الخليج الجديد:
2024-11-24@00:32:11 GMT

الانقلابات العسكرية المهذّبة

تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT

الانقلابات العسكرية المهذّبة

الانقلابات العسكرية المهذّبة

لماذا لا تحتقر الانقلابات العسكرية المهذّبة الأفريقية شعوبها، وتعتبر المعارضين منهم مجموعاتٍ من العملاء والأعداء، أو قطاعات من المغيّبين والمخدّرين؟

الملاحظة الجديرة بالتوقف أن الانقلابات الأفريقية تقع دون إراقة دماء الشعوب، ودون تحريض مكونات المجتمع على بعضها، وصولًا لارتكاب مذابح ومجازر.

الانقلابات ضد سلطات مدنية منتخبة، تؤدّي إلى تأخّر التطور الاجتماعي، وتقضي على فرص النمو الاقتصادي والسياسي، وتدخل البلاد في حالة من التخبّط المديد.

أسوأ ما يرمي به العسكر شعبًا تحت سلطتهم أنه لا يثور أو ينتفض إلا إذا توفّرت له جرعات مخدّرات ومبالغ مالية للانسياق وراء دعواتٍ، يراها المستبدّون تخريبًا وهدمًا للأوطان.

"كان يمكن أن تخرج فرنسا من البلاد ببساطة بعد الانقلاب، ثم تعود لاحقا لتتفاوض، لكن لماذا رفضت فرنسا الاعتراف بسلطة انقلاب النيجر وقبلته في الغابون وتشاد، هذا هو ما يثير غضبنا لأنها تتعامل معنا كحمقى".

* * *

في النيجر، رحلت فرنسا وبقي الانقلاب العسكري واقعًا يفرض نفسه على الجميع، بل ويجد له أخًا وحليفًا في الغابون التي شهدت انقلابًا مماثلًا في غمرة انشغال العالم بما حدث في النيجر.

كتبتُ مبكّرًا إن حضور باريس إلى المشهد في النيجر معتبرة نفسها الوصية على شعوب غرب أفريقيا يعني دعمًا هائلًا لفرص الانقلاب في البقاء والتمدّد، حتى وإن كانت تتبنّى خطابًا عنيفًا في رفضها السلطة العسكرية الانقلابية، وتحشد دول القارّة السمراء لإعلان التدخل عسكريًا ضد العسكرة.

تعلن فرنسا، الآن، الجلاء عن النيجر، عسكريًا ودبلوماسيًا، تاركة خلفها أسئلة عديدة ليس أهمها ما تحدّث به مواطن من النيجر للإذاعة البريطانية:

"كان من الممكن أن تخرج فرنسا من البلاد ببساطة بعد الانقلاب، ثم تعود لاحقا لتتفاوض، لكن لماذا رفضت فرنسا الاعتراف بسلطة الانقلاب عندنا وقبلته في الغابون وتشاد في السابق، هذا هو ما يثير غضبنا عليها، لأنها تتعامل معنا كأننا حمقى".

الملاحظة الجديرة بالتوقف في انقلابي النيجر والغابون، وقبلهما تشاد، أن الانقلابات الأفريقية في غالبيتها تقع من دون إراقة دماء الشعوب، ومن دون استدعاء استثمار في تحريض مكونات المجتمع على بعضها، وصولًا إلى ارتكاب مذابح ومجازر.

تقول أرقام شبه موثقة إن أكثر من مائتي انقلاب عسكري وقعت في دول أفريقيا خلال 60 عامًا مضت، من بينها مائة انقلاب في حقبتي الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، لكنها لم تحوّل البلاد إلى بحور دماء وغابات كراهية مجتمعية، على العكس مما جرى في مناطق أخرى من القارّة ارتبط فيها الانقلاب العسكري بمذابح وجرائم ضد الإنسانية، عبأت هواء المجتمعات برائحة الدم.

هل يعني ذلك أن قادة هذه الانقلابات مصلحون اجتماعيون ووطنيون ومتحضّرون، أو أن الانقلابات مقبولة، ما دامت الدماء الغزيرة لا تسيل معها؟

بالطبع لا، فالانقلابات، خصوصًا تلك التي تحدُث ضد سلطات مدنية منتخبة، تؤدّي إلى تأخّر التطور الاجتماعي، وتقضي على فرص النمو الاقتصادي والسياسي، وتدخل البلاد في حالة من التخبّط تمتد سنوات، رغم ما تروّجه السلطة الانقلابية من شعاراتٍ عن السيادة واستقلال القرار الوطني، والذي يكون في الغالب استقلالًا عن جهات نفوذٍ خارجية، لاستدعاء نافذين آخرين، يحضرون بوصفهم داعمين اقتصاديًا وماليًا.

على أن ذلك كله لا يمنع من التأمل في حالة هذه الانقلابات التي تولد وتعيش ويستتب لها الأمر، من دون أن يُراق على جوانبها الدم، ومن دون أن ترى في الجماهير الرافضة لها أعداءً وتهديدًا وجوديًا، وبالتالي لا بد من استئصالها.

بمعنى آخر، لماذا لا تحتقر الانقلابات العسكرية (المهذّبة) الأفريقية شعوبها، وتعتبر المعارضين منهم مجموعاتٍ من العملاء والأعداء، أو قطاعات من المغيّبين والمخدّرين؟

إن أسوأ ما يمكن أن يرمي به حاكم عسكري شعبًا واقعًا تحت سلطته أنه لا يثور أو ينتفض إلا إذا ما وفّر له شخصٌ أو جهة ما جرعات مخدّرات ومبالغ مالية يسيل لعابه عليها ويصبح جاهزًا للانسياق وراء دعواتٍ، يراها المستبدّون تخريبًا وهدمًا للأوطان.

ليست مثل هذه النظرة إلى الشعوب فقط احتقارًا لها وتشويهًا لثورتها على الظلم والقمع والفساد، بل إنها أيضًا تحمل تحريضًا واستباحة لدماء كل من يفكّر في الاحتجاج والغضب، ويسعى إلى التغيير، من خلال التأسيس لحالة من الاحتراب المجتمعي، بغرض قسمة الشعب إلى شعبين يتبادلان الكراهية ونوازع الإقصاء والمحو: شعب محقون بجرعاتٍ مدمّرةٍ من أوهام الوطنية الفاسدة، وشعب آخر يؤمن بالثورة، ويعتنق حلم التغيير والخلاص من كابوس الفشل والاستبداد.

وتلك، بالضبط، هي الوصفة السحرية لصناعة مذبحةٍ جماعيةٍ تحت مزاعم حبّ الوطن والدفاع عن استقلاله.

*وائل قنديل كاتب صحفي مصري

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: انقلاب أفريقيا مذبحة جماعية جرائم ضد الإنسانية النمو الاقتصادي الانقلابات الأفريقية الانقلابات العسکریة انقلاب ا من دون

إقرأ أيضاً:

بجوائز 250 ألف جنيه.. اليوم ختام بطولة بداية على هامش البطولة الأفريقية للشطرنج

تختتم اليوم الجمعة منافسات بطولة «بداية» المقامة ضمن فعاليات مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان المصري» بمشاركة لاعبين من 5 دول والمقامة على مجمع صالات الدكتور حسن مصطفى بمدينة السادس من أكتوبر خلال الفترة من 16 إلى 22 نوفمبر الجاري بإجمالي جوائز 250 ألف جنيه.

ختام بطولة بداية على هامش البطولة الأفريقية للشطرنج

وتقام بطولة بداية على هامش البطولة الأفريقية للشباب للشطرنج، تحت رعاية وزارة الشباب والرياضة بقيادة الدكتور أشرف صبحي التي اتاحت الفرصة لمشاركة عدد كبير من اللاعبين المصريين الواعدين، حيث تشهد منافسات 150 لاعب من دول أنجولا، اليمن، الأردن وأوغندا بجانب مصر الدولة المستضيفة للبطولة.

وقال أحمد عدلي، رئيس اللجنة المؤقتة لإدارة الاتحاد المصري للشطرنج، إن بطولة بداية في نسختها الأولى أستقطبت العديد من أبطال 5 دول الذين حرصوا على المشاركة في هذه البطولة الوليدة حيث أنها أثبتت نجاحًا كبيرًا في تعزيز التفاعل بين اللاعبين المحليين والدوليين من خلال احتكاك اللاعبين المحليين بالاجواء الدولية والتعارف مع أبطال القارة من سن الشباب.

وأكد عدلي، أن مثل هذه البطولات فرصة قوية ضمن المراحل الإعداد والتجهيز للاعبين المصريين من مختلف المراحل السنية تمهيدا للمشاركة في البطولات الرسمية على المستوى القاري والدولي، مؤكدا أن اللاعبين المصريين ظهروا بشكل مشرف خلال المنافسات.

عاجل.. طبيب محمد طارق يكشف آخر تطورات حالته الصحية عمار معاذ: محمد عواد كان الأحق بحراسة مرمى الفراعنة ضد بوتسوانا

وشهدت الجولة الخامسة مباراة ممتعة بين كل من الاستاذ الدولي محمد عزت مع الاستاذ الدولي حسن سيد بركات التي انتهت بالتعادل كما تشهد الجولة السادسة مبارة بداية التي تحمل الطابع الدولي حيث يواجه الأوغندي ديفيد سيلفا وهو مدرب المنتخب الانجولي المشارك في بطولة إفريقيا وقرر خوض تجربة اللعب ضمن بطولة بداية وقرر التسجيل في اخر لحظة حيث يواجه اللاعب المصري ذو الخبرة الطويلة في عالم الشطرنج الدولي والمحلي الأستاذ الدولي محمد عزت.

وفي الإطار ذاته فقد شهدت البطولة الأفريقية للشطرنج تحت 20 سنة تفوقا مصريا وجولات مثيرة خلال المنافسات المستمرة حتى يوم السبت المقبل بمشاركة 44 لاعبا ولاعبة من 13 دولة إفريقية إلى جانب 150 لاعبا ولاعبة في البطولة المفتوحة على مجمع صالات الدكتور حسن مصطفى بمدينة السادس من أكتوبر.

وتقام البطولة تحت رعاية الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة وينظمها الاتحاد المصري للشطرنج برئاسة أحمد عدلي رئيس اللجنة المؤقتة لإدارة الاتحاد المصري للشطرنج.

مقالات مشابهة

  • مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية يشارك في سوق الفيلم القصير
  • عمليات تجريف حوثية: تعيينات غير قانونية بالجملة تضرب هيكل الأمن في مناطق الانقلاب
  • الاتحاد الأوروبي يستدعي سفيره لدى النيجر
  • معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه العسكر
  • شيماء عبد الناصر تحقق 3 ميداليات ذهبية بالبطولة الأفريقية لرفع الأثقال بنيروبي
  • بجوائز 250 ألف جنيه.. اليوم ختام بطولة بداية على هامش البطولة الأفريقية للشطرنج
  • الشرطة البرازيلية توجه أتهامات للرئيس السابق بولسونارو ومساعديه بمحاولة الانقلاب المزعومة في عام 2022
  • مصر تنفرد بالصدارة في البطولة الأفريقية للشطرنج
  • إشادة سنغالية بتنظيم مصر للبطولة الأفريقية للشطرنج: سعداء بالمشاركة
  • السودان ثانيًا.. ليبيا تحتل المرتبة الأولى من صادرات مصر إلى الدول الأفريقية