مسار التكيف الإسرائيلي مع المقاومة والمسار العربي المضاد
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
مسار التكيف الإسرائيلي مع المقاومة والمسار العربي المضاد للمقاومة
ما هي الإمكانات الكامنة للمقاومة في الضفة والقطاع؛ وقدرتها على فرض المزيد من شروطها في الأشهر والسنوات القليلة المقبلة؟
الاحتلال الذي يهزم في الميدان امام الفلسطينيين يواصل تحقيق انتصاراته وفتوحاته في الميادين الدبلوماسية والاقتصادية في الاقليم والعالم العربي.
التكيف الإسرائيلي مع المقاومة تعني عجزا أمام المقاومة الفلسطينية المسلحة لا يختلف عن العجز أمام المقاومة اللبنانية التي ثبتت معادلة ردع واضحة.
هل تراجع دول الجوار والإقليم العربي سياساتها واستراتيجياتها في التعامل مع الاحتلال؛ ومسار تكيفها السلبي؛ والمعاكس للحقائق على الارض الفلسطينية؟
استهداف مستوطنة "عسهئيل" جنوب الخليل برشقات أسلحة رشاشة نقلة نوعية للمقاومة بالضفة الغربية تزامنت مع انعقاد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر.
* * *
التكيف يطرح في السياق الايجابي عادة الا انه في الحال الاسرائيلية تكيف اتخذ اتجاها سلبيا؛ عكسه ضغط المؤسسة الامنية والعسكرية الاسرائيلية على الطبقة السياسية الحاكمة في الحكومة المصغرة التي انعقدت يوم امس الاحد برئاسة بنيامين نتنياهو لتخفيف القيود عن قطاع غزة والضفة الغربية.
حكومة نتنياهو والمؤسسة العسكرية والامنية وعلى رأسها الجيش ممثلاً برئيس الاركان هيرتسي هيلفي ووزير الدفاع يؤاف غالانت ورئيس الشاباك رونين بار تعرضت لانتقادات لاذعة من الصحافة الاسرائيلية بعد خضوعهم لشروط المقاومة في قطاع غزة والضفة الغربية والحركة الاسيرة في السجون.
حكومة نتنياهو مكرهة فتحت معبر بيت حانون (ايرتز) بين قطاع غزة والاراضي المحتلة عام 48، وخففت القيود عن معبر كرم ابو سالم مع مصر؛ وزادت في الآن ذاته عدد تصاريح العمل الممنوحة للفلسطينيين في القطاع للتتجاوز العشرين الف تصريح، وهي إجراءات سبقها تجميد قرارات ايتمار بن غفير وزير الامن القومي بفرض مزيد من القيود على الاسرى الفلسطينيين بتأثير من حراك الاسرى والفلسطينيين.
الأهم من ذلك كله السماح بإدخال اموال المنحة القطرية لدفع رواتب الموظفين وتوفير الإعانات والمساعدات للاسر الفقيرة في القطاع.
التكيف الاسرائيلي والخضوع لضغوط المقاومة لم يقتصرعلى قطاع غزة؛ فخشية الاحتلال من انهيار السلطة في رام الله وتآكل المزيد من مكانتها ونفوذها، في مقابل صعود المقاومة وهياكلها في الضفة الغربية دفعتها لتخفيف القيود المالية على السلطة بخفض الضرائب (الإتاوات) التي يفرضها الاحتلال على الوقود وزيادة تحويلات اموال الضرائب التي عطلتها بحجة دفع السلطة رواتب الاسرى الفلسطينيين، وهو تراجع ما كان له ان يتحقق لولا صعود المقاومة المسلحة في الضفة الغربية.
التكيف الاسرائيلي لم يقابله تقديم المقاومة تنازلات في الضفة الغربية او قطاع عزة؛ فالنشاط العسكري والتسليح في القطاع لا زال على قدم وساق؛ في حين تواصلت العمليات الفدائية في الضفة الغربية لتبلغ محافظة الخليل يوم امس الاحد باستهداف مستوطنة "عسهئيل" جنوبي مدينة الخليل برشقات من الاسلحة الرشاشة؛ وهي نقلة نوعية للمقاومة في الضفة الغربية تزامنت مع انعقاد المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر الذي تزعمه نتنياهو.
عمليات إطلاق النار، وتفجير العبوات الناسفة لم تنحسر في الضفة؛ اذ سجل إلقاء أربع زجاجات حارقة، إلى جانب اندلاع مواجهات في 14 نقطة بالضفة، خلال 24 ساعة الماضية، وهو ما دفع الاعلام العبري لانتقاد الحكومة الائتلافية التي سوقت انتصاراتها في مجال التطبيع والخروقات التي حققها وزراء إسرائيليون بالمشاركة في مؤتمرات عقدت في العاصمة السعودية الرياض خلال الايام القليلة الماضية باعتبارها انتصارات وفتوحاً صهيونية لمزيد من العواصم والحصون العربية.
اتخذ التكيف الاسرائيلي مسارا سلبيا بخضوعه للواقع المستجد الذي فرضته المقاومة الفلسطينية المسلحة، والواقع المتغير في الضفة الغربية وقطاع غزة، فالتكيف مسار سلبي عكسه عجز الاحتلال عن قمع المقاومة وخضوعه لشروطها في قطاع غزة والضفة الغربية وفي السجون عبر الحركة الاسيرة.
ختاماً..
التكيف الإسرائيلي مع المقاومة ومحاولة التعايش معها كحقيقة وأمر واقع على الارض ظاهرة تحتاج لتقييم؛ فهي تعني عجزا اسرائيلي كبيرا امام المقاومة الفلسطينية المسلحة لا يختلف من حيث الجوهر عن العجز امام المقاومة اللبنانية التي تمكنت من خلق معادلة ردع واضحة؛ ما يفتح الباب لتساؤلات:
أولاً: حول الامكانات الكامنة للمقاومة في الضفة والقطاع؛ وقدرة المقاومة على فرض المزيد من شروطها في الأشهر والسنوات القليلة المقبلة.
وثانيها: يطرح على دول الجوار والاقليم العربي، لمراجعة سياساتها وإستراتيجياتها في التعامل مع الاحتلال؛ ومسار تكيفها السلبي؛ والمعاكس للحقائق على الارض الفلسطينية، فالاحتلال الذي يهزم في الميدان امام الفلسطينيين يواصل تحقيق انتصاراته وفتوحاته في الميادين الدبلوماسية والاقتصادية في الاقليم والعالم العربي.
*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي
المصدر | السبيلالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين المقاومة إسرائيل لبنان فی الضفة الغربیة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
عمرو خليل: إسرائيل تشعل الأوضاع في الضفة الغربية لإرضاء اليمين المتطرف
قال الإعلامي عمرو خليل، إنّ الاحتلال الإسرائيلي يواصل جرائمه في مناطق متفرقة في الضفة الغربية تشمل جنين وطولكرم ونابلس وغيرها، بفعل رغبة الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو في فتح ساحة جديدة للصراع في المنطقة، مواصلا: "ويشن الجيش الإسرائيلي هجوما واسعا في شمال الضفة الغربية منذ 21 يناير الماضي، أطلق عليه اسم عملية الجدار الحديدي، وسط حملة واسعة من القتل والاعتقالات للأطفال والنساء".
وأضاف خليل، مقدم برنامج "من مصر"، عبر قناة "القاهرة الإخبارية": "وتستهدف العمليات الإسرائيلية مخيمات اللاجئين تحديدا في الضفة الغربية، حيث تم إجلاء نحو 40 ألف فلسطيني من 3 مخيمات وأصبحت الآن خالية تماما من السكان، ووفقا لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، من المقرر أن يبقى جيش الاحتلال لفترة طويلة في هذه المخيمات و"لن يتم السماح لسكان المخيمات بالعودة إليها".
وتابع: "أما الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد أعلن أن عدد شهداء الضفة الغربية منذ أحداث السابع من أكتوبر وصل إلى ما يقرب من ألف شهيد بينهم 180 طفلًا على الأقل، هذا بخلاف اعتقال مئات الفلسطينيين المدنيين، وبهتافات: "إما أن ترحلوا أو نحرقكم".. يواصل المستوطنون الإسرائيليون الاعتداء على ممتلكات الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث ينظم عشرات المستوطنين هجمات متواصلة على قرى مختلفة بهدف ترويع الفلسطينيين المدنيين".
وأردف: "من جانبها قالت منظمة الصحة العالمية إنها وثقت 54 اعتداءً على المرافق الصحية في الضفة الغربية منذ يناير الماضي؛ ما أسفر عن استشهاد 4 فلسطينيين وإصابة 9 آخرين، ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فقد تزايدات الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون بحق الفلسطينيين، بنسبة 30% خلال العام الحالي، حيث تم توثيق نحو 139 اعتداء، وسط توقعات بأن تتجاوز الاعتداءات حاجز 800 حالة بحلول نهاية العام إذا استمرت على هذا النسق".
وأكمل: "فيما وصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الأوضاع في الضفة الغربية بـ"البرميل المتفجر"، حيث حذرت من خطورة العمليات العسكرية في شمال الضفة الغربية، خاصة مع تزايد حوادث إطلاق النار وعمليات التفجير التي كان آخرها واقعة تفجير الحافلات في مدينتي بات يام وحولون، جنوب تل أبيب خلال شهر فبراير الماضي".
وأوضح: "في ظل هذه التطورات المتسارعة، عبَّرت جهات دولية، من بينها الأمم المتحدة وحكومات أوروبية مثل فرنسا وألمانيا، عن قلقها المتزايد وإدانتها لتصاعد العمليات العسكرية والاعتداءات في الضفة الغربية، داعية إلى ضبط النفس وتجنب مزيد من التدهور في الأوضاع الأمنية".
إسرائيل تشعل الأوضاعوأتم: "بلا سبب وبلا أهداف سوى إرضاء مخططات اليمين المتطرف.. إسرائيل تشعل الأوضاع في الضفة الغربية، وسط جرائم وانتهاكات لكل الاتفاقات والمواثيق الدولية".