آمنة البلوشية

تعد اضطرابات التوحد مجموعة متنوعة من الاضطرابات التي تؤثر على الطريقة التي يتفاعل بها الأفراد مع العالم من حولهم، ويتنوع تأثير هذه الاضطرابات من حيث الشدة والمدى، وهذا ما يجعل كل طفل يعاني من التوحد فريدًا في طريقة تفاعله مع العالم، وفي هذا السياق، نجد أن هناك مجموعة متنوعة من الأطفال الذين يعانون من التوحد، يحملون داخلهم إمكانيات ومواهب غير مُكتشفة بعد.

لنبدأ بالنظر في أهمية التوعية بالتوحد؛ حيث إنه على الرغم من أن هذا الاضطراب قد تم اكتشافه منذ فترة طويلة، إلا أن الوعي العام به لا يزال محدودًا، ويجب على المجتمع أن يتعلم المزيد عن طبيعة التوحد وكيفية التفاعل مع الأطفال الذين يعانون منه، ويمكن أن يساعد هذا الوعي في تقليل الاحتيال والتمييز ضد هؤلاء الأطفال وتشجيع المزيد من الفهم والتقبل.

أحد الأمور المُهمة التي يجب أن ندركها هي أن أطفال التوحد ليسوا مختلفين عن الأطفال الطبيعيين بشكل عام؛ إذ إنهم يمتلكون مشاعر وأحاسيس مثل أي طفل آخر، ويحتاجون إلى الحب والاهتمام والدعم مثل أي طفل آخر، الفرق الرئيسي يكمن فقط في تحديات التواصل والاتصال التي يواجهونها، وليس في مشاعرهم أو قدراتهم.

لكن ما يمكن أن يجعل فرقًا حقيقيًا في حياة أطفال التوحد هو الدعم الذي يتلقونه من الأسرة والمجتمع؛ إذ يتعين على الأسرة أن تكون نقطة القوة والدعم الأولى لأولادها المصابين بالتوحد، ويجب على الأهل تقديم الحب والاهتمام والتقبل اللازم لأطفالهم، هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى شعور بالأمان والثقة لكي يتمكنوا من تطوير مهاراتهم وقدراتهم.

لكن لا يمكن أن تقتصر مسؤولية الدعم على الأسرة وحدها، بل يجب أن يشمل أيضًا المجتمع بأسره، كما إن المدارس والمؤسسات التعليمية يمكن أن تؤدي دورًا حاسمًا في تقديم التوجيه والدعم لأطفال التوحد، ويُمكن أن تُسهم المجتمعات المحلية في تشجيع التضامن وتقبل الفرد بغض النظر عن اختلافاته، ويجب أن يكون هناك جهد مشترك لدمج هؤلاء الأطفال في المجتمع وتوفير الفرص المناسبة لهم لتطوير مهاراتهم.

ومن خلال تجربتي وتواصلي مع هؤلاء الأطفال، فإنهم يمتلكون مواهب وإبداعات فريدة، ويمكن أن تشمل هذه المواهب: الفنون التشكيلية، والموسيقى، والعلوم، والرياضة، والأدب، والعديد من المجالات الأخرى، ومن خلال دعمهم سيكونوا قادرين على تحقيق الازدهار والتألق في حياتهم.

يجب علينا أن نتذكر دائمًا أن أطفال التوحد هم أفراد حقيقيون يستحقون الحب والتقدير والفرص، إنهم أبطال، وإبداعهم وتفوقهم يمكن أن يكون مصدر إلهام للجميع، إذا قدمنا لهم الدعم والفرص، يمكن أن يبدعوا ويساهموا في تحسين مجتمعنا بشكل كبير.

لنقف جنبًا إلى جنب معهم، ولنشجعهم على التفوق والتألق، لأنهم بالفعل أبطال المستقبل، ولنقدم الدعم ونمنحهم الفرصة ليكونوا الأفضل فيما يفعلون.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

اليونيسيف: مئات الأطفال ضحايا الاغتصاب فى السودان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مع اقتراب الحرب الأهلية في السودان من عامها الثالث، أصدرت الأمم المتحدة تقريرًا مروعًا يوضح بالتفصيل العنف الجنسي الواسع النطاق الذي يؤثر على الأطفال، وبعضهم لا يتجاوز عمره عامًا واحدًا. ووفقًا لوكالة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، استهدفت الجماعات المسلحة الأطفال بانتهاكات مروعة، ما أضاف إلى الخسائر البشرية المدمرة بالفعل للصراع المستمر.
يكشف التقرير، أن مقدمي الرعاية الصحية في السودان سجلوا ٢٢١ حالة اغتصاب منذ بداية عام ٢٠٢٤. ومن بين هؤلاء الضحايا، كانت ١٤٧ فتاة و٧٤ صبيًا، وكان أصغرهم يبلغ من العمر عامًا واحدًا فقط. ويؤكد التقرير على الطبيعة الوحشية للعنف، حيث تعرض العديد من الأطفال للاغتصاب الجماعي، ما تركهم مصابين بجروح جسدية خطيرة وندوبًا نفسية.
وتركت بعض الناجيات في حالة شبه فاقدة للوعي، مغطاة بالدماء، بعد أن اختارهن رجال مسلحون للعنف الجنسي. لم يتم انتهاك العديد من الأطفال فحسب، بل أصيبوا أيضًا بفيروس نقص المناعة البشرية وغيره من الأمراض المنقولة جنسياً. تسلط هذه الاكتشافات المؤلمة الضوء على الطبيعة المنهجية للعنف الجنسي في الصراع.
لقد صدمت تيس إنجرام، المؤلفة الرئيسية لليونيسف، والتي قضت أسابيع في مقابلة الناجين، بالصدمة المستمرة التي يواجهها هؤلاء الأطفال. وأوضحت: "قد يعتقد بعض الناس أن الرعب والمعاناة ينتهيان عندما ينتهي الاغتصاب، لكن هذا ليس هو الحال، وخاصة في السودان". تُرك الناجون، وكثير منهم من الأطفال، للتعامل مع صدمتهم في مجتمع حيث تجبرهم الوصمة الثقافية المحيطة بالعنف الجنسي على اتخاذ خيارات مستحيلة حول ما إذا كانوا سيكشفون عن معاناتهم أم لا.
العبء الثقافى للصمت 
يسلط التقرير الضوء ليس فقط على الخسائر الجسدية والعاطفية لهذه الفظائع، بل وأيضًا على العواقب الاجتماعية التي يواجهها الناجون. في السودان، تتحمل الناجيات من العنف الجنسي في كثير من الأحيان وطأة الوصمة والعار، في حين يفلت الجناة من العقاب إلى حد كبير. ويتعين على الناجيات أن يقررن ما إذا كن سيكشفن عن إساءتهن لأسرهن ومجتمعاتهن، مع العلم أن القيام بذلك قد يؤدي إلى النبذ الاجتماعي أو ما هو أسوأ.
وحذرت "إنجرام" على التأثير المدمر لهذه الديناميكية الثقافية، مشيرة إلى أنه في السودان، "الناجيات وليس الجناة هم من يتحملون العبء الثقافي المتمثل في الوصمة والعار المرتبطين بالاغتصاب". وهذه الوصمة الثقافية تعزل الناجيات، مما يجعل تعافيهن أكثر صعوبة ويجعلهن عرضة لمزيد من الضحايا.
وتواجه بعض الناجيات، بما في ذلك الفتيات الصغيرات، صدمة إضافية تتمثل في الحمل غير المرغوب فيه الناتج عن الاغتصاب. وروت "إنجرام" قصة إحدى الناجيات، التي اختارت بعد أن حملت نتيجة للاغتصاب تربية طفلها بمفردها بدلاً من تعريض طفلها للأهوال التي تحملتها. ومع ذلك، رفضت الملاجئ استقبال المرأة الحامل، ولا يزال الطفل، الذي يبلغ من العمر الآن ثمانية أشهر، بلا مأوى. يعكس هذا الوضع الكئيب الافتقار الأوسع إلى الدعم للناجين في السودان.
التكلفة البشرية للصراع 
اتسمت الحرب الأهلية في السودان، التي اندلعت في أبريل ٢٠٢٣، بالعنف العرقي والقتل الجماعي واتهامات بالإبادة الجماعية. وأودى الصراع بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وشرّد أكثر من ١١ مليون شخص. ووجدت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة في عام ٢٠٢٤ أن كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية ارتكبت أعمال عنف جنسي، حيث تم تحديد قوات الدعم السريع وحلفائها كمرتكبين في غالبية الحالات.
في حين كان التركيز الأساسي للحرب على المواجهات العسكرية، فإن الاستخدام المنهجي للعنف الجنسي كسلاح في الحرب كان مدمرًا للمدنيين، وخاصة الأطفال. تواصل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية مثل اليونيسف دق ناقوس الخطر بشأن الانتهاكات الواسعة النطاق، لكن الاستجابة الشاملة لا تزال بعيدة المنال.
والوضع في السودان يشكل أزمة إنسانية خطيرة، تتفاقم بسبب انتشار العنف الجنسي ضد الأطفال وغيرهم من الفئات الضعيفة. ويدعو تقرير اليونيسيف إلى الاهتمام الدولي العاجل والتحرك لمعالجة وباء العنف الجنسي في السودان. ويتعين على المجتمع الدولي أن يحمل الجناة المسؤولية وأن يوفر للناجين الدعم الذي يحتاجون إليه بشدة. إن الناجين من العنف الجنسي لا يحتاجون فقط إلى الرعاية الطبية والنفسية، بل يحتاجون أيضاً إلى الدعم الاجتماعي لمساعدتهم على إعادة الاندماج في مجتمعاتهم والتعافي من الصدمة التي تحملوها.
وعلاوة على ذلك، لا بد من بذل جهود متضافرة لوقف الحرب وتقديم المسؤولين عن هذه الفظائع إلى العدالة. ويتعين على المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة، أن يعمل على ضمان عدم تعرض أطفال السودان لمثل هذا العنف المروع ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
 

مقالات مشابهة

  • المجلس القومي للمرأة بالدقهلية ينظم تدريبًا لتوعية الأمهات الصغيرات
  • قصف عشوائي للدعم السريع يحصد أرواح مدنيين بمدينة الأبيض
  • البابا فرنسيس: نحن بحاجة إلى ”معجزة الحنان“ التي ترافق الذين هم في محنة
  • اليونيسيف: مئات الأطفال ضحايا الاغتصاب فى السودان
  • الجيش يكشف عن توترات أمنية ومقتل قادة بارزين من الدعم السريع في نيالا
  • الكشف عن مقبرة جماعية ومركز تعذيب في السودان.. واتهامات للدعم السريع
  • الكشف عن مقبرة جماعية ومركز تعذيب بالسودان.. واتهامات للدعم السريع
  • كيف يمكن احتواء المخاطر التي تتعرض لها سوريا؟.. محللون يجيبون
  • إطلاق مبادرة "احتواء اليوم تمكين الغد" لدعم أطفال التوحد في رمضان
  • خلى بالك.. للسيدات المعيلات.. دور صندوق تأمين الأسرة فى توفير الدعم والنفقات