أعلنت الحكومة الجزائرية، أنها تلقت عبر وزارة خارجية جمهورية النيجر مراسلة تفيد بقبول الوساطة الجزائرية الرامية إلى بلورة حل سياسي للأزمة القائمة في النيجر وذلك في إطار المبادرة التي تقدم بها الرئيس عبد المجيد تبون.

وأوضح بيان الشؤون الخارجية الجزائرية، أن هذا القبول بالمبادرة الجزائرية يعزز خيار الحل السياسي للأزمة في النيجر ويفتح المجال أمام توفير الشروط الضرورية التي من شأنها أن تسهل إنهاء هذه الأزمة بالطرق السلمية، بما يحفظ مصلحة النيجر والمنطقة برمتها.



وعلى إثر هذا القبول، كلف الرئيس تبون وزير الخارجية، أحمد عطاف، بالتوجه إلى نيامي في أقرب وقت ممكن، بهدف الشروع في مناقشات تحضيرية مع كافة الأطراف المعنية حول سبل تفعيل المبادرة الجزائرية.



تطور مهم
وأكد الكاتب الجزائري في الشؤون السياسية علي ذراع في حديث خاص لـ "عربي21"، أن "قبول السلطات في النيجر بالمبادرة الجزائرية تطور سياسي مهم من شأنه تجنيب النيجر والمنطقة الإفريقية وحتى العالمية ويلات حرب ستكون تداعياتها كارثية على الجميع".

وقال ذراع: "النيجر جارة، وعدد النيجيريين الموجودين في الجزائر كبير جدا.. والسلام والاستقرار في هذا البلد يهمنا، مثلما هو الوضع في مالي وليبيا، والصحراء الغربية كذلك.. فهؤلاء يتواجدون في الجزائر بكثرة.. وديبلوماسية الجزائر تقوم على أساس الدعوة إلى الحل السلمي في إطار الحلول المتفق عليها دوليا"..

وأضاف: "أعتقد أن المبادرة الجزائرية في النيجر تمتلك كافة الحظوظ للنجاح، طالما أن الإخوة النيحيريين قبلاوا بها، وهم الوضع القائم على الأرض، وبالتالي فإنها ستؤدي حتما إلى حلول سلمية في هذا البلد الإفريقي المناضل".

وأكد ذراع أن المبادرة الجزائرية للسلام في النيجر، لا تخدم فقط النيجر وحدها، وإنما أيضا تخدم دالسلم والاستقرار في دول المنطقة، وأن فرنسا مستفيدة من المبادرة الجزائرية لأنها تمنحها الفرصة لإعادة مراجعة سياساتها مع دول القارة الإفريقية".

وأضاف: "إذا كان الفرنسيون أذكياء عليهم أن يلتقطوا هذه الفرصة، فالمبادرة الجزائرية في صالحهم، وإلا ستنهزم فرنسا مرة أخرى إذا لم تقبل بها.. فرنسا من صالحها أن تقبل وتجلس إلى طاولة الحوار.. ذلك أن النيجيريين الذين قاموا بالانقلاب أو الثورة، أصبحوا واقعا.. ويرغبون في تغيير النظام المفروض عليهم منذ الاستقلال".  

وأكد ذراع في ختام حديثه، أنه "إذا نجحت هذه المبادرة الجزائرية السلمية في النيجر، فإننا سنتفادى حربا بالوكالة يتم التحضير لها، فالكل يتابع التحركات الفرنسية والغربية والروسية في دول الساحل.. ونخشى أن تتحول منطقة الساحل الإفريقي إلى حلبة صراع ستكون لها آثار سلبية على الجميع"، وفق تعبيره.


أزمة معقدة
وفي لندن رأى الدبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيتوت في حديث مع "عربي21"، أن ما يثير القلق في المبادرة الجزائرية لحل الأزمة السياسية الخانقة في النيجر، ليس دلالاتها الظاهرية الساعية لحل الخلاف سلميا، وإنما في مآلاتها وما يمكن أن تقدمه للأطراف الدولية المتدخلة في منطقة الساحل.

ورأى زيتوت أن مبادرة النظام الجزائري في النيجر تأتي في سياق تقديم خدمات للمساعي الأمريكية الحديثة لوراثة فرنسا في القارة الإفريقية.

وقال: "موضوع النيجر معقد للغاية، والنظام الجزائري فيه يعمل لصالح الأمريكيين، هو يقول بأنه ضد التدخل الخارجي وضد الانقلابات، وهذا لا اعتراض عليه، ولكنه عمليا يدعم الانقلاب في مالي، وهؤلاء لا يقتلون فقط الأزواد في شمال مالي، وإنما يهددون الحدود الجزائرية، خصوصا مع فاغنر التي ترتكب جرائم بشعة.. نفس الشيء يريدونه في النيجر.. طرد الفرنسيين من النيجر مهم، ولكن ليس باستبدالهم بالأمريكيين والروس".

وأضاف: "هناك صراع على منطقة الساحل الإفريقي للأسف يظهر فيها النظام الجزائر في دور وظيفي لا أكثر ولا أقل.. فدعم الأمريكان في النيجر والروس في مالي خطر على المنطقة بكاملها.. وهذا يناقض السياسة الجزائرية التي قامت على تحرير إفريقيا".

وأشار زيتوت إلى أن هذه السياسات لا تعني دخول النظام الجزائري في قطيعة مع فرنسا ولا في حرب معها، وإنما ما يحكم النظام الجزائري هو هدف البقاء في الحكم، وهم يعرفون أن مرور الرئيس عبد المجيد تبون إلى ولاية ثانية في الحكم لا يمكن أن يتم من دون موافقة فرنسية"، وفق تعبيره.


تفاصيل المبادرة الجزائرية
وأواخر آب/ أغسطس الماضي أعلن وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، مبادرة لحل الأزمة في جارة بلاده الجنوبية النيجر، تفضي إلى عودة النظام الدستوري بعد 6 أشهر.

وقال عطاف في مؤتمر صحفي بالجزائر العاصمة، إن "الرئيس عبد المجيد تبون قرر إطلاق مبادرة لحل الأزمة في النيجر تقوم على أولوية الحل السياسي ورفض اللجوء إلى الخيار العسكري".

وأضاف أن "المبادرة هي خلاصة لمشاورات واتصالات تمت منذ اليوم الأول للانقلاب العسكري في النيجر".

وأوضح وزير الخارجية الجزائري أن المبادرة تقوم على 6 محاور، دون أن يوضح تفاصيلها كاملة.

وذكر أن المبادرة "ستكون محور مشاورات خلال أيام على ثلاثة مستويات، الأول داخلي في النيجر بين مختلف الأطراف، والثاني جهوي مع دول الجوار وأعضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، والثالث دولي مع البلدان الداعمة للمسار السلمي لحل الأزمة".

وبين أن المبادرة الجزائرية "تقوم على ترتيبات بمشاركة جميع الأطراف دون إقصاء لمدة 6 أشهر وتحت إشراف سلطة مدنية بشخصية توافقية تقود النيجر وتفضي إلى استعادة النظام الدستوري في نهايتها".

وأشار إلى أن المبادرة تقترح مؤتمرا دوليا حول التنمية في الساحل وحشد تمويل البرامج التنموية قي المنطقة والتي من شأنها دعم الاستقرار في هذه الدول.

وفي السياق نفسه، عبر وزير خارجية الجزائر عن رفض بلاده التام لفتح أجوائها أمام الطيران العسكري للتدخل في النيجر من منطلق معارضتها الشديدة لهذه الخطوة.

وكان عطاف قد زار قبل أيام غانا ونيجيريا وبنين الأعضاء في مجموعة "إيكواس" لبحث حل الأزمة في النيجر سياسيا، فيما قام الوناس مقرمان، الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية، بزيارة النيجر لبحث الأزمة مع مختلف الأطراف في البلاد، حسب بيانات سابقة للخارجية الجزائرية.


مواقف سابقة
وتسعى الجزائر من خلال التحركات الدبلوماسية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة التي دخلتها النيجر عقب إطاحة مجموعة من الضباط بالرئيس محمد بازوم في 26 يوليو/تموز الماضي.

وتعتقد الجزائر بأن فرص التسوية السلمية ما زالت قائمة، وأن خيار استخدام القوة الذي تلوح به "إيكواس" ضد قادة الانقلاب في النيجر "تهديد مباشر لها". وترتبط الجزائر والنيجر بحدود مشتركة تفوق 950 كيلومترا.

وتطالب دول "إيكواس" (تضم 15 دولة) وفرنسا قادة انقلاب النيجر بإطلاق سراح بازوم وإعادته إلى منصبه، وهو ما قوبل بالرفض حتى الآن.

وقبل أيام أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن بلاده ستنهي وجودها العسكري في النيجر وستسحب سفيرها، سيلفان إيتي، إثر الإطاحة بالرئيس المعزول محمد بازوم.

ولفت الرئيس الفرنسي إلى أن التواجد العسكري لبلاده في النيجر "كان استجابة لطلب من حكومة النيجر المطاح بها"، بحسب ما نقلت وكالة أسوشييتد برس.

وتحتفظ فرنسا بنحو 1500 عسكري في النيجر، منذ الانقلاب الذي شهدته البلاد في يوليو/ تموز الماضي، ورفضت في السابق طلبا من المجلس العسكري الجديد بمغادرة سفيرها.

وأشار إلى أن الجنود الفرنسيين في النيجر سيعودون إلى بلادهم بطريقة منسقة بحلول نهاية العام.

وأضاف ماكرون أن فرنسا "ستواصل مساعدة القارة الإفريقية في الحرب ضد الإرهاب".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الجزائرية النيجر المبادرة النيجر الجزائر علاقات مبادرة آفاق تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المبادرة الجزائریة الخارجیة الجزائری النظام الجزائری النظام الجزائر الجزائری فی أن المبادرة لحل الأزمة فی النیجر تقوم على إلى أن

إقرأ أيضاً:

الجزائر تستدعي سفير فرنسا احتجاجا على المعاملة “الاستفزازية” لمواطنيها

استدعت وزارة الخارجية الجزائرية، الثلاثاء، السفير الفرنسي في البلاد احتجاجا على ما وصفته بالمعاملة “الاستفزازية” وغير المقبولة التي يتعرض لها مواطنون جزائريون في مطارات باريس.

 

وقالت الوزارة، في بيان، “إن الجزائر تسجل بقلق بالغ شهادات متطابقة لعدد من المواطنين الجزائريين حول المعاملة الاستفزازية والمهينة والتمييزية التي يتعرضون لها من قبل شرطة الحدود في مطاري رواسي شارل ديغول وأورلي”.

وأوضح البيان أنه على إثر التأكد من صحة هذه المعلومات، تؤكد الجزائر “رفضها القاطع لأي مساس، مهما كان نوعه أو شكله، بكرامة مواطنيها أو استخدامهم كأداة للضغط أو الاستفزاز أو الابتزاز ضد بلدهم”.

وطلب كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف بالجالية الوطنية بالخارج سفيان شايب من السفير الفرنسي بالجزائر إبلاغ حكومته بضرورة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لوضع حد، وبشكل عاجل، لهذه التصرفات والممارسات غير المقبولة التي تهين سمعة الحكومة الفرنسية في المقام الأول وفي المقام الأخير، بحسب البيان.

تفاقم الوضع

وظلت العلاقات بين باريس والجزائر معقدة على مدى عشرات السنين، لكن الوضع تفاقم منذ يوليو/تموز الماضي حين أغضب الرئيس إيمانويل ماكرون الجزائر بالاعتراف بخطة للحكم الذاتي لمنطقة الصحراء الغربية تحت السيادة المغربية.

ولم تنقطع العلاقات الدبلوماسية، لكن مسؤولين فرنسيين قالوا إن الجزائر تتبنى سياسة تستهدف محو الوجود الاقتصادي الفرنسي من البلاد، حيث انخفض التبادل التجاري بنحو 30% منذ الصيف.

وتفاقم الخلاف مع اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر، ثم اعتقال العديد من الشخصيات المؤثرة الجزائرية والفرنسية-الجزائرية في فرنسا بتهمة الدعوة إلى العنف.

وقال وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيللو في تصريحات صحفية نشرت قبل أيام: “أنا مع اتخاذ إجراءات قوية، لأنه دون توازن القوى لن ننجح”، لافتا الى وجوب إعادة النظر في اتفاق 1968 الموقّع بين فرنسا والجزائر التي تحدد شروط دخول الجزائريين إلى فرنسا والتي وافقت عليها باريس.

وفي تقدير ريتيللو، فإن الجزائر لا تسلم أيضا ما يكفي من التصاريح القنصلية، وهي وثيقة أساسية لإعادة شخص في وضع غير قانوني في فرنسا إلى بلده الأم.

 

لكن الجزائر وباريس لم تستخدما حتى الآن “سلاح الهجرة” الذي تم التلويح به مرارا في الفترات الماضية.

وهذا ما حدث في عام 2021، حين خفّضت فرنسا بشكل كبير عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين -وكذلك المغاربة والتونسيين- بحجة أن قادتهم لم يبذلوا بالفعل جهودا كافية لإعادة مواطنيهم المطرودين من فرنسا.

وتسبب هذا الإجراء باستياء ومشاحنات دبلوماسية بين باريس وهذه المستعمرات الفرنسية السابقة، صاحبة الوجود القوي في فرنسا من خلال المهاجرين.

ومنتصف يناير/كانون الثاني، طرح وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان حلا آخر يقضي بإلغاء الاتفاقية الفرنسية الجزائرية العائدة إلى 2013 والتي تسمح للنخب الجزائرية بالسفر إلى فرنسا دون تأشيرة.

المصدر : وكالات

مقالات مشابهة

  • مارين لوبان: سأفعل بالجزائر ما فعله ترامب مع كولومبيا (فيديو)
  • بن جامين ستورا: ماكرون أشعل فتيل الأزمة بين الجزائر وفرنسا
  • فرنسا تعتزم استئناف رحلاتها الجوية إلى بيروت السبت المقبل
  • موقع فرنسي: اليمين يضرم النار في علاقات الجزائر وفرنسا
  • الجزائر تستدعي سفير فرنسا احتجاجا على المعاملة “الاستفزازية” لمواطنيها
  • النظام الجزائري يعود للتهريج الفارغ بإستدعاء السفير الفرنسي
  • الجزائر تستدعي سفير فرنسا احتجاجا على المعاملة الاستفزازية لمواطنيها
  • الخارجية الجزائرية تستدعي السفير الفرنسي.. ما القصة؟
  • الجزائر تستدعي سفير فرنسا بسبب المعاملة المهينة لمواطنيها في المطارات
  • الجزائر تطالب فرنسا بتطهير أراضيها من نفايات تجاربها النووية