كيف يتحول سقف منزلك لأداة في مواجهة تغير المناخ؟
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
على عكس المناطق الريفية المحيطة، فإن الأنشطة البشرية في المدن، والأرصفة الخرسانية، والشوارع الأسفلتية السوداء، وحركة المرور، والمباني من الطوب والفولاذ تسهم في الاحتفاظ بالحرارة أو زيادتها في ظاهرة تسمى "تأثير الجزيرة الحرارية الحضرية".
ومع ارتفاع درجات الحرارة بشكل متزايد خلال أشهر الصيف، يكون تكييف الهواء هو الحل الذي يلجأ إليه سكان المدن أو إن أردت الدقة سكان "الجزر الحرارية الحضرية"، وهو ما يزيد من استهلاك الطاقة، وما يترتب على ذلك من تفاقم مشكلة تغيرات المناخ.
فهل هناك حلول يمكن لسكان المدن تطبيقها، بحيث يمكنها التقليل من استهلاك تكييف الهواء، ومن ثم المساهمة في الحد من ظاهرة تغير المناخ؟ الإجابة قدمها باحثون أميركيون -في دراسة نشرتها دورية "ساينس أوف ذا توتال إنفيرومينت"- وتكمن في شيء تمتلكه جميع المباني بالفعل، وهو "السقف"، إذ يمكن لبعض مواد التسقيف المساعدة في تبريد الهواء الخارجي المحيط وتقليل الحاجة إلى تكييف الهواء.
3 أنواع من الأسقفوخلال الدراسة، قام الباحثون، من مختبر "أرغون" الوطني التابع لوزارة الطاقة الأميركية، بفحص 3 أنواع مختلفة من إستراتيجيات التسقيف وتأثيرها على درجة الحرارة القريبة من السطح والطلب على طاقة التبريد، وهي الأسقف الباردة والخضراء والألواح الشمسية.
ويقول هاوتشين تان من قسم العلوم البيئية بمختبر أرغون الوطني والباحث الرئيسي بالدراسة، في تصريحات عبر البريد الإلكتروني للجزيرة نت، إن "الأسقف الباردة يتم تصميمها لتعكس مزيدا من ضوء الشمس، إذ تمتص حرارة أقل من السقف القياسي، ويتم تحقيق ذلك باستخدام طلاء عاكس، أو غطاء من الألواح، أو بلاط أو ألواح عاكسة، في حين يتكون سقف الألواح الشمسية من وحدات أو بلاطات كهروضوئية تعمل على تحويل ضوء الشمس مباشرة إلى كهرباء، أما الأسقف الخضراء، فهي المغطاة جزئيا أو كليا بنباتات تزرع في غشاء لمنع تسرب المياه".
وصمم الباحثون نموذجا مناخيا إقليميا يحاكي هذه الأنواع الثلاثة، بالتطبيق على منطقة مترو شيكاغو، وتم اختيار تشغيل هذا النموذج خلال موجة حر شديدة، بدلا من متوسط درجات الحرارة في الصيف، حتى يمكن تحقيق أقصى قدر من الفوائد المحتملة.
ووجد الباحثون أن الأنواع الثلاثة من الأسطح خفضت درجة الحرارة القريبة من السطح والطلب على استهلاك مكيف الهواء خلال ساعات النهار، عندما تكون درجة حرارة الهواء في أعلى مستوياتها.
وخفضت الأسطح الباردة درجة الحرارة القريبة من السطح بمقدار 1.5 درجة مئوية، تليها 1.2 درجة للأسطح الخضراء و0.6 درجة لأسطح الألواح الشمسية في جميع أنحاء منطقة شيكاغو.
ونظرا لأن جميع إستراتيجيات التسقيف توفر تأثيرات تبريد، فإنها تقلل من استهلاك مكيف الهواء، وتعمل الأسطح الباردة على تقليل استهلاك طاقة التيار المتردد بشكل أكبر، تليها الأسطح الخضراء وأسطح الألواح الشمسية، وقد تبين أن الطلب على الطاقة انخفض بنسبة 16.6%، و14.0%، و7.6%، عند نشر الأسطح الباردة، والأسطح الخضراء، وأسطح الألواح الشمسية، على التوالي.
ويقول تان "وفقا للنتائج، فإن الأسطح الباردة، هي الأفضل في تقليل تأثير الجزيرة الحرارية الحضرية في منطقة شيكاغو، ومن خلال تقليل هذا التأثير، يكون استهلاك الكهرباء في تجربة الأسطح الباردة هو الأقل مقارنة بتجارب الأسطح الخضراء وأسطح الألواح الشمسية، ومع ذلك، يمكن لأسطح الألواح الشمسية إنتاج الكهرباء، وبالتالي إذا فكرنا فقط في تقليل استهلاك الكهرباء في تكييف الهواء، فقد تكون أسطح الألواح الشمسية خيارا أفضل مقارنة بالأسطح الباردة، ومع ذلك، فإن هذه التجارب تعتمد بشكل كبير على المنطقة، فإذا أراد شخص ما إجراء التجارب، فقد تختلف الاستنتاجات".
وعن التكلفة، يوضح تان أن "الأسطح الباردة هي الأقل تكلفة ولا تحتاج إلى الماء مثل الأسطح الخضراء، ومع ذلك، فإن أداء الأسطح الباردة يمكن أن يكون مضللا لأن بياض السقف يمكن أن ينخفض بمرور الوقت بسبب العوامل الجوية وتراكم الأوساخ على السطح، في حين تزيد الأسطح الخضراء من استخدام المياه، ولكنها يمكن أن تضيف كمية كبيرة من الغطاء النباتي إلى البيئة الحضرية، وهذا له عديد من الفوائد المشتركة المحتملة، التي يمكنها تقليل الملوثات من خلال الترسيب الجاف وامتصاص الملوثات الغازية، ومع ذلك، ومن منظور تخفيف الحرارة فقط، ينبغي لنا أيضا أن نأخذ في الاعتبار تأثيرات الاحترار التي تحدثها هذه الأسطح ليلا فوق المناطق الحضرية".
ومن جانبه، يقول تيرثانكار تشاكرابورتي، من قسم علوم الغلاف الجوي والتغير العالمي بالمختبر الوطني لشمال غرب المحيط الهادي في ريتشلاند بواشنطن، والباحث المشارك بالدراسة، إنه "انطلاقا من النتائج التي توصلوا إليها، فإنه إذا كان الهدف فقط تقليل مؤشر الحرارة (الإجهاد الحراري الرطب)، فإن الأسطح الباردة تتمتع بكفاءة تبريد أفضل من الأسطح الخضراء، لكن لا يمكنها توليد أي كهرباء (وهو ما تستطيعه أسطح الألواح الشمسية)".
ومع ذلك، يشدد تشاكرابورتي على ما أشار إليه تان من ضرورة مراعاة ظروف المنطقة، قائلا في تصريحات للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني: "في قطر مثلا، لا أقترح الأسطح الخضراء على الإطلاق، ورغم أنني أتوقع أن تستمر الألواح الشمسية في إنتاج كثير من الكهرباء هناك، فإن أداء الأسطح الباردة قد يكون الأفضل لتقليل مخاطر الحرارة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الألواح الشمسیة تکییف الهواء
إقرأ أيضاً:
تغير ألوان البحيرات في العالم.. اضطراب كبير بالنظام البيئي
على مدار الأربعين عاما الماضية، تغير لون غالبية بحيرات العالم، وفقًا لدراسة جديدة، حللت الدراسة 32 مليون صورة التقطتها الأقمار الصناعية لأكثر من 67 ألف بحيرة، ويُعتقد أن التغيرات الكبيرة في النظم البيئية للبحيرات هي السبب.
البحيرات مكونات أساسية للنظام البيئي للأرض، فهي توفر موائل للأنواع المائية والبرية، وتدعم التنوع البيولوجي، وتساعد في الحفاظ على التوازن البيئي، كما أنها ضرورية لتوفير مياه الشرب، ودعم الزراعة، والتأثير على المناخ من خلال تأثيرها على درجة الحرارة والرطوبة والعمليات الجوية.
يعد لون البحيرات مؤشرا مهما على صحتها، إذ تكشف درجاتها المختلفة عن الحالة البيئية للبحيرات والعمليات الفيزيائية والكيميائية الجارية فيها.
في دراسة نشرت بمجلة Water Resources Research، قام فريق من الباحثين بتحليل 32 مليون صورة التقطتها الأقمار الصناعية لأكثر من 67 ألف بحيرة من عام 1984 فصاعدا.
بعد مقارنة بيانات المناخ والسكان، وجد الباحثون أن 14% فقط من البحيرات المدروسة حافظت على ثبات ألوانها مع مرور الوقت.
اضطراب كبير في النظام البيئي
ويشير تغير ألوان العديد من البحيرات إلى اضطراب كبير في النظام البيئي ناجم عن تغيرات في جودة المياه، وتركيزات الطحالب، وتدفق المواد العضوية المذابة، وعوامل أخرى مساهمة.
ووفقًا لتشنج دوان، الباحث في الجغرافيا الطبيعية بجامعة لوند: “تُظهر نتائجنا وجود علاقة قوية بين تغيرات ألوان البحيرات وتغير المناخ والتأثير البشري، وقد اكتشفنا أن 60% من البحيرات شهدت تغيرات ملحوظة في ألوانها”.
ألوان البحيرات تختلف باختلاف موقعها
تختلف ألوان البحيرات باختلاف موقعها، تتواجد البحيرات الزرقاء بشكل رئيسي في المناطق الواقعة على خطوط العرض الشمالية، بينما تكثر البحيرات الخضراء في المناطق المكتظة بالسكان الواقعة على خطوط العرض الوسطى، مثل جنوب أوروبا، أما البحيرات المائلة إلى الحمرة والأصفر فتتواجد بشكل رئيسي في نصف الكرة الجنوبي.
في الدراسة وجد الباحثون أن معظم البحيرات قد تحولت نحو أطوال موجية أقصر (نحو الأزرق) على مدى الأربعين عامًا الماضية.
وتشير البحيرة ذات اللون الأزرق عمومًا إلى مياه أكثر صفاءً، وقد تعكس حالة بيئية أكثر صحة، مع أن هذا يختلف باختلاف الخصائص الطبيعية للبحيرة ومحيطها.
ومع ذلك، فإن التغيرات الكبيرة في لون البحيرة قد تشير إلى اضطرابات بيئية، مثل زيادة الأحمال الغذائية أو عوامل أخرى تؤثر على الخصائص الفيزيائية والكيميائية الحيوية لمياه البحيرة. وكانت الاختلافات بين المناطق ملحوظة.
يقول دوان: “أظهرت البحيرات في مناطق خطوط العرض العليا، مثل أمريكا الشمالية وشمال أوروبا، تغيرًا أكثر وضوحًا في اللون مقارنةً بتلك الموجودة عند خط الاستواء وفي نصف الكرة الجنوبي، لا نعرف سبب ذلك تحديدًا، يشير هذا التباين الإقليمي إلى أن تغير المناخ والنشاط البشري يؤثران على النظم البيئية بطرق معقدة ومحلية.
رسم خرائط عالمية لألوان البحيرات
من خلال رسم خرائط عالمية لألوان البحيرات، تُسلّط الدراسة الجديدة الضوء على كيفية تأثير تغيّر المناخ والنشاط البشري على النظم البيئية للبحيرات، مما يُؤثّر بشكل كبير على إنتاج الغذاء وإمدادات المياه والترفيه، إن فهم هذه التغييرات يُساعد المجتمعات وصانعي السياسات على اتخاذ قرارات مدروسة بشأن إدارة موارد المياه والحفاظ عليها وحماية البيئة.
وعلاوة على ذلك، تظهر الدراسة كيف يمكن للاستشعار عن بعد المستند إلى الأقمار الصناعية أن يكون أداة قابلة للتطوير وفعالة من حيث التكلفة لرصد التغير البيئي بمرور الوقت، وهو أمر بالغ الأهمية للتنمية المستدامة في عالم سريع التغير.
ويقول دوان: “إن النهج القائم على الاستشعار عن بعد يقدم حلاً لمراقبة جودة المياه والاستقرار البيئي على المدى الطويل، ما يسمح بالتدخل المبكر”.