«إعلان مسقط» يمهد لاستراتيجية عربية متجددة لحماية التراث الثقافي غير المادي
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
تشهد سلطنة عمان اليوم «إعلان مسقط» للاستراتيجية العربية لصون التراث الثقافي غير المادي وذلك في ختام جلسات الاجتماع الختامي للاستراتيجية والذي تستضيفه سلطنة عمان ممثلة بوزارة الثقافة والرياضة والشباب بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) بمشاركة جميع الدول الأعضاء وحضور وعدد من الخبراء المتخصصين في مجال التراث الثقافي غير المادي.
وشهد الاجتماع الذي انطلق اليوم في فندق جراند ملينيوم مسقط الذي رعاه معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة بحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة تقديم مسار ومراحل إعداد الاستراتيجية العربية لصون التراث الثقافي غير المادي وتوظيفه في البلدان العربية وقدمه الأستاذ الدكتور د.فتحي الجراي من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، تلاه تقديم النسخة الأولى للمحاور الكبرى للاستراتيجية تمثل الأول في «التشريعات وسياسات الصون» قدمها الأستاذ الدكتور هاني الهياجلة، والمحور الثاني تمثل في «الحصر والتوثيق والدراسات» وقدمه الأستاذ الدكتور عماد بن صولة، تلاه محور «إحياء عناصر التراث الثقافي غير المادي والترويج لها» قدمته الأستاذة الدكتورة نهلة إمام، واختتمت الجلسة الأولى بالمحور الرابع المتمثل في «التسجيل لدى اليونسكو» وقدمه الأستاذ الدكتور فتحي الجراي. وفي الجلسة الثانية روجعت النسخ الأولى للاستراتيجية في محاورها الأربعة والتي تُطرق لها في الجلسة الأولى.
التزام بالمبادئ والمضامين
وقد شهد حفل الافتتاح الذي أقيم اليوم تقديم الكلمات الافتتاحية حيث ألقت مريم بنت ناصر الخربوشبة مديرة دائرة الهوية الثقافية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب كلمة «الوزارة» والتي أكدت فيها على الإرث التاريخي والحضاري لثقافتنا العربية الممتد منذ آلاف السنين والذي أسهم في تشكيل هوية شعوب المنطقة وثقافتهم من عادات وتقاليد وحرف وفنون وأزياء وطقوس وممارسات ولغات وحكايات وأكلات استلهمتها من هذه الأرض العربية الأصيلة فامتدت كتراث ثقافي غير مادي تناقلتها المجتمعات جيلا بعد جيل.
وقالت: جاءت الاستراتيجية العربية لصون التراث الثقافي غير المادي لدعم العمل العربي المشترك في صون وحفظ هذا الموروث الثقافي غير المادي ولتكامل الجهود والخبرات من الدول العربية مع جهود المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الالكسو للوصول إلى سدّ الفجوات وتطبيق أفضل الممارسات في مجال صون التراث الثقافي غير المادي وضمان استدامته في الدول العربية. وأضافت: قامت سلطنة عمان بجهود كبيرة لتعزيز هويتها الثقافية وتعزيز إسهامها في المشهد الثقافي الإقليمي والعالمي، حيث اعتمدت رؤية عمان 2040 ضمن أولوياتها الوطنية الهوية والتراث والثقافة الوطنية، وتبنّت العديد من السياسات الثقافية أهمها الاستراتيجية الثقافية التي تضمنت العديد من الأهداف أهمها تعزيز الهوية الثقافية والعمل على استدامة الثقافة والحفاظ على التراث الثقافي غير المادي، وتمكنت سلطنة عمان منذ تصديقها على الاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي 2003 من تحقيق العديد من الإنجازات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي لصون وحفظ التراث الثقافي غير المادي، حيث تمكنت من إدراج ١٣ عنصرًا في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي باليونسكو، وستكمل هذه الاتفاقية هذا العام عامها العشرين، ونحن هنا نجدد التزامنا بمبادئ هذه الاتفاقية وتطبيق مضامينها وأهدافها من خلال عملنا العربي المشترك الذي يدعم موقفنا وملفاتنا المقدمة للتسجيل والتوثيق في قوائم منظمة اليونسكو.
التكيف مع المتغيرات
من جانبها قالت آمنة بنت سالم البلوشية أمينة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم: منذ عشرين عاما مضت تبنّى المجتمع الدولي في عام 2003 اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، والتي انضمت سلطنة عمان إليها في عام 2005، حيث أصبحت هذه الاتفاقية مرجعا مهما لوضع السياسات العامة والقوانين اللازمة لصون هذا التراث، وأبرزت من خلال تجاربها بأن الصون لا يتحقق إلا من خلال إبداع البشر والتكيف المستمر مع البيئة الدائمة التغيير، لذلك فإن دور القائمين على هذا التراث لا يقتصر على الحماية والصون فقط، بل يتعداه إلى اتباع السبل والوسائل الأكثر استدامة للحياة من أجل العيش في مجتمعات عادلة وشاملة. وأضافت: مما لا شك فيه أن تمكين الثقافة وحوكمتها والاشتغال عليها أصبح مطلبًا ملحا من قبل المنظمات الدولية والإقليمية، مما حدا بالمجتمع الدولي إلى المطالبة بالمراجعة المستمرة والشاملة للتشريعات والأسس والاتفاقيات على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، وتأتي هذه المراجعة من خلال تقييم الوضع الراهن للاستراتيجيات والبرامج والمعايير التي يتم الاشتغال عليها في مجال الثقافة، وتحليلها للخروج باستراتيجيات أكثر شمولية بحيث تتضمن الخطط البديلة والمؤشرات الواضحة التي يمكن قياس تحقق أهداف التنمية المستدامة على ضوئها، ويُعد التراث الثقافي غير المادي في الوقت الحاضر من بين المؤشرات الأكثر وضوحًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في قطاع الثقافة، فقد بات يؤدي دورًا رائدًا في تسريع حركة التنمية في العديد من الدول، بل إنه أصبح رافدًا مهمًا في الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يساعد على عكس قيمته الاجتماعية والحضارية والثقافية. وقالت أمينة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم: إن نجاح سلطنة عمان في تسجيل تسعة عناصر مشتركة من بين ثلاثة عشر عنصرا في القائمة التمثيلية لصون التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو يعكس البعد الحضاري للدولة، والحرص الذي توليه سلطنة عمان ممثلة في وزارة الثقافة والرياضة والشباب في إبراز الترابط العربي للعديد من العادات والتقاليد والممارسات المجتمعية التي لا تعترف بالنطاق الجغرافي الضيق للحدود، وما هذا الاجتماع إلا انعكاسٌ لليقظة الاستراتيجية التي تنبهت لها الدول العربية بقيادة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ـ الألكسو، والتي ستساعد في رسم خارطة طريق واضحة لهذا التراث في المنطقة العربية. وفي الختام أشادت آمنة بنت سالم البلوشية أمينة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم بجهود منظمة الألكسو في تسليط الضوء على العديد من القضايا العربية المهمة وتوسيع آفاق الشراكات على كافة الأصعدة، وعلى مبادرتها المتفردة للدفع بالملفات العربية المشتركة في مجال التراث الثقافي غير المادي إلى العالمية، مؤكدة في الوقت نفسه على حرص اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم للمشاركة في جميع هذه القضايا وترحيبها للإسهام في كل ما من شأنه ضمان تحقيق رؤية عمان 2040 من جهة، وأهداف المنظمة ورؤاها الاستراتيجية من جهة أخرى.
هوية وثقافة مشتركة
من جانبه أعرب الأستاذ الدكتور مراد محمودي أمين عام المجلس التنفيذي والمؤتمر العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عن شكره وامتنانه لسلطنة عُمان على استضافتها هذا الاجتماع ودورها في صون التراث الثقافي غير المادي بشكل عام وفي الوطن العربي بشكل خاص.
كما قُدّم في حفل انطلاق الاجتماع اليوم عرض مرئي بعنوان «هوية وثقافة مشتركة»، وقدم أحمد بن راشد الشحي رئيس قسم التراث الثقافي غير المادي عرضه المرئي حول «افتتاح برنامج بناء القدرات في مجال صون التراث الثقافي غير المادي».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: لصون التراث الثقافی غیر المادی صون التراث الثقافی غیر المادی الأستاذ الدکتور سلطنة عمان العدید من من خلال فی مجال
إقرأ أيضاً:
وزير الاتصالات: إطار تنظيمى متوازن لحماية الدول العربية من مخاطر الذكاء الاصطناعى
أكد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن هناك حراك وتحول غير مسبوق فى دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على الساحة الدولية خلال العامين الماضيين حيث بات يعيد تشكيل الاقتصادات ويحدث ثورة فى الصناعات ويغير المجتمعات بصورة مطردة؛ مشيرا إلى أن التكنولوجيات البازغة مثل الذكاء الاصطناعى وسلاسل الكتل والحوسبة الكمومية وإنترنت الأشياء لم تعد وعودا مستقبلية بل أضحت القوى الدافعة للعالم اليوم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وتتداخل مع مختلف القطاعات بما فى ذلك الزراعة والصحة والتعليم والقطاع المصرفى وغيرها.
جاء ذلك فى كلمة الدكتور عمرو طلعت فى الجلسة الافتتاحية لدائرة الحوار العربية حول "الذكاء الاصطناعى فى العالم العربى تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية" التى تنعقد على مدار يومين تحت رعاية ورئاسة أحمد أبو الغيط الأمين العام الجامعة الدول العربية ورئيس لجنة التنسيق العليا للعمل العربى المشترك بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية؛ بحضور الدكتور إسماعيل عبد الغفار رئيس الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، والدكتور عبد المجيد عبدالله البنيان رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ومحمد اليماحى رئيس البرلمان العربى.
وأعرب الدكتور عمرو طلعت عن سعادته بالتواجد فى هذا المحفل العلمى المتميز فى رحاب جامعة الدول العربية التى تزخر بتاريخ حافل من التعاون السياسى والاقتصادى والاجتماعى وكذلك التكنولوجى الذى أصبح ركنا كينا فى القضايا التى تعيد تشكيل العالم وتمثل أولوية فى ملفات التعاون العربى المشترك؛ مثمنا على مبادرة عقد "دائرة الحوار العربى حول الذكاء الاصناعى فى العالم العربى" والتى تأتى بالتزامن مع الاحتفاء بمرور ثمانين عامًا على تأسيس جامعة الدول العربية حيث توفر منصة فريدة للتفاعل البناء وتبادل المعرفة بهدف صياغة رؤى مشتركة واستراتيجيات مستقبلية تعكس محورية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كممكن فاعل لكافة القطاعات فى الدول العربية.
وأوضح طلعت أن التطورات التكنولوجية أدخلت تحديات جديدة على الحكومات عالميا، من المنافسة الجيوسياسية فى السباق الرقمى إزاء الريادة فى قضايا الذكاء الاصطناعى وسد الفجوة الرقمية ودرء المخاطر السيبرانية بما يستوجب على الدول العربية التصدى لهذه التحديات برؤية موحدة تضمن حضورا دوليًا فاعلا يُعبر عن إرادة الشعوب العربية ويُعرب عن تطلعات الحكومات العربية؛ مؤكدا أن هذا المحفل يأتى تأكيداً لدور جامعة الدول العربية البناء كمنارة لتبادل الرؤى حول القضايا الأهم للشعوب العربية وفاعلاً رئيسياً فى تبنى استراتيجيات موحدة حول التكنولوجيات البازغة وبناء الوعى الجمعى للشعوب العربية بشأنها.
وأشار طلعت إلى رئاسة مصر للدورة الثامنة والعشرين لمجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات والمكتب التنفيذى للعامين القادمين؛ موضحا أن المجلس أقر خلال اجتماع الدورة الثامنة والعشرين فى يناير 2025 "الرؤية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعي" التى تهدف إلى الارتقاء بالأداء الحكومى والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعى فى تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين وتحقيق الريادة للدول العربية فى مجال الإبداع الرقمى والشركات الناشئة المعتمدة على الذكاء الاصطناعى، بالإضافة إلى رفع الوعى العام بهذه التكنولوجيا وتشجيع البحث والتطوير فى التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعى فى مختلف القطاعات وجذب الاستثمارات فى البنية التحتية الرقمية اللازمة لذلك؛ مضيفا أنه رغم التأثير الكبير للذكاء الاصطناعى التنموى إلا أن استخدامه الآمن الأخلاقى الفعّال ليس بهين ويُلزم بوضع إطار تنظيمى وسياج حوکمی متوازن لحماية الشعوب العربية من مخاطر الذكاء الاصطناعى السيبرانية والأخلاقية دون تقييد للإبداع الرقمى.
ولفت طلعت إلى المبادرة المصرية لمجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات بحتمية المضى قدماً نحو الانتهاء من صياغة الميثاق العربى الأخلاقيات الذكاء الاصطناعى والذى سيكون بمثابة نبراساً للدول العربية فى مسيرة تحقيق هذا التوازن المرجو بين تحفيز الابتكار والاستخدام الآمن المسئول وبين ضمان الشفافية وإرساء مبادئ المسائلة فى تصميم ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعى بما يعكس المعتقدات والأولويات والثقافة والرؤية العربية حول مخاطر الذكاء الاصطناعي؛ مشيرا إلى توافق مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات على وضع إطار عربى موحد لبناء القدرات البشرية وتنمية الوعى العام إزاء القضايا الخاصة بالذكاء الاصطناعى ودعم الشركات الناشئة العربية فى هذا المجال الحيوى فضلاً عن تعزيز الشراكات الدولية والتعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية لضمان استمرارية المشاركة الفاعلة للدول العربية على الساحة الدولية وكذلك تحسين ترتيب الدول العربية فى المؤشرات الدولية للذكاء الاصطناعى.
ودعا طلعت الباحثين والخبراء والمطورين وصناع السياسات من الحكومات والقطاع الخاص إلى تبادل الرؤى من خلال فعاليات هذا المحفل للخروج بمقترحات عمل موضوعية لتنفيذ خارطة الطريق التى رسمتها الرؤية الاستراتيجية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعى؛ معربا عن تطلعه إلى توصيات دائرة الحوار العربى فيما يتعلق بمبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعى بما يسهم فى تبنى وثيقة عربية موحدة حول مبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعى بما تشمله من أطر وقواعد استرشادية تتماشى مع أولويات الدول العربية وخططها التنموية.
تجدر الإشارة إلى أن دائرة الحوار العربية تنعقد فعالياتها بتنظيم مشترك من قبل الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالمملكة العربية السعودية بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وبمشاركة الخبراء والمتخصصين فى مجالات الذكاء الاصطناعى لبحث ومناقشة أحدث التطبيقات والتطورات وتبادل الخبرات والأفكار حول التحديات الأخلاقية المترتبة على استخدام الذكاء الاصطناعى وتأثيره على المجتمع والاقتصاد فى العالم العربى.
شارك فى فعاليات دائرة الحوار العربية حول "الذكاء الاصطناعى فى العالم العربى تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية" الدكتورة هدى بركة مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتنمية المهارات التكنولوجية، والدكتور أحمد طنطاوى المشرف على أعمال مركز الابتكار التطبيقى.