الأزمة السودانية مؤكدا انفتاحه على الحلول المطروحة لوقف الحرب المستعرة في السودان ورغبته الصادقة في التوصل إلى سلام شامل يحقن دماء السودانيين .

وبغض النظر عن موقف الرجل وتكتيكاته في التعامل مع المجتمع الدولي دعونا نتقدم خطوة للأمام ونبني على ظاهر قوله ونتحاشى قدر الإمكان النظر إلى ما وراء الأكمة. فالبرهان وبالرغم من تصريحه في الخطاب بقوله ( إننا ما زلنا حتى اليوم نمد أيادينا من أجل السلام ومن أجل إيقاف هذه الحرب ورفع المعاناة عن شعبنا). إلا أن الرجل يبدو للمراقب لا يفعل أي خطوة يمكن أن تثبت صدق نواياه أو تبرهن رغبته في التوصل إلى سلام يوقف هذه الحرب اللعينة . فالرجل يصر على أن يصم أذنيه عن كل الدعوات والرجاءات التي قدمت له من الشارع السوداني لوضع السعودية في أجندة جولاته الخارجية كخطوة منه لإبداء حسن النوايا وتأكيد رغبته في استئناف مفاوضات جدة من أجل إيجاد مخرج للأزمة . بل ذهب الرجل لأبعد من ذلك بالإعلان في أكثر من مناسبة ولقاء عن تمسكه بخروج قوات الدعم السريع من بيوت المواطنين والأعيان المدنية كشرط لإعادة وفد التفاوض إلى جدة . وبالرغم من أن هذا الشرط قد يبدو مقبولا شكلا في سياق الأحداث الجارية في الخرطوم إلا أنه لا يبدو موضوعيا بمنطق الظروف الميدانية الحالية . فمن المعلوم إن من أسباب دخول مليشيات الدعم السريع للبيوت هو استهداف الطيران الحربي لمعسكراتهم في الأيام الأولى للحرب مما دفعهم لاستخدام الأعيان المدنية والبيوت كملاذات واتخاذ المواطنين والأسرى كدروع بشرية بهدف توسيع دائرة الخسائر على متخذ القرار العملياتي في الجيش . ( وهنا قد يتبادر سؤال في ذهن المواطن العادي لماذا لم يتوقع الجيش في استراتيجياته إقدام المليشيات لهكذا خطوة ويضع تحسبا لذلك تحصينات في الأحياء السكنية والأعيان المدنية لتفادي هذا المأزق الراهن؟) .
إن إمكانية تنفيذ هذا الشرط اذا كانت غير ممكنة عمليا في الأيام الأولى للحرب فإنها الآن وبعد ستة أشهر من القتال المستمر قد تبدو تعجيزية ما لم يتم التفاوض والاتفاق على كيفيتها . لأن هناك تساؤلات عدة قد
تواجه متخذ القرار في الدعم السريع وقد يتطلب الأمر الإجابة عنها قبل أن يطالب مقاتليه بالانصياع وتنفيذ الأوامر .
أولها هو الكيفية التي ستخرج بها المليشيات .هل ستلقي أسلحتها وتنسحب أم ستخرج بكامل عدتها وعتادها؟
ثانيا إلى أي مكان ستذهب هذه المليشيات و ماهي مسارات الخروج الآمنة والضمانات لعدم تعرض الطيران الحربي للمليشيات المنسحبة في حال غياب اتفاق ملزم وجهات ضامنة ومراقبة ؟
ثالثا وهذا السؤال يخص المواطنين ما هي آليات التأكد من خروج المليشيات من البيوت وهل يستبعد الجيش أن تقوم المليشيات بتفخيخ الأعيان المدنية وبيوت المواطنين .
رابعا ما هو مصير الجرحى الذين لا يستطيعون الحركة وكيف سيتم إجلاؤهم وما هو مصير الأسرى لدى الدعم السريع ؟
إن هذه النوعية من الأسئلة وفي غياب عملية التفاوض تصعب على متخذ القرار في الدعم السريع الإيفاء بمثل هكذا شرط . لذا فإن تمترس البرهان خلف هذا الشرط دون التقدم خطوة للأمام نحو الحل هو أقرب إلى وضعه العقدة في المنشار وسيعمل على زيادة أمد الحرب . بل ربما قد يسهم في تعقيد المشهد أكثر من الإسراع في إيجاد حلول ناجعة . لذا فإن الحكمة تقتضي الرجوع إلى منبر التفاوض في جدة باعتباره الوسيلة الوحيدة والمؤهلة حاليا لأن يتم التوصل عبرها إلى تفاهمات تساعد على إيجاد إجابات عملية للأسئلة الصعبة والملحة ودفع الطرفين وفي وجود وساطة مقبولة إلى تقديم تنازلات تفضي إلى توقيع اتفاق بإيقاف إطلاق النار وتمهيد الطريق للانخراط في خطة للسلام الشامل .

yousufeissa79@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

شاهد بالفيديو.. صاحب مجزرة تصفية المواطنين بمنطقة “صالحة” يكذب مزاعم وتصريحات الدعم السريع.. يؤكد انتمائه للمليشيا ويكشف عن نمرته العسكرية وتاريخ إنضمامه لقوات حميدتي

اعترف القائد الميداني بقوات الدعم السريع, جار النبي عبد الله, الملقب بالأسطورة بارتكابه مجزرة تصفية مواطنين بمنطقة “صالحة”, بأمد درمان.

وبحسب رصد ومتابعة محرر موقع النيلين, فقد خرج جار النبي, في بيان اعترف فيه بتصفية المواطنين, مؤكداً أن السبب في تصفيتهم هو إنتمائهم لكتائب البراء وقوات “كيكل”.

كما كذب صاحب المجزرة بيانات وتصريحات قوات الدعم السريع, التي أكدت أن المجموعة التي قامت بالعمل الإجرامي لا تنتمي إليها.

ووفقاً لما شاهد محرر موقع النيلين, فقد كذب جار النبي, تصريحات قياداته وكشف عن نمرته العسكرية وتاريخ إنضمامه للمليشيا الإرهابية.

محمد عثمان _ الخرطوم

النيلين

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. صاحب مجزرة تصفية المواطنين بمنطقة “صالحة” يكذب مزاعم وتصريحات الدعم السريع.. يؤكد انتمائه للمليشيا ويكشف عن نمرته العسكرية وتاريخ إنضمامه لقوات حميدتي
  • خطوة تاريخية: السعودية وقطر تسددان ديون سوريا للبنك الدولي وتنعشان اقتصادها
  • مصادر طبية: قوات الدعم السريع نفذت مجزرة في أم درمان
  • في بيان أصدرته “الدعم السريع” تتبرأ من مقطع فيديو تضمن جثامين مكدسة بأم درمان وتتهم كتائب البرهان بالحادثة
  • البرهان في مصر اليوم.. وملفات الحرب وإعادة الإعمار تتصدر المباحثات.. الدعم السريع يفاقم معاناة السودانيين باستهداف البنية التحتية
  • تصاعد استخدام المسيّرات في الحرب السودانية .. «قوات الدعم السريع» تواصل قصف مواقع مدنية وعسكرية
  • البرهان: واثقون بالنصر… وسنوقف هجمات المسيّرات
  • البرهان واثقون من النصر وقريباً لن تسمعوا بمسيرات تضرب المرافق المدنية
  • تصاعد حدة معارك السودان.. قتلى بهجمات «الدعم السريع» على نهر النيل
  • الدعم السريع تعلن دخول الحرب مرحلة جديدة والبرهان يتوعد بسحقها