كتبت مارينا عندس في "الديار": منذ أن اشتدّت الأزمة الاقتصادية في لبنان وارتفعت صفيحة البنزين ووصل الدّولار إلى مئة ألف ليرة، وظاهرة التوك توك تسود في مجتمعاتنا. وكيفما تلتفت في الشوارع، لا بدّ أن تصادفك عربة "توك توك". هذه الظاهرة التي لم تكن موجودة في لبنان في الماضي القريب، باتت مصدر رزقٍ وسبيلًا لتحدّي الأزمات ومواجهتها بأبسط طرق.


  فإلى جانب اعتماده كوسيلة لنقل الركاب في بعض القرى البقاعية والشمالية، فإن التوك توك يُستخدم في معظم الأحيان لدى مؤسسة تجارية متنقلة، كمطعم صغير متنقل، أو "كشك" لبيع القهوة، لا سيما في ضواحي العاصمة بيروت الفقيرة. ودخل استخدام التوك توك في العديد من المجالات مثل "الديلفري" (توصيل الاغراض والطعام) وبات أيضًا بديلًا عن التاكسي وأوفرهم.

الفقر غيّر عادات اللبنانيين فيما تراجع شراء السيارات بأكثر من 70%، وفق مركز الدولية للمعلومات للأبحاث. وبات شراء سيارة لغير الميسورين ترفًا مع فقدان الليرة أكثر من 90% من قيمتها.

ومنذ أكثر من عام، يعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة، هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 ـ 1990) أدت إلى انهيارٍ ماليٍ، وزيادة نسبة الفقر والبطالة فيه. فكيف على اللبنانيين التأقلم في هذه المرحلة إذًا؟

فوضى ومخالفات بالجملة...

يعتبر الكثيرون أنّ التوك توك كان الحل السليم والبديل في ظل الأزمة لأنه أوفر (3 آلاف دولار ولا يصرف الكثير من الوقود) ويمكن من خلاله، تأمين فرص عمل لعدد من العاطلين من العمل.

لكنّ اللجوء الى هذه الوسيلة يبقى الأخطر بالنسبة للسيارات والفانات، لاسيّما بسبب حالة طرقات لبنان المزرية. وهذه العربة ليست سريعة بما يكفي ليقودها الناس على الاتوستراد. وهذا ما شاهدناه في الفترات الأخيرة عندما ارتفعت نسب الحوادث بسبب التوك توك وساهمت في عرقلة السير، الامر الذي يشكل خطرًا على حياة الراكب والسائق ومن بجواره. بتنا نعلم أنّ التوك توك دخلت أراضي لبنان بطريقة غير شرعية، من دون تسجيلها مثل السيارات العمومية كي تتمكن من العمل بصورة قانونية. والأخطر من ذلك، أنهم أصبحوا ينقلون طلاب المدارس والجامعات، ومن يقود هذه المركبات غير الشرعية أو غير المسجلة صغار في السن.

في حديثه للدّيار، يشير رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس، إلى أنّ أزمة التوك توك هي من ضمن الأزمات المتراكمة على قطاع النقل. المشكلة أنّ الدّولة هي التي لا تطبّق النظام، ولو كانت تفعل ذلك لما وجدنا التوك توك في أراضينا من الأساس.

ويوضّح: في قانون السير اللبناني، ليس هنالك ما يسمى توك توك، ولا يُسمح للدراجات النارية أن تنقل ركابًا. الموضوع لاحقته من البداية مع الجمارك، وتلقيتُ علمًا بأن التوك توك دخلت الأراضي اللبنانية تحت ما يسمّى "الدراجات النارية"، وفي النافعة أيضًا تحت اسم "الدراجات النارية". ولكن، غضّ النظر عن هذه الظاهرة، أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم وهذا ما حاولتُ شرحه في الاجتماع في حضور رئيس الحكومة و6 وزراء.

ويتابع: إن لم تحقق مطالبنا الحماية للقطاع، أقلّه تحقّق الأمن الاجتماعي والسلامة العامة. وما لا نفهمه أبدًا، كيف التوك توك يركبه أطفال على الاتوسترادات؟

للأسف، من الألف ليرة أصبحت تسعيرة التوك توك توازي تسعيرة التاكسي. فقمنا بإجراءات محلية وباتت كل بلدية تأخذ إجراءات مختلفة، إمّا قانون أو لا قانون. وهذا ما حصل بين زحلة والبقاع وبيروت والجنوب والشمال... الخ

ولفت إلى أنّ المشكلة الأساس هي أنّنا نطبق اللامركزية، فإمّا أن نطبق القانون على الجميع أو لا نطبّقه.

وأكّد أنّ التوك توك غير قانوني وغير مرخّص ليدخل الأراضي اللبنانية ويُفترض على الوزارات والأجهزة الامنية أن تطبق القانون وبالتالي سنستغني عن التوك توك.

ونطلق صرخة لكل الوزارات والحكومات والأجهزة الأمنية بتطبيق القانون فورًا، ولكن للأسف لا حياة لمن تنادي.

وسأل: هل المطلوب أن تلد المشاكل بين السائقين العموميين الشرعيين مع أصحاب هذه الظاهرة؟ كم حادث سير حصل نتيجة التوك توك وكم ضحية شاهدناها نتيجة التوك توك؟

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: التوک توک توک توک

إقرأ أيضاً:

د. مزمل أبو القاسم: مخطط الفتنة بين السودان والجنوب!

* لا يخالجني أدنى شك في صدق ما تردده حكومة الجنوب بحديثها عن حرصها على علاقتها مع السودان وضرورة حماية مواطنيه المقيمين في الجنوب ومنع الاعتداء عليهم، بعد أن وقفت على حجم المخطط الشيطاني الآثم الذي يستهدف إشاعة الفوضى في الجنوب، واتخاذ الفتنة الحالية مدخلاً للانقلاب على حكومة الرئيس سلفاكير.

* معلوم للكافة أن الرئيس سلفاكير ميارديت شرع في إجراء تغييرات عديدة أقال بموجبها معظم قادة الأجهزة الأمنية في بلاده مؤخراً، بعد أن استوثق من وجود مخطط خطير يستهدف إشاعة الفوضى في بلاده ومحاولة استغلال الأزمة الاقتصادية المستفحلة للانقضاض على حكومته، فأقال الجنرال أكول كور كوك مدير جهاز المخابرات، وعيّن في مكانه الجنرال أكيم تونغ أليو (الحليف المقرب للرئيس).

* في شهر ديسمبر من العام الماضي أقدم الرئيس سلفاكير على إقالة قائد الجيش وقائد الشرطة ومحافظ البنك المركزي، وعيّن بول نانغ ماجوك قائداً جديداً للجيش، وجوني أوهيسا محافظاً للبنك المركزي، وإبراهام بيتر منيوات مفتشاً عاماً للشرطة، وقبل أيام من الآن تمت إقالة توت قلواك من منصبه كمستشار أمني وعسكري للرئيس سلفاكير.

* معلوم كذلك أن دولة الجنوب دفعت ثمن الحرب المندلعة منذ زهاء العامين في بلادنا غالياً بتوقف صادراتها النفطية عبر خط الأنابيب الذي يمر بالأراضي السودانية وصولاً إلى ميناء بورتسودان، وتسبب ذلك التوقف في فقدان دولة الجنوب لأكثر من تسعين في المائة من موارده المالية، وخلق أزمةً اقتصادية مستفحلة، سيما وأن الدولة الوليدة عجزت بسبب ذلك التوقف عن تسديد مرتبات الجيش والقوات النظامية الأخرى وكل موظفي الدولة.

* ليس لجنوب السودان أدنى مصلحة في معاداة السودان، وما تردده حكومته عن سعيها لتأمين وحماية مواطني السودان الموجودين في أراضيها صادق ولا شبهة كذب فيه، لأنها تعلم يقيناً أن الاحتجاجات التي اندلعت بادعاء تعرض عدد من مواطني دولة جنوب السودان لاعتداءات في مدينة ود مدني لم تكن السبب الحقيقي لحالة الفوضى التي حدثت في عاصمة الجنوب ومناطق أخرى.

* هناك جهات متآمرة على الجنوب تحاول الاستثمار في ذلك الحدث وتوسيع نطاقه كي تنتشر الفوضى وتعم البلاد وتسهل الانقضاض على السلطة الحالية، بتخطيط متقن وتمويل ضخم من قوى دولية وإقليمية لا يعجبها التقارب الحالي بين حكومتي جنوب السودان والسودان، وترغب في دق إسفين بين الدولتين بتوسيع نطاق الفتنة، لذلك أتى رد فعل حكومة الجنوب قوياً وعالي النبرة وحمل تحذيراً ساخناً لكل من تحدثه نفسه بمواصلة الفوضى والخروج على القانون.

* تعلم حكومة الجنوب بوجود عدد كبير من مواطنيها الذين يقاتلون في صفوف مليشيا آل دقلو الإرهابية، وتدرك جيداً أن معظم الفرق التي تشغل بطاريات المدفعية للمتمردين في الخرطوم ودارفور والجزيرة وكردفان من أبناء الجنوب، ومن قبيلة النوير على وجه التحديد، وقد وصل عدد هؤلاء (بحسب تقارير استخبارية) إلى ما يقارب الثمانية آلاف مقاتل.

* تعلم حكومة سلفاكير أيضاً بأن قادة أولئك المتمردين تلقوا وعوداً من زعيم التمرد بتسهيل إيصالهم إلى الحكم في الجنوب حال انتصاره على الجيش السوداني، وقد نجح الجيش في القبض على عدد كبير من أولئك المرتزقة وسجل اعترافاتهم وقدمها لحكومة الجنوب التي اعتذرت بأن بعض المناطق التي يتم تفويج المقاتلين منها إلى السودان شبه خارجة عن نطاق سيطرتها، وتعهدت بالاجتهاد لوقف تجنيد المقاتلين من أراضيها.

* بالطبع حاولت بعض القوى السياسية السودانية المساندة للتمرد إزكاء نيران الفتنة بتضخيم ما حدث في مدني، وتحريض الجنوبيين على الحكومة السودانية وما درت بأنها تعرض (بذلك الفعل القميء الأرعن) حياة أعداد ضخمة من اللاجئين السودانيين إلى خطرٍ داهم، وقد حظيت تلك المساعي الآثمة بدعم قوي من قوى سياسية معارضة لحكومة سلفاكير في الجنوب، تربطها علاقات تاريخيّة قوية مع جماعات اليسار السوداني ومجموعة الحرية والتغيير، وتمتلك مصلحة مباشرة في إشاعة الفرص في الجنوب للاستثمار في هشاشة الأوضاع الأمنية فيه كمدخل لإسقاط حكومة سلفاكير، لذلك أتى رد الفعل الحكومي قوياً وشمل تحذيراً عنيفاً لدعاة الفتنة ومن يحاولون إشاعة الفوضى في البلاد بأنهم سيواجهون بقوة وحزم!

* مطلوب من حكومتي (وحكماء) الدولتين عدم الانجرار إلى الفتنة والتعامل معها بحكمةٍ وتروٍ سيما وأنها تستهدف إشاعة الفوضى في دولة الجنوب لتلحق بالسودان، الذي نجحت قوى الشر في تدميره وحرقه، وقد سعدنا بحديث وزير الإعلام الجنوب سوداني مايكل ماكوي عندما تساءل عن مسببات وجود 29 مواطناً جنوبياً في مدينة ود مدني؛ وقال (ماذا كانوا يفعلون هناك)؟

* السؤال منطقي وموضعي للغاية، لأن مواطني مدينة ود مدني خرجوا منها بالملايين عقب سقوطها في يد التمرد، وكان في مقدمتهم أسرة الفنان السوداني الأشهر إبراهيم الكاشف رحمة الله عليه، فما الذي يدفع مواطنين من دولة الجنوب لدخولها والبقاء فيها ما لم تكن لهم علاقة مباشرة مع المتمردين؟

* ختاماً نذكر أن جنوب السودان مستهدف بهذه الفتنة أكثر من السودان، وأن قوى الشر التي حرقت السودان لن تترك الجنوب في حاله، ولن ترضى باستمرار حالة التنسيق العالي الذي يربط حكومتي البلدين منذ بداية الحرب، وستستمر في مساعيها الشيطانيّة لتخريب تلك العلاقة ووصولاً إلى تغيير النظام الحاكم في الجنوب، واستبداله بسلطة خاضعة طيِّعة، تفعل ما تؤمر به، وتجتهد في مساعدة متمردي السودان للخروج من الورطة التي دخلوا فيها.. وهيهات!

د. مزمل أبو القاسم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • اسرائيل والاسئلة الكبرى
  • «عائدون إلى حضن الوطن» يكشفون فصول «خيانات الإخوان»
  • عقوبة حيازة الألعاب النارية بعد ضبط 114 ألف قطعة بحوزة عاطل بالإسكندرية
  • د. مزمل أبو القاسم: مخطط الفتنة بين السودان والجنوب!
  • العميري لـ"الرؤية": ارتفاع نسب حسم طلبات التوفيق والمصالحة يعكس الجهود المبذولة لتخفيف أعباء المنظومة القضائية
  • عقوبة حيازة الألعاب النارية بعد ضبط 2.5 مليون قطعة بحوزة شخص بالفيوم
  • الصحة العالمية: ربع سكان العالم يواجهون أعباء مالية بسبب الإنفاق الصحي
  • صوت الشعب: دعوة لمراجعة القوانين وتحرير الوطن من أعباء التشريعات القمعية
  • صلاة الجنازة على قانون العفو العام
  • عروض الألعاب النارية تضيء سماء نزوى