بوابة الفجر:
2024-11-08@15:58:27 GMT

محمد سويد يكتب: لماذا لا يكذب الرئيس؟

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

ما جرى عليه العرف، واستقرت عليه العادة، أن ماراثون الانتخابات رئاسية كانت أو برلمانية، ملئ بالزبد والعسل، لا يخلو من الوعود البراقة بالنعيم الذي لا يزول، يطوي صفحة الحرمان، ويعيد الأمل إلى نفوس العاجزين، فأين الكذبة البيضاء سيدى الرئيس المنتظر،  لماذا كل هذا الجفاء مع الأحلام الوردية !

    بينما تجري الانتخابات الرئاسية المصرية في ظروف اقتصادية قاسية، لم ترحم ضعف الفقراء، ولا توسل الموظفين والعمال، بل بالغت قسوتها وجرفت الطبقة الوسطى  إلى مرارة العوز وربما الحرمان، فلم يتبقى لسواد الناس وعمومهم، سوى ستر الحامدين، وأمل المتعلقين بيقين "أن الله لن يضيعنا".

    بدى الرئيس عبد الفتاح السيسي خضم ترشحه لولاية ثانية، أكثر صراحة من ذى قبل، وكأنه قد قطع على نفسه عهدًا بألا يعد بأكثر مما يستطيع تحقيقه، بل أمعن في الحقيقة التي يعتقدها ويؤمن بها، متمنيًا وناصحًا أن يكون اختيار الشعب لمواصلة البناء والتنمية، ولو على حساب الجوع والحرمان، وكأنه يخشى أن يتورط في وعود كتلك التي جرت عليها عادة الساسة والمرشحين، بل قال مصارحا شعبة لم أكن 
أملك خزائن الأرض

  
    على مدار عقد من الزمان، دارت رحى الحرب على الإرهاب، ولم تتوقف معركة التنمية على كل شبر في أرض مصر، شاهدنا طفرة في الطرق والكباري والبنية التحتية، التي كان مخطط لها أن تفتح لمصر آفاق الاستثمار الأجنبي، لولا حكمة الله في سنوات جائحة كورونا العجاف، ومن بعدها الحرب الروسية الأوكرانية، التي هزت اقتصاديات دول عظمى، ولم ترحم ضعف وحاجة دول العالم الثالث، إلى الغذاء والدواء، وكأنها صناعة جديدة للفوضى وعودة لاستعمار الدولار.


     ما اجتمع الخوف والجوع إلا وكان الهلاك حتما، "فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" صدق الله العظيم.
ولما كانت الديمقراطية في  أبسط معانيها، هي حكم الشعب أو حكم الأغلبية، فلا يمكن أن يمارسها جائع أو خائف، وإلا أفرزت نظاما مشوها مستغلا لطعام الناس وأمنهم.

    أما وقد تخلصنا من شبح الخوف الذي صاحب الانفلات الأمني،  والفوضى التي صنعها الربيع العربي، وعانقها الإرهاب، فلا يتبقى إلا حرب الجوع والعوز، التى تخوضها الدولة ضد تلك السياسات الاستعمارية الاقتصادية التي تسعى لهدم الأنظمة من الداخل، تستغل حاجة الشعوب الجائعة لتدفع ثمنا زهيدا للتغيير، تحدث عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولم يكن مفاجئا للجميع عندما قال إنه يمكن هدم مصر "بباكت وشريط ترامادول و20 أو حتى 100 جنيه يتوزعوا على 100.000 محتاج تحت وطأة الظروف الصعبة لخلق حالة من الفوضى"، لا تزيد ثمنها عن تكلفة إقامة حفلة !

ولم يختلف خطاب الترشح عن سابقيه فقال، واجهت معكم وبكم كل التحديات والأزمات وعبرنا معا جسور الأمان، ونحن بصدد استحقاق انتخابي يتولى مسئولية إدارة الدولة المصرية وإنني منذ سنوات عشر لا أبادر إلا باستدعاء المصريين الذين أدعوهم أن يجعلوا هذه الانتخابات بداية حقيقة لحياة سياسية مفعمة بالحيوية تشهد تعددية وتنوعا واختلافا دون تجاوز أو تجريح".  

    الأمر جلل والحقيقة لا تحتمل المواربة، لأن الأوطان لا تُبنَى بالكذب والخداع، وإنما تبنى بالمصارحة والإصلاح والجد والعمل، ولا أستثني فى ذلك مواطنا أو رئيس كلنا مسؤول قدر استطاعته وسلطاته، فلتذهبوا إلى صناديق الاقتراع، متطلعين لغد أفضل تصنعه أصواتكم وإرادتكم لا إملاءات وضغوطات الآخرين.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

عبد السلام فاروق يكتب: ترامب يعود

ها هي نتائج الانتخابات الأمريكية شبه محسومة لصالح ترامب، فيما خالَف آخر استطلاعات للرأي قبيل الاقتراع.

كان هناك استقطاب حاد، وكان هناك تحفز. والجيش نشر قواته حول بعض المؤسسات لحمايتها، وكانت هناك تهديدات مزيفة بتفجير بعض مراكز الاقتراع. إلا أن كل هذا هدأ وانتهي بمجرد ظهور النتائج الأولية بفوز ترامب. عدة وكالات أنباء أمريكية محلية خرجت لتعلن فوز ترامب وهي سعيدة بهذه النتيجة!
ثمة حالة ارتياح عامة في أمريكا بعد حالة من التحفز والقلق جراء تهديد أنصار ترامب باستخدام العنف لو حدث تزوير. ثم جاءت النتائج على هوي هؤلاء، فلا داعي للعنف إذن..
تلك الانتخابات شهدت أكبر حجم إقبال في تاريخ أمريكا كله. وهو إقبال جاء لصالح الجمهوريين الذين بدا أنهم أنفقوا أفضل على حملتهم الانتخابية، وأتقنوا فن الدعاية، واستطاعوا بالفعل كسب تأييد قطاعات كبيرة ممن تم استقطابهم لصالح هذا الحزب أو ذاك.
ها هو ترامب يعود. فكيف فاز؟ وماذا سيفعل؟ وهل يكون ترامب اليوم مثل ترامب الأمس؟!

كيف فاز
كما فعلها أمام "هيلاري كلينتون سابقاً، ربح الآن بخلاف التوقعات، وبنتيجة مريحة للغاية!
والحقيقة أن النتائج بالفعل عجيبة: أولاً: لأن يهود نيويورك لم يصوتوا لصالحه، وبعض يهود الولايات الأخرى صوتوا ضده. في الوقت الذي بدا أن الأصوات التي رجحت كفته في الولايات المتأرجحة كانت أصوات العرب والمسلمين. فكيف حدث هذا؟
 لقد كان أداء إدارة بايدن المنحاز تماماً لإسرائيل في حربها على غزة عاملاً رئيسياً في بغض هذه الإدارة، حتى لو كانت كامالا هاريس هي المعبرة عن هذه الإدارة. وحتى لو أنها جاءت في أواخر حملتها الانتخابية لتعد ناخبيها أنها ستوقف الحرب في غزة، فلماذا لم توقفها خلال الـ 13 شهراً الماضية؟! 
والحق أن اختيار الحزب الديمقراطي لهاريس كان خاطئاً من البداية لسببين: أولهما أنها تمثل إدارة بايدن الذي انسحب من السباق الرئاسي بسبب انخفاض شعبيته، والثاني: أنها بلا شعبية حقيقية امام غول السياسة والاقتصاد ترامب. بينما لو كان الحزب الديمقراطي اختار "هيلاري كلينتون مثلاً لتمثيله، فكان سيستفيد بأنها لا تمثل إدارة بايدن، وأنها بيضاء البشرة، والأهم أنها بالفعل استطاعت خلال انتخابات 2016 أن تتفوق على ترامب في التصويت الشعبي، وإن خسرت أصوات المجمع الانتخابي، فكانت فرصها أقوي كثيراً من هاريس. ولهذا فإن ترامب أعلن مبكراً أنه سيفوز في الانتخابات بمجرد علمه أن هاريس هي المرشحة ضده. لأنه يعلم مدي قوته ومدي ضعفها.
أكثر من هذا أنه استطاع استمالة العرب والمسلمين لصفه في خطاباته، وأكثر باستغلال سوء إدارة البيت الأبيض لحرب غزة في ظل بايدن وهاريس. 
ثانياً: استطاع ترامب أن يستميل الأقليات، وبخاصة المهاجرين من الدول اللاتينية. حدث هذا بالرغم من أنه سبَّ هذه الدول، فقال عنها أنها تصدِّر لهم نفايتها! ورغم هذا فإن الكثير من المهاجرين اللاتينيين منحوه أصواتهم. فكيف حدث هذا؟ هل بفعل المال السياسي، هل بفعل وعود وتطمينات أعطاها لهم في خطاباته الأخيرة؟ أم بفعل كاريزما خاصة يتمتع بها ترامب؟!
لا يمكن إنكار ما يتمتع به ترامب من كاريزما وإن كان يتمتع في الوقت نفسه بكراهية عظيمة من خصومه. وهي كاريزما تشبه ما يتمتع به مقاتلو المصارعة الحرة الذين اعتادوا السباب والتهديد. هكذا كان ترامب بطلاً في أنظار بعض الأمريكيين ممن ينتصرون للأقوي وإن كان فاسداً أو مغروراً أو سيئ الأخلاق. فكل هذا لا يهم في نظرهم، المهم أنه يكسب دائماً.
ها هو قد فاز بالرئاسة من جديد، وسيعود للبيت الأبيض. وقد عرفناه وعرفنا طريقته في إدارة الأمور. هذا الرئيس "البزنس مان". كيف سيتصرف؟ وماذا ستكون أول قراراته؟

ماذا سيفعل؟
11 شهراً تفصلنا عن تنصيب ترامب رئيساً لأمريكا. ولا أتوقع أن تكون هناك محاولة ثالثة لاغتياله، لأنه سوف يتمتع بحماية مكثفة منذ لحظة إعلان النتيجة.
وطبقاً لتصريحات ترامب نفسه فإن أول ما سيفعله فور تسلم الحكم، أنه سيحاكم بايدن بتهم مختلفة تخصه وتخص ابنه! ثم إنه سيبرئ نفسه من كل القضايا التي سبق واتهمه بها الديمقراطيون. وربما تسقط عنه كل الأحكام السابقة، فيقوم بإسقاطها بنفسه.
وأما الاقتصاد فلعبته وسوف يتمكن من جلب الأموال من كل طريق، خاصة لو استطاع تنفيذ وعوده بإيقاف الحرب الأوكرانية التي تستنزف خزائن أمريكا. وربما كان السبب الأول أن بوصلة الانتخابات اتجهت نحو ترامب هو العامل الاقتصادي في الأساس؛ لأن ترامب استطاع بالفعل تحسين معيشة الأمريكيين أثناء حكمه.
وأما موقفه من الهجرة غير الشرعية فهو موقف مُعلن ومعروف، وسوف يعود لغلق الحدود في وجه أي مهاجر وبكل السبل الممكنة. وأما موقفه من الشرق الأوسط فإنه معروف أيضاً، لأنه منحاز تماماً لإسرائيل، وقد وعدها بتوسعة خريطتها بضم الضفة الغربية وتأمين بناء مستوطنات جديدة في مناطق مختلفة.
خلال ولايته الثانية تلك. لن يكون ترامب مضطراً لمجاملة أحد، لا اليهود ولا غيرهم. لأنه لن يكون حريصاً على ولاية ثالثة لا تجوز له. لهذا سوف تكون لديه حرية مطلقة أن يفعل ما يشاء؛ وبخاصة أن المجالس النيابية والتشريعية ستكون في الغالب جمهورية تماماً، ما سوف يجعله قادراً على تمرير أي قرار مهما كان صادماً أو غريباً.
هناك دول وأفراد سعيدة بعودة ترامب، ودول أكثر تكرهه أو تخشاه. فكيف سيكون المشهد العالمي أمام عودة ترامب. وهل ستختلف الأوضاع عما سبق؟
المشهد الإقليمي والعالمي
أما في فلسطين المحتلة. فقد استبق نتنياهو الأحداث وسارع بإقالة وزير الدفاع يوآف جالانت، وقام بتعيين وزير خارجيته المحسوب على تيار اليمين المتطرف. فيما يبدو أنها حركة هجومية يستبق بها نتياهو محاولات لإزاحته. وفى الوقت نفسه يستطيع تمرير قرار استمرار الحرب رغم الضغط العالمي والمحلي لإيقافها.
لقد كان نتنياهو ينتظر لحظة وصول ترامب، لأنه الأكثر تفهماً لسياساته الدموية. ولا شك أن الفترة القادمة سيستغلها نتنياهو للتصعيد، خاصة بعد استهداف تل أبيب ومطار بن جورين تزامناً مع الانتخابات الأمريكية. فمتي سيضرب نتنياهو إيران؟ وهل تنجر المنطقة لحرب إقليمية؟ هذا ما يبدو في الأفق.
أمرٌ ثانٍ من المتوقع أن يحدث، وهو انسحاب أمريكا من جبهة أوكرانيا. وهو ما سيضع أوروبا والناتو فى مأزق. وسوف يعطي روسيا الفرصة لإنهاء اللعبة لصالحها وابتلاع أوكرانيا وربما ما هو أبعد. ولهذا فإن الرئيس الأوكراني زيلينسكي ظهر في الصورة يتملق ترامب ويمتدحه، محاولاً إثنائه عن نيته المعلنة بالانسحاب من أوكرانيا، وإنهاء الحرب على الحدود الأوروبية.
الصين أيضاً تعيد الآن حساباتها طبقاً لعودة ترامب. وفى الغالب لن تُقدم على مهاجمة تايوان، كما لن تُقدم كوريا الشمالية على مهاجمة جارتها الجنوبية. بل سوف يظلون في وضع المناورة والتهديد دون اتخاذ أي خطوة هجومية إلا في حالة شعورهم بالتهديد المباشر، وهو ما لن يحدث في ظل إدارة ترامب الاقتصادية. ربما تنشأ حروب اقتصادية بين الصين وأمريكا، لكنها لن ترقَي لمستوي الحرب المباشرة كما أتوقع.
معني هذا أن البؤرة المشتعلة الوحيدة ستكون في فلسطين المحتلة. وقد تمتد ألسنة اللهب إلى حدود إيران. وهو ما سيؤدي لاشتعال الأوضاع أكثر في عدة محاور ومضايق بحرية، بما قد يهدد خطوط الملاحة البحرية، وحركة التجارة وسلاسل الإمداد. وبما قد يؤدي لارتفاع أسعار المحروقات.  الجميع الآن يعيد حساباته طبقاً لما أفرزته نتائج الانتخابات الأمريكية فجاءت بترامب رئيساً للمرة الثانية. هذا مشهد جديد قديم. وإنَّ غداً لناظره قريب.

مقالات مشابهة

  • د. إسلام عبد الرؤوف يكتب: ترامب الذي كان .. لماذا صوت مسلموا أمريكا لترامب؟
  • أحمد ياسر يكتب: نعيم قاسم.. الأمين الجديد
  • الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: في حديث جبريل (2)  
  • لماذا يتأخر تنصيب الرئيس الأمريكي؟ "البطة العرجاء" تجيب
  • د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!
  • عبد السلام فاروق يكتب: ترامب يعود
  • الرئيس الإماراتي يهنئ ترامب بفوزه في الانتخابات الأمريكية
  • رئيس الدولة يطمئن على صحة طارق محمد عبدالله صالح الذي يتلقى العلاج في مستشفى زايد العسكري
  • أ.د محمد حسن الزعبي يكتب .. دعاء المسنين للكاتب السجين
  • بين هاريس وترامب.. من الرئيس الذي يتمناه نتنياهو؟