تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال.. ما هي؟ وكيف أحدثت ثورة علاجية؟
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
شكلت اللقاحات التي تعتمد تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) التي أبرزتها أزمة كوفيد-19 ذروة ثورة علاجية، وقد حصل مطوراها على جائزة نوبل للطب، الاثنين. وهو اكتشاف قد يستخدم أيضا لمحاربة بعض أنواع السرطان والأمراض المعدية، بعد عقود من البحوث والنكسات المتعددة.
ما هي؟و"الحمض النووي الريبوزي المرسال" هو عبارة عن جزيء ينقل الشفرة الجينية من الحمض النووي إلى الخلية لتنتج بروتينات.
وتعتمد اللقاحات التقليدية على مبدأ الفيروسات المعطلة، وتدرب هذه اللقاحات الجسم للتعرف على "المستضدات"، وهي بروتينات ينتجها الفيروس، ومن شأن ذلك أن يفعّل استجابة جهاز المناعة عند مواجهة الفيروس فعليا، بحسب فرانس برس.
وتنقل لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال تعليمات جينية لإنتاج هذه المستضدات مباشرة في الخلايا، ويتحول جسم الإنسان إلى مقر لإنتاج اللقاحات.
وفيما يتعلق بكوفيد-19، يتم إدخال "المرسال" إلى الخلية لجعلها تصنع "المستضدات" الخاصة بالفيروس التاجي المغلّف ببروتينات النتوءات الخارجية، وعند الاتصال بهذه البروتينات، يطور الجهاز المناعي أجساما مضادة لتُدافع عنه في حال تعرضه للفيروس.
واللافت أن نتائج التجارب على لقاحي "فايزر" و"موديرنا" فاقت التوقعات بكثير، فالحد الأدنى من الفعالية المطلوبة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (أف دي إيه) هو 50 في المئة، في حين أثبت اللقاحان فعالية وصلت إلى أكثر من 90 في المئة.
خبير الأمراض المعدية، أنتوني فاوتشي، قال لصحيفة واشنطن بوست، من قبل، إن النتائج كانت "استثنائية".
ولقاحات كوفيد-19 هي أولى اللقاحات التي تستخدم هذه التقنية رغم أن العلماء كانوا يدرسونها منذ عقود لعلاج أمراض مثل السرطان، ومع ثبوت أنها فعالة وآمنة، زادت إمكانية استخدامها لإنشاء علاجات يمكن أن تغير طريقة علاجنا للسرطان وفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) وأمراض أخرى.
من أين أتت؟أحرز أول تقدم كبير في هذا الشأن أواخر سبعينات القرن الماضي، عندما أدخل باحثون الحمض النووي الريبوزي المرسال في الخلايا مخبريا ونجحوا في جعلها تنتج بروتينات.
وبعد عقد، تمكن العلماء من الحصول على النتائج نفسها بعد اختبارها على فئران، لكن التوصّل إلى لقاحات بتقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال واجه عائقين رئيسيين: أولا، مقاومة خلايا الحيوانات الحية، ما يثير استجابة مناعية خطرة، وثانيا، جزيئات الحمض النووي الريبوزي المرسال غير مستقرة، ما يجعل وصولها إلى النظام من دون تعديل صعبا.
وفي عام 2005، نشرت المجرية كاتالين كاريكو، والأميركي درو وايزمان، اللذان فازا بجائز نوبل، هذا العام، وهما من جامعة ولاية بنسلفانيا دراسة رائدة تظهر أن الليبيد- أو الجزيء الدهني- يمكن أن ينقل الحمض النووي الريبوزي المرسال بأمان ومن دون آثار سلبية.
وأثار هذا البحث ضجة كبيرة في مجتمع صناعة الأدوية، وبدأت الشركات الناشئة المتخصصة في العلاجات بهذه التقنية بالظهور في كل أنحاء العالم.
وعلى مدار 15 سبقت جائحة كورونا، تعاونت كاريكو مع وايزمان، خبير الأمراض المعدية لتطبيق تقنية mRNA على اللقاحات.
وأظهرت كاريكو بالتعاون مع وايزمان أن تعديل قاعدة النيوكليوزيد، وهي وحدات الجزيئات التي تحدد الشفرة الجينية لحمض النووي الريبوزي المرسال يمكن أن تبقي هذا الحمض تحت رقابة الجهاز المناعي.
واستثمرت شركات كبرى مثل "فايزر" و"موديرنا" في هذه التقنية، واستخدمتها لأول مرة في البشر بعد تفشي فيروس كورونا.
أهم مميزاتهامن أهم مميزات التكنولوجيا الواعدة إمكانية استخدامها لتصنيع لقاحات بسرعة نسبيا، ما يعني سرعة الاستجابة لطفرات قد تحدث لفيروس كورونا وأي أوبئة مستقبلية.
فان موريس، اختصاصي أورام الجهاز الهضمي في مركز أندرسون للسرطان بجامعة تكساس الأميركية، قال إن مكونات لقاح "المرسال" يمكن "إعادة تصميمها بسهولة وإعادة تشفيرها بطريقة تواكب الفيروسات أثناء تحورها".
"المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها" (سي دي سي) تشير أيضا إلى أنه "يمكن تطويرها في المختبر باستخدام مواد متاحة بسهولة، وهذا يعني إمكانية توسيع نطاقها، ما يجعل تطوير اللقاح أسرع من الطرق التقليدية لصنع اللقاحات".
لقاحات mRNA أيضا أكثر استهدافا للأمراض والفيروسات من اللقاحات التقليدية، وتمكن من تطوير لقاح واحد ضد سلالات متعددة. وتقول "سي دي سي" إن هذا الأمر يقلل عدد الجرعات اللازمة للحماية من الأمراض الشائعة.
وقال وايزمان في تصريح، في عام 2021، لشبكة "سي أن أن" في هذا الصدد: "إذا كنت ترغب في صنع لقاح جديد للإنفلونزا باستخدام الطرق التقليدية، فعليك عزل الفيروس، وتعلم كيفية نموه، وتعلم كيفية تعطيله وتنقيته، وذلك يستغرق شهورا. بينما مع هذه التقنية تحتاج فقط إلى التسلسل الجيني لمواجهة المرض".
وأضاف "عندما أطلق الصينيون فيروس SARS-CoV-2، بدأنا عملية صنع "المرسال" في اليوم التالي، وبعد أسبوعين، بدأنا بحقن الحيوانات باللقاح".
وقال العالم إن من أهم مميزات هذه التقنية الواعدة إمكانية استخدامها لتصنيع لقاحات بسرعة نسبيا، ما يعني سرعة الاستجابة لطفرات قد تحدث لفيروس كورونا وأي أوبئة مستقبلية، حيث كان إنتاج لقاح مضاد للفيروسات يستغرق في السابع سنوات عديدة. والآن لم يتعد تطوير لقاح لكوفيد-19، سوى أشهر قليلة بسبب هذه التقنية.
وفي تقرير حول استخدام التقنية لأمراض أخرى غير كوفيد-19، قال موقع "إينفرس" إن الخصوصية التي تتمتع بها هذه التقنية يمكن أن تؤدي إلى "خرق هائل" في علاج السرطان.
وتقول فرانس برس إن باحثين بدأوا في اختبار علاجات مخصصة على مرضى سرطان، باستخدام عينات من البروتينات الموجودة في أورامهم لإنشاء حمض نووي ريبوزي مرسال مخصص. وبعدها، يؤدي ذلك إلى تحفيز الجهاز المناعي لاستهداف خلايا سرطانية معينة.
ويقود اختصاصي أورام الجهاز الهضمي في مركز أندرسون للسرطان بجامعة تكساس الأميركية، فان موريس، تجربة سريرية لاختبار لقاحات من هذا النوع بهدف تقليل مخاطر عودة السرطان للأشخاص الذين عولجوا منه، ويعمل فريقه على ملف تعريفي للطفرات الجينية الأكثر شيوعا المسؤولة عن المرض في الأورام التي يتم استئصالها من المصابين.
ويعمل علماء على تطوير لقاحات بهذه التقنية لأمراض الأنفلونزا الموسمية وداء الكلب وزيكا، بالإضافة إلى تلك التي مازالت مقاومة للقاحات حتى الآن، بما فيها الملاريا وفيروس متلازمة نقص المناعة المكتسبة "الإيدز".
ولا يوجد لقاح ضد "الإيدز" حتى الآن، وهذه التقنية تبعث بالأمل على إمكانية حدوث ذلك مستقبلا، لكن الأمر قد يحتاج إلى مزيد من الوقت، بحسب موريس.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: هذه التقنیة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
"جامعة التقنية" تُعزِّز قدرات المختصين في "التخطيط الاستراتيجي"
مسقط- جنان آل عيسى
نظمت جامعة التقنية والعلوم التطبيقية ورشة تدريبية بعنوان "التخطيط الاستراتيجي وأدوات التحليل"، بحضور عدد من الأكاديميين والمختصين من لجنة تقييم ومتابعة الخطة الاستراتيجية للجامعة.
وهدفت الورشة التي قدمها مدربون من شركة تنمية نفط عمان إلى تعزيز قدرات الأكاديميين والمختصين في مجال التخطيط الاستراتيجي، وتمكينهم من استخدام أدوات التحليل المختلفة لدعم عملية تقييم ومتابعة الخطة الاستراتيجية الحالية للجامعة، ورفع مستوى الوعي بأهمية التخطيط الاستراتيجي في تحقيق أهداف الجامعة، وتعزيز جودة الأداء المؤسسي، وضمان مواءمة الخطط التنفيذية مع رؤية الجامعة ورسالتها.
وفي بداية الورشة، رحبت الدكتورة سارة بنت محمد بن سليمان البهلانية رئيسة اللجنة الرئيسة المشكلة لتقييم ومُراجعة الخطة الاستراتيجية، بالحضور، مشيرة إلى أن الورشة تأتي ضمن سلسلة من الورش التدريبية التي تم التخطيط لها لتكون متوائمة ومتزامنة مع أعمال لجنة تقييم ومراجعة الخطة الإستراتيجية لجامعة التقنية والعلوم التطبيقية، حيث تساهم هذه الورشة وغيرها في رفع كفاءة أعضاء اللجنة وتضمن كذلك اتباعهم للمناهج والممارسات العلمية المرتبطة بالتخطيط الإستراتيجي.
وأوضح الدكتور أنور بن خميس الشيادي مدير دائرة التخطيط والتطوير بالجامعة، أن الورشة ناقشت مراحل بناء الخطط الاستراتيجية وآليات تمكين الفرق العملية لتنفيذها بكفاءة.
وقال الدكتور عبدالله بن خلفان العزري عضو لجنة تقييم ومراجعة الخطة الاستراتيجية الحالية، إن الورشة استعرضت بعض أدوات التحليل الإستراتيجي وكيفية استخدامهما لتقييم الوضع الحالي للمؤسسة والعوامل الخارجية التي من الممكن أن تؤثر على مسار الخطة الاستراتيجية، مضيفا: "كانت تجربة مثمرة، أثرت في فهم المشاركين لأهمية التخطيط المدروس في تحقيق النجاح المؤسسي".
وأكد المشاركون أهمية هذه الخطط وما يوازيها من بناء للكفاءات في تعزيز الرؤية المؤسسية للجامعة ومواءمة الأهداف مع الموارد المتاحة، مما يسهم في تحقيق النمو المستدام، مؤكدين استفادتهم الكبيرة من المحتوى المطروح والأدوات التفاعلية المستخدمة.
وتضمنت الورشة عدة محاور رئيسية ومنها: شرح مصطلح التخطيط الاستراتيجي مع توضيح أهميته في المؤسسات الأكاديمية، والتركيز على دوره في تحقيق رؤية الجامعة وأهدافها، وتحليل البيئة الداخلية والخارجية باستخدام أدوات تحليلية مثل SWOT، الذي يساعد في تحديد نقاط القوة والضعف، والفرص والتحديات، بالإضافة إلى تحليل PESTEL، الذي يركز على العوامل السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتكنولوجية، والبيئية، والقانونية، وتأثيرها على خطط الجامعة الاستراتيجية.
واختتمت الورشة بتطبيقات عملية لتحليل الخطة الاستراتيجية الحالية، وتقديم بعض الأفكار للاستفادة القصوى من محتوى الورشة في تحقيق الأهداف المرجوة وبناء نظام تعليمي أكثر تنافسية وابتكاراً، تحقيق التنمية المعرفية المستدامة في سلطنة عمان.