السيارات الكهربائية تشعل جدلا سياسيا في أميركا وأوروبا
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
تثير السيارات الكهربائية ردود فعل غاضبة من قبل المحافظين تحديدا في الولايات المتحدة وأوروبا، لدرجة أن التوجه نحو الابتعاد عن محرك الاحتراق الداخلي أصبح قضية انتخابية في القارتين، ما يشكل عودة للخلف في قضايا المناخ، بحسب صحيفة "بوليتيكو".
وأوضحت الصحيفة أن الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ومجموعة من السياسيين المحافظين في أوروبا يكثفون هجماتهم على السيارات الكهربائية، ما يجعل قضية التخلي عن البنزين والاضطراب الاقتصادي الناجم عن هذا التحول قضية رئيسية في الحملات الانتخابية سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة.
وانتقد ترامب سياسات السيارات الكهربائية التي تنتهجها إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، وجعلها موضوعًا رئيسيًا لزيارته، الأسبوع الماضي، إلى ميشيغان، حيث أخبر حشدًا في مصنع لقطع غيار السيارات بالقرب من ديترويت أن التخلي عن محرك الاحتراق الداخلي سيكون "أمرًا سيئًا لأنه سيزيد البطالة والتضخم"، وفقا للصحيفة.
كما هاجم ترامب السيارات الكهربائية نفسها، قائلا إنها باهظة الثمن للغاية و"مصممة خصيصًا للأشخاص الذين يرغبون في القيام برحلات قصيرة جدًا"، ما يترك السائقين "مذعورين" بشأن العثور على مكان للشحن، بحسب الصحيفة.
كما اتخذ منافسو ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري النهج نفسه ضد السيارات الكهربائية، إذ يتمحور جوهر رسالتهم حول أنه من خلال دفع الأميركيين للتحول إلى الكهرباء، كما يقولون، فإن بايدن يسلم الوظائف وأمن البلاد إلى الصين، التي تسيطر على الجزء الأكبر من معادن البطاريات والتصنيع في العالم.
وقال حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتيس، عند إعلان خطته الاقتصادية هذا الصيف، "لماذا تريد أن تجعل هذا البلد أكثر اعتمادا على ما يجري في الصين؟" فيما وعد "بعكس سياسات بايدن التي تحاول إجبار الأميركيين على شراء السيارات الكهربائية".
وقال نائب الرئيس السابق، مايك بنس، خلال المناظرة الرئاسية الثانية للحزب الجمهوري، الأربعاء، إن "أجندة الصفقة الخضراء الجديدة لبايدن جيدة لبكين وسيئة لديترويت".
وتقول حملة بايدن، بحسب الصحيفة، إن سياسات الرئيس، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية للسيارات والشاحنات المصنوعة في أميركا الشمالية، تهدف إلى ضمان أن الولايات المتحدة، وليست الصين، تمتلك مستقبل النقل. وقال كيفن مونوز، المتحدث باسم حملة بايدن، في بيان بعد خطاب ترامب، الأربعاء: "لا يوجد تفويض للسيارات الكهربائية".
وخارج السباق الرئاسي، يقترح بعض الجمهوريين على مستوى الولايات والمستوى الفيدرالي فرض ضرائب ورسوم وقيود قانونية إضافية على السيارات الكهربائية، ما قد يكون له تأثير في تقييد نموها. وفي تكساس، على سبيل المثال، سيتعين على مالك السيارة الكهربائية دفع 200 دولار سنويا كرسوم إضافية للولاية، وهي خطوة يقول المؤيدون إنها ستعوض الضرائب المفقودة على البنزين.
أوروباوفي الوقت نفسه، أشارت الصحيفة إلى أنه في أوروبا، تكتسح السيارات الكهربائية موجة من المقاومة الشعبوية لسياسات المناخ، حيث يشعر الناخبون بوطأة ارتفاع الأسعار.
وكما فعل ترامب، ذكرت الصحيفة أن وزير النقل الإيطالي، ماتيو سالفيني، دان الحظر المقترح من الاتحاد الأوروبي على محركات الاحتراق الداخلي ووصفه بأنه "جنون" يدمر الوظائف ومن شأنه أن يفيد الصين، في حين وصف المشرع التشيكي، ألكسندر فوندرا، مؤيدي الحدود المشددة لتلوث المركبات بأنهم "حفار قبور صناعة السيارات في أوروبا".
وفي المملكة المتحدة، غيّر رئيس الوزراء، ريشي سوناك، مساره بشأن خطط التخلص التدريجي من المركبات التي تعمل بالبنزين والديزل بحلول عام 2030، ومدد الموعد النهائي حتى عام 2035 بينما يستعد للانتخابات التي من المرجح أن تجرى العام المقبل، وفقا للصحيفة.
وحتى ألمانيا، التي يقودها مستشار ذو ميول يسارية، وحيث يشكل حزب الخضر جزءا من الحكومة الائتلافية، وقادت برلين تمردًا في وقت سابق من العام الجاري ضد اقتراح الاتحاد الأوروبي بالتخلص التدريجي من المركبات التي تعمل بمحركات الاحتراق بحلول عام 2035.
وفي النهاية، انتصرت ألمانيا، إذ استسلمت بروكسل لمطلبهابإمكانية تسجيل المركبات التي تعمل بمحركات الاحتراق بعد عام 2035 إذا كانت تستخدم حصريًا ما يسمى بالسيارات الإلكترونية.
وفي أماكن أخرى من أوروبا، بدأ تغير المناخ، خاصة مركزية السيارة، يبرز كقضية سياسية بينما تستعد القارة لسلسلة من الانتخابات. وفي يونيوالقادم، يعتزم الملايين من المواطنين الأوروبيين انتخاب أعضاء البرلمان الأوروبي. وتجري دول من بولندا إلى بلجيكا أيضًا انتخابات وطنية خلال العام المقبل.
وتُظهِر استطلاعات الرأي تحولاً نحو اليمين في العديد من البلدان الأوروبية، بحسب الصحيفة، مع تزايد المقاومة لأجندة الاتحاد الأوروبي بشأن المناخ.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: السیارات الکهربائیة الولایات المتحدة فی أوروبا
إقرأ أيضاً:
عقوبات أم مساومات؟.. من بايدن الى ترامب: كيف تستخدم واشنطن العراق لخدمة مصالحها؟
بغداد اليوم - خاص
في دهاليز السياسة الأمريكية، حيث تُدار الحروب بقرارات رئاسية، ويُرسم مصير الدول بمصالح الشركات الكبرى، يبرز العراق كأحد أبرز الساحات التي تُستخدم لتصفية الحسابات السياسية والاقتصادية.
منذ سنوات، تحولت بغداد إلى نقطة ارتكاز في الاستراتيجيات الأمريكية، ليس كحليف حقيقي، بل كورقة تُستغل كلما دعت الحاجة. واليوم، تحت إدارة دونالد ترامب، يتعرض العراق لموجة جديدة من الضغوط تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية للولايات المتحدة، بينما تُقدَّم على أنها حملة لضبط النفوذ الإيراني.
لكن خلف هذه الإجراءات، تتوارى أزمات داخلية أمريكية خانقة، ومحاولات مستميتة للتغطية على فشل الإدارات السابقة، وعلى رأسها إدارة جو بايدن، التي تركت إرثًا من الإخفاقات في الشرق الأوسط، إلى جانب أزمة اقتصادية تهدد بانهيار غير مسبوق للاقتصاد الأمريكي.
الضغوط الأمريكية.. لعبة سياسية أكثر من مواجهة حقيقية
كل ما يفعله ترامب في الشرق الأوسط، والضغوط التي يمارسها على العراق، لا تعكس بالضرورة استراتيجية أمنية واضحة أو سياسة خارجية ثابتة، بل هي مجرد أدوات يستخدمها لخدمة مصالحه السياسية والاقتصادية.
الأمر الأول: محاولة التغطية على إخفاقات إدارة بايدن، حيث توجد أدلة على أن بايدن، خلال فترة حكمه، تواطؤ مع جهات شرق أوسطية وسمح بتمدد النفوذ الإيراني في العراق، مما جعل الجمهوريين يستخدمون هذا الملف لإظهار ضعف الديمقراطيين في إدارة السياسة الخارجية.
الأمر الآخر: الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تضرب الولايات المتحدة، والتي باتت تُشكل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار المالي الأمريكي، حيث تظهر أرقام التسريح الجماعي للموظفين في الشركات الكبرى والمؤسسات الصناعية كدليل على حجم الأزمة. ترامب، الذي يواجه ضغوطًا داخلية متزايدة، يسعى إلى تحويل الأنظار عن الداخل الأمريكي، عبر افتعال أزمات خارجية تشغل الرأي العام، ويأتي العراق في مقدمة هذه الملفات.
مصرف الرافدين في عين العاصفة: اتهامات بلا أدلة
ضمن سلسلة الضغوط، يأتي ملف مصرف الرافدين كواحد من أبرز الأهداف الأمريكية، حيث تتهم واشنطن العراق وإيران بالتورط في تمويل أنشطة مشبوهة ودعم الحرس الثوري، وهي اتهامات لم تستند إلى أدلة قانونية واضحة، بل جاءت في سياق حملة تضييق اقتصادي على بغداد.
الحكومة الأمريكية تدرك جيدًا أن هذه التعاملات تتم ضمن الأطر القانونية والتجارية الدولية، لكنها تسعى إلى خلق حالة من الهلع المالي والاقتصادي داخل العراق، لإجبار بغداد على الخضوع لخيارات أمريكية محددة.
لكن المفارقة هنا، أن الإدارة الأمريكية نفسها لا تملك القدرة على إغلاق هذا الملف، ولا حتى تقديم بدائل اقتصادية للعراق، مما يجعل الضغوط أشبه بأداة ابتزاز سياسي، أكثر منها إجراءً اقتصادياً ذا أثر حقيقي.
الاقتصاد العراقي بين واشنطن والحاجة لدول الجوار
العراق، الذي يعتمد بشكل كبير على الغاز والكهرباء المستوردين من إيران، لم يجد أي خطط بديلة قدمتها الولايات المتحدة، بل تُرك يعتمد على منظومة اقتصادية هشة، جعلته مضطرًا إلى تعزيز علاقاته الاقتصادية مع دول الجوار، رغم الضغوط الخارجية.
الولايات المتحدة، التي كانت تمتلك فرصة تاريخية لإعادة بناء الاقتصاد العراقي على أسس متينة بعد 2003، تركت البلاد متخلفة اقتصاديًا، باستثناء الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
هذا الفشل الأمريكي في تقديم حلول حقيقية، يجعل أي ضغوط لمنع العراق من التعامل مع إيران أو أي دولة أخرى، أقرب إلى محاولة خنق بغداد اقتصاديًا، دون تقديم بدائل ملموسة.
الملف العراقي: ساحة لخدمة مصالح ترامب الاقتصادية
تحت غطاء مواجهة النفوذ الإيراني، تسعى واشنطن إلى تمرير صفقات اقتصادية لصالح شركات أمريكية مرتبطة بدوائر النفوذ داخل إدارة ترامب. فالضغوط التي تُمارس على الحكومة العراقية لا تهدف فقط إلى عزل إيران اقتصاديًا، بل إلى إجبار العراق على تقديم امتيازات لشركات أمريكية محددة، في قطاعات الطاقة والاستثمار والمقاولات.
الرئيس الأمريكي، الذي يواجه انتقادات متزايدة بسبب سياساته الداخلية، يحاول إعادة فرض الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على العراق، عبر صفقات تخدم دوائر النفوذ الاقتصادي داخل البيت الأبيض.
ازدواجية المعايير: واشنطن ليست جادة في مواجهة إيران
لو كانت الولايات المتحدة جادة حقًا في محاصرة إيران، لكانت المواجهة مباشرة، بدلاً من استخدام العراق كأداة ضغط. فالواقع يشير إلى أن واشنطن، رغم كل تصريحاتها، لا تزال تدير علاقتها مع طهران وفق حسابات دقيقة، وتستغل العراق فقط كوسيط لتطبيق استراتيجياتها.
الأمر لا يتعلق فقط بفرض عقوبات أو إغلاق ملفات مالية، بل هو جزء من سياسة أمريكية طويلة الأمد، تُبقي العراق في حالة من الفوضى الاقتصادية والسياسية، حتى يظل بحاجة دائمة إلى التدخل الأمريكي.
إلى أين يتجه العراق وسط هذه الضغوط؟
المشهد الحالي يعكس حقيقة واضحة: واشنطن تستخدم العراق كورقة ضغط لخدمة أجنداتها الداخلية والخارجية، دون أن تقدم حلولًا واقعية لمشكلاته الاقتصادية والسياسية. ومع استمرار هذه الضغوط، تجد بغداد نفسها أمام خيارين:
إما الخضوع لهذه السياسات، والاستمرار في حالة الارتهان الاقتصادي والسياسي، أو تبني سياسة أكثر استقلالية، عبر تنويع شراكاتها الاقتصادية وتقليل الاعتماد على واشنطن، لصياغة معادلة أكثر توازنًا في علاقاتها الدولية.
لكن هذه الخطوة ليست سهلة، إذ تتطلب إجماعًا داخليًا، وإرادة سياسية قادرة على مقاومة الابتزاز الأمريكي، والبحث عن حلول عملية تُخرج العراق من هذه الحلقة المفرغة.
المصدر: قسم التحليل والمتابعة في وكالة بغداد اليوم