تشهد سلطنة عمان اليوم «إعلان مسقط» للاستراتيجية العربية لصون التراث الثقافي غير المادي وذلك في ختام جلسات الاجتماع الختامي للاستراتيجية والذي تستضيفه سلطنة عمان ممثلة بوزارة الثقافة والرياضة والشباب بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) بمشاركة جميع الدول الأعضاء وحضور وعدد من الخبراء المتخصصين في مجال التراث الثقافي غير المادي.

وشهد الاجتماع الذي انطلق اليوم في فندق جراند ملينيوم مسقط الذي رعاه معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة بحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة تقديم مسار ومراحل إعداد الاستراتيجية العربية لصون التراث الثقافي غير المادي وتوظيفه في البلدان العربية وقدمه الأستاذ الدكتور د.فتحي الجراي من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، تلاه تقديم النسخة الأولى للمحاور الكبرى للاستراتيجية تمثل الأول في «التشريعات وسياسات الصون» قدمها الأستاذ الدكتور هاني الهياجلة، والمحور الثاني تمثل في «الحصر والتوثيق والدراسات» وقدمه الأستاذ الدكتور عماد بن صولة، تلاه محور «إحياء عناصر التراث الثقافي غير المادي والترويج لها» قدمته الأستاذة الدكتورة نهلة إمام، واختتمت الجلسة الأولى بالمحور الرابع المتمثل في «التسجيل لدى اليونسكو» وقدمه الأستاذ الدكتور فتحي الجراي. وفي الجلسة الثانية روجعت النسخ الأولى للاستراتيجية في محاورها الأربعة والتي تُطرق لها في الجلسة الأولى.

التزام بالمبادئ والمضامين

وقد شهد حفل الافتتاح الذي أقيم اليوم تقديم الكلمات الافتتاحية حيث ألقت مريم بنت ناصر الخربوشبة مديرة دائرة الهوية الثقافية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب كلمة «الوزارة» والتي أكدت فيها على الإرث التاريخي والحضاري لثقافتنا العربية الممتد منذ آلاف السنين والذي أسهم في تشكيل هوية شعوب المنطقة وثقافتهم من عادات وتقاليد وحرف وفنون وأزياء وطقوس وممارسات ولغات وحكايات وأكلات استلهمتها من هذه الأرض العربية الأصيلة فامتدت كتراث ثقافي غير مادي تناقلتها المجتمعات جيلا بعد جيل.

وقالت: جاءت الاستراتيجية العربية لصون التراث الثقافي غير المادي لدعم العمل العربي المشترك في صون وحفظ هذا الموروث الثقافي غير المادي ولتكامل الجهود والخبرات من الدول العربية مع جهود المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الالكسو للوصول إلى سدّ الفجوات وتطبيق أفضل الممارسات في مجال صون التراث الثقافي غير المادي وضمان استدامته في الدول العربية. وأضافت: قامت سلطنة عمان بجهود كبيرة لتعزيز هويتها الثقافية وتعزيز إسهامها في المشهد الثقافي الإقليمي والعالمي، حيث اعتمدت رؤية عمان 2040 ضمن أولوياتها الوطنية الهوية والتراث والثقافة الوطنية، وتبنّت العديد من السياسات الثقافية أهمها الاستراتيجية الثقافية التي تضمنت العديد من الأهداف أهمها تعزيز الهوية الثقافية والعمل على استدامة الثقافة والحفاظ على التراث الثقافي غير المادي، وتمكنت سلطنة عمان منذ تصديقها على الاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي 2003 من تحقيق العديد من الإنجازات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي لصون وحفظ التراث الثقافي غير المادي، حيث تمكنت من إدراج ١٣ عنصرًا في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي باليونسكو، وستكمل هذه الاتفاقية هذا العام عامها العشرين، ونحن هنا نجدد التزامنا بمبادئ هذه الاتفاقية وتطبيق مضامينها وأهدافها من خلال عملنا العربي المشترك الذي يدعم موقفنا وملفاتنا المقدمة للتسجيل والتوثيق في قوائم منظمة اليونسكو.

التكيف مع المتغيرات

من جانبها قالت آمنة بنت سالم البلوشية أمينة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم: منذ عشرين عاما مضت تبنّى المجتمع الدولي في عام 2003 اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، والتي انضمت سلطنة عمان إليها في عام 2005، حيث أصبحت هذه الاتفاقية مرجعا مهما لوضع السياسات العامة والقوانين اللازمة لصون هذا التراث، وأبرزت من خلال تجاربها بأن الصون لا يتحقق إلا من خلال إبداع البشر والتكيف المستمر مع البيئة الدائمة التغيير، لذلك فإن دور القائمين على هذا التراث لا يقتصر على الحماية والصون فقط، بل يتعداه إلى اتباع السبل والوسائل الأكثر استدامة للحياة من أجل العيش في مجتمعات عادلة وشاملة. وأضافت: مما لا شك فيه أن تمكين الثقافة وحوكمتها والاشتغال عليها أصبح مطلبًا ملحا من قبل المنظمات الدولية والإقليمية، مما حدا بالمجتمع الدولي إلى المطالبة بالمراجعة المستمرة والشاملة للتشريعات والأسس والاتفاقيات على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، وتأتي هذه المراجعة من خلال تقييم الوضع الراهن للاستراتيجيات والبرامج والمعايير التي يتم الاشتغال عليها في مجال الثقافة، وتحليلها للخروج باستراتيجيات أكثر شمولية بحيث تتضمن الخطط البديلة والمؤشرات الواضحة التي يمكن قياس تحقق أهداف التنمية المستدامة على ضوئها، ويُعد التراث الثقافي غير المادي في الوقت الحاضر من بين المؤشرات الأكثر وضوحًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في قطاع الثقافة، فقد بات يؤدي دورًا رائدًا في تسريع حركة التنمية في العديد من الدول، بل إنه أصبح رافدًا مهمًا في الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يساعد على عكس قيمته الاجتماعية والحضارية والثقافية. وقالت أمينة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم: إن نجاح سلطنة عمان في تسجيل تسعة عناصر مشتركة من بين ثلاثة عشر عنصرا في القائمة التمثيلية لصون التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو يعكس البعد الحضاري للدولة، والحرص الذي توليه سلطنة عمان ممثلة في وزارة الثقافة والرياضة والشباب في إبراز الترابط العربي للعديد من العادات والتقاليد والممارسات المجتمعية التي لا تعترف بالنطاق الجغرافي الضيق للحدود، وما هذا الاجتماع إلا انعكاسٌ لليقظة الاستراتيجية التي تنبهت لها الدول العربية بقيادة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ـ الألكسو، والتي ستساعد في رسم خارطة طريق واضحة لهذا التراث في المنطقة العربية. وفي الختام أشادت آمنة بنت سالم البلوشية أمينة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم بجهود منظمة الألكسو في تسليط الضوء على العديد من القضايا العربية المهمة وتوسيع آفاق الشراكات على كافة الأصعدة، وعلى مبادرتها المتفردة للدفع بالملفات العربية المشتركة في مجال التراث الثقافي غير المادي إلى العالمية، مؤكدة في الوقت نفسه على حرص اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم للمشاركة في جميع هذه القضايا وترحيبها للإسهام في كل ما من شأنه ضمان تحقيق رؤية عمان 2040 من جهة، وأهداف المنظمة ورؤاها الاستراتيجية من جهة أخرى.

هوية وثقافة مشتركة

من جانبه أعرب الأستاذ الدكتور مراد محمودي أمين عام المجلس التنفيذي والمؤتمر العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عن شكره وامتنانه لسلطنة عُمان على استضافتها هذا الاجتماع ودورها في صون التراث الثقافي غير المادي بشكل عام وفي الوطن العربي بشكل خاص.

كما قُدّم في حفل انطلاق الاجتماع اليوم عرض مرئي بعنوان «هوية وثقافة مشتركة»، وقدم أحمد بن راشد الشحي رئيس قسم التراث الثقافي غير المادي عرضه المرئي حول «افتتاح برنامج بناء القدرات في مجال صون التراث الثقافي غير المادي».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لصون التراث الثقافی غیر المادی صون التراث الثقافی غیر المادی الأستاذ الدکتور سلطنة عمان العدید من من خلال فی مجال

إقرأ أيضاً:

ليبيا تشارك في الاجتماع العالمي للتربية 2024 في البرازيل

شارك وزير التربية والتعليم بحكومة الوحدة الوطنية موسى المقريف، في “الاجتماع العالمي للتربية 2024” الذي يعقد في فورتاليزا/ بالبرازيل لمدة يومين.

جاءت المشاركة تلبية لدعوة رسمية من منظمة اليونسكو ووزير التّعليم بجمهورية البرازيل وتحت رعايتهما المشتركة. حيث “اِنطلقت فعاليات هذا الاِجتماع بِمشاركة حوالي ثمانية وخمسين وزير تربية وتعليم بالدّول الأعضاء باليونسكو، بالإضافة إلى حوالي ألف وخمسمائة مشارك ومشاركة من كيانات ومنظمات حكومية وغير حكومية، ومؤسسات المجتمع المدني، وبعض المنظمات الإقليمية والدّولية المتخصّصة في مجال التّعليم والتّمويل والاِستثمار، وممثلين عن الطلاب والشباب وحُقوق الإنسان والمساواة”.

وتُطلق اليونسكو على هامِش هذا الملتقى التّقرير العالمي لِرصد التّعليم 2024 – 2025، تحت عنوان “القيادة في التّعليم”.

ويهدف الاجتماع للعمل على تشكيل المرحلة الرئيسية للتعبئة السياسية من أجل التعليم، ووضع الأسس لرؤية مشتركة للتعليم في خطة ما بعد عام 2030م.

وتضمّنت جلسة الاِفتتاح كلمات رسمية “ركّزتْ جميع الكلمات والمداخلات الرّسمية على أن الحق في التّعليم هو أمر أساسي وجوهري، ويُمثل أحد أهم حُقوق الإنسان الأساسية، وحث الدّول والمجتمعات على وضع التّعليم في مركز السياسات العامّة الوطنية، لِما له من قدرة على تحويل حياة الناس والمجتمعات بطريقة مُستدامة، وضمان حول كل فئات على تعليم جيد وشامِل ومنصف”.
كما تمّ التأكيد على أنّ “هذا النّوع من الاِجتماعات العالمية الهامّة تجلب فوائد متعدّدة، من خلال منح الفرصة للمشاركين من جميع المناطق والمجتمعات لِمشاركة تجاربهم والتّعلُّم من البلدان الأخرى، والذي بدوره يدفع نحو تسريع التّقدّم المُحرِز نحو تحقيق غايات ومقاصِد الهدف الرّابع للتنمية المستدامة 2030،وقد أردف جميع المتحدّثين على أهمّية التّعامل مع التّعليم باعتباره اِستثمار وليس إنفاق، وهو المسار الرّئيسي الوحيد لِبناء عالم وكوكب مُستدام”.

وركزت المواضيع الرّئيسية للاجتماع على “أزمة المناخ والبيئة، والسلام وحُقوق الإنسان، والصّحة والتّغذية والرّفاهية، العلوم والتكنولوجيا والاِبتكار والتّحوّل الرّقمي، والمساواة بين الجنسين، الحِوار بين وزراء التّعليم والمجتمع المدني، والقطاع الخاص والشباب، مما يُعزّز اِلتزام اليونسكو والدّول الأعضاء بالهدف الرّابع من أهداف التّنمية المستدامة للأمم المتّحدة (SDG 4)، ودعم السياسات والبرامج التي تُبني حاضراً ومستقبلاً أكثر عدالة واستدامة”.

كما عُقدت جلسات متوازية تتناول اِستعراض مؤشرات مختارة للهدف الرّابع للتنمية المستدامة، فضلاً على جلسات أخرى متوازية تناولتْ الاِستثمار في التّعليم من خلال تبنِّي عِدّة اِستراتيجيات كالعدالة الضريبية، والتمويل المبتكر، وعدالة الاِستثمارات، واستدامة الدّيون.

والجدير بالذكر هُنا أن الأمم المتّحدة أقرّت في 2015 قراراً يقضي بأن تقوم اليونسكو، كونها الوكالة المتخصّصة المكلّفة بالهدف الرّابع للتنمية المستدامة، بحشد الدّعم والمناصرة لِتحقيق مقاصد وغايات الهدف الرّابع للتنمية المستدامة، بالتّعاون مع الشركاء الإقليمين والدّوليين، من خلال عقد اِجتماعات وملتقيات إقليمية وعالمية، لِتعزيز اِستعراض الإنجازات، ورصد التّحدّيات والعقبات من منظور عالمي، وإقليمي ووطني.

مقالات مشابهة

  • ندوة ثقافية تستعرض "أثر ابن رزيق في التراث الثقافي العماني والعالمي"
  • ليبيا تشارك في الاجتماع العالمي للتربية 2024 في البرازيل
  •    عمان الأهلية تستقبل المستشار الثقافي العراقي في الاردن
  • إيكروم الشارقة يعلن عن لجنة تحكيم جائزة التراث الثقافي العربية لليافعين لعام 2024
  • فى الذكرى ال79 لتأسيسها ..اليونسكو شعارها بناء عالم أكثر عدالة وسلامًا وتسامحًا..نجلاء رأفت : هدفها دعم مجتمعات المعرفة وتشجيع الإبداع والابتكار..عمر ذكى: نظمت حملة دولية لإنقاذ آثار النوبة ومعبد فيلة
  • المنتخب التونسي لكرة الطائرة يستهل مشاركته في البطولة العربية بالفوز على عمان
  • «إعلان عمّان» يشجب ما تتعرض له النظم الغذائية والزراعية بالمنطقة العربية
  • فعاليات ثقافية وفنية في الأسبوع الثقافي النمساوي ببيت الزبير
  • عمان بالجامعة العربية: الأونروا كانت هدف عمليات القصف الإعلامي والسياسي الإسرائيلي
  • لحماية التراث والآثار من التهديدات الإسرائيلية.. بعثة لبنان لدى الأونيسكو تتحرك