جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-11@11:28:33 GMT

نحن مُختلِفون لا مُتخلِّفون

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

نحن مُختلِفون لا مُتخلِّفون

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

ما بين الاختلاف والتخلُّف قطيعة كبيرة في المعنى والدلالة، وإن كانا كمفردتين لغويتين مشتقتين من تكوين يكاد أن يتطابق، وحين أتأملُ- شخصيًا- حالنا كعرب عبر التاريخ واليوم وأُقارنه بمن حولنا، أجدُ أننا نختلِف عنهم، ولسنا مُتخلِّفين عنهم.

التخلُّف والتطور مصطلحان يُطلقان اليوم بالمُطلق في التوصيف دون دلالة دقيقة ولا معنى لغوي وفلسفي حصري ودقيق؛ فالتخلُّف نسبيٌ وكذلك التطور، وهما أقرب في التوصيف والتشبيه من تعريف الأُمِّيَّة كمثال والتي دأبنا على حصرها في القراءة والكتابة، بينما الأُمِّيَّة هي كل ما يجهله الإنسان فيُعتبر أُمِّيًّا به، من لغات وعلوم وتقنية ومهارات.

...إلخ.

والتطور مصطلح نسبي كذلك في معناه الدلالي والفلسفي، فقد يكون شعب ما أو بلد ما متطور في جانب تنموي أو معرفي ما، وفي المقابل يعاني من تخلُّف قِيَمِيٍّ أو مادي أو أخلاقي معيب، وهنا أهمية تخصيص اللفظ لا تعميمه وإطلاقه بلا ضوابط.

شخصيًا، أتقززُ من لفظة الجاهلية حين ترد كتعريف تاريخي زمني أو فكري وهي في حقيقتها زمن الجهل بالإسلام أي قبل رسالته، فقد اختزل العقل العربي الجاهلية بكل سوء وجهالة وانحطاط وهي لم تكن كذلك أبدًا؛ حيث كان العرب في الجاهلية قوم تؤطر سلوكهم الأخلاق العربية الفطرية وقيم الحنيفيّة الإبراهيمية وأتت الرسالة المُحمَّدية منهم وإليهم وعبرهم للعالم لتتمم مكارم الأخلاق؛ بما ينسجم مع تعاليم الإسلام والموروث القيمي الفطري زمن الجهل بالإسلام، والمسمى بـ"الجاهلية".

حين يزورنا الغربي القادم من مدنيَّات الغرب يفقد صوابه ويتوه في مفردات وتفاصيل الحضارة العربية الإسلامية وما أنتجته لنفسها وللبشرية من قيم ومعارف وعلوم ينهل منها ويبني عليها الغربي اليوم مدنيّته وتطوره التقني وعلومه ومعارفه الإنسانية والتطبيقية والتي لم يكن له الفضل- غالبًا- في ابتكارها أصلًا.

حين يتحدث الغرب اليوم عن العولمة ونهاية التاريخ ويعززهما بالمفاهيم والثقافات الغربية العابرة للحدود والأجيال، وكأنها الملاذ الأخير والحتمي للإنسانية، فهو في حقيقته ينطلق من نظرة عنصرية نرجسية جعلته يعتقد أنه محور الكون ومن ليس معه فهو بالضرورة ضده، ومن لا يُشبهه ولا يقتدي به ولا يُقلده فهو على خطأ!

المدنيّة الغربية حالة استثنائية في التاريخ الإنساني؛ فالغرب بنرجسيته لم يستوعب بعد أن المدنيّات لا تتغلب على الحضارات ولا تتجاوزها ولا تطغى عليها؛ فالحضارات أتت بعظائم الأشياء والتي نقلت الإنسان من البدائية ووضعته على طريق التطور والتحضر والاستقرار والبناء، من تقنيات زراعة ووسائل ري وتشريعات وأعراف تنظم حياة الناس وتحمي حقوقهم، وصولًا إلى أدوات ووسائل سهّلت حياة الناس وجعلتهم في مرتبة أعلى وأقوى من مفردات شريكة لهم في الحياة من حيوان ونبات وجماد، كأدوات الطهي والصيد والملاحة وحرث الأرض...إلخ.

بينما أتت المدنيّات لاحقًا بمنافع عامة، من خلال تطوير تلك الأدوات الحضارية ولكنها ليست- وكما يتصور والغرب وطابورهم- مكاسب تعادل الحياة بالنسبة للإنسان، وكما كانت في حين ابتكارها في غابر الأزمان. وفوق هذا فإن التحسينات وأعمال التطوير التي أحدثتها مدنيّات الغرب اليوم لا تعني السبق أو الهوية الحضارية أو من الثقافات الأصيلة التي يمكن تعريفها بأنها تتبع هذا الشعب أو تُنسب إلى تلك الحضارة.

قبل اللقاء.. يتلعثمُ البعض ويسخر البعض الآخر حين أساله: أيهما أهم لحياة الإنسان، السكين أم الحاسوب (الكمبيوتر)؟! الجواب يُعبِّر عن وعي الشخص وإدراكه الفارق والاختلاف بين الحضارة والمدنيّة، والأهم والمُهم.

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لافروف: روسيا تحاول إيقاظ الغرب في الكفاح ضد محاولات إعادة كتابة التاريخ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في مقابلة لمشروع "تاس للأطفال"، أن روسيا تحاول منذ سنوات إيقاظ الغرب في معركتها ضد محاولاته لطمس التاريخ.

وقال رئيس الدبلوماسية الروسية: "نحن نحاول إيقاظهم منذ عدة سنوات. بالفعل، وحتى قبل وقت طويل من العملية العسكرية الخاصة، كانت هناك نزعة لطمس التاريخ، ومحاولات لوضع المنتصرين والمهزومين في كفة واحدة، ومحاولات لتقويض وتلطيخ دور الاتحاد السوفيتي، وقد تم القيام بهذه المحاولات بشكل مكثف ومنذ فترة طويلة".

وأضاف لافروف: "في اتصالاتنا مع الدبلوماسيين الألمان خلال السنوات السبع أو الثماني الأخيرة على الأقل، تكررت أكثر فأكثر فكرة – ليس بهذه الكلمات، فأنا لا أقتبس، بل أنقل ما كانوا يحاولون إيصاله إلينا – ومضمونها كان: ’زملاءنا الأعزاء، لقد سددنا كل ما علينا للجميع. لم نعد مدينين لأحد بشيء‘. كان هذا جرس إنذار مقلق للغاية".

وسبق أن أشارت السلطات الروسية إلى أن الدول الغربية تحاول تحريف التاريخ، حيث أكد الرئيس فلاديمير بوتين على ضرورة الحفاظ على الحقيقة حول الحرب العالمية الثانية ومواجهة محاولات تزييفها.

وفي سياق متصل، أشار مرسوم رئاسي روسي حول أسس السياسة التاريخية للدولة إلى أن الغرب يستخدم تزوير التاريخ كسلاح في الحرب المعلوماتية لزعزعة استقرار روسيا، محذرا من محاولات "تشويه الذاكرة التاريخية وتحريف الحقائق"، بالإضافة إلى السياسات المعادية التي تهدف إلى التقليل من الدور التاريخي لروسيا في الحضارة العالمية.

وفي استراتيجية مكافحة التطرف التي نُشرت في ديسمبر 2024، اعتبرت روسيا أن سياسات بعض الدول في تزوير دور الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية والتقليل من مساهمته في الانتصار تشكل تهديدا حقيقيا لها.

كما أشارت الاستراتيجية إلى أن إحياء الأفكار النازية وتمجيدها، بالإضافة إلى تعزيز النزعات الانتقامية، يمثل خطرا حقيقيا على الأمن الروسي.

مقالات مشابهة

  • الأردن.. مهد الحضارة وبوابة الفتح وموطن الكرامة.
  • السيد القائد: نأمل من الجاليات اليمنية والعربية والإسلامية في الغرب أن تتحرك وأن تستنهض كل من بقي له ضمير إنساني لمساندة الشعب الفلسطيني
  • العرابة المدفونة.. أبيدوس مدينة الأسرار ومهد الحضارة المصرية القديمة بسوهاج
  • الكرملين: لن نتنازل أبدا عن حقوقنا بشأن الأصول المجمدة في الغرب
  • لا لتجريم ستات الشاى
  • الأرشيف والمكتبة الوطنية ينظم ندوة «الإمارات ملتقى الحضارة والحداثة»
  • هذا هو حصان طروادة الذي سيفكّك الغرب
  • تنفيذ مشروع استبدال خط التوتر المتوسط المغذي لمضخات مياه السن والتي تزود محافظتي اللاذقية وطرطوس
  • لافروف: روسيا تحاول إيقاظ الغرب في الكفاح ضد محاولات إعادة كتابة التاريخ
  • مفاهيم الإصلاح والتغيير في الرؤية الإسلامية.. مشاتل التغيير (13)