موقع 24:
2025-02-01@03:51:30 GMT

هل الاعتذار يكفي؟

تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT

هل الاعتذار يكفي؟

بمناسبة مرور 20 سنة على غزو القوات الأمريكية للعراق، الذى كان أحد تداعياته ارتكاب فظائع فى سجن «أبو غريب» بحق مسجونين عراقيين، نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية تقريرًا ذكّرت فيه الناس باعتذار الرئيس الأمريكى آنذاك، جورج بوش الابن، عن تلك الممارسات التى اتبعها جنوده فى السجن.

وذكّرت الصحيفة الناس أيضًا بتقرير «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، التى أوضحت أن ضباطًا فى المخابرات العسكرية الأمريكية قدروا أن نسبةً تتراوح بين 70 إلى 90% من الرجال والنساء والأطفال الذين اعتقلهم الجيش الأمريكى فى العراق سنة 2003، أخذوا عن طريق الخطأ!.



وأعاد التقرير إلى الأذهان كذلك صورًا بالغة الصعوبة، ولو كانت فى زمن «السوشيال ميديا» لأحدثت ضجة أكثر من ذلك آلاف المرات، أذكر منها مثلًا صورة السجين العراقى الذى تعرض لأشد أنواع التعذيب على يد جنود أمريكيين، بتوصيل جسده بأسلاك الكهرباء، وهو معصوب العينين، وصور أخرى لتكديس أكثر من سجين وتقديمهم عراة من قبل الجنود الأمريكيين.
تلك الصور وغيرها مما تسرب من معتقل «جوانتنامو» فى كوبا، هى إرث إدارات أمريكية متعاقبة، أظهرت دولة بحجم أمريكا على أنها دولة تعصف تمامًا بحقوق الإنسان، وتستخدم فى السجون أبشع أنواع التعذيب بحق مواطنين مدانين بالقانون الوضعى، وليس قانون القسوة والعنف.
لم يكن «أبو غريب» هو السجن الوحيد الذى شهد تعرّض المسجونين العراقيين لفظائع وانتهاكات على يد جنود الغزو الأمريكى، وإنما اكتسب «أبو غريب» شهرته من تلك التسريبات التى دعمتها شهادات المعتقلين السابقين فى السجن، والتى عكست الرعب الذى تعرضوا له، وطرق الاستجواب الوحشية التى اتبعت، وكأن السجناء فيها أقل درجات فى الإنسانية.
الغريب وبعد اعتراف إدارة بوش، ومن تبعوه من إدارات سكنت البيت الأبيض وصبغته باتجاهاتها السياسية والحزبية، وكذلك بعد إيضاحات منظمات أخرى كـ«الصليب الأحمر» وغيره من المؤسسات الأممية، أن أمرين لم يتغيرا؛ الأول هو نظرة حقوق الإنسان فى أمريكا، والتى دائمًا ما يكون لها وجه ظاهر يدعى المحافظة على حقوق الناس، بينما تستمر سلسلة الحوادث العنصرية البشعة على أراضيها، وحادث قتل «جورج فلويد» حلقة فى هذه السلسلة، أما الأمر الآخر فهو ضبابية حصول الضحايا على تعويضات نتيجة للجرم الأمريكى، وهو ما ذكّرت به «الجارديان»، بناء على تقارير مؤسسات حقوقية عالمية. فلا يوجد حتى الآن مسار واضح يسلكه المطالبون بحقوقهم من هؤلاء الضحايا العراقيين أو أهاليهم.
تلك المماطلة- أو بالأحرى عدم الوضوح- فى مسألة التعويضات تشككنا فى نوايا الاعتذارات فى الأساس، ربما رضخ بوش الابن لضغوط دولية وعالمية للاعتذار، وربما رضخت مؤسساته لصورة مزيفة رسمها البعض عن أمريكا، بينما فى الواقع وفى الضمائر ما يعكس رغبة أخرى فى الإخضاع، إخضاع أى آخر بقوة الذراع وليس بقوة القانون.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة

إقرأ أيضاً:

تصريحات ترامب.. ووجه أمريكا الحقيقى

كشفت تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن وجه الولايات المتحدة الأمريكية الحقيقى، على الرغم من مشاركتها فى جهود الوسطاء لإقرار اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة الذى سعت إليه مصر كثيرا فى ظل صمت المجتمع الدولى الذى أصر على تخاذله وتغافله عمدا لجرائم الاحتلال الإسرائيلية وانتهاكات قوات نتنياهو المستمرة والتعدى على حق الشعب الفلسطينى ومحاولة سلب أراضيه وحريته وكرامته.

شعرت أمريكا أنها حادت عن الهدف المنشود، ورأت فى مصر قوة دولية كانت لا ترغب فيها واشنطن، كما شعرت أنها أعادت تل أبيب إلى نقطة الصفر، وحتى لا تثير استياء إسرائيل وحلفائها، وحتى لا يقال إن أحدا غيرها انتصر وزمام قيادة العالم قد فلت منها، أرادت تصحيح الأوضاع، وألقت بالونة اختبار هى فاسدة من قبل بمحاولة دعوة الأردن ومصر لاستقبال الفلسطينيين فى أراضيهما بدعوى نشر السلام، ولما فشل ذلك، حاول «ترامب» وضع الإدارة المصرية والأردنية فى مأزق، واستخدم سلاح الشائعات والأكاذيب والادعاءات وإلصاق ونسب التصريحات للقيادة المصرية، ولولا وعى المصريين وثقتهم فى القيادة الحكيمة لصدقوا ذلك.

رد الدبلوماسية المصرية جاء حاسما وحازما بحجم الكبار، وأكدت وزارة الخارجية المصرية موقف مصر الثابت والداعم للقضية الفلسطينية ورفضها التهجير القسرى للفلسطينيين من أراضيهم الذى يعنى تصفية القضية وتقويض مسار السلام الشامل والعادل وتهديد أمن واستقرار المنطقة بشكل كامل، ليحرج أمريكا وإسرائيلها، ويؤكد سيادة مصر واستقلال قرارها.

تصريحات ترامب يا سادة تعكس خطوات خطيرة وتداعيات مرعبة على المنطقة، بما يمثل تجاوزًا خطيرًا لكل القوانين الدولية والمبادئ الإنسانية التى تحترم حق الشعوب فى العيش بأمان على أراضيها، ويؤكد تجاهلا تاما لمعاناة الشعب الفلسطينى الممتدة لعقود، وتظهر محاولات مستمرة لتصفية القضية الفلسطينية بعيدًا عن الحلول العادلة التى تضمن حقوق الفلسطينيين التاريخية.

هذه الأطروحات الأمريكية لن تؤدى إلا إلى تأجيج الأوضاع وإشعال مزيد من التوترات فى منطقة تعانى من الصراعات.

ومن ثم فإن القيادة السياسية المصرية بزعامة الرئيس عبدالفتاح السيسى كانت ولا زالت واضحة فى رفضها القاطع لأى محاولات للمساس بحقوق الشعب الفلسطينى أو تهجيره قسرًا، مشيرا إلى أن مواقف مصر الراسخة تعكس التزامًا تاريخيًا بدعم الحق الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

هذه المواقف السياسية تؤكد رؤية مصر العميقة لضرورة تحقيق تسوية شاملة تُعيد للفلسطينيين حقوقهم وتضمن استقرار المنطقة بأكملها، مؤكدا أن التهجير القسرى يتناقض تمامًا مع كل قرارات الشرعية الدولية، إذ إنها تعبر عن محاولة لفرض حلول أحادية تفتقر إلى العدالة والمنطق، لم ولن يقبلها أحد تحت أى مسمى.

مقالات مشابهة

  • مستر ترامب.. العالم ليس ولاية امريكية
  • د.حماد عبدالله يكتب: جدد حياتك !!
  • «الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى
  • أصبحت أفعالكم لا تليق بمقام أم الدنيا
  • الرئيس المقاول
  • «الجارديان»: «ترامب» يهدد آمال «غزة» فى إعادة الإعمار
  • «ترامب».. لا بد منه!
  • قضية القضايا
  • تصريحات ترامب.. ووجه أمريكا الحقيقى
  • عادل حمودة يكتب: الجيوب والقلوب