باريس- بعد أن كان المستأجرون في فرنسا ينفقون 10% من دخلهم على الإيجار عام 1973، أصبحوا اليوم يخصصون ما معدله 30% من رواتبهم لتسديده، بل قد يستهلك عند كثيرين نصف دخلهم الشهري.

وشهدت العاصمة الفرنسية باريس، السبت، مسيرة طالب فيها المتظاهرون بتوفير السكن، وتخفيض أسعار الإيجارات والرسوم، وتطبيق سياسة إسكان أفضل للشعب الفرنسي.

ورغم ثقل معدلات التضخم وارتفاع أسعار الطاقة، اتهم المتظاهرون الحكومة بصمّ آذانها والمضي قدما في فرض قانون يركز أساسا على عمليات الإخلاء، في وقت يتزايد فيه عدد المشردين في الشوارع وتتناقص فيه أماكن السكن اللائق.


أزمة السكن.. "قنبلة موقوتة"

يقول رئيس جمعية "الحق في السكن" جان بابتيست إيرو، إن أزمة السكن التي تعانيها فرنسا تتفاقم مع ارتفاع أسعار الإيجارات والعقارات والأراضي، واصفا الوضع بـ"القنبلة الموقوتة".

وأضاف إيرو -في حديثه للجزيرة نت- أن هذه الزيادة لم تتوقف منذ 20 عاما، مما أدى إلى استمرار معاناة وفقر المستأجرين الذين يضطرون في كثير من الأحيان إلى الاختيار بين دفع الإيجار وشراء الأكل والتضحية بالرعاية الصحية والتعليم والنقل، حتى لا ينتهي بهم الأمر إلى الشارع.

ووصف رئيس الجمعية السكن في الشارع بـ"الموت"، قائلا "نعلم أن البقاء في الشارع يعني الموت بمتوسط عمر لا يتجاوز 48 عاما، وهذا شكل من أشكال عقوبة الإعدام".

ولتجنب هذا المصير، يجد كثيرون من الفرنسيين والمهاجرين على حد سواء أنفسهم في أحياء فقيرة وأماكن إقامة صغيرة جدا تشبه الثلاجة في فصل الشتاء والفرن في أثناء لهيب الصيف.

وتقول فاطمة -للجزيرة نت- إن ابنها الذي وُلد في فرنسا لم يستطع الحصول على سكن له ولأطفاله الثلاثة، رغم أنه يعمل بوظيفة ثابتة منذ سنوات.

وفي ظل مشاكل سوق الإسكان وانعدام توفر السكن بأسعار معقولة، تطالب عدد من الجمعيات الحقوقية ببناء الإسكان الاجتماعي على نطاق واسع لتحسين ظروف ما يقرب من 8 ملايين شخص.

من جانبه، يؤكد النائب عن حزب فرنسا الأبية جيروم لوغافر، أن منطقة "سين سان دوني" الواقعة بضواحي باريس تعاني بشكل خاص من هذه الأزمة، مشيرا إلى أنه يوجد نحو 120 ألف طلب للسكن هناك، وقد تستغرق فترة دراسة بعض الحالات 10 سنوات.

مطالب لتوفير السكن في فرنسا بعد زيادة قيمة الإيجارات لتصل إلى نحو ثلث الدخل (الجزيرة) ما قانون "كاسبريان بيرجيه"؟

يهدف مشروع قانون "كاسبريان بيرجيه" الذي قدمه النائب غيوم كاسبريان، ومطروح على طاولة النقاش منذ نهاية العام الماضي إلى "حماية السكن من الاستيلاء غير القانوني".

وفي ما يبدو أنه "حماية" للسكن، لكنه يغضّ الطرف عن ممارسات غير قانونية لكبار الملاك ووكلاء العقارات الذين يميلون إلى الاحتيال على المستأجرين بسبب غياب الرقابة والعقوبات أو شراء المباني وتركها فارغة لرفع الأسعار وتشجيع المضاربة العقارية.

وفي المقابل، يفرض هذا القانون أحكاما بالسجن تصل إلى عامين وغرامة قدرها 30 ألف يورو للأفراد والعائلات الذين يلجؤون بسبب عدم وجود أماكن إقامة في حالات الطوارئ إلى مساكن غير مأهولة أو مكاتب فارغة أو مبان صناعية أو زراعية مهجورة، فضلا عن الموظفين الذين يشغلون أماكن عملهم بوصفهم جزءا من حركة اجتماعية.

ويتساءل جان بابتيست إيرو عن أسباب تأخر الحكومة في مصادرة المساكن الشاغرة في البلاد عن طريق تطبيق القانون الذي ينص على ذلك في حالة الممتلكات غير المأهولة.

متظاهرون في العاصمة الفرنسية باريس للمطالبة بتوفير السكن وتسوية أوضاع المهاجرين غير النظاميين (الجزيرة) قوانين عرض الحائط

ولفت نائب عمدة الدائرة 18 المكلف بالتضامن الدولي أنزوماني سيسوكو -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الحكومة تضرب بعض القوانين التي تحمي الفقراء والمشردين عرض الحائط، منها قانون "دالو" (DALO).

وعلى سبيل المثال، يضمن هذا القانون الحق في السكن الاجتماعي للمتقدمين بالطلب بعد الاعتراف بملفهم كأولوية في غضون 6 أشهر.

ويتمثل الهدف الرئيس لهذا القانون، الذي دخل حيز التنفيذ في 5 مارس/آذار 2007، في ضمان الحق بالسكن لأي شخص يقيم في فرنسا على أساس مستقر ومنتظم، ولا يستطيع الحصول على سكن لائق ومستقل أو الحفاظ عليه.

وبما أن الفرنسيين يجدون صعوبة في الضغط على حكومتهم لتطبيق هذا القانون وحماية مصالحهم، لا يجد المهاجرون غير النظاميين أي مكان ينامون فيه سوى الشارع فور وصولهم إلى البلاد.

وربط سيسوكو، بين أزمة السكن وقانون الهجرة الذي اقترحه وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان قبل أشهر، لأن كليهما يؤثران بشكل مباشر في المهاجرين غير النظاميين، مطالبا الحكومة بتسوية أوضاعهم دون قيد أو شرط عن طريق تقديم أوراق قانونية تسمح لهم بالعمل وتوفير السكن الإنساني.

كما أشار سيسوكو، الذي يعتبر أيضا أحد أعضاء جمعية التضامن مع المهاجرين غير النظاميين، إلى أنه تم بناء ما يقارب من 700 ألف منزل عام 2022، لكن اقتصر هذا العام على نصف هذا العدد.

وفي سياق متصل، قال النائب الفرنسي لوغافر، إنه عند زيارته مراكز الإيواء الطارئة، العام الماضي في فصل الشتاء، وجد عائلات قدمت من السنغال وموريتانيا والجزائر وساحل العاج في حالة يرثى لها، مشيرا إلى أن بعضهم افترشوا الأرض، أو ناموا تحت الجسور وعند أبواب المستشفيات لعدة أشهر.

ويذكر أن مؤسسة "آبي بيير" التي تنشط في مجال مكافحة الإسكان السيء، أشارت في تقريرها السنوي إلى أن عدد المشردين في فرنسا وصل إلى نحو 330 ألف شخص، أي أكثر من العام الأسبق بنحو 30 ألفا. في حين وصل عدد الأسر التي تطالب بسكن اجتماعي إلى مستوى غير مسبوق يقدر بمليونين و42 ألف أسرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غیر النظامیین هذا القانون أزمة السکن فی فرنسا إلى أن

إقرأ أيضاً:

أمان وظيفي للعمالة غير المنتظمة.. مشروع قانون العمل الجديد بيطمنك.. تفاصيل

حرص مشروع قانون العمل الجديد على توفير الحماية والأمان الوظيفي للعمالة غير المنتظمة، من خلال إطلاق صندوق لحمايتهم وتشغيلهم، إضافة إلى تنظيم حقوقهم وضمان حصولهم على الإعانات في حالات الطوارئ.

تنظيم ودعم العمالة غير المنتظمة

وفقًا للمادة (75) من مشروع قانون العمل الجديد، يهدف التشريع إلى تنظيم وتشغيل العمالة غير المنتظمة والعاملين في القطاع غير الرسمي، عبر:

مساعدتهم في الحصول على فرص عمل لائقة.

تنمية مهاراتهم بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل.

تقديم الدعم المالي في فترات التعطل عن العمل.

حماية حقوقهم أثناء العمل، وإلزام أصحاب الأعمال بمنحهم كافة الحقوق الواردة في القانون.

سياسات تشغيل العمالة غير المنتظمة

تتولى الوزارة المختصة وضع سياسات تشغيل العمالة غير المنتظمة، وتشمل الفئات:

عمال الزراعة الموسميون.

عمال المقاولات والبحر والمناجم والمحاجر.

أي فئات أخرى يحددها الوزير المختص بالتشاور مع الجهات المعنية.

كما تلتزم الجهة الإدارية بحصر العمالة غير المنتظمة وتسجيل بياناتها في قاعدة بيانات وطنية، بالتنسيق مع الجهات المختصة مثل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي.

إنشاء صندوق لحماية العمالة غير المنتظمة

نصت المادة (78) على إنشاء "صندوق إعانات الطوارئ والخدمات الاجتماعية والصحية للعمالة غير المنتظمة"، والذي يتبع الوزير المختص، ويكون مقره في القاهرة، مع إمكانية إنشاء فروع في المحافظات.

ويصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتشكيل مجلس إدارة الصندوق، الذي يضم ممثلي العمال وأصحاب الأعمال والجهات الحكومية، ويحدد اختصاصاته وآليات عمله.

إعانات الطوارئ والدعم المالي

يحدد الوزير المختص آليات صرف الإعانات المالية الطارئة للعمالة غير المنتظمة، وقواعد استحقاقها وفقًا للوائح المنظمة.

في حالات الطوارئ العامة، يحق لرئيس الجمهورية إصدار قرار بصرف إعانات عاجلة لفئات العمالة غير المنتظمة أو أسرهم، وفقًا للضوابط المحددة.

حماية شاملة للعمالة غير المنتظمة

بهذه الخطوات، يضمن قانون العمل الجديد شبكة أمان اجتماعي للعمالة غير المنتظمة، ويعزز استقرارهم المهني والمعيشي، مما يحقق لهم حياة كريمة ومستقبلًا أكثر أمانًا.

يهدف مشروع قانون العمل الجديد الذي أعلن عنه مجلس النواب إلى تحقيق التوازن بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال، بما يضمن بيئة عمل مستقرة وعادلة. ويركز القانون على حماية حقوق العاملين، خاصة الفئات غير المنتظمة، مع توفير ضمانات قانونية تحميهم من الفصل التعسفي، وتحفظ لهم حقوقهم في التأمينات الاجتماعية والرعاية الصحية. كما يعزز القانون العدالة في علاقات العمل، من خلال وضع قواعد واضحة للتعاقد، وساعات العمل، والإجازات، والتعويضات.

3 عقوبات جديدة لحماية وتحصين العمال بمشروع قانون العمل الجديدعضو قوى عاملة النواب تكشف تفاصيل هامة عن قانون العمل الجديد

كذلك، يسعى القانون إلى تحفيز الاستثمار وزيادة الإنتاجية عبر خلق بيئة عمل مستقرة وجاذبة لرؤوس الأموال، من خلال تسهيل الإجراءات، وتنظيم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، وتشجيع التدريب المهني لرفع كفاءة القوى العاملة. كما يضع آليات واضحة لحل النزاعات العمالية بطرق سلمية، مما يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

مقالات مشابهة

  • عام وخاص.. إجراءات استقالة الموظفين في القانون
  • تضامن الشيوخ: قانون العمل الجديد يمنح العمال أكثر من 40 ميزة
  • قانون جديد للسلكين الدبلوماسي والقنصلي
  • بالقانون.. آليات جديدة لتقديم طلب اللجوء للأجانب
  • تعرف على موعد تطبيق قانون العمل الجديد
  • تقنين العمل أون لاين بمشروع القانون الجديد .. تفاصيل التطبيق
  • 3 تعديلات على المفوض العمالي بمشروع قانون العمل
  • نائب:عدم وجود رغبة سياسية بتعديل قانون الانتخابات
  • بما فيها الإعدام.. درجات تخفيف العقوبة فى القانون
  • أمان وظيفي للعمالة غير المنتظمة.. مشروع قانون العمل الجديد بيطمنك.. تفاصيل