حق العودة والأردن
تجرأ بعض الساسة الصهاينة أن يتداولوا خرائط جديدة للمنطقة لم يستثن فيها الاردن من الضم إلى الكيان الصهيوني.
تصاعد التهديد الصهيوني لحقوق اللاجئين والدولة الاردنية كذلك بعد أن أمسك اليمين الصهيوني المتطرف بزمام الأمور في دولة الاحتلال.
لم يعد هناك بصيص أمل لقيام دولة فلسطينية لا في اراضي 67 ولا على أقل من ذلك، وأصبح الحديث في دولة الكيان عن حلول في الاردن لقضية اللاجئين.
أصبح لزاما أن يراجع الاردن سياساته تجاه حق العودة، بما يتناسب مع التهديدات التي بات المشروع الصهيوني يشكلها على فلسطين والاردن والمنطقة برمتها.
مسار الهرولة إلى التطبيع من قبل بعض الدول العربية مع العدو الصهيوني؛ مما يضعف الموقف الفلسطيني والاردني من كل القضايا التي كانوا يحملونها ويدافعون عنها.
بعد سقوط الضفة كجزء من الاردن دستوريا رغم قرار فك الارتباط، تضاعفت مسؤولية الأردن تجاه حقوق اللاجئين وحقوق النازحين الاردنيين من غرب النهر الى شرقه.
* * *
منذ تأسيسه بقرار وحدة الضفتين تعهد الاردن بالدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين والعمل بكل السبل على استعادة هذه الحقوق، وقد نصت على ذلك وثيقة الوحدة، وبعد سقوط الضفة الغربية وهي جزء من الاردن ولا زالت كذلك دستوريا رغم قرار فك الارتباط، فقد تضاعفت مسؤولية الاردن تجاه هذه الحقوق، وأضيف إليها حقوق النازحين الاردنيين من غرب النهر الى شرقه.
واليوم، بعد تصاعد التهديد الصهيوني لحقوق اللاجئين والدولة الاردنية كذلك بعد أن أمسك اليمين الصهيوني المتطرف بزمام الأمور في دولة الاحتلال، ولم يعد هناك بصيص أمل لقيام دولة فلسطينية لا في اراضي 67 ولا على أقل من ذلك، وأصبح الحديث في دولة الكيان عن حلول في الاردن لقضية اللاجئين.
وعادت سيناريوهات الوطن البديل إلى الواجهة بعد ما ظن البعض أنهم دفنوها في معاهدة وادي عربة إلى غير رجعة، بل تجرأ بعض الساسة الصهاينة أن يتداولوا خرائط جديدة للمنطقة لم يستثن فيها الاردن من الضم إلى الكيان الصهيوني، أضف إلى ذلك مسار الهرولة إلى التطبيع من قبل بعض الدول العربية مع العدو الصهيوني؛ مما يضعف الموقف الفلسطيني والاردني من كل القضايا التي كانوا يحملونها ويدافعون عنها.
بعد كل هذه التحولات الخطيرة أصبح لزاما أن يراجع الاردن سياساته تجاه هذا الموضوع، بما يتناسب مع التهديدات التي بات المشروع الصهيوني يشكلها على فلسطين والاردن والمنطقة برمتها.
ولعل الخطوة الاولى التي يجب اتخاذها فورا وبدون تردد هو سحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، والمطالبة بانسحابه فورا من الاراضي التي احتلها عام 67، والاستدارة كليا باتجاه القوى المقاومة لهذا المشروع، وتحشيد الشعب وراء الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني.
وأولها حق العودة، وإقامة الدولة وتقرير المصير، وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني المرابط على أرضه والمدافع عن مقدساته، واستنفار كل القوى المناهضة لهذا المشروع عربيا وإسلاميا ودوليا.
لأن الوصفة التي يتحدث عنها الصهاينة ليست وطنا بديلا وإنما هي وصفة خراب وفتنة وتفكيك لما تبقى من المواقف التي يمكن أن تضع حدا للغطرسة والأطماع الصهيونية في المنطقة، والمطالبة برفع الحصار عن قطاع غزة الذي يمثل حائطا صلبا أمام الأحلام الصهيونية المريضة، وتشجيع قوى المجتمع المدني على القيام بدورها في التحشيد والتعبئة ضد هذه المخاطر الصهيونية قبل أن نندم ولات حين مندم.
*كاظم عايش كاتب وباحث من الأردن
المصدر | السبيلالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الأردن فلسطين الصهيونية حق العودة اللاجئين الفلسطينيين المشروع الصهيوني فی دولة
إقرأ أيضاً:
بعد القدس الدور على مكة.. قراءة في كتاب العودة إلى مكة
لا نحتاج للتعمق كثيراً في كتاب Return To Mecca للكاتب والسياسي الإسرائيلي Avi Lipkin الذي صدر باللغة الإنجليزية عام 2012، الغلاف بحد ذاته قصة، ويحتوي على صورة للحرم المكي تتوسطه الكعبة ويعلوه رمز التفليين اليهودي (رمز اليهودية).
الكتاب يدعو إلى إحلال النفوذ اليهودي محل الوجود الإسلامي في مكة والمدينة والى إعادة رسم حدود جديدة لإسرائيل انطلاقاً من مبدأ استعادة أرض بني إسرائيل (أرض الميعاد) باعتبارها جغرافيا داخلة ضمن حدود مملكة داود وجزءاً لا يتجزأ من إسرائيل الكبرى الممنوحة من الرب لبني إسرائيل كما ذكرت التوارة في سفر (يشعوبن نون) وهي الوطن التاريخيّ لليهود الذي لا تؤثر فيه الحدود السياسية القابلة للتغيير.
يقول مؤلف الكتاب: علينا غزو جزيرة العرب واحتلال الحجاز وتبوك وهدم الكعبة والتي هي أهم لنا من هدم الأقصى وبناء الهيكل ولنا الحق في إرث جدنا إبراهيم.
قد يُصاب البعض بالذهول؛ ما أكتبه ليس من نسج الخيال، فما نخاف منه هو ان نجد أنفسنا أمام تهديد عام موجود في كل مكان بعد ان أصبحت غالبية الأنظمة العربية في حضن إسرائيل، فما كان صعباً بات الآن ممكناً ولا استحالة لأي شيء، خصوصاً بعد ما تشابكت الجغرافيا مع السياسة بفضل مواقف الكثير من العرب الذين يتسابقون فيما بينهم لإثبات ولائهم لإسرائيل بطرق عدة.
الليالي من الزمان حُبلى تَلِدنَ كل عجيب وتستحق المراقبة وسط خنوع عربي لم يشهده التاريخ إلا في زمن البرابرة والتتار، وكل عربي يشاهد بأم عينيه سقوط أحجار وطنه العربي ويرى تصدع جدرانه الآيلة للسقوط.
بشكل عام، يعيش العالم العربي هذه الأيام نشاطاً واسعاً في سوق بيع الأوطان وينتقل من كارثة إلى أخرى كأنه خارج مزارع الموز، ولا نعلم من هي الدولة العربية التي تلي سوريا على أجندة المشروع الصهيوني!
إذعان واستسلام، أمة عربية منقسمة داخلياً ومهزومة نفسياً، وتحوُّلٌ سياسي عربي يمكن ان نطلق عليه عصر الرِّدة العربية ومخاضات ستنتهي بظهور مولود جديد ستتغير معه تركيبة المنطقة وشكلها.
موالاة إسرائيل أصبحَ يتم الجهر بها علناً واللعب بات على المكشوف ومن بابه الواسع، ومطالبة إسرائيل بخيبر ومناطق قينُقاع وبني النضير وبني قُريظة ليست نكتة، وهذا ما نبّه له مُبكراً المفكر العربي (عبدالوهاب المسيري) في منتصف سبعينات القرن الماضي حين قال: قد نصل إلى مرحلة يصبح فيها الإنسان العربي صهيونياً وظيفياً يؤدي الوظائف نفسها التي يؤديها الصهيوني الأصلي.
بالتأكيد الطريق إلى مكة بات مفتوحاً أمام إسرائيل وكتاب العودة إلى مكة يمثّل تطوراً لافتاً للأحلام الإسرائيلية في استعادة أرض الميعاد التي تحدثت عنها نصوص التوراة كما يقولون.
من منكم يتذكر العبارات التي قالتها رئيسة وزراء إسرائيل بعد هزيمة العرب عام 1967: إني أشم رائحة بلادي في الحجاز وهي وطني الذي على أن أستعيده. وبعدها بسنوات طويلة جاء نتنياهو في كتابه (مكان تحت الشمس) وقال: طموحنا السياسي والجغرافي لا حدود له وحدود دولتنا ليست فلسطين بل تمتد إلى الأردن وحتى خيبر في السعودية والى حيث توجد دباباتنا وأقدام جنودنا.
أضحكني فيديو تم نشره قبل حوالي أربع سنوات تقريباً للإعلامي الإسرائيلي (إيدي كوهين) الذي تحدى فيه الحكام العرب جميعاً في أن يتجرأ أحد منهم على سحب سفرائهم من واشنطن اعتراضاً على قرار الرئيس الأمريكي ترامب وقتها بنقل سفارة أمريكا إلى القدس والمضحك فيما قاله إنه سيعلن إسلامه إن حدث ذلك.
دعوني أعود إلى سؤال قديم: ما الفرق بين رؤية الرئيس القذافي قبل ثلاثين عاما ورؤية كل حكام العرب؟ وإذا كان القذافي مجنوناً -كما يقولون- فمن العاقل فينا ومن المجنون؟
الكارثة قادمة والحديث هنا بلا حرج، ولا نملك من أمرنا شيئاً! والمطلوب أن نُجيب على سؤال قديم لنزار قباني: متى يعلنون وفاة العرب؟ الجواب: الآن حان وفاة العرب.
فهل يفطن من يهمهم الأمر خطورة المنزلق؟
كاتب اردني