جائزة «الشيخ حمد» تحتفي باليوم العالمي للترجمة
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
نظمت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ندوة عبر تقنية «زوم» بمناسبة اليوم العالمي للترجمة الذي يوافق الثلاثين من سبتمبر من كل عام شارك فيها خمسة من المترجمين والمترجمات من لغات مختلفة.
وقدم المشاركون خلال الندوة رؤاهم بشأن دور الترجمة كفعل حضاري بين الأمم والثقافات والشعوب، وناقشوا واقع حركة الترجمة استنادا إلى تجاربهم الشخصية في هذا المجال، وتطرقوا إلى الصعوبات والتحديات التي يواجهونها أثناء عملهم.
وقالت الدكتورة امتنان الصمادي خلال إدارتها للندوة التي حملت عنوان «تجارب في الترجمة»: «إن جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تسعى إلى تكريم المترجمين وتشجيعهم والاعتراف بجهودهم من خلال تقديرهم على المستويين المادي والمعنوي»، واستعرضت مسيرة الجائزة التي تقدمها دولة قطر للعالم، وفلسفتها وأهدافها وغاياتها وفئاتها ومعايير الترشح لها والفوز بها.
من جانبها تحدثت وفاء أبو حطب، أستاذة اللغويات في جامعة «الزرقاء الأردنية»، عن أهمية الترجمة للإنسانية قائلة: «لو أن الله عز وجل أراد لخلقنا أمة واحدة بلغة واحدة، لكن من آياته أن تختلف ألسنتنا وتختلف لغاتنا حتى نتعلم ونتعرف على الآخر»، مضيفة أن الله سبحانه وتعالى في الآية القرآنية (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) خاطب الناس بصرف النظر عن منابعهم الفكرية والثقافية والعقائدية، ما يعني أن علينا أن نتعارف ونتصل بهم، وهذا يحتاج إلى وسيط هو الترجمة».
وأوضحت أن الترجمة فعل ثقافي يتجول فيه المترجم بين ثقافتين نقلا منهما وإليهما، يطرق أبواب الشعر والأمثال تارة، وأبواب المصطلح تارة أخرى، يمخر عباب بحور المعاني ويحلق في فضاء الخطاب. وذلك حتى يستطيع إيصال المعنى، مؤكدة أن المترجم سفير الثقافة بين الأمم، ووسيط بين ثقافتين، وأن الأعمال الأدبية المترجمة تمد جسرا من التفاهم والألفة بين ثقافتين، مختصرة المسافات والفروق الثقافية، ومدعو لأن يوازن بين الولاء للنص الأصلي وبين الخروج بنص مترجم يخلق التأثير نفسه الذي خلقه النص الأصلي عند قارئه، مع الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الثقافية.
وأشارت أبو حطب إلى التحديات التي يواجهها المترجم، ومنها أن لا يكون مؤلف النص الأصلي على قيد الحياة، فيلجأ المترجم إلى البحث والتقصي إذا ما واجهته مشكلة خلال اشتغاله بالترجمة. وكذلك أن يجد مترجم النص الأدبي المقابل الذي يعبر عن المعنى ويعطي الأثر نفسه، لأن الأدب هو «الكبسولة» الثقافية التي تختزل فيها الأمم عاداتها ورؤيتها للحياة، والتي تزخر بالأمثال والعبارات المرتبطة بثقافة دون غيرها.
ترجمات قيمة
بدورها، تحدثت الدكتورة نيديليا كيتايفا التي تدرس اللغة العربية والأدب العربي في جامعة «بلغاريا الجديدة»، مبينة أن أول لقاء لها مع الترجمة من اللغة العربية كان أثناء دراستها الجامعية، إذ أرادت تحديد موضوع رسالتها للماجستير وكانت مترددة في اختيار مؤلف معين، وصودف أنها اطلعت على الأعمال الشعرية لأدونيس فقررت أن تترجم بعض قصائده.
وأوضحت كيتايفا في هذا السياق: «كنت على يقين من أنني لا أستطيع الكتابة عن شاعر لم أطلع على مؤلفاته، في البداية لم أفهم من أشعاره إلا القليل، وكانت الكلمات ذات معان غامضة، لكنني شعرت بعمق هذا الشعر وطاقاته الكامنة وأدركت أن تلك القصائد تضم أكثر مما نلاحظ على السطح، وأن طبقة الظاهر ترتبط بشكل غريب بالباطني فيها، ثم عثرت على تعريف هذا الشعور الذي عبر عنه أدونيس نفسه حين تحدث عن (لغة ما وراء اللغة، وصورة ما وراء الصورة، وعلم ما وراء العلم)، وأعتقد أن هذه العبارة تعطينا أدق تعريف للثقافة العربية وآدابها بشكل عام.. تلك هي الصعوبة الأولى التي واجهتها في حقل الترجمة من العربية».
ونوهت إلى أن ترجمتها الأولى كانت مقابلة مع أدونيس وفصل من كتابه «النظام والكلام» وبعض قصائده، وقالت: «بفضل أدونيس وقعت في فخ الشعر العربي، ثم بدأت أقرأ وأترجم لشعراء عرب آخرين، أذكر منهم قاسم حداد ونزار قباني وغادة السمان وإيمان مرسال، وشرعت أترجم قصصا قصيرة، ثم بعض الروايات.
وعن التحديات التي واجهتها خلال ممارستها الترجمة، قالت كيتايفا إن أبرزها أن اللغة العربية ليست لغتها الأم، وأنها لم تدرس العربية إلا في بلغاريا، لذلك كانت تحتاج للمزيد من الجرأة عندما قررت أن تترجم رواية «فيزياء الحزن» لغيورغي غوسبودينوف. وأشارت إلى أن هذه الرواية صعبة ومعقدة، ليست من ناحية الترجمة وحسب، بل إنها «تشبه متاهة مبنية على قصص قصيرة لكونها رواية تجريبية حديثة ذات سياق ثقافي عميق».
وذكرت أن صعوبات الترجمة تختلف باختلاف النصوص التي تتم ترجمتها، وباختلاف الأدباء أصحاب تلك النصوص أيضا، وهذا «يتطلب الكثير من العمل إزاء كل كاتب للتعرف على التفاصيل الخاصة بعمله». مؤكدة أن التحدي بالنسبة للمترجم يكمن في كيفية نقل روح الثقافة التي يرتبط بها العمل، فعلى المترجم أن يصل إلى تلك الروح قبل القارئ كي يتمكن من إعادة تقديمها بأفضل طريقة.
أما المترجم المصري الدكتور صلاح هلال، أستاذ الأدب والفلسفة الألمانية في كلية التربية بجامعة «عين شمس»، فقال خلال مداخلته: «نحتاج إلى تضافر الجهود التي تعنى بالترجمة في صورة مشروع عربي ضخم يضم متخصصين من كل الدول ويكون هو الموجه لعمل الترجمة في العالم العربي، وهذا يحتاج إلى إرادة سياسية وثقافية ودعم مادي».
وأكد أن من الضروري دعم المترجمين ليؤدوا المهمة التي يتصدون لها على أكمل وجه، مضيفا أن دور النشر قد تقدم بعض الدعم، لكن المترجم يظل هو «الحلقة الأضعف في سلسلة إنتاج الكتب رغم أنه الأساس في عملية الترجمة»، فكثير من دور النشر «تبحث عن الكلفة المادية الأقل، ولا تختار المترجم المناسب للنص المناسب»، كما أنها ترفض وضع اسم المترجم على غلاف الكتاب، رغم أنه شريك في الكتاب ولكن بلغة أخرى.
من جهته، قال المترجم الكويتي عبد الوهاب سليمان، إن اهتمامه بالترجمة بدأ في وقت مبكر، وإن الأعمال المترجمة الجميلة التي استمتع بها ارتبطت بالمترجمين كما ارتبطت بالمؤلفين. وأضاف أنه تعرف خلال دراسته علوم الطب الحيوي والكيمياء في بريطانيا على أستاذ دراسات الترجمة في جامعة الكويت الدكتور محمد بن ناصر، وأستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة الكويت شملان القناعي، وكانا وقتها طالبين في مرحلة الدكتوراة، فوجهاه وأرشداه لأسماء كبيرة في الأدب والترجمة.
أما المترجمة الباكستانية الناشئة آسيا عارف صديق، التي ترجمت كتبا عدة من العربية للإنجليزية والأوردية والفارسية، فتوقفت عند تجربتها في ترجمة الحكم والأمثال، موضحة أنها جمعت الحكم والأمثال من كتب مختلفة منها «مجمع الأمثال» للميداني، و»أحلى ما قيل في الحكم والأمثال» من إعداد غريد الشيخ، و»الإعجاز والإيجاز» للثعالبي، و»عيون الأخبار» لابن قتيبة.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر اليوم العالمي للترجمة جائزة الشيخ حمد للترجمة فی جامعة
إقرأ أيضاً:
الإسماعيلية تحتفي بالذكرى السنوية لإنشاء الجامع الأزهر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهد اللواء طيار أ.ح أكرم محمد جلال، محافظ الإسماعيلية، اليوم الخميس، الاحتفالية السنوية بمناسبة مرور أكثر من 1085 عامًا على إنشاء الجامع الأزهر الشريف، تحت عنوان “أكثر من ألف عام من العطاء”.
أقيمت الفعالية بالمسرح الرئيسي بجامعة قناة السويس، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبحضور الدكتور ناصر مندور، رئيس جامعة قناة السويس، وعدد من القيادات الدينية والتنفيذية بالمحافظة.
حضر الاحتفال المهندس أحمد عصام الدين، نائب المحافظ، والعميد محمد فرج شعلان، المستشار العسكري للمحافظة، وفضيلة الشيخ ممدوح عبد الجواد، رئيس الإدارة المركزية للمنطقة الأزهرية، وفضيلة الشيخ عبد الخالق عطيفي، وكيل وزارة الأوقاف، وفضيلة الشيخ أشرف السعيد، رئيس منطقة الوعظ، بالإضافة إلى لفيف من قيادات الأزهر والكنيسة وجامعة قناة السويس والجهاز التنفيذي بالمحافظة، إلى جانب طلاب المعاهد الأزهرية.
بدأت الاحتفالية بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، تلاها الطالب محمود وائل سعيد من طلبة الأزهر الشريف، أعقبها كلمات لممثلي الأزهر والأوقاف وبيت العائلة المصرية، تناولت دور الأزهر في نشر تعاليم الإسلام الوسطي وتعزيز قيم التسامح والتعايش. كما تم عرض فيلم وثائقي يبرز دور الأزهر كأقدم جامعة في العالم، وما قدمه على مر العصور في نشر العلم والدفاع عن قضايا الأمة.
وفي كلمته، أكد محافظ الإسماعيلية أن الأزهر الشريف كان ولا يزال قلعة شامخة للوسطية والاعتدال، وحصنًا لحماية الهوية الإسلامية، مشيرًا إلى دوره في تخريج علماء حملوا رسالة الإسلام إلى العالم، وساهموا في نشر قيم التسامح والتعايش. وأضاف أن الأزهر كان ولا يزال منبرًا للحوار والانفتاح، وحائط صد أمام الفكر المتطرف، حيث يحمل على عاتقه نشر الفكر الإسلامي الوسطي وترسيخ قيم التسامح بين البشر.
كما تحدث فضيلة الشيخ ممدوح عبد الجواد عن مناهج الأزهر ودوره في غرس القيم الإسلامية وتعزيز الفهم الصحيح للدين بين الطلاب، فيما استعرض الدكتور محمد فاضل، الأستاذ بجامعة الأزهر، الأدوار الوطنية التي لعبها شيوخ الأزهر في مختلف العصور.
من جانبه، أكد القمص بنيامين مزيد على عمق العلاقة بين الأزهر والكنيسة المصرية، والتي تقوم على التعاون والتآخي في سبيل الحفاظ على وحدة الوطن، مشيدًا بدور بيت العائلة المصرية في ترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية.
كما شهد الحفل عددًا من الفقرات الفنية، حيث قدم طلاب المعاهد الأزهرية أوبريتًا وطنيًا، أعقبه فقرة للإنشاد الديني، وفي ختام الاحتفالية، قام محافظ الإسماعيلية ورئيس جامعة قناة السويس بتكريم عدد من القيادات الأزهرية والتنفيذية بالمحافظة، وتقديم المصحف الشريف المهدي من شيخ الأزهر الجليل إلى المحافظ ورئيس الجامعة، تقديرًا لدورهما في دعم الأنشطة الدينية والثقافية.