أهمية عودة الفلسفة إلى المناهج الدراسية
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
الفلسفة من أهم العلوم التي تساعد الإنسان على فهم الوجود والمعرفة والأخلاق والجمال، ومن خلال دراستها نستطيع أن نفهم حقيقة الإنسان وحقيقة نفسه ووجوده.
وإلى فترة قريبة كانت مقررات الفلسفة إلزامية في الكثير من دول العالم بما في ذلك بعض الدول العربية، إلا أن التحولات الدراماتيكية التي شهدها العالم العربي خلال العقود الماضية أخذت معها مناهج دراسة الفلسفة ليس فقط من مناهج المدارس ولكن أيضا، وهذا هو الأخطر، من مناهج المؤسسات الجامعية، الأمر الذي انعكس سلبا على تطوير مهارات التفكير لدى مخرجات الجامعات، فغابت مهارات التحليل والتقييم والتفكير النقدي والمنطقي وهي مهارات أساسية في مختلف مجالات الحياة.
ورغم أن العلماء والكثير من الدراسات التي أجريت في مختلف دول العالم تؤكد ضرورة تضمين منهج دراسة الفلسفة وكذلك المنطق وقواعده إلى المناهج الدراسية إلا أن الأمر ما زال بحاجة إلى إرادة سياسية لتفرضه، رغم أن دواعيه تفرض نفسها فرضا على عالمنا اليوم. فمن ينكر اليوم أهمية تدريس فلسفة الأخلاق وفلسفة الجمال في عالم تشهد فيه الأخلاق انحدارا كبيرا لا مثيل له، وتتخلى فيه الإنسانية عن قيمها الروحية وعن المشتركات الإنسانية لصالح ما يفرق بين الناس ويباعد بينهم.
لم تكن الفلسفة في يوم من الأيام مجرد رحلة تأملية في عالم الخيال، أو زخرفة للعقل، إنها كانت على الدوام جوهر ومظهر الروح العالمية، والمحرك الأساسي لرفع الوعي إلى عالم المطلق.. ولذلك لا ينبغي النظر إلى الفلسفة بوصفها مجرد أداة بل بكونها شريان الحياة الأساسي لفهم أسرار الحياة وتحقيق الذات.
وإذا كانت الدول تسعى جاهدة إلى إعداد أجيال واعية وقادرة على فهم ما يدور حولها وفهم ذاتها قبل كل شيء فمن الأهمية أن تعمل وزارات التربية والتعليم ووزارات التعليم العالي في العالم العربي إلى إعادة تدريس الفلسفة لتكون مقررا أساسيا مثله مثل دراسة التربية الإسلامية واللغة العربية والتاريخ والفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات.. فالفلسفة لديها قدرة كبيرة على إضاءة الكثير من العلوم، وهي، بلا شك، تسهم في تحويل المعرفة إلى حكمة، وتمهد الطريق إلى التنوير وتحقيق الذات.. وما أحوجنا في العالم العربي إلى ذلك.
كما تمكن الفلسفة الشباب من تجاوز التجريبي والصعود إلى عالم الأفكار، حيث يستطيع الشاب التوفيق بين تناقضات الواقع، وفهم الحقيقة في شمولها.
وإذا كنا نتحدث عن المناهج الدراسية في العالم العربي فإنه يجب التأكيد على أن المناهج في سلطنة عمان سواء كانت في المدارس أو في المؤسسات الجامعية بحاجة ماسة إلى تدعيمها بمنهج دراسة الفلسفة وكذلك المنطق، والتفكير الجدي في إعادة افتتاح قسم خاص بالفلسفة في جامعة السلطان قابوس وغيرها من الجامعات الأخرى.
إن دمج الفلسفة ضمن النسيج التعليمي يعني تمكين العقول الشابة من فهم جوهر العالم وجوهر أنفسهم.. ولا يمكن أن ننظر إلى الفلسفة والتفلسف بوصفه ترفًا يمكن الاستغناء عنه، بل هو ضرورة أساسية لتشكيل البوصلة الفكرية والأخلاقية للشباب في وقت كثر فيه الاضطراب الفكري والشعور الدائم بالغربة والاغتراب.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العالم العربی
إقرأ أيضاً:
بلومبيرغ: العالم يستعد لزلزال تجاري جديد مع عودة ترامب
مع عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تستعد دول العالم لموجة جديدة من السياسات التجارية الصارمة التي قد تهدد التوازن التجاري العالمي.
ووفقًا لتقرير صادر عن وكالة بلومبيرغ، تخطط الحكومات في العالم لمواجهة ما وصف بأنه "زلزال تجاري" جديد، مع اقتراب تطبيق تعريفات جمركية من شأنها إعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية العالمية.
إستراتيجيات المواجهةالتقرير يوضح أن الدول تنتهج 3 إستراتيجيات رئيسية: خطوات استباقية لتجنب التصعيد، واستعدادات للرد بالمثل، ومواقف انتظار مشوبة بالحذر.
بعض الدول تسعى لتقليل تأثير السياسات الأميركية على اقتصاداتها عبر اتخاذ خطوات استباقية (غيتي)1- خطوات استباقية
تذكر بلومبيرغ أن بعض الدول تسعى لتقليل تأثير السياسات الأميركية على اقتصاداتها عبر اتخاذ خطوات استباقية.
فهذه فيتنام، التي تعدّ من أكبر الدول المصدرة للولايات المتحدة، تعزز وارداتها من المنتجات الأميركية مثل الغاز الطبيعي والطائرات، في محاولة لتجنب أي تعريفات جديدة.
وأكد نائب وزير الخارجية الفيتنامي أهمية إزالة أي عقبات تجارية مع الولايات المتحدة لتجنب التصعيد، خاصة بعد ذكر فيتنام بالاسم في مشروع السياسات "Project 2025" الذي أعدّه بيتر نافارو مستشار ترامب التجاري.
وتتبع كوريا الجنوبية وتايوان نهجًا مشابهًا، إذ تدرسان زيادة وارداتهما من الطاقة الأميركية، بما في ذلك الغاز الطبيعي، في محاولة لتعزيز العلاقات التجارية.
إعلان2- استعدادات للرد بالمثل
وتبنّت الصين إستراتيجيات دفاعية لمواجهة التحديات القادمة.
فوفقًا لتحليلات بلومبيرغ، تشمل هذه الإستراتيجيات:
خفض قيمة اليوان. بيع سندات الخزانة الأميركية. تقييد تصدير المواد النادرة التي تُستخدم في الصناعات التكنولوجية. تقليل اعتمادها على السوق الأميركية من خلال توسيع شراكاتها الاقتصادية مع دول أخرى. إستراتيجيات الصين للمواجهة تشمل خفض قيمة اليوان وبيع سندات الخزانة الأميركية وتقييد تصدير المواد النادرة (غيتي)
أما المكسيك وكندا، الجارتان الأكثر تأثرًا بسياسات ترامب، فلم تقفا مكتوفتي الأيدي. فقد صرح رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بأن بلاده مستعدة للرد بفرض تعريفات جمركية مضادة إذا لزم الأمر.
وفي المكسيك، حذرت الرئيسة كلوديا شينباوم من أن التعريفات الأميركية ستؤدي إلى زيادة التضخم في الولايات المتحدة نفسها، مما يجعلها سياسة ضارة للطرفين.
كما تسعى المكسيك أيضًا لتقليل اعتمادها على الواردات الصينية كجزء من إستراتيجيتها لتخفيف الضغوط الأميركية.
3- انتظار وتفاؤل حذر
اختارت بعض الدول الأخرى، مثل البرازيل والهند، اتباع موقف الانتظار بدلًا من المواجهة المباشرة.
فالمسؤولون في البرازيل واثقون من قدرتهم على توجيه صادراتهم إلى أسواق بديلة مثل آسيا إن فرضت الولايات المتحدة تعريفات جديدة.
أما الهند فتعوّل على العلاقات الجيدة بين رئيس الوزراء ناريندرا مودي وترامب خلال فترته الأولى. ويدرس المسؤولون الهنود تخفيض الرسوم الجمركية على المنتجات الأميركية كجزء من أي مفاوضات مستقبلية.
من جهته، يتبنّى الاتحاد الأوروبي إستراتيجية مزدوجة، فبينما يعبر عن استعداده للرد إذا لزم الأمر، يعزز قدراته التجارية من خلال قوانين جديدة تمنح الدول الأعضاء صلاحيات للرد على أي قيود اقتصادية تفرضها أطراف خارجية، بحسب بلومبيرغ.
الدول تجد نفسها في موقف صعب للغاية بين مطالب الولايات المتحدة وأهمية استمرار العلاقات مع الصين (الفرنسية) انعكاسات اقتصادية عالميةوتضع هذه السياسات التجارية الأميركية الجديدة العديد من الدول في مأزق معقد. فمن جهة، تطالب الولايات المتحدة حلفاءها بفك الارتباط الاقتصادي مع الصين، ومن جهة أخرى تحتاج هذه الدول للحفاظ على شراكاتها التجارية مع بكين للحفاظ على استقرار اقتصاداتها.
إعلانويقول فريدريك نيومان، كبير اقتصاديي آسيا في بنك "إتش إس بي سي"، لبلومبيرغ "إن الدول تجد نفسها في موقف صعب للغاية بين مطالب الولايات المتحدة وأهمية استمرار العلاقات مع الصين. إنها أزمة تتطلب مناورة دقيقة للغاية".
وإلى جانب ذلك، من المتوقع أن تؤثر هذه السياسات بشكل كبير على الأسواق العالمية، على خلفية تحذيرات من انخفاض الصادرات الإيرانية بمقدار مليون برميل يوميا لدى تصاعد السياسات العقابية، وزيادة أسعار النفط نتيجة لتقلبات الأسواق.
عالم يتأقلم مع عودة ترامبووفقًا لتحليل بلومبيرغ، فهذه المرحلة الجديدة من السياسات الاقتصادية لن تؤثر فقط على التوازنات التجارية بل قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في خريطة العلاقات الاقتصادية العالمية.
وتجد دول العالم الآن نفسها في سباق مع الزمن لحماية اقتصاداتها من التأثيرات السلبية، والاستعداد لمستقبل قد يشهد تغيرات غير مسبوقة في القواعد التجارية العالمية، وفق بلومبيرغ.