لجريدة عمان:
2024-07-02@00:52:04 GMT

الديمقراطيات لم «تتراجع»

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

يبدو أن عام 2023 سيكون عاما كئيبًا آخر للديمقراطية. لقد حدثت عدة انقلابات في أفريقيا ويبدو أن دونالد ترامب في طريقه لتأمين ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024.

إن الكيفية التي نصف بها مثل هذه التطورات مهمة، ففي نهاية المطاف فإن هناك عواقب للكلمات. إن من المؤسف أن جزءا من اللغة المستخدمة لتحليل الركود الديمقراطي العالمي يعطي انطباعًا خاطئًا تمامًا، ويُعَد مصطلح «التراجع» ــ الذي ساهم في خلق حالة من السلبية الغريبة بين القوى المؤيدة للديمقراطية ــ مثالاً واضحاً على ذلك.

إن العالم لا يشهد عودة الى بعض الأنظمة المألوفة من الماضي، ولا حتى نحو ديناميكية وظروف شهدناها من قبل ونستطيع أن نفهمها بسهولة. لقد كانت الحكمة التقليدية ولفترة طويلة هي أنه على الرغم من أن الأنظمة الديمقراطية ترتكب الأخطاء، فإنها تتعلم أيضاً من تلك العثرات وتتكيف وفقاً لذلك ــ وهي السمة التي تميزها عن كل الأنظمة السياسية الأخرى. لكن المستبدين أظهروا الآن أنهم أيضا قادرون على التكيف والتعلم من أخطائهم وأخطاء أسلافهم وأقرانهم. وفي واقع الأمر ابتكر المستبدون المعاصرون قواعد لعب جديدة لتعزيز السلطة وممارستها والحفاظ عليها ــ وهو أسلوب يعتمد بشكل كبير على الحفاظ على بعض مظاهر الديمقراطية. وكما أظهر عالما الاجتماع سيرجي جورييف ودانييل تريسمان فإن هؤلاء الطغاة الذين يتلاعبون بالمعلومات ويتظاهرون بالديمقراطية هم مختلفون تمامًا عن الطغاة المخيفين والذين اعتمدوا على العنف أو حتى الإبادة الجماعية وهيمنوا على القرن العشرين.

إن المستبدين الحاليين يتجنبون استخدام القمع العلني من أجل تحصين مواقعهم كما أنهم يتجنبون ارتكاب انتهاكات واضحة للقانون، بل ويستخدمون القانون لتحقيق أهدافهم الخاصة وهو ما يطلق عليه الباحثون «القانونية الاستبدادية». يركّز هؤلاء المستبدون على التلاعب بالرأي العام بينما يعملون تدريجيا على إضعاف المعايير والمؤسسات الديمقراطية التي يزعمون أنهم يستمدون شرعيتهم منها، فعلى سبيل المثال، بدلاً من اللجوء إلى القمع الصريح على الطراز القديم، قد يستخدمون تقنيات المراقبة الحديثة مثل برامج التجسس لتحديد المنشقين المحتملين، وبدلاً من إرسال الأجهزة الأمنية للطرق على أبواب المنشقين في وقت متأخر من الليل، فإنهم قد يرسلون السلطات الضريبية للعثور على أي خطأ يتعلق بمنظمة غير حكومية أو صحيفة. يقوم الطغاة الذين يتلاعبون بالمعلومات ويتظاهرون بالديمقراطية أيضًا بتلفيق «حقائق» جديدة على الأرض. على سبيل المثال، تمكّن الشعبويون اليمينيون المتطرفون في بولندا وهنغاريا من خداع الاتحاد الأوروبي لفترة تكفي لإعادة هيكلة المؤسسات المحلية وتغيير الموظفين لصالح ترسيخ حكمهم، وفي حين أن التراجع عن هذا الضرر ليس مستحيلا، إلا أنه يصبح أكثر صعوبة مع مرور الوقت.

إن هذا لا يعني أن المستبدين اليوم هم سحرة سياسيون قادرون على خداع كل الناس طوال الوقت، فهم يرتكبون الكثير من الأخطاء الفادحة التي يمكن أن تعرض حكمهم للخطر مع الاحتفاظ بإمكانية استخدام العنف وغيره من وسائل القمع العلني.

إذا كانت كلمة « العودة» مضللة، فإن كلمة «الانزلاق» مضللة كذلك، وكما هو الحال مع عبارة «تآكل الديمقراطية»، يوحي مصطلح «الانزلاق» بأننا نتعامل مع حادث ما أو حتى عملية شبه طبيعية، لكن العديد من المستبدين الطموحين لديهم خطة، وغالباً ما تتضمن هذه الخطة عناصر مأخوذة من الآخرين، وبمجرد أن أثبت رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان كيف يمكن خداع الاتحاد الأوروبي وكسب الوقت في حين كان يعمل على ترسيخ حكمه الاستبدادي، أصبح بوسع الآخرين أن يقلدوه بسهولة ــ كما فعل الحزب الحاكم في بولندا. ويشير مصطلح «التراجع» أيضاً إلى أن الركود الديمقراطي الحالي عبارة عن عملية تشبه الخط المستقيم، وكما لاحظ شون هانلي وليسيا سيانيتي، فإن هذا التصور «يخاطر بإعادة إنتاج القيود الفكرية لنموذج التحول في التسعينيات على نحو عكسي»، وفي كلتا الحالتين، كان هناك افتراض بأن الجميع يتحركون بشكل حتمي على نفس المسار، ولكن التفاؤل غير المبرر (الجميع يسعون لتحقيق ديمقراطية أكثر قوة) أفسح المجال للتشاؤم غير المبرر (الديمقراطية لدى الجميع «تتآكل»). وفي واقع الأمر فإن العالم اليوم لا يشهد تحولاً شاملاً، ناهيك عن كونه حتمياً نحو الاستبداد كما لا يشهد إنقاذاً حاسماً للديمقراطية.

إن حقيقة أن الشعبويين المستبدين يخسرون الانتخابات في بعض الأحيان - ولكن ليس دائما - تجعل هذا الأمر واضحا بشكل صارخ. إن بوسع المرء أن يرى هذه الديناميكية المتقلبة في جمهورية التشيك وسلوفاكيا. أما في سلوفاكيا وبعد فترة من المقاومة الليبرالية للاستبداد والفساد، فإن من الممكن أن يعود روبرت فيكو، الشعبوي المؤيد لبوتين إلى السلطة في الانتخابات المبكرة المقبلة، وربما يتعين علينا أن نستبدل مصطلح «يتراجع» بمصطلح «يترنح» وهو المصطلح الذي اقترحه هانلي وسيانيتي للتعبير عن مسار متعرج لا يمكن التنبؤ به غالبًا. إذا افترضنا أن الديمقراطيات تسير على شكل خط مستقيم لا مفر منه عملياً للعودة إلى مسار الاستبداد على الطراز القديم، فإننا نفشل في التفكير مليًا بالمسارات المحتملة للخروج من الاستبداد الجديد، فقبل الانتخابات التي يشارك فيها الحكام الحاليون المستبدون ــ كما حدث في هنغاريا العام الماضي عادة ما يكون المراقبون الليبراليون واضحين بشأن النتائج المرجوة؛ لكنهم نادراً ما يقدمون أي خطة تذكر لمرحلة ما بعد الانتخابات. وقد نعزو هذا الفشل للتسليم بالأمر الواقع فلا أحد يتوقع حقاً أن يتم تداول السلطة، ولكن قد يكون ذلك أيضاً علامة على الكسل الفكري حيث يفترض المراقبون أن المرء يستطيع ببساطة أن يطبق دروساً جاهزة من التحولات السابقة ــ وبالتالي يُظهِر قدراً ضئيلاً من الاهتمام بالعناصر الجديدة التي تتألف منها الأنظمة الاستبدادية اليوم، علمًا أن من الأفضل لهؤلاء أن يقروا بأن أنصار المستبدين الجدد قد يكون لديهم حوافز ودوافع مختلفة تمامًا عن تلك التي كانت لدى الطبقة الحاكمة في العصر الشيوعي، على سبيل المثال، وربما يتردد أولئك الذين لديهم مصلحة في دول المافيا الكليبتوقراطية والجيوش الفاسدة في الجلوس على طاولات مستديرة للتفاوض. قد تكون مثل هذه التعميمات ــ كتلك القائمة على تجارب سابقة ــ مضللة، ولكن هذه هي النقطة المهمة، فمن أجل الحفاظ على الديمقراطية أو استعادتها أو تعزيزها على مستوى العالم، نحتاج إلى تحليلات متأنية للحالات الفردية وليس مجرد افتراضات عامة حول «الاتجاهات العالمية».

جان فيرنر مولر أستاذ السياسة في جامعة برينستون، صدر له مؤخرا كتاب بعنوان «قواعد الديمقراطية».

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أسعار الذهب تتراجع 20 جنيهًا خلال تعاملات النصف الأول من العام الجاري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تراجعت أسعار الذهب بالأسواق المحلية بنسبة 0.6 % خلال تعاملات النصف الأول من العام الجاري، في حين ارتفعت أسعار الذهب بالبورصة العالمية بنسبة 12.8 % خلال تفس الفترة.
قال المهندس، سعيد إمبابي، عضو شعبة الذهب والمجوهرات، إن أسعار الذهب تراجعت بقيمة 20 جنيهًا حتى الآن خلال تعاملات النصف الأول من العام الجاري، حيث افتتح جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند مستوى 3175 جنيهًا، ولامس مستوى 4 آلاف جنيه في يناير الماضي، وسجل في تعاملات اليوم نحو 3155 جنيهًا، في حين ارتفعت الأوقية بالبورصة العالمية التعاملات بنحو 264 دولارًا خلال تعاملات العام، حيث افتتحت التعاملات عند مستوى 2062 دولارًا، ولامست مستوى 2451 دولارًا كأعلى مستوى تاريخي لها، وسجلت في تعاملات اليوم نحو 2326 دولارًا.
أشار، إمبابي، إلى أن أسعار الذهب ارتفعت بالأسواق المحلية بنسبة بقيمة 10 جنيهات خلال تعاملات الأسبوع الماضي، حيث افتتح سعر جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند مستوى 3145 جنيهًا، ولامست مستوى 3165 جنيهًا، واختتمت التعاملات عند مستوى 3155 جنيهًا، في حين ارتفعت أسعار الذهب بالبورصة العالمية بقيمة 6 دولارات، حيث افتتحت الأوقية التعاملات عند مستوى 2320 دولارًا، وولامست مستوى 2339 دولارًا، واختتمت التعاملات عند مستوى 2326 دولارًا.
وأضاف، إمبابي، أن جرام الذهب عيار 24 سجل 3600 جنيه، وجرام الذهب عيار 18 سجل 2700 جنيه، فيمَا سجل جرام الذهب عيار 14 نحو 2100 جنيه، وسجل الجنيه الذهب نحو 25200 جنيه.
وكانت أسعار الذهب بالأسواق المحلية قد ارتفعت بقيمة 5 جنيهات خلال تعاملات أمس السبت، حيث افتتح سعر جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند مستوى 3150 جنيهًا، واختتم التعاملات عند مستوى 3150 جنيهًا، وذلك تزامنًا مع العطلة الأسبوعية للبورصة العالمية.
وقال المدير التنفيذي لمنصة " آي صاغة"، إن أسعار الذهب ارتفعت بنسبة 1.6 %، وبقيمة 50 جنيهًا خلال شهر يونيو، حيث افتتح سعر جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند مستوى 3105 جنيهات، واختتم التعاملات عند مستوى 3155 جنيهًا، في حين ارتفعت الأسعار بالبورصة العالمية بنسبة 0.04 % وبقيمة دولار، حيث افتتحت التعاملات عند مستوى 2327 دولارًا، ولامست مستوى 2292 دولارًا، وارتفعت لمستوى 2339 دولارًا، واختتمت التعاملات عند مستوى 2326 دولارًا.

وتراجع الجنيه أمام الدولار بنسبة وبقيمة خلال النصف الاول من 2024، حيث سجل سعر صرف الدولار الرسمي في البنك المركزي نحو  30.85 جنيه في الاول من يناير 2024، واختتم التعاملات عند مستوى 48.10 جنيه، وكانت أسعار الدولار قد تجاوزت مستوى 70 جنيهًا، بالسوق الموازية قد أن تدخل البنك المركري لضبط الأسواق، وترك سعر الصرف وفقًا للآليات العرض والطلب.
وتوقع إمبابي، تراجعًا محتملًا في حجم مشتريات المصريين من الذهب خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من 2023، وذلك بفعل تراجع الطلب، وانعدام ثقة المواطنين، بفعل التقلبات السعرية التي تعرضت لها الأسعار، لاسيما بعدما تجاوز سعر جرام الذهب عيار 21 مستوى 4 آلاف جنيه، ثم تراجع إلى مستوى 3000 آلاف جنيه تقريبًا.
ووفقًا لتقارير مجلس الذهب العالمي، بلغت مشتريات المصريين من الذهب نحو 33.5 طن من الذهب خلال النصف الأول من 2023، تتضمن 14.9 طن من المشغولات، و6.9 طن من السبائك، في حين بلغ حجم مشتريات المصريين من الذهب نحو 13.8 طن خلال الربع الأول من عام 2024، تتضمن 8 أطنان من المشغولات، و5.2 طن من السبائك.


أوضح، إمبابي، أن تراجع أسعار الذهب بالأسواق المحلية خلال النصف الأول، ناتج عن تراجع الطلب واستقرار سعر صرف الدولار، بجانب توجه السوق المحلي لتصدير الذهب الخام.
أضاف، أن الاضطرابات التي تعرضت لها أسواق الذهب خلال شهر يناير الماضي، مع عمليات القبض على بعض تجار الذهب الخام، وغلق وكالة الجواهرجية، الأمر الذي دفع إل حالة من عدم الثقة بين المواطنين، نتيجة التلاعب في الأسعار.
لفت، إلى أن أسواق الذهب شهدت حركة مبيعات غير مسبوقة خلال العاميين الماضيين، بفعل رغبة المواطنين في التحوط والحفاظ على مدخراتهم من تراجع العملة.
أشار، إلى أن استمرار التوترات والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، دفع أسعار الذهب بالبورصة العالمية لتلامس أعلى مستوياتها على الإطلاق لتسجل 2451 دولارًا في 20 مايو الماضي.
وتوقع، إمبابي، أن تسجل أسعار الذهب مستويات جديدة بالأسواق المحلية مع ارتفاع الأوقية بالبورصة العالمية لمستويات تتجاوز 2400 دولار، مع إنهاء الفيدرالي الأمريكي دورة التشديد النقدي، وبدء خفض أسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل.
أضاف، أن استمرار وتيرة مشتريات البنوك المركزي للذهب سيعزز من موجات الصعود، حتى مع تأجيل الفيدرالي الأمريكي لخفض الفائدة.
ووفقًا لبيانات مجلس الذهب العالمي، فقد اشترت البنوك المركزية نحو 1037 طنًا من الذهب في 2023، وهو ثاني أعلى شراء سنوي في التاريخ، بعد ارتفاع قياسي بلغ 1082 طنًا في عام 2022».
وفي استطلاع رأي لمجلس الذهب العالمي، أوضح أن 29% من البنوك المركزية تعتزم زيادة احتياطياتها من الذهب خلال الفترة المقبلة.

مقالات مشابهة

  • جامعة الدول العربية تتراجع عن تصريح رفع حزب الله من تصنيفات الإرهاب
  • بعد 8 أعوام.. جامعة الدول العربية تتراجع عن تصنيف حزب الله “منظمة إرهابية”
  • درس المناظرات على مسرح الديمقراطية الأمريكية
  • أسعار الذهب تتراجع 20 جنيهًا خلال تعاملات النصف الأول من العام الجاري
  • بكركي لن تتراجع رغم الموجات السياسية العابرة
  • الجامعة العربية تتراجع عن تصنيف حزب الله اللبناني منظمة إرهابية
  • كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت
  • كنعاني: التصريحات الأمريكية حول الانتخابات الرئاسية الإيرانية عديمة القيمة
  • جبل.. بي بي سي تلاحق عراقيًا خطيرًا في بلجيكا
  • حركة نازل آخذ حقي تجدد التزامها بالنضال لبناء دولة عراقية ديمقراطية