جو بايدن في الأمم المتحدة: لا تسوية ولا تفاوض بشأن أوكرانيا
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
ألقى الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل أيام خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان خطابه بمثابة كارثة، ولكن بعيدا عن كلماته الغريبة، فقد حمل رسالة واضحة مفادها أنه لن يكون هناك أي حل وسط إطلاقا عندما يتعلق الأمر بشأن أوكرانيا.
وهذا فعلا ما كان يجب قوله، فروسيا تعتقد أن العالم أجمع سيفقد شغفه بشأن أوكرانيا ثم سيسمح لها بالتعامل بوحشية مع أوكرانيا دون أن تمسها العواقب.
وهنا أطرح تساؤلا، إذا ما افترضنا أننا سنتخلى عن المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة لإرضاء المعتدي، فهل يمكن لأي دولة أن تكون واثقة بأنها محمية وفي أمان؟وإذا افترضنا أننا وافقنا على تقسيم أوكرانيا، فهل ستكون كل دولة مستقلة جديدة آمنة؟
والجواب الذي أضعه هنا هو«لا»، بل يجب علينا أن نواجه صور العدوان السافر اليوم لصد المعتدين سواء حاليا أو المعتدين المحتملين في المستقبل.
لذلك ستواصل الولايات المتحدة مع حلفائها وشركائنا في العالم أجمع الوقوف إلى جانب أوكرانيا، ذلك الشعب الشجاع الذي يدافع عن سيادة بلاده وسلامته وحريته.
ويتضح من خلال كلمة بايدن التي قال فيها: «لن نسمح بتقسيم أوكرانيا» أنه يعني لا وجود لحل وسط في ما يتعلق بتسوية إقليمية في أوكرانيا.
خلال الأعوام الماضية، كانت أغلب خطط السلام التي قدمتها العديد من الأطراف تنص على أن التسوية الإقليمية هي خطوة نحو الحل، بل إنها السبيل الوحيد لذلك، بما في ذلك اتفاقية «مينسك» التي وقعتها أوكرانيا أول مرة في عام 2014 -وهي سلسلة من الاتفاقيات المتعلقة بإنهاء الحرب في منطقة دونباس الأوكرانية- ووقعتها ثانية في عام 2015، وقد نصت الاتفاقية على التوصل إلى تسوية بشأن الأراضي.
واليوم، استبعاد فكرة التسوية الإقليمية هو بمثابة رسالة شديدة الوضوح موجهة إلى روسيا، التي تشن حربا ضد أوكرانيا لسببين رئيسيين، «أ» حماية الناطقين باللغة الروسية في أوكرانيا، و«ب» إبعاد أوكرانيا خارج حلف الشمال الأطلسي، فوجود الناتو في أوكرانيا بمثابة خط أحمر بالنسبة لروسيا.
بالنسبة للسبب «أ» وهو حماية السكان الناطقين بالروسية في أوكرانيا، فذلك ينطبق على مناطق محددة وهي «دونيتسك»، و«لوهانسك»، و«زافوريز» و«خيرسون» التي ضمتها مؤخرا من أوكرانيا، كما أعلنت روسيا سابقا ضم جزيرة القرم معتبرة أنها جزء من روسيا، وقامت بإجراء استفتاء بذلك.
عمليًا، لا يمكن لأوكرانيا استعادة تلك الأراضي ولا تملك أية فرصة لذلك، حتى إن عمليات القتال بين البلدين كانت في خطوط التماس تلك، خاصة في بداية الحرب، وكانت أغلب جهود القوات الأوكرانية هي محاولة اختراق خطوط الدفاع الروسية التي تحمي تلك الأراضي، واليوم هناك إجماع على أن الهجوم المضاد باء بالفشل ولم يحقق أية نتائج، وخلَّف عشرات الآلاف من القتلى الأوكرانيين واستنفد مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية التي تتلقاها أوكرانيا.
ولم يتضمن خطاب جو بايدن أي شيء حول عضوية حلف الشمال الأطلسي وأوكرانيا، رغم أن هذه هي المسألة الأبرز والخط الأحمر بالنسبة لروسيا، بل كانت تعزيزات الناتو العسكرية لأوكرانيا هي السبب الأول لبداية الحرب الروسية على أوكرانيا، وقبل ذلك قامت روسيا بإرسال خطابات التحذير إلى الولايات المتحدة وحلف الشمال الأطلسي بشأن تدخل الناتو في أوكرانيا، وذلك قبل حوالي شهر من إرسال روسيا قواتها إلى الأراضي الأوكرانية، ولكن الولايات المتحدة وحلف الشمال الأطلسي رفضا إجراء أي نقاش مع روسيا فيما يتعلق بهذا الموضوع.
وبعد ذلك لم يتم ضم أوكرانيا إلى حلف الشمال الأطلسي بشكل رسمي، ومن أسباب ذلك أن العديد من أعضاء الحلف يرفضون خطوة ضم أوكرانيا إليها، وبشكل خاص الألمان، وذلك خشيةً من أنه لو تم ضم أوكرانيا إلى الناتو فستكون الحرب الروسية ضد دول الحلف أكملها، وهذا يعني اشتعال الحرب في أوروبا.
كما لم يتطرق خطاب بايدن إلى أي عملية سلام، باستثناء قوله إن روسيا يمكنها أن تنفذ ما طالب به الرئيس الأوكراني «زيلينسكي» بأن تغادر القوات الروسية الأراضي الأوكرانية وأن يتم تنفيذ عقوبة على كبار القادة العسكريين الروس والمدنيين الروس الذين تسببوا بجرائم الحرب المزعومة، وقد كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يسعون إلى زعزعة الاستقرار الروسي من خلال الترويج لهجمات أوكرانية على الأراضي الروسية، وتبني أوكرانيا للعديد من الانفجارات والاغتيالات في روسيا، ولكن روسيا ردت على ذلك بإمكانية استخدام الأسلحة النووية كحل أخير لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية من خلال محو أوكرانيا من الخريطة.
وفي الأثناء تواصل روسيا حشد قواتها العسكرية في أوكرانيا، وتعزيزها بالأسلحة والعتاد، وذلك مواجهة للدعم الذي تتلقاه أوكرانيا من الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الشمال الأطلسي، هذا الدعم الذي عزز تطور الحرب وحدتها وغير استراتيجيات الدول الأوروبية، فروسيا من وجهة نظرها ترى أنها في حرب ضد الناتو، وتحديدا على وكيلها «أوكرانيا».
والمؤسف أن أوكرانيا تفشل في هذه الوكالة، ولكن هناك بالفعل مستشارين من حلف الشمال الأطلسي في أوكرانيا، كما فعلت أمريكا سابقا في حرب فيتنام، فقد أرسلت مستشاريها قبل أن ترسل قواتها البحرية وجيشها.
وفي حالة إعادة انتخاب بايدن رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، فمن شبه المؤكد أنه سيرسل قوات بلاده في محالة لإنقاذ أوكرانيا، فهذا سيعني حربا في أوروبا.
الوضع في أوكرانيا محاط بالمخاطر الكبيرة، خسرت أوكرانيا إلى الآن الكثير بداية من «باخموت»، وإلى هجومها المضاد، وما زالت أوكرانيا تسعى إلى تعزيز قواتها من خلال ضم الرجال وحتى النساء لمقاومة الروس، ولكن في حالة قررت روسيا أن الوقت قد حان لشن هجوم أكبر فذلك يعني انهيار أوكرانيا.
من المحتمل أن تتخذ روسيا العديد من الخطوات، منها شن هجمات أوسع على القوات الأوكرانية لإنهاء ما تبقى من قوته، وأن تتخذ خطوات سياسية مستقبلا في حال خسر جو بايدن الانتخابات، وتتمثل في فتح المفاوضات بشأن تقسيم الأراضي الأوكرانية، وهذا ما يقول الروس أنهم يريدونه.
من الأسئلة التي أطرحها هنا، إلى متى ستقبل روسيا بالهجمات المضادة على أراضيها، وإلى متى ستصب هذه الهجمات إلى صالحها لأنها تساعد بوتين في الحصول على دعم عسكري خاص؟
وتريد الولايات المتحدة تصعيد هذه الهجمات المضادة على روسيا -كما أوضحت فكتوريا نولاند- باعتبارها أنها ستروض روسيا، ولكن هذا لن يحدث، بل سيؤدي إلى مزيد من ردات الفعل الروسية على أوكرانيا، وربما على أصول الولايات المتحدة وحلف الشمال الأطلسي في أماكن أخرى.
ولسوء الحظ، كان خطاب جو بايدن بمثابة كارثة على مساعي الوصول إلى حل سلمي بشأن أوكرانيا، من الممكن أن يكون هذا الخطاب سببا في إعادة انتخابه، وليس أمامنا سوى أن ننتظر نتائج الانتخابات القادمة في ظل موقفه المتشدد بشأن أوكرانيا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بشأن أوکرانیا فی أوکرانیا أن أوکرانیا جو بایدن من خلال
إقرأ أيضاً:
اليمن يرحب بقرار اممي بشأن التزامات إسرائيل المتعلقة بأنشطة الأمم المتحدة في فلسطين
رحبت الجمهورية اليمنية، بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة، القرار الذي تقدمت به النرويج بالإضافة إلى بلادنا و فلسطين والسعودية ومصر وقطر والاردن وإندونيسيا وماليزيا وأيرلندا والبرازيل وجنوب أفريقيا وعدد من الدول الأخرى، والمتضمن طلب فتوى عاجلة من محكمة العدل الدولية، بشأن خرق الكيان الإسرائيلي بصفته القوة القائمة بالاحتلال لالتزاماته المتعلقة بأنشطة ووجود الأمم المتحدة والدول الأخرى في الأرض الفلسطينية المحتلة.
ودعت وزارة الخارجية في بيان نشرته وكالة الانباء اليمنية (سبأ) إلى سرعة استكمال الإجراءات اللازمة لذلك، في ظل ما يعانيه الشعب الفلسطيني من جرائم وانتهاكات.
واكد البيان، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف العدوان الاسرائيلي المستمر وتوفير المساعدات الانسانية والاغاثية العاجلة للشعب الفلسطيني، وتحقيق تطلعاته المشروعة في الأمن والاستقرار والحياة الكريمة.