إيكروم الشارقة يطلق دورته الرابعة من جائزة حماية التراث الثقافي في المنطقة العربية
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
أكتوبر 2, 2023آخر تحديث: أكتوبر 2, 2023
المستقلة/- أعلن المكتب الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي (إيكروم-الشارقة) عن إطلاق الدورة الرابعة من جائزة إيكروم-الشارقة للممارسات الجيدة في حفظ وحماية التراث الثقافي في المنطقة العربية 2023-2024، التي تقام تحت رعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وتهدف إلى تكريم ومكافأة الأعمال المتميّزة التي تسهم في حماية التراث الثقافي المادي وإحيائه في العالم العربي.
في هذه الدورة، سيتم منح جائزة كبرى للممارسات الجيدة في حفظ وحماية التراث الثقافي في المنطقة العربية، وجائزتين تقديريتين للمشاركات الاستثنائية في مجالي المشاركة المجتمعية والحفاظ والابتكار.
ويسلط برنامج الجائزة الضوء على جودة عملية الحفظ المعنية، وعلى المهارات الفنية، والأثـر الاجتماعي للمشروع. وستُقيّم الحماية التي وفّرها المشروع بمدى فعاليّته في حفظ التراث الثقافي من التهديدات المنظورة الطبيعية منها أو البشرية، بينما ستقيّم أهمّيّة المشروع بالنظر في تأثيره الاِجتماعي على أصحاب العلاقة، كالمجتمع المحلي الذي يعتبر نفسه “مالك” هذا التراث، أو المجتمع المستفيد منه، والفرص التي يتيحها من خلال إعادة استخدام التراث أو زيادة تقديره من الجمهور العام.
يعكس برنامج الجائزة التزام مكتب إيكروم-الشارقة بالمساعدة على حماية التراث الثقافي المنقول وغير المنقول في المنطقة العربية، وتشجيع الممارسات الجيدة في مجال حفظ وحماية التراث الثقافي، وتيسير التبادل الدولي للمعارف والخبرات في مجال حفظ وحماية التراث الثقافي، وتحفيز الوعي العام بأهمية التراث الثقافي. وتُكرّم الجائزة المشاريع التي تظهر التميز في الحفاظ على التراث الثقافي وإحيائه، مع تعزيز التنمية المستدامة والمشاركة المجتمعية وتبادل المعرفة.
ومن خلال تسليط الضوء على المشاريع الناجحة، تهدف الجائزة إلى تكريم هذه المشاريع وإلهام مشاريع مماثلة، وإنشاء شبكة عالمية من الأخصائيين والمهنيين المعنيين بالحفاظ على التراث الثقافي، المادي وغير المادي، في المنطقة العربية.
وحول هذه الجائزة يقول الدكتور زكي أصلان، مدير المكتب الإقليمي لحفظ التراث الثقافي (إيكروم – الشارقة): “هذه هي النسخة الرابعة من جائزة إيكروم-الشارقة، بعد النجاح الكبير الذي حققته الجائزة على مدى السنوات الماضية في تسليط الضوء على العديد من المشاريع المتميزة والممارسات الجيدة في حفظ التراث الثقافي في المنطقة العربية. وتتميز المشاريع التي حصلت على الجائزة في السابق بالعديد من السمات الرئيسة التي تميزها كنماذج للحفاظ على التراث الثقافي. فهي تظهر أولاً نهج شامل للحفاظ على التراث الثقافي، مع الأخذ في الاعتبار الجوانب الملموسة وغير الملموسة للتراث الثقافي، كما تعطي الأولوية لمشاركة المجتمع المحلي، وإشراك أصحاب المصلحة في عمليات صنع القرار وضمان استدامة المشاريع على المدى الطويل. وهي غالبًا ما تستخدم تقنيات ومنهجيات مبتكرة، تمزج بين التقاليد الحرفية التقليدية مع ممارسات الحفظ الحديثة. كما أنها تركز على بناء القدرات وتمكين المجتمعات المحلية بالمعرفة والمهارات اللازمة للحفاظ على التراث.”
ويضيف: “لتحقيق مشاركة واسعة وفعالة، وضعت الجائزة برنامجا زمنيا مرناً يسمح للمهتمين بتحضير الوثائق والمعلومات المطلوبة للمشاركة بالجائزة. ويسرنا ضمن هذا الإطار دعوة جميع الجهات المعنية للمشاركة والتعريف بنشاطاتها، والتفاعل مع المشاريع الأخرى المنافسة لما تمثله هذه الجائزة من أهمية على المستويين المحلي والإقليمي، فجائزة إيكروم-الشارقة هي منصة حقيقية لإبراز الممارسات العربية والإقليمية الجيدة وتكريم المشاريع الرائدة في العالم العربي والتعريف بها، وتشجيع الإمكانات الأخرى الشابة والواعدة في المنطقة على العمل والمشاركة في المستقبل.”
الجدير بالذكر أنه يمكن للأفراد والمؤسسات المعنية إرسال مشاركاتها والتقدم للجائزة عن طريق تعبئة وإرسال النموذج الرسمي للاشتراك مرفقاً بالوثائق المطلوبة .
وسيتم الإعلان عن المشاريع المرشحة المؤهلة للحصول على الجائزة، والتي سيتم اختيارها من قبل لجنة تحكيم مستقلة تضم مجموعة من الخبراء والمعنيين في المنطقة العربية والعالم، في سبتمبر/أيلول من عام 2024، بينما سيتم الإعلان عن المشاريع الفائزة ضمن احتفالية خاصة تقام في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2024.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: فی المنطقة العربیة على التراث الثقافی التراث الثقافی فی الجیدة فی فی حفظ
إقرأ أيضاً:
الهوية الوطنية والهوية العربية: جدلية التداخل ومسارات المشروع الثقافي الأردني
#سواليف
#الهوية_الوطنية و #الهوية_العربية: جدلية التداخل ومسارات #المشروع_الثقافي_الأردني
الشاعر #أحمد_طناش_شطناوي
رئيس فرع رابطة الكتاب الأردنيين/ إربد
لطالما كانت الهوية الوطنية والهوية العربية في علاقة جدلية قائمة على التداخل والتكامل، فلا يمكن تصور هوية وطنية مغلقة دون امتدادها العربي، كما لا يمكن للهوية العربية أن تحقق حضورها دون انصهار مكوناتها الوطنية في مشروع ثقافي جامع، وفي السياق الأردني تتجلى هذه العلاقة بوضوح، حيث لم يكن الأردن يومًا منعزلًا عن قضايا الأمة، بل كان حاضرًا فكريًا وثقافيًا وسياسيًا في مشهدها، وخاصة في القضية الفلسطينية التي شكلت جزءًا من الوجدان الجمعي الأردني، وأسهمت في صياغة مسار الثقافة الوطنية.
وعليه، فإن أي سعي لبناء مشروع ثقافي وطني أردني لا يمكن أن يكون بمنأى عن الفضاء العربي، بل يجب أن يكون امتدادًا له في إطار الخصوصية المحلية، بحيث تتكامل الهوية الأردنية مع الهوية العربية في مشروع ثقافي يعيد الاعتبار للمشتركات الفكرية والتاريخية، ويواجه تحديات العصر بأدوات حديثة تضمن استمرارية الثقافة وتأثيرها في المجال العام.
فقد شكّل الأردن عبر تاريخه نقطة تفاعل بين حضارات متعددة، ما جعله بيئة خصبة للإنتاج الفكري والتبادل الثقافي، فمنذ نشأة الإمارة لعب الأردن دورًا محوريًا في المشهد الثقافي العربي، سواء من خلال حراكه الأدبي، أو عبر مواقفه السياسية والثقافية التي كرّست التزامه بقضايا الأمة، وقد أسهمت مؤسساته الثقافية، مثل وزارة الثقافة ورابطة الكتاب الأردنيين، في دعم الفعل الثقافي، إلا أن هذا الدور لا يزال بحاجة إلى مشروع متكامل يواكب التحديات الراهنة.
وهنا يبرز السؤال المحوري: كيف يمكن تحويل هذه الهوية الثقافية إلى مشروع استراتيجي يحقق حضورًا وتأثيرًا في المشهد العربي؟
للإجابة عن هذا السؤال فإننا بحاجة إلى محاور أساسية للبدء في مشروع ثقافي متكامل، وذلك من خلال:
أولًا: تعزيز الإنتاج الثقافي المرتبط بالهوية الجامعة
إذ لا يمكن الحديث عن مشروع ثقافي دون توفير بيئة حاضنة للإبداع، تدعم الأدباء والمفكرين، وتربط الإنتاج الثقافي بالهوية الجامعة، بحيث لا يكون مجرد انعكاس لحالة محلية معزولة، بل رافدًا للمشروع الثقافي العربي ككل، وهنا لا بد من تطوير سياسات ثقافية تحفّز الإنتاج الأدبي والفني، وتضمن له الانتشار والتأثير في المجالين المحلي والعربي.
ثانيًا: ربط الثقافة بالسياسات العامة لتعزيز الوحدة الوطنية
إن الثقافة ليست مجرد نشاط فكري أو فني، بل عنصر رئيس في تشكيل السياسات العامة، سواء من خلال تعزيز الانتماء الوطني، أو دعم الاستقرار الاجتماعي، أو المساهمة في الدبلوماسية الثقافية، لذا فإن بناء مشروع ثقافي وطني يتطلب رؤية حكومية تدرك دور الثقافة في التنمية، عبر دمجها في المناهج التعليمية، ودعم الصناعات الثقافية، وتوسيع دائرة التفاعل بين المثقف وصانع القرار.
ثالثًا: إعادة الاعتبار للموروث الثقافي المشترك بأساليب حديثة
إن الثقافة العربية ليست مجرد تراث جامد، بل مشروع متجدد يجب إعادة قراءته وتقديمه بأساليب حديثة، ويشمل ذلك الاهتمام بترجمة الأعمال الفكرية العربية إلى لغات أجنبية، وتطوير الدراما والسينما والمسرح لتعكس القيم الثقافية العربية، واستثمار التقنيات الحديثة في تقديم التراث بصيغة معاصرة تجعل منه عنصرًا جاذبًا للأجيال الجديدة.
رابعًا: استثمار الإعلام والتكنولوجيا في نشر الثقافة
لم يعد بالإمكان الحديث عن مشروع ثقافي ناجح دون استثمار الإعلام الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، إذ يمكن للأردن أن يكون مركزًا لإنتاج محتوى ثقافي عربي قادر على الوصول إلى شرائح أوسع، سواء عبر المنصات الرقمية، أو من خلال المبادرات الثقافية التفاعلية التي تربط الثقافة بجيل الشباب.
خامسًا: تعزيز الحوارات الثقافية العربية عبر منصات تفاعلية
إن المشروع الثقافي لا يمكن أن يكتمل دون خلق فضاءات للحوار بين المثقفين العرب، تتيح تبادل الأفكار والخبرات، وتساعد في بلورة رؤية ثقافية جامعة، وهنا يمكن للأردن أن يلعب دورًا رياديًا في إطلاق مبادرات ثقافية عربية مشتركة، وإنشاء منتديات ومنصات حوارية تجمع المفكرين والمثقفين في نقاشات معمقة حول قضايا الهوية والتحديث والتحديات الثقافية.
وعلى الرغم من أهمية المشروع الثقافي، إلا أنه يواجه تحديات كبرى تتطلب معالجتها، ومن أبرزها:
ضعف التمويل الثقافي: حيث تعاني المؤسسات الثقافية من نقص الدعم المالي، مما يؤثر على قدرتها في تنفيذ مشاريعها.
تهميش الثقافة لصالح الأولويات السياسية والاقتصادية: حيث لا تزال الثقافة في العديد من الدول العربية تُعامل كعنصر ثانوي في التخطيط الاستراتيجي.
تراجع القراءة والتفاعل مع الإنتاج الثقافي: بسبب انتشار الوسائط الرقمية والترفيه السريع الذي يزاحم المحتوى الثقافي العميق.
التحديات السياسية: حيث تواجه الثقافة العربية ضغوطًا سياسية تحدّ من حرية التعبير وتعيق المبادرات الثقافية المستقلة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن بناء مشروع ثقافي وطني أردني قادر على تحقيق تأثير في المشهد العربي يتطلب إجراءات ملموسة، تتلخص في بعض المقترحات العملية التي يمكن لها ان تتجاوز هذه التحديات إلى حد بعيد:
إنشاء مركز أبحاث ثقافي أردني بالتعاون من الجامعات، يعنى بدراسة التحولات الثقافية العربية، ويقدم توصيات لصانعي القرار حول سياسات الثقافة ودورها في التنمية الوطنية والإقليمية. إطلاق منصات رقمية تفاعلية تهدف إلى تعزيز التفاعل بين المثقفين والجمهور، وتقديم محتوى ثقافي معاصر قادر على جذب الأجيال الجديد، من خلال استثمار المؤثرين وتأهيلهم ليكونوا رافدا أساسيا للمشروع الوطني. إعادة هيكلة الدعم الثقافي من خلال تخصيص ميزانيات أكبر للقطاع الثقافي، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الصناعات الثقافية. دعم مشاريع الترجمة والتبادل الثقافي بين الدول العربية، مما يسهم في تعزيز التواصل الثقافي وتبادل الخبرات بين المثقفين العرب. تنظيم مهرجانات ومنتديات ثقافية عربية في الأردن تستقطب المفكرين والكتاب من مختلف الدول العربية، لتعزيز الحوار الثقافي وتقديم الأردن كنموذج لدمج الهوية الوطنية بالهوية العربية في مشروع ثقافي متكامل.إن الأردن بحكم موقعه الجغرافي وتاريخه الثقافي، مؤهل ليكون نموذجًا لاندماج الهوية الوطنية في الإطار العربي، بحيث يتحول مشروعه الثقافي من مجرد استجابة للمتغيرات إلى رؤية استباقية تصنع المستقبل، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، وصانعي القرار، والمثقفين، والجمهور، في إطار استراتيجية واضحة تستثمر في الثقافة كقوة ناعمة قادرة على إحداث تغيير حقيقي في المجتمع.