افتتح سعادة الدكتور عبد الله بن عبد العزيز بن تركي السبيعي، وزير البلدية، أمس، أعمال المؤتمر الوزاري التاسع لمنظمة التعاون الإسلامي الذي تستضيفه دولة قطر تحت شعار «نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي». 
حضر الافتتاح سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر، وزيرة الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية، وعدد من أصحاب المعالي والسعادة الوزراء المسؤولين عن الزراعة والأمن الغذائي، ورؤساء وفود من 45 دولة عضواً في منظمة التعاون الإسلامي و8 مؤسسات تابعة للمنظمة ومنظمتين إقليميتين ودوليتين.


وخلال كلمته الافتتاحية، أكد سعادة الدكتور عبد الله بن عبد العزيز بن تركي السبيعي، وزير البلدية ورئيس المؤتمر الوزاري التاسع لمنظمة التعاون الإسلامي، أهمية التعاون والعمل المشترك وتوحيد الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة في مجال الزراعة والأمن الغذائي، مشيراً إلى أن هذه الاستضافة تلبي رغبة دولة قطر في التوجه نحو توطيد أواصر الأخوة والتضامن وترسيخها بين دولة قطر والدول الأعضاء.
وأضاف سعادته أن هذا المؤتمر يوفر فرصة بالغة الأهمية للتشاور وتبادل الأفكار، بما يسهم في تعزيز منظومة الزراعة والأمن الغذائي في دول المنظمة. 
وشدد سعادته على التزام دولة قطر بالسعي نحو تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة، وبالأخص الهدف الثاني منها، والمتمثل في القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية وتعزيز الزراعة المستدامة. 
كما أكد حرص قطر على مواصلة التعاون والتنسيق المثمرين مع جميع الدول الأعضاء وجميع المنظمات والهيئات الدولية والجهات ذات الصلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. 
وقال سعادته «إن قطر، في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى (حفظه الله ورعاه)، أولت اهتماماً كبيراً بتطوير القطاعات الاقتصادية في الدولة على وجه العموم، وقطاع الزراعة والأمن الغذائي على وجه الخصوص باعتباره من القطاعات الحيوية الهامة والمعنية بتحقيق الأمن الغذائي لجميع سكان قطر، لافتاً إلى بدء العمل على خطط تحقيق الأمن الغذائي منذ أكثر من عقد، وأن رؤية قطر الوطنية 2030 تستهدف بناء نظام غذائي قادر على الصمود والاستجابة للأزمات والكوارث ويشجع على الإنتاج والاستهلاك المسؤول والمستدام للمنتجات الغذائية مع تطبيق أعلى معايير الجودة والسلامة، ويدعم الممارسات التجارية العادلة القائمة على معايير الاقتصاد التنافسي المتنوع، ويحسن من مستويات المعيشة.
وأضاف أن هذه الجهود تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال خلق التناغم الدائم بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتحقيق الازدهار لشعبنا، ولاقتصادنا، ولمحيطينا الإقليمي والدولي».
وأكد سعادته بأن الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي قد شكلت حائط صد وصمام أمان لدولة قطر في مواجهة المتغيرات كافة، مستشهداً بنجاح الإستراتيجية في بناء نظام غذائي مرن تعامل بشكل ناجح للغاية مع جائحة «كوفيد- 19» والأزمات الجيوسياسية الدولية ومتطلبات استضافة الأحداث الكبرى مثل بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022™. 
وأشاد سعادة وزير البلدية بالدور الهام الذي تلعبه منظمة التعاون الإسلامي في تعزيز التعاون الفاعل في قطاعي الغذاء والزراعة بين أعضائها كجزء من الهدف العام للمنظمة المتمثل في تعزيز التعاون الاقتصادي بين دولها الأعضاء، مثمّناً الجهود المبذولة والقرارات الصادرة من المؤتمرات الوزارية السابقة للمنظمة، ومُذكِّراً بضرورة مواصلة تكاتف الجهود لإيجاد الحلول المناسبة لتحديات الأمن الغذائي وندرة المياه والتغير المناخي.

قضايا الأمن الغذائي 
وفي بداية المؤتمر، أعلن سعادة السيد إبراهيم يوماكلي، وزير الزراعة والغابات في الجمهورية التركية ورئيس المؤتمر الوزاري الثامن لمنظمة المؤتمر الإسلامي، عن انتخاب دولة قطر رئيساً لهيئة مكتب المؤتمر الوزاري التاسع للمنظمة، ودولة فلسطين نائباً للرئيس، وجمهورية السنغال نائباً للرئيس، والجمهورية الإسلامية الإيرانية نائباً للرئيس، والجمهورية التركية مقرراً. كما أعرب سعادة السيد يوماكلي عن استعداد تركيا لتبادل المعلومات حول سياسات الأمن الغذائي والتنمية الزراعية التي تنفذها مع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، مشيراً إلى أن تناول القضايا الملحة المتعلقة بالأمن الغذائي والاستدامة الزراعية يمنحنا الفرصة لمناقشة سبل تعزيز التعاون والتضامن، ومؤكداً أنه يتعين التركيز على كيفية بناء نظم غذائية أكثر مرونة حتى نتمكن من مقاومة الأزمات في المستقبل بشكل أفضل. 
من جانبه، أعرب سعادة السيد حسين إبراهيم طه، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، عن سعادته بانعقاد الدورة التاسعة للمؤتمر الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي حول الأمن الغذائي والتنمية الزراعية في مدينة الدوحة، مشيراً إلى أن المؤتمر وثيق الصلة بمختلف البرامج التي سعت منظمة التعاون الإسلامي بنشاط لتحقيقها من أجل مواجهة التحديات الحالية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في دولها الأعضاء. كما أعرب سعادته عن تقديره لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ولحكومة دولة قطر على استضافة المؤتمر وعلى حسن التحضير والتنظيم، وعلى ما حظي به جميع المشاركين من حسن استقبال وكرم ضيافة. 

تحديات زراعية.. وصراعات عالمية
وأكد سعادته أن الزراعة في أغلب الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لا تزال تواجه تحديات تتمثل في انخفاض إنتاجية المحاصيل والماشية، واستنزاف خصوبة التربة، وتفشي الآفات والأمراض، وتراجع القدرة على مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ، والأنظمة غير الفعالة للتجارة والسوق، والسياسات التي تقلل الحوافز الاقتصادية للاستثمار في الزراعة، لافتاً إلى أن الصراعات المحلية والإقليمية والعالمية المختلفة قد أدت إلى تفاقم حالة الأمن الغذائي في العديد من دولنا الأعضاء، مما أسفر عن زيادة حالات الجوع وسوء التغذية والأمراض.
وأكد أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة – مثل القضاء على الفقر والجوع – يتعذر تحقيقه من دون الاهتمام الجاد والمباشر بتنمية النظم الزراعية والغذائية في بلداننا، وخاصة في البلدان الأقل نمواً في منظمة التعاون الإسلامي.
واختتم سعادته مشاركته بالإشارة إلى الفرص العديدة لدى الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي للتعاون المتبادل، حيث تمتلك كمجموعة ما يلزم من الأراضي الصالحة للزراعة والموارد والتكنولوجيات اللازمة لتوفير ما يكفيها لإعالة نفسها.
وقال: «يمكننا تحقيق التنمية الزراعية والريفية المستدامة من خلال الخروج بإستراتيجيات أكثر استباقية للتعاون والتآزر وتضافر جهودنا، وهو أمر بالغ الأهمية بالنظر إلى أن 23 من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لا تزال من بين 44 دولة منخفضة الدخل في العالم تعاني العجز الغذائي؛ وهي بلدان يقع معظمها في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وفي المناطق القاحلة في غرب آسيا وشمال شرق أفريقيا. 
وأكد سعادته ضرورة وضع ترتيبات شراكة بين البلدان التي لديها الأراضي الصالحة للزراعة والأوقاف الزراعية الطبيعية وتلك التي لديها الأموال والتقنيات، لمعالجة النقص المزمن في الاستثمار في الزراعة والأمن الغذائي ولبناء القدرات الوطنية، وقال «إن هذا الأمر سيجعلنا نمضي قدماً في تعزيز التعاون بين بلدان منظمة التعاون الإسلامي في هذا القطاع الحيوي».

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر وزير البلدية المؤتمر الوزاري منظمة التعاون الإسلامي الدول الأعضاء فی منظمة التعاون الإسلامی تحقیق أهداف التنمیة المستدامة لمنظمة التعاون الإسلامی الزراعة والأمن الغذائی المؤتمر الوزاری الأمن الغذائی تعزیز التعاون وزیر البلدیة دولة قطر فی تعزیز إلى أن

إقرأ أيضاً:

المنطقة تشتعل…فهل نُدرك أهمية الأمن الغذائي؟

 

 

بينما تموج المنطقة برياح التصعيد، وتتأرجح ناقلات النفط في مضيق هرمز وباب المندب تحت ضغط الضربات العسكرية، بدأت نُذر أزمة شاملة تُخيم على الأفق. فالحرب التي يشنها العدو الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، والتي قاربت عامها الثاني، مخلفةً أكثر من 187 ألف شهيد وجريح ودماراً هائلاً، لم تعد مقتصرة على حدود فلسطين، بل امتدت ألسنتها إلى المنطقة بأكملها، فدخلت اليمن المواجهة بكل شرف ضد العدو الأمريكي والإسرائيلي، وها هي المواجهة تتصاعد بعد العدوان الإسرائيلي على إيران وردّ طهران القوي، وصولاً إلى دخول أمريكا المباشر عبر استهداف المنشآت النووية الإيرانية باستخدام طائرات B2 وقنابل خارقة.
إنها ليست مجرد معركة صواريخ وطائرات مسيّرة، بل معركة اقتصادية وأمنية شاملة، تهدد باندلاع أزمة غذائية عالمية، ربما تكون أشد فتكًا من المعارك العسكرية ذاتها. ومع كل هذا، لا يزال البعض يتعامل مع الزراعة كخيار هامشي، وليس كقضية مصيرية تمسّ بقاءنا وكرامتنا.
ما نشهده من تصعيد في المنطقة يُنذر بشلل حقيقي في سلاسل التوريد الدولية، وتقلبات في أسعار الغذاء، وارتفاع في تكاليف الشحن والتأمين، خاصة في الممرات البحرية التي يعتمد عليها اليمن لاستيراد ما يزيد عن 80٪ من احتياجاته الغذائية. فهل سندفع الثمن مرتين؟! لقد صمد الشعب اليمني في وجه العدوان والحصار، لكنه اليوم أمام تحدٍّ مصيري لا يقل خطورة: كيف نأمن لقمة العيش ونحن نواجه عدواً لا يرحم؟!
الأمن الغذائي لم يعد رفاهية حكومات، بل ضرورة حياة للشعوب الحرة، فمن لا يملك غذاءه، لن يمتلك قراره، وسيظل تابعًا مهما امتلك من السلاح، ومع استمرار الحصار وغياب السيطرة الكاملة على المنافذ، ومع تسارع الانغلاق الاقتصادي عالميًا، تصبح الزراعة الملاذ الآمن والسبيل الوحيد للنجاة.
تؤكد القيادة الثورية بقيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي مرارًا، أن الزراعة عمود الاقتصاد الوطني، ويجب أن تتحول إلى ثقافة شعب، ومشروع دولة، ومنظومة مقاومة، وقد شدد السيد القائد في أكثر من خطاب على ضرورة التوجه الجاد والعملي نحو الإنتاج المحلي، واستغلال ما حبانا الله به من مقومات وثروات زراعية متنوعة، لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتحرير المواطن اليمني من التبعية المهينة.
نحن نملك من الإمكانات ما يكفي لننهض: أرض خصبة، تنوع مناخي فريد، بيئات زراعية متعددة، وأيادٍ عاملة شريفة، وكلها عناصر تمكّن اليمن إذا أحسنّا التخطيط والتنظيم من الوصول إلى مستويات عالية من الاكتفاء الغذائي في غضون سنوات قليلة.
وهذا يستدعي توفير الدعم الكامل للمزارع، عبر التوجيه والإرشاد الزراعي، وإيجاد آليات فعالة للتسويق، وسَنّ سياسات زراعية تضمن الحماية والتشجيع والتحفيز، والعمل على دعم الإنتاج المحلي وتخفيض الاستيراد.
وفي الوقت الذي يخوض فيه رجال البحرية والقوة الصاروخية والطيران المسيَّر معركة الكرامة والسيادة في البحر الأحمر، فإن معركة الزراعة لا تقل أهمية، فهي معركة الأرض والمحراث، معركة الخبز والمائدة، معركة التحرر من الاستعباد الغذائي، ولا يمكن لشعب مقاوم أن يكتمل مشروعه إلا إذا أكل مما يزرع، ولبس مما يصنع، واستغنى عن الحاجة للعدو في قوت يومه.
التحرك المطلوب ليس مهمة الحكومة وحدها، بل مسؤولية جماعية، شعباً، ومؤسسات، وقطاعاً خاصاً، ومجتمعاً مدنياً، وعلماء، وإعلاماً، الجميع مدعوٌ اليوم للانخراط في مشروع الإنقاذ الوطني عبر الزراعة والإنتاج.
نعم، المنطقة تشتعل، وربما تنفجر، ولكن السؤال الأخطر: هل نحن مستعدون؟
لن يكون الجواب صادقًا ما لم نبدأ من الآن بإحياء الزراعة، وتمكين المزارعين، وتحرير رغيف الخبز من قبضة الاستيراد.
فمن يزرع اليوم… لن يجوع غدًا.

مقالات مشابهة

  • المنطقة تشتعل…فهل نُدرك أهمية الأمن الغذائي؟
  • مدير فرع وزارة الخارجية بمكة المكرمة يستقبل سفير بعثة روسيا الاتحادية لدى منظمة التعاون الإسلامي
  • الإمارات توسع التعاون مع «بنك التنمية الجديد» لدعم النمو الاقتصادي المستدام
  • أكد أنها تعكس الالتزام بتحقيق أهداف التنمية.. البديوي: أجنحة دول التعاون في “إكسبو” تجسد الإرث الحضاري
  • وزير المالية: منصة بريكس فرصة لربط خطط التنمية بمبادرات التعاون
  • اختتام فعاليات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إشبيلية
  • «وزير المالية»: تعميق التعاون بين البريكس وإفريقيا في قضايا تمويل التنمية والمناخ ومبادلة الديون والأمن الغذائي
  • النائب عمرو القطامى: تعزيز التعاون الأفريقي لتحقيق التنمية الشاملة يجعل مصر بوابة للقارة السمراء
  • البنك الإسلامي للتنمية وتركيا يوقّعان اتفاقيات تمويل بقيمة 200 مليون يورو لتعزيز البنية التحتية البلدية المستدامة
  • وزيرة البيئة: يجب مراعاة احتياجات الدول النامية لتحقيق التنمية المستدامة