تحظى التنمية المستدامة في دولة قطر باهتمام كبير من قبل الحكومة، ويظهر ذلك جلياً في المشاريع والمبادرات التي تتبناها وتدعمها الدولة، ولعل كأس العالم 2022 ابرز هذه الجهود من خلال الاستادات الثمانية المستدامة في انشائها وإدارتها، والتي ترشحت للحصول على شهادة المنظومة العالمية لتقييم الاستدامة « جي ساس « من فئة 4 نجوم.

بالإضافة إلى مدينتي لوسيل ومشيرب قلب الدوحة، وهما مدينتان ذكيتان ومستدامتان صممتا لتجمعا بين التكنولوجيا الصديقة للبيئة والتخطيط العمراني المحسن. تستوفي المدينتان أعلى المعايير البيئية، وتعززان الإشراف والأبحاث البيئية. تجدر الإشارة إلى أن مشيرب قلب الدوحة هي أول مشروع مستدام لتطوير وسط مدينة على مستوى العالم.
صممت مشيرب قلب الدوحة بشكل يحد من الحاجة إلى استخدام السيارات الخاصة، ما يساهم في تخفيض انبعاثات الكربون وتخفيف الازدحام المروري. وصممت المنطقة للحفاظ على المياه بصورة مستدامة من خلال استخدام تقنيات وممارسات حديثة تخفض استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 30%، ولتعزيز كفاءة الطاقة من خلال أكثر من 5,200 لوح للطاقة الشمسية تؤمن الطاقة الكهربائية والمياه الساخنة.
كما جُهزت مدينة لوسيل بنظام فائق التطور لتبريد المناطق يعد من الأكبر حجماً في العالم، وقد صمم ليوفر 65 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. تمتاز المدينة أيضاً بشبكة القطار الخفيف، واستراتيجية ركن السيارات والركوب، بالإضافة إلى طرقٍ مخصصة للدراجات الهوائية والمشاة تقدم حلولاً موثوقة وصديقة للبيئة في مجال النقل.
 ولقد قطعت الدولة شوطاً كبيراً في هذا المجال ودعمت القطاع الخاص للانطلاق به، ولقد شهدت دولة قطر ظهور مصانع وشركات كبرى خلال السنوات الماضية، سجلت إنجازات كبيرة في مجال الاستدامة وإعادة التدوير، ومن احد اكبر تلك الجهات النشطة في هذا المجال مجموعة شاطئ البحر التي تأسست عام 1989 وتكيفت سريعاً مع التغييرات والتشريعات المتعلقة بالاستدامة وإعادة التدوير. ولعل ابرز إنجازات المجموعة في مجال الاستدامة هو تأسيس مركز شاطئ البحر للاستدامة والتدوير الذي يهدف إلى رفع الاهتمام المجتمعي بمبدأ إعادة التدوير واستعادة المواد الخام لتطوير قطاع إدارة النفايات، مع الامتثال لأعلى المعايير البيئية وفقاً لسياسات الاستدامة البيئية، ولإشراك المجتمع المحلي في المبادرات والبرامج التربوية والتعليمية وتمكين قضايا الشباب في مجال ريادة الأعمال والعمل التطوعي والبيئي والريادة في التعليم، حيث تطمح المجموعة إلى أن تكون وجهة الشباب الأولى. وتسعى مجموعة شاطئ البحر لتطوير أنشطة التعامل مع كافة أنواع النفايات ليشمل أنشطة جمع النفايات وفرزها ومعالجتها وتصريفها واسترجاع المواد وتحويلها للمصانع بهدف تحقيق الكفاءة القصوى في استخدام الموارد، وذلك لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بإعادة تدوير جميع النفايات وإدخالها من جيد في الاقتصاد. 
ولعل اهداف المجموعة ليست بعيدة عما يطرحه معرض إكسبو الدوحة 2023 للبستنة الذي خصص للاستدامة محوراً كاملاً يتم استعراضه ومناقشته خلال فترة المعرض، والذي يهدف إلى عرض أهدافها الرامية إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي والتوازن البيئي، مع الحاجة إلى استخدام المعرفة والتحضر للحفاظ على الأسلوب الحديث في الحياة. ويلخص إكسبو الاستدامة في ثلاث ركائز اقتصادية واجتماعية وبيئية. 
وتشكل استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغير المناخي ركيزة أساسيةً للسياسات العامة من أجل المحافظة على البيئة لصالح الأجيال الحالية والقادمة. وتقع هذه المهمة على وزارة البيئة والتغيّر المناخي التي تعمل على حماية البيئة وصون مواردها. وتتماشى خططها في هذا المجال مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وتشكل جزءاً لا يتجزأ من رؤية قطر الوطنية 2030، وترسم معالم التزام دولة قطر بمواجهة التغير المناخي من خلال تنويع الاقتصاد، وبناء القدرات، وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية. كما تحدد الخطة الأهداف المناخية الوطنية لتعزيز القدرة على مواجهة آثار تغير المناخ من خلال أكثر من 35 إجراءً مختلفاً وأكثر من 300 مبادرة تكيف تركز على التخفيف من الآثار. وتجري المؤسسات البيئية الفعالة والمتمرسة في دولة قطر البحوث ذات الصلة، مع نشر الوعي العام وتعزيزه حول حماية البيئة وكذلك تشجيع استخدام التكنولوجيا الخضراء. إلى جانب تقديم الحكومة دعمها الكامل للشركات الناشئة ومراكز الأبحاث والمنظمات التي تواظب على الابتكار والتطوير في مجالات الحفاظ على البيئة والاستدامة والتكنولوجيا.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر التنمية المستدامة كأس العالم 2022 المعايير البيئية إكسبو الدوحة 2023 دولة قطر فی مجال من خلال

إقرأ أيضاً:

في «اليوم العالمي لوقف الهدر» دعوة لتفعيل الاستدامة في صناعة الأزياء

طه حسيب

في 30 مارس من كل عام، يحل اليوم الدولي للقضاء علي الهدر، وهو مبادرة أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 14 ديسمبر 2022 في دورتها السابعة والسبعين، على أن يُحتفل به سنوياً. 
 ويكمن الهدف الرئيس من هذا اليوم الدولي في استكشاف سبل خفض أكثر من ملياري طن من النفايات التي تنتجها البشرية كل عام.
وعن حجم النفايات على الصعيد العالمي ومدى تأثيرها، يشير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية إلى أنه إذا وضعنا النفايات الصلبة البلدية الناتجة خلال عام واحد في حاويات شحن قياسية وصفها واحدة تلو الأخرى، سيبلغ طولها ما يعادل الالتفاف حول الكرة الأرضية 25 مرة.
ولدى المنظمة الدولية قناعة بأن استخدام الموارد الطبيعية بشكل متزايد هو العامل الرئيس لأزمة الكوكب الثلاثية المتمثلة في تغير المناخ، وفقدان الطبيعة والتنوع البيولوجي، والتلوث. ويلفت برنامج الأمم المتحدة للبيئة الانتباه إلى أنه من دون اتخاذ إجراءات عاجلة، سيرتفع حجم النفايات الصلبة الحضرية المتولدة إلى 3.8 مليار طن سنويا بحلول عام 2050
 وتركز الأمم المتحدة هذا العام على قطاع الأزياء والمنسوجات ومخاطر الموضة علي البيئة. فعلى الصعيد العالمي، تؤدي الزيادة المتنامية في إنتاج الملابس إلى زيادة التلوّث، وتأجيج تغيّر المناخ، واستنزاف موارد طبيعية ومساحات برية. 

أخبار ذات صلة تحذير أممي من عواقب انهيار وقف إطلاق النار في غزة الإمارات ضمن أفضل 5 اقتصادات في دعم ريادة الأعمال النسائية

ينتج قطاع النسيج سنوياً ما بين 2% و8% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم، ويستخدم 215 تريليون لتر من المياه، وهو ما يعادل 86 مليون حمام سباحة أوليمبي. وتزداد أهمية صناعة الأزياء سواء الاقتصادية والاجتماعية لقيمتها البالغة 2.4 تريليون دولار، ويعمل بها 300 مليون شخص في جميع أنحاء العالم معظمهم من النساء، وينتج العالم 150 مليار قطعة ملابس سنوياً.
  وعن العبء البيئي الذي تشكل صناعة الأزياء، حذرت مؤسسة «إيلين مكارثر»- التي تأسست في بريطانيا عام 2010 بهدف تسريع التحول إلى الاقتصاد الدائري- من أن 500 ألف طن من الألياف الدقيقة يتم ضخها في المحيطات سنوياً جراء عمليات غسل الملابس، أي ما يعادل نفايات بحجم 50 مليار زجاجة بلاستيكية، كما أن الألياف الاصطناعية التي يتم استخدامها في 72% من الملابس كلها تستغرق ما يصل إلى 200 عام كي تتحلل.
  ورصد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» أن صناعة الأزياء تستهلك 93 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، أي ما يكفي لتلبية احتياجات 5 ملايين شخص. وحسب «الأونكتاد» تعد صناعة الأزياء ثاني أكثر الصناعات تلويثاً في العالم، وينتج عنها كمية من الألياف الدقيقة تعادل 3 ملايين برميل من النفط يتم إلقاؤها في المحيطات كل عام، كما أن صناعة الأزياء مسؤولة عن انبعاثات كربون أكثر من جميع الرحلات الجوية الدولية والشحن البحري مجتمعين.
وبين عامي 2000 و2015، تضاعف إنتاج الملابس. وتشير التقديرات إلى أن 92 مليون طن من نفايات النسيج يتم توليدها سنوياً في جميع أنحاء العالم، بما يعادل حمولة شاحنة من الملابس التي يتم حرقها أو إرسالها إلى مدافن النفايات كل ثانية. وإنه مدفوع بالارتفاع السريع في الإنتاج والاستهلاك داخل قطاع النسيج، مما يسبب القضايا البيئية والاقتصادية والاجتماعية الشديدة، وخاصة في الجنوب العالمي.
  ويشير برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن العديد من المصمّمين الرائدين في قطاع الأزياء بدؤوا يتبنون معايير الاستدامة. وقام عدد متزايد من علامات الأزياء وصانعي الملابس بوضع أهداف تتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة الساعي إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن صناعة الأزياء، واتخذ آخرون خطوات مهمة للحدّ من التلوّث وخفض تأثيره على الطبيعة. 
 لدعم المزيد من الأعمال والمشاغل، أطلق برنامج الأمم المتحدة للبيئة «أكاديمية غرب آسيا للأزياء المستدامة» في عام 2021. وقد قدمت حتى الآن التوجيه والتدريب لـ 150 من المصمّمين الناشئين وطلّاب معاهد الأزياء وأصحاب الأعمال الصغيرة والمنظمات غير الربحية، لمساعدتهم على صنع الملابس بطريقة أكثر استدامة. وقد وجّهت المشاركين على كيفية الحصول على أقمشة صديقة للبيئة، واستخراج الأصباغ الطبيعية من النباتات، واستخدام موارد أقل، مشيراً إلى أن مضاعفة عدد مرات ارتداء الملابس من شأنه أن يقلل من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 44%.
  ويوجد العديد من المنظمات غير الحكومية المعنية بالأزياء المستدامة، مثل «فاشون ريفليوشن» و«الموضة من أجل الخير» و«ريميك أور وورلد» و«حملة الملابس النظيفة CCC»، و«منتدى الأزياء المستدام» (SFF)، وأجندة الموضة العالمية (GFA) و«مبادرة أخلاقيات الأزياء» (EFI) و«معهد المعايير الجديدة» (NSI)، بالإضافة إلى «تحالف الملابس المستدامة» الذي انطلق عام 2007 بطموح في قيادة قطاع صناعة الملابس نحو رؤية للاستدامة تستند إلى نهج مشترك لأصحاب المصلحة المتعددين لقياس الأداء وتحسينه ومشاركته. التحالف يضم الآن أكثر من 280 علامة تجارية عالمية ويضم أيضاً تجار تجزئة ومستثمرين ومنظمات غير حكومية وأكاديميين واتحادات صناعية على طول سلسلة التوريد بأكملها، وتمثل حوالي نصف صناعة الملابس والأحذية. ويلتزم التحالف بإيجاد عالم أكثر استدامة وإنصافاً وعدلاً للجميع من خلال جهود العمل الجماعي التي تتيح تأثيراً اجتماعياً وبيئياً إيجابياً على نطاق واسع.

مقالات مشابهة

  • تفوق التنين الصيني في السباق العالمي للذكاء الاصطناعي بعد "ديب سيك"
  • حملات رقابية من مديرية التموين والتجارة الداخلية بمحافظة كفر الشيخ
  • وزارة البيئة تبحث تعزيز التعاون مع القطاع الخاص الصيني للاستثمار في إدارة المخلفات
  • عن المشاكل البيئية التي تواجهها دير الأحمر.. هذا ما أعلنته وزيرة البيئة
  • اليوم.. البيئة تعلن رفع حالة الطوارئ بالمحميات البرية والبحرية بمختلف المحافظات
  • في اجتماع بريكس.. الإمارات تؤكد التزامها بمواصلة دعم التحول العالمي للطاقة
  • الإمارات تؤكد التزامها بمواصلة دعم التحول العالمي للطاقة
  • الأربع ولا الخميس .. موعد انتهاء إجازة العيد رسميا للقطاع الخاص
  • في «اليوم العالمي لوقف الهدر» دعوة لتفعيل الاستدامة في صناعة الأزياء
  • تحالف استراتيجي بين القطاع الخاص والأكاديمي لتوطين صناعة الذكاء الاصطناعي