عبر ندوة متخصصة لمترجمين بعدة لغات.. جائزة "الشيخ حمد" تحتفي باليوم العالمي للترجمة
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
نظمت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ندوة عبر تقنية "زوم" بمناسبة اليوم العالمي للترجمة الذي يوافق الثلاثين من سبتمبر من كل عام شارك فيها خمسة من المترجمين والمترجمات من لغات مختلفة.
وقدم المشاركون خلال الندوة رؤاهم بشأن دور الترجمة كفعل حضاري بين الأمم والثقافات والشعوب، وناقشوا واقع حركة الترجمة استنادا إلى تجاربهم الشخصية في هذا المجال، وتطرقوا إلى الصعوبات والتحديات التي يواجهونها أثناء عملهم.
وقالت الدكتورة امتنان الصمادي خلال إدارتها للندوة التي حملت عنوان "تجارب في الترجمة": "إن جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تسعى إلى تكريم المترجمين وتشجيعهم والاعتراف بجهودهم من خلال تقديرهم على المستويين المادي والمعنوي"، واستعرضت مسيرة الجائزة التي تقدمها دولة قطر للعالم، وفلسفتها وأهدافها وغاياتها وفئاتها ومعايير الترشح لها والفوز بها.
من جانبها تحدثت وفاء أبو حطب، أستاذة اللغويات في جامعة "الزرقاء الأردنية"، عن أهمية الترجمة للإنسانية قائلة: "لو أن الله عز وجل أراد لخلقنا أمة واحدة بلغة واحدة، لكن من آياته أن تختلف ألسنتنا وتختلف لغاتنا حتى نتعلم ونتعرف على الآخر"، مضيفة أن الله سبحانه وتعالى في الآية القرآنية (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) خاطب الناس بصرف النظر عن منابعهم الفكرية والثقافية والعقائدية، ما يعني أن علينا أن نتعارف ونتصل بهم، وهذا يحتاج إلى وسيط هو الترجمة".
وأوضحت أن الترجمة فعل ثقافي يتجول فيه المترجم بين ثقافتين نقلا منهما وإليهما، يطرق أبواب الشعر والأمثال تارة، وأبواب المصطلح تارة أخرى، يمخر عباب بحور المعاني ويحلق في فضاء الخطاب. وذلك حتى يستطيع إيصال المعنى، مؤكدة أن المترجم سفير الثقافة بين الأمم، ووسيط بين ثقافتين، وأن الأعمال الأدبية المترجمة تمد جسرا من التفاهم والألفة بين ثقافتين، مختصرة المسافات والفروق الثقافية، ومدعو لأن يوازن بين الولاء للنص الأصلي وبين الخروج بنص مترجم يخلق التأثير نفسه الذي خلقه النص الأصلي عند قارئه، مع الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الثقافية.
وأشارت أبو حطب إلى التحديات التي يواجهها المترجم، ومنها أن لا يكون مؤلف النص الأصلي على قيد الحياة، فيلجأ المترجم إلى البحث والتقصي إذا ما واجهته مشكلة خلال اشتغاله بالترجمة. وكذلك أن يجد مترجم النص الأدبي المقابل الذي يعبر عن المعنى ويعطي الأثر نفسه، لأن الأدب هو "الكبسولة" الثقافية التي تختزل فيها الأمم عاداتها ورؤيتها للحياة، والتي تزخر بالأمثال والعبارات المرتبطة بثقافة دون غيرها.
ترجمات قيمة
بدورها، تحدثت الدكتورة نيديليا كيتايفا التي تدرس اللغة العربية والأدب العربي في جامعة "بلغاريا الجديدة"، مبينة أن أول لقاء لها مع الترجمة من اللغة العربية كان أثناء دراستها الجامعية، إذ أرادت تحديد موضوع رسالتها للماجستير وكانت مترددة في اختيار مؤلف معين، وصودف أنها اطلعت على الأعمال الشعرية لأدونيس فقررت أن تترجم بعض قصائده.
وأوضحت كيتايفا في هذا السياق: "كنت على يقين من أنني لا أستطيع الكتابة عن شاعر لم أطلع على مؤلفاته، في البداية لم أفهم من أشعاره إلا القليل، وكانت الكلمات ذات معان غامضة، لكنني شعرت بعمق هذا الشعر وطاقاته الكامنة وأدركت أن تلك القصائد تضم أكثر مما نلاحظ على السطح، وأن طبقة الظاهر ترتبط بشكل غريب بالباطني فيها، ثم عثرت على تعريف هذا الشعور الذي عبر عنه أدونيس نفسه حين تحدث عن (لغة ما وراء اللغة، وصورة ما وراء الصورة، وعلم ما وراء العلم)، وأعتقد أن هذه العبارة تعطينا أدق تعريف للثقافة العربية وآدابها بشكل عام.. تلك هي الصعوبة الأولى التي واجهتها في حقل الترجمة من العربية".
ونوهت إلى أن ترجمتها الأولى كانت مقابلة مع أدونيس وفصل من كتابه "النظام والكلام" وبعض قصائده، وقالت: "بفضل أدونيس وقعت في فخ الشعر العربي، ثم بدأت أقرأ وأترجم لشعراء عرب آخرين، أذكر منهم قاسم حداد ونزار قباني وغادة السمان وإيمان مرسال، وشرعت أترجم قصصا قصيرة، ثم بعض الروايات.
وعن التحديات التي واجهتها خلال ممارستها الترجمة، قالت كيتايفا إن أبرزها أن اللغة العربية ليست لغتها الأم، وأنها لم تدرس العربية إلا في بلغاريا، لذلك كانت تحتاج للمزيد من الجرأة عندما قررت أن تترجم رواية "فيزياء الحزن" لغيورغي غوسبودينوف. وأشارت إلى أن هذه الرواية صعبة ومعقدة، ليست من ناحية الترجمة وحسب، بل إنها "تشبه متاهة مبنية على قصص قصيرة لكونها رواية تجريبية حديثة ذات سياق ثقافي عميق"، فضلا عن أن أسلوب الكاتب يتميز ببساطة اللغة وعمقها في الوقت نفسه.
وذكرت أن صعوبات الترجمة تختلف باختلاف النصوص التي تتم ترجمتها، وباختلاف الأدباء أصحاب تلك النصوص أيضا، وهذا "يتطلب الكثير من العمل إزاء كل كاتب للتعرف على التفاصيل الخاصة بعمله". مؤكدة أن التحدي بالنسبة للمترجم يكمن في كيفية نقل روح الثقافة التي يرتبط بها العمل، فعلى المترجم أن يصل إلى تلك الروح قبل القارئ كي يتمكن من إعادة تقديمها بأفضل طريقة، وهذا يستلزم "إقامة علاقة خاصة بين المترجم والمؤلف، وأن يسمع المترجم صوت المؤلف واضحا ويتكلم بهذا الصوت في ترجمته".
أما المترجم المصري الدكتور صلاح هلال، أستاذ الأدب والفلسفة الألمانية في كلية التربية بجامعة "عين شمس"، فقال خلال مداخلته: "نحتاج إلى تضافر الجهود التي تعنى بالترجمة في صورة مشروع عربي ضخم يضم متخصصين من كل الدول ويكون هو الموجه لعمل الترجمة في العالم العربي، وهذا يحتاج إلى إرادة سياسية وثقافية ودعم مادي".
وأكد أن من الضروري دعم المترجمين ليؤدوا المهمة التي يتصدون لها على أكمل وجه، مضيفا أن دور النشر قد تقدم بعض الدعم، لكن المترجم يظل هو "الحلقة الأضعف في سلسلة إنتاج الكتب رغم أنه الأساس في عملية الترجمة"، فكثير من دور النشر "تبحث عن الكلفة المادية الأقل، ولا تختار المترجم المناسب للنص المناسب"، كما أنها ترفض وضع اسم المترجم على غلاف الكتاب، رغم أنه شريك في الكتاب ولكن بلغة أخرى.
من جهته، قال المترجم الكويتي عبد الوهاب سليمان، إن اهتمامه بالترجمة بدأ في وقت مبكر، وإن الأعمال المترجمة الجميلة التي استمتع بها ارتبطت بالمترجمين كما ارتبطت بالمؤلفين. وأضاف أنه تعرف خلال دراسته علوم الطب الحيوي والكيمياء في بريطانيا على أستاذ دراسات الترجمة في جامعة الكويت الدكتور محمد بن ناصر، وأستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة الكويت شملان القناعي، وكانا وقتها طالبين في مرحلة الدكتوراة، فوجهاه وأرشداه لأسماء كبيرة في الأدب والترجمة.
وأوضح أن المدونات ووسائل التواصل الاجتماعي تمثل وسيطا ملائما لدور النشر لاكتشاف المواهب في الترجمة، وأن هناك مجتمعات للمترجمين و(هاشتاغات) لخدمة المترجمين، وهذه الوسائط "خير معين للمترجم رغم أنها مرتبطة بجهود فردية وغير مؤسساتية".
أما المترجمة الباكستانية الناشئة آسيا عارف صديق، التي ترجمت كتبا عدة من العربية للإنجليزية والأوردية والفارسية، فتوقفت عند تجربتها في ترجمة الحكم والأمثال، موضحة أنها جمعت الحكم والأمثال من كتب مختلفة منها "مجمع الأمثال" للميداني، و"أحلى ما قيل في الحكم والأمثال" من إعداد غريد الشيخ، و"الإعجاز والإيجاز" للثعالبي، و"عيون الأخبار" لابن قتيبة.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر جائزة الشيخ حمد للترجمة فی جامعة
إقرأ أيضاً:
حكاية الخبز والورد.. كيف بدأ الاحتفال باليوم العالمي للمرأة؟
يوافق الثامن من آذار/ مارس من كل عام "اليوم العالمي للمرأة"، وفي هذا اليوم تنظم الفعاليات حول العالم تكريما لإنجازات المرأة، ورفع الوعي السياسي والاجتماعي بقضاياها.
وتخرج في العديد من المدن مسيرات وتجمعات ومظاهرات، وتمتلئ الشوارع في بعض هذه المدن باللون الأرجواني الذي يرتبط بحقوق المرأة.
ويأتي احتفال هذا العام تحت شعار "الحقوق والمساواة والتمكين لكافة النساء والفتيات"، ويدعو إلى اتخاذ إجراءات يمكن أن تطلق العنان للحقوق المتساوية والسلطة والفرص للجميع ومستقبل نسوي واعد، ومواجهة التهديدات المتزايدة التي تعيق تقدم المرأة.
ما قصة الاحتفال بيوم المرأة؟
يمثل هذا اليوم رمزا لكافح المرأة الطويل منذ أكثر من قرن، عندما خرجت النساء العاملات عبر أمريكا الشمالية وأوروبا للمطالبة بتحسين أوضاعهن.
في 8 آذار/ مارس 1908، نظمت مجموعة من النساء العاملات في مدينة نيويورك، مسيرةً احتجاجيةً للمطالبة عرفت باسم مظاهرات حركة "الخبز والورد"، للمطالبة بتحسين ظروف العمل، وزيادة الأجور والحصول على حق التصويت في الانتخابات.
جذبت هذه الحركة تعاطف ومشاركة نساء الطبقات الوسطى في أمريكا، اللواتي كن محرومات من حقوقهن السياسية. وصلت أخبار العاملات الأمريكيات إلى أوروبا، وقد ألهمت على وجه الخصوص النساء الأوروبيات اللواتي أسسن، بمبادرة من النسوية الإشتراكية الألمانية، كلارا زيتكن، المؤتمر العالمي للمرأة الاشتراكية.
اجتمعت هذه الهيئة لأول مرة عام 1907 في شتوتغارت، وبعد ثلاث سنوات، أي في عام 1910، وافق مؤتمر كوبنهاجن للأممية الثانية على إقتراح كلارا زيتكين، بإقامة يوم المرأة سنويًا باعتبارها إستراتيجية لتعزيز المساواة في الحقوق، ولكن بدون أن يحددوا تاريخًا بعينه.
في العام التالي في 19 آذار/ مارس 1911، احتفل أكثر من مليون شخص في النمسا والدنمارك وألمانيا وسويسرا باليوم العالمي الأول للمرأة. كانت هناك 300 مظاهرة في النمسا والمجر وحدها، خرجت فيها النساء في مواكب كبيرة. طالبت النساء في جميع أنحاء أوروبا بالحق في التصويت وتقلد المناصب العامة، وقمن باحتجاجات على التمييز بين الجنسين في العمل.
أقيم أول احتفال بيوم المرأة والذي أطلق عليه (اليوم الوطني للمرأة) في 28 شباط/ فبراير 1909 في مدينة نيويورك ونظمه الحزب الاشتراكي الأمريكي بناءً على اقتراح من الناشطة تيريزا مالكيل.
لم يكن لليوم العالمي للمرأة تاريخ محدد في البداية، على الرغم من الاحتفال به عمومًا في أواخر شباط/ فبراير أو أوائل مارس. واصل الأمريكيون الاحتفال باليوم الوطني للمرأة في يوم الأحد الأخير من شهر شباط/ فبراير، بينما احتفلت روسيا باليوم العالمي للمرأة لأول مرة في عام 1913 في يوم السبت الأخير من شهر شباط/ فبراير.
متى بدأ الاحتفال الموحد؟
بدأت الأمم المتحدة بالاحتفال باليوم العالمي للمرأة في عام 1975 والذي أطلق عليه اسم السنة الدولية للمرأة. في عام 1977 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى إعلان الثامن من آذار/ مارس عطلة رسمية للأمم المتحدة من أجل حقوق المرأة والسلام العالمي.
ومنذ ذلك الحين يُحتفل بهذا اليوم سنويًا من قبل الأمم المتحدة والعديد من دول العالم، حيث يركز الاحتفال في كل عام على موضوع أو قضية معينة من القضايا المتعلقة بحقوق المرأة.