الثورة نت:
2024-11-16@10:31:22 GMT

جدل الأزمنة في لوحة الحضور

تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT

 

 

جسد الحياة لا يبدو مكتمل البنية بدون إدراك واع لعناصر الزمن الحاضر والماضي والمستقبل وحين بدأت بالحاضر لم أفعل ذلك عبثاً ، وإنما أردت التأكيد على كون الحاضر دائماً هو مركز الحركة حركة الانسان التي ترسم كينونته وفعله وتؤكد وجوده من حيث يعلم أو لا يعلم ، أو هو ضمير المتكلم ، ومركز الحركة الوجودية هذا إنما يتأسس على الوعي بالحياة المتحقق في الحاضر والمشتق من حقيقة الحضور غير القابل للاختلافات المعتمدة على الروايات مهما بلغ حجمها ومهما كانت قرائن صحتها من خطئها فالرواية دائماً محل الاختلاف والجدل العقيم وهي متعلقة بداهة بالماضي الغائب في حقيقته الحاضر في أشكال التعصب لهذه الرواية أو تلك وهذا هو مصدر دائم لاختلال الأمن والاستقرار وانعدامهما معاً ، لأن درجات تعصب الناس تختلف باختلاف نفسيات المختلفين وما يحملونه من تراكمات ثأرية وأحقاد كامنة متوارثة يستحق أصحابها الشفقة أكثر مما يستحقون الغضب مما يصنعون ، هذا بمنطق من يبحث بجد عن الأمن والسلام في العمق وليس بمنطق من يفتش عما يدعم ويغلِّب رواية على أخرى ليبقى في أسرها ، ومن يملك القدرة على حسن الاختيار هو من يعيش الحاضر بأحاسيس إنسانية مطمئنة مكتملة الأركان والحضور ، والمطمئن دائماً يمتلك شجاعة أدبية عقلية واعية تمكنه من التغلب على الشجاعة الغرائزية المتهورة التي يغلب فيها كثير من الحيوانات المفترسة كثير من البشر الذين يرون أنفسهم شجعاناً قياساً بما يزهقون من أرواح أي مهما بلغت درجة وحشيتهم ، هذا طبعاً في المواجهة المادية المباشرة ، أما في استخدام المكر والحيلة والخداع وابتكار أسلحة الموت والدمار بكل أنواعها وقوة تدميرها خدمة لوحشية الانسان ، وهي قوة تدمير مادية ومعنوية لا محدودة يستخدم فيها كل أساليب المكر والخداع والدهاء وكل أنواع الحيل على كل من حوله وكل من يفترض أنه شريكه في الوطن وفي الحياة ، وفي الغالب يبدأ بالأقربين على عكس ما يردد من القرآن الكريم (الأقربون أولى بالمعروف) ، فالحاصل أن منهجه العملي المعتمد مخالف لهذا المبدأ : (الأقربون أولى بالحسد وأولى بالمكر والخداع والبغضاء والجحود) ، ونرى البعض يستدعي أقبح ما في الماضي من صراعات وتهييج للضغائن ، ويخلق منه خنادق وأنفاق مظلمة ومطبات تعيق حركته باتجاه شمس التحرر من بحر الظلمات المتراطم الأمواج الذي أبقى ويبقي الأمة تعيش في أسر التصورات الخاطئة والأمراض الاجتماعية المعدية ، أما المستقبل فهو تحصيل حاصل أي أنه يساوي ما نحفظه ونحافظ عليه من سيئات الماضي وما بنينا ونبني عليه من حاضر للأمة غير مشرِّف مع الأسف الشديد.


ومن البديهي أن الماضي ليس إيجابيا بحتا ولا سلبيا بحتا، إنه خلاصة حياة من عاشه وأعتقد أن في هذه الآية جواز مرور للجميع إلى بر الأمان (تلك أمةٌ قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون)، ولكل أمة إيجابياتها وسلبياتها مثلما لكل فرد، أي أنها وأنه خلاصة حياتهم التي كانت حاضراً وصارت في حكم الغياب فإذا انشغلنا بزبد الماضي فقد حكمنا على أنفسنا بالذهاب معه جفاءً وانشغلنا بالموت بدلاً عن الحياة ، أما إذا وضعنا ما ينفع الناس نصب أعيننا وضمائرنا فقد أضفنا إلى حياتنا أفضل ما في حياة من سبقنا.
نعم الحاضر دائماً هو ما يمكن أن يخضع لتجربتنا، وما نراه مفيد صالح للبناء عليه من حياة من سبقنا يعبر عنا ونعبر عنه ونجعله محط عنايتنا واهتمامنا، ولا ينبغي أن نلعن الزمان الذي نعيشه حينما يتجلى لنا فساده لأننا إنما نسب أنفسنا فهو مرآتنا وصدانا.
(يقولون الزمان به فسادٌ وهم فسدوا وما فسد الزمانُ)
التذمر المطلق من الحاضر هروب واضح من المسؤولية وتعلق بالوهم، لأن ما مضى لا يمكن أن يعود مهما توهمنا وحلمنا، والمستقبل له أصحابه وأدواته وظروفه وحاضرنا هو نحن بكل المعاني.
(ما مضى فات والمؤمل آت ولك الساعة التي أنت فيها)؛
الزمان والمكان جسد واحد لا ينفصلان والتعلق بالماضي وتقديسه تفكيك غير واع لهذا الجسد الذي لا يقوى ولا يكون له فعله ووجوده إلا بالنقد البناء للحاضر وللماضي لاستخلاص أفضل ما فيه، والنقد البناء والمفيد لا تدركه غير العقول الصادقة القادرة على تمييز الغث من السمين بكل صدق وحب ووفاء.
عن مكان النجوم سل الليل
والشمس عن كل هذا الجلال
وكيف تترجم ما في المصابيح
من لغة الكائنات التي أورقت في القلوب
حروفاً من الضوء مثقلة بالجحود
حالم وجه صنعاء ياصاحبي ما يزال

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

مقلب قمامة يتحول إلى لوحة فنية.. سر الشاطئ الزجاجي في كاليفورنيا

شاطئ الزجاج، أو ما يُعرف بـ«Glass Beach»، هو واحد من أغرب الشواطئ في العالم، ويقع في ولاية كاليفورنيا الأمريكية. يتميز هذا الشاطئ بانتشار قطع مهولة من الزجاج المتناثر عليه، الذي يتلألأ تحت أشعة الشمس، مما جعله من أبرز المزارات السياحية في الولاية، ويزور هذا الشاطئ حوالي 1200 شخص يومياً خلال فصل الصيف للاستمتاع بمشاهد الزجاج اللامع.

سبب تسمية شاطئ الزجاج

سُمي الشاطئ بهذا الاسم بعد الحرب العالمية الثانية، عندما كان يُستخدم من قبل السكان المحليين والمصانع المجاورة كمكان لدفن النفايات، بما في ذلك الزجاج. ومع مرور الوقت، أصبح الزجاج ينتشر على سطح الشاطئ ليشكل مشهداً جذاباً، وفقاً لما ذكره موقع «Trip Advisor».

في أوائل ستينيات القرن الماضي، قررت السلطات المحلية في كاليفورنيا السيطرة على إلقاء القمامة في الشاطئ، وبدأت تطبيق عقوبات على أي شخص أو جهة تهدف لتدمير الشاطئ، ثم تقرر إغلاق الشاطئ عدة سنوات لدراسة وضعه.

لوحات فنية على طول الشاطئ

 وفي العام 2002 افتتحته السلطات المحلية أمام العامة، وضمته إلى منتزه ماكريشر الوطني حتى أصبح مقصد للسياح من مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الذين يتسابقون على رؤية اللوحات الساحرة التي شكلتها الألوان المختلفة للزجاج المنتشر على طول الشاطئ.

وعلى الرغم من التحذيرات التي تضعها السلطات على الشاطئ، والتي تحظر جمع الزجاج كونه يُعد انتهاكاً للقانون، إلا أن بعض الزوار لا يلتزمون بهذه التحذيرات ويقومون بجمع قطع الزجاج المختلفة كتذكار من الشاطئ.

مقالات مشابهة

  • افتتاح قمة “آبيك” في بيرو وترامب الغائب الحاضر
  • "أدم" لوحة مميزة للسيارات وصل سعرها لـ 2 مليون جنيه
  • افتتاح قمة آبيك في بيرو وترامب الغائب الحاضر
  • "تاكسي دبي" تضيف 250 لوحة جديدة إلى أسطولها
  • بسعر مميز.. التزايد على لوحة سيارة برقم «أ د م 11»
  • مقلب قمامة يتحول إلى لوحة فنية.. سر الشاطئ الزجاجي في كاليفورنيا
  • محمود مرسي الحاضر الغائب في مهرجان القاهرة السينمائي.. عرض 3 أفلام من بطولته
  • محمد صلاح: سنقاتل من أجل الفوز دائما
  • فنلندا: الحدود مع روسيا ستظل مغلقة في الوقت الحاضر
  • ماعدد المنازل التي بيعت في أكتوبر الماضي بتركيا؟