الثورة نت:
2024-09-19@17:10:59 GMT

الكبوس رجل البر

تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT

أحمد يحيى الديلمي

 

 

بالأمس ودع حياتنا الفانية رجل الأعمال المعروف محمد حسن الكبوس هذا الرجل الذي عرفته وأنا في سن مبكرة كان يأتي إلى والدي في قرية القابل ويعطيه مبلغاً من المال لكي ينفقه على المحتاجين في المنطقة ،وعرفته اكثر في موقع يشع بالإنسانية والرحمة في نهاية عام 1973م عندما أقدمت حكومة القاضي عبد الله الحجري رحمة الله على اغلاق الأقسام الداخلية نتيجة موقف سياسي معين، وكانت المصدر الوحيد لمئات الطلبة في السكن والأكل وكل شيء وأول من رأيناه يتعاطف مع الطلبة وهم نائمون امام المدرسة بين البرد هو المرحوم محمد حسن الكبوس فلقد اتى وأعطى كل طالب مائتي ريال، وكانت تلك الأيام تساوي عشرين الف ريال، قال احد الطلبة أطال الله عمره وهو الذي نبهني إلى هذا الموقف حينما سمع بوفاة المرحوم قال لتظل الأقسام الداخلية مغلقة إذا كان الناس جميعا مثل الكبوس أي أن المبلغ الذي استلمه جعله فعلا يحس بالأمان باعتباره يوازي نفقات شهر كامل، وهذا هو المرحوم الكبوس كان يعمل الخير بدون ضجة ودون ان يعرف احد به لذلك عندما سمعنا خبر وفاته تواصلنا عبر التلفون وكان كل منا يحث الاخر بأن يتكلم عن الرجل بما هو أهلا له وبحسب المواقف التي لمسها منه بنفسه منها الموقف الذي سبق الحديث عنه وهو موقف لا يُنسى ابدا، خاصة إذا ما ادركنا ان تجارة الرجل في تلك الأيام كانت محدودة إلا أنه كان يؤثر الخير ويحب الصدقة بلا منّ أو سمعة أو رياء، وهذا ما قال لي فيما بعد العلامة الحجة حمود عباس المؤيد طيب الله ثراه فلقد كان يحب محمد الكبوس بشكل خاص، لأن الرجل كان يأتيه بين الفينة والأخرى بصدقات أحيانا يجمعها منه ومن الأخرين، وكنت أعرف أن هناك نساء واشخاص محتاجين يأتون إلى المرحوم المؤيد لطلب الصدقة فيطلب منهم الانتظار حتى يأتي الكبوس وعندما سألته أجاب هذا الرجل يتصدق بنية خالصة لله لا يطلب الريا ولا السمعة وهؤلاء الناس اعزاء لا بد أن تكون الصدقات التي تقدم لهم من شخص يحمل روحية الكبوس، وهكذا تدرجت علاقتي بالمرحوم حتى انه كان في أحيانا كثيرة يحضر حلقات الدرس التي يقيمها الوالد العلامة حمود عباس المؤيد أو العلامة محمد محمد المنصور في جامع النهرين كان يترك كل شيء ويأتي لكي يحضر الحلقة وكله استعداد للسماع وتلقي المعلومة، وهذا كان دأب التجار في الزمن الماضي كان الجميع يتقن التجارة ويعززها بالعلم استنادا إلى قول يعسوب الموحدين وامام المتقين الامام علي بن ابي طالب ( الفقه ثم التجارة ) وقوله (من اتجر ولم يتفقه فقد التطم بالرباء ).

كان المرحوم محمد حسن الكبوس قد ابدى استعداده لتوسيع جامع النهرين في زمن مبكر إلا أن الوالد المؤيد كان قد اعطى وعداً لرجل الاعمال المعروف المرحوم محمد الجوفي وشكل الموضوع حسرة بالنسبة للكبوس وظل يتطلع إلى اللحظة التي يتمكن فيها لعمل أي شيء لجامع النهرين حبا فيمن يقيم الجامع ويشرف عليه وهو العلامة حمود عباس المؤيد
ن وشاءت الاقدار أن يتحقق حلم الرجل بعد أن تم هدم جامع النهرين وبالفعل بادر نجله /حسن محمد الكبوس أطال الله عمره إلى تحقيق رغبة والده بإعادة بناء المسجد بشكل راق ومتطور ولا يزال الآن قيد الانشاء إلا أن المرحوم كان يتحسر لأن الفكرة تمت بعد رحيل صديق عمره العلامة حمود عباس المؤيد طيب الله ثراه ، الذي كان لا تروق له صلاة الجمعة إلا خلفه وبعد سماع خطبته حيث كان يتجشم الصعاب رغم مرضه، إلا أنه كان يأتي من منزله إلى جامع الشوكاني لكي يستمتع بخطبة المرحوم المؤيد ولقد قال لي أكثر من مرة “لا جمعة إلا خلف حمود المؤيد” رحم الله رجل البر والإحسان محمد حسن الكبوس وألهم اهله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون وعزاؤنا الخاص للأخ/حسن وأخوانه وجميع آل الكبوس بهذا المصاب الجلل ونكرر ما قاله المولى سبحانه وتعالى : ( والذين إذا اصابتهم مصيبه قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ) صدق الله العظيم، نسأل من الله الرحمه والغفران للمرحوم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
والله من وراء القصد

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: محمد حسن الکبوس إلا أن

إقرأ أيضاً:

الفروق بين المرأة والرجل بين الإنكار الأيديولوجي والتقرير الواقعي

بعد أن استعرضنا بتفصيلٍ في المقال السابق السبب الأول من الأسباب الخلفية للمعركة المشتعلة حول طاعة المرأة زوجها، والمتمثل في إخضاع النص الشرعي لفكرة "المساواة التامة" وفق المفهوم الليبرالي، وتحدثنا في مناقشة هذا السبب عن الإشكالات في منهجية التعامل مع النصوص الشرعية؛ نستكمل الحديث عن بقية الأسباب الخلفية لهذه المعركة التي يزكم دخانها الأنوف ويعمي أبصار وبصائر الكثيرين والكثيرات.

فروق طبيعية أم اجتماعية وثقافية؟

إنّ تبني فكرة المساواة المطلقة وفق المنظور الليبرالي أدى بشريحة من المسلمين والمسلمات من المتحدثين بقضايا المرأة إلى الذهاب بعيدًا حد نفي الفروق الطبيعية بين الرجل والمرأة من حيثُ النتيجة والمآل، والسخرية من كل متحدث عن الفروق الفيزيولوجية بين الجنسين، وهذا نتاج التشبع بنظرياتٍ تعد الاختلاف بين الجنسين محض بناءٍ ثقافي واجتماعي وقناعات صنعتها التربية المنزلية أو المدرسية أو المجتمعية لتكريس الهيمنة الذكورية، ولا علاقة لها بأية اختلافات حقيقية بين الرجل والمرأة.

وفي ذلك تقول الفيلسوفة النسوية الفرنسية سيمون دو بوفوار في كتابها "الجنس الثاني": "لا نولَدُ امرأة، ولكن نصيرُ امرأة"، وتقول في موضع آخر: "الأنوثة ليست جوهرًا ولا طبيعة؛ إنها حالةٌ خلقتها الحضارات انطلاقًا من بعض المعطيات الفيزيولوجية".

أما عالم الاجتماع الأميركي إرفنغ غوفمان فيقول: "إن الاعتقادات المتعلقة بالذكورة أو الأنوثة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بسلوك النوع"، وبناءً عليه فإن المهام الخاصة بالمرأة في هذه النظريات ما هي إلا نوع من انتهاك كرامة المرأة وتدمير لكينونتها، مثل "غريزة الأمومة المدمرة" كما تسميها الفيلسوفة الفرنسية إليزابث بادنتر وتعقب بقولها: "إن غريزة الأمومة المدمرة مزحة تهدف إلى إقناع النساء بأن من واجبهن القيام بالعمل القذر".

هذه النظريات وجدت طريقها إلى تفكير شريحةٍ من المتحدثات عن المرأة والتصدي للدفاع عن حقوقها في واقعنا الإسلامي، فغدون يتحدثن عمن يفرق بين الجنسين ويطالب بالعدالة أنه يريد أن يسحب من المرأة إنسانيتها وكرامتها البشرية.

العمل في المهن الشاقة أصبح واقعاً لكثير من النساء في البيئات غير المستقرة (الجزيرة) "هذا خَلقُ الله"

لقد غدت قضية طاعة المرأة زوجها غير مقبولة  عند الكثيرات والكثيرين ممن يتبنون هذا التوجه، كون المرأة والرجل متساويين في الصفات النفسية والفيزيولوجية، فالمطلوب هو تحقيق المساواة التامة بينهما في التشريعات والتكليفات والحقوق والواجبات التفصيلية، بينما يقوم التصور الإسلامي على إقرار هذه الفروق وأنها طبيعة بشرية؛ فالله تعالى خلق الكائنات الحية كلها على وفق ثنائية الذكر والأنثى، وهي فطرة الله تعالى في خلقه، وهو القائل جلّ وتعالى في سورة الذاريات: "وَمِن كُلِ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَكُمْ تَذَكَرُونَ".

لقد خلق الله تعالى الرجل والمرأة مختلفين تمامًا في الخَلق الجسدي، ومختلفين كذلك في الصفات النفسية والطباع العامة، وهذا الاختلاف هو عنوان التكامل بينهما وتحقيق الزوجية القائمة على التكامل بين الصفات المختلفة، وهذا الاختلاف أيضًا هو سببٌ رئيسٌ لانجذاب كل من المرأة والرجل إلى بعضهما، وكلما كانت المرأة أكثر شبهًا بالرجل شكلًا وصفاتٍ كان أكثر ابتعادًا عنها ونفورًا منها، وكذلك المرأة إذا كان الرجل أكثر أنوثةً وتخنثًا في شكله وصفاته كان ذلك سببًا في نفورها منه وابتعادها عنه، وكل من الرجل والمرأة يميل إلى الآخر بقدر شعوره بأنه يكمله، فالرجل شديد الاحتياج إلى أن يكمل نفسه بالمرأة والمرأة شديدة الاحتياج إلى أن تكمل نفسها بالرجل، وهذا الشعور بالاحتياج هو الذي يخلق التكامل ويبني الأسرة ويجعل الحياة بين الرجل والمرأة مستمرة معًا بانسجامٍ ومودة ورحمة.

أجل؛ هناك إرادة محمومة لفرض نفي وجود الفروق فرضًا، وإقناع الناس بها بالترهيب إن لم يقبلوها بالترغيب؛ يقول أستاذ علم مقاصد الشريعة الدكتور أحمد الريسوني: "القيم المسماة اليوم بالكونية -وهي قيم يتم فرضها وتغليبها وتعظيمها لأن صناعها وتجارها هم الغالبون- تريد اليوم إبطال كل الفوارق وكل التمايزات بين الرجل والمرأة؛ إنهم يريدون أن يجعلوا اثنين في واحد، فكل ما تتصف به المرأة يتصف به الرجل، وكل ما يتصف به الرجل تتصف به المرأة، وكل ما يفعله الرجل تفعله المرأة، وكل ما تؤديه المرأة يؤديه الرجل، وكل ما يلزم أحدهما يلزم الآخر، وكل ما يجوز أو لا يجوز لأحدهما، يجوز أو لا يجوز للآخر، حرفًا بحرف، وشكلًا بشكل".

إن نفي وجود فروق طبيعية ينتج عنها فروق نفسية في الرجل والمرأة يعود بالظلم والغبن على المرأة قبل أن يعود به على الرجل، لأن هذا يقتضي تكليف المرأة بما لا تطيقه من أعمال ولا ينسجم مع طبيعتها الجسدية أو النفسية باسم المساواة، فالمساواة في المشاق التي تطيقها بنية الرجل أكثر من بنية المرأة هي ظلم للمرأة وغبن لها تحت شعارٍ فارغٍ من المساواة، وهذا ما وجدت بعض المؤسسات الدولية التي تتبنى وترفع شعارات المساواة ونفي الفروق الطبيعية بين الرجل والمرأة نفسها مضطرة للقول به؛ بل إنها ذهبت إلى أبعد من ذلك، فبعدَ أن شجعت عمليات التحويل الجنسي وجدت نفسها مضطرة لاتخاذ قرارات تخالف ما ترفعه من شعاراتِ المساواة واندماج المتحولين؛ ففي مارس/آذار 2023، أعلن الاتحاد الدولي لألعاب القوى أن المتحولين جنسيًا من ذكرٍ إلى أنثى، لن يتمكنوا بعد الآن من المنافسة في المسابقات الخاصة بفئة السيدات، بسبب الأفضلية الجسدية التي يمتلكونها، من باب "العدالة الرياضية".

المطلوب هو تحقيق العدالة بتحقيق الفرص المتكافئة بين الجميع لا الفرص المتساوية (شترستوك) عدالة لا مساواة

وإنّ الشريعة في مبناها ومقاصدها قامت على أن الأصل بين الرجل والمرأة هو المساواة إلا في المواضع التي تتخلف فيها العدالة عند تطبيق المساواة، فتجب عندها العدالة لا المساواة، وفي هذا يقول العلامة محمد الطاهر بن عاشور في كتابه "مقاصد الشريعة": "وبناءً على الأصل الأصيل وهو أن الإسلام دين الفطرة؛ فكل ما شهدت الفطرة بالتساوي فيه بين المسلمين فالتشريع يفرض فيه التساوي بينهم، وكل ما شهدت الفطرة بتفاوت البشرية فيه فالتشريع بمعزل عن فرض أحكامٍ متساويةٍ فيه".

ثم يقول: "فالمساواة في التشريع أصلٌ لا يتخلف إلا عند وجود مانع، فلا يحتاج إثبات التساوي بين الأفراد أو الأصناف إلى البحث عن موجب المساواة، بل يكتفي بعدم وجود مانع في اعتبار التساوي، ولذلك صرح علماء الأمة بأن خطاب القرآن بصيغة التذكير يشمل النساء، ولا تحتاج العبارات من الكتاب والسنة في إجراء أحكام الشريعة على النساء إلى تغيير الخطاب من تذكير إلى تأنيث ولا عكس ذلك".

ثم يتحدث ابن عاشور عن موانع المساواة بعد أن يقسمها إلى أربعة أقسام: جِبلية وشرعية واجتماعية وسياسية، وكل هذه الموانع قد تكون دائمة أو مؤقتة؛ طويلة أو قصيرة؛ فيقول: "فأما الموانع الجِبلية الدائمة فكمنع مساواة المرأة للرجل فيما تقصر فيه عنه بموجب أصل الخلقة".

إن المطلوب هو تحقيق العدالة بتحقيق الفرص المتكافئة لا الفرص المتساوية، وتحقيق العدالة هو الفكرة المثلى التي جاءت بها الشريعة لتحقيق مبدأ المساواة في الكرامة الإنسانية وفي أصل التكليف مع مراعاة الفروق في الطبيعة البشرية.

إن حل هذا الإشكال الذي يتم ترسيخه في أذهان شريحة من النساء والرجال باستخدام خطاب المظلومية يسهم بشكلٍ كبير في إطفاء نيران المعركة المشتعلة حول قضية طاعة المرأة زوجها، وإننا ماضون بتفصيل القول في بقية الأسباب الخلفية للمعركة المشتعلة حول طاعة المرأة زوجها -بإذن الله تعالى- في المقال القادم.

مقالات مشابهة

  • أول تعليق من زيزو بعد إخلاء سبيل أحمد فتوح.. كيف سانده؟
  • الفروق بين المرأة والرجل بين الإنكار الأيديولوجي والتقرير الواقعي
  • مالكوم لمحمد كنو: أحب هذا الرجل.. فيديو
  • ثلاث شخصيات تتوسط لمصالحة أحمد فتوح وأسرة الشوبكى
  • ‎أحمد فتوح يقدم العزاء بعد الإفراج عنه لأسرة ضحية حادثته بالعلمين ويعلق .. صورة
  • أحمد فتوح يطلب العفو من أسرة ضحيته والسماح بزيارتهم
  • فتوح يوجه رسالة مؤثرة لأسرة ضحيته ويكشف سبب عودته للتدريبات
  • "وإن تعفوا وتصفحوا".. أول تعليق من أحمد فتوح بعد إخلاء سبيله
  • بيان رسمي من أحمد فتوح بخصوص عائلة أحمد الشوبكي
  • حدود التعامل بين الرجل والمرأة وضوابطه