فعاليات فنية وثقافية عمانية متنوعة يشهدها معرض الرياض الدولي للكتاب
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
الرياض ـ العُمانية: أكدت الندوة الفكرية الحوارية المقامة على هامش فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب في دَوْرته الحالية ٢٠٢٣ بعنوان (التعايش المجتمعي في سلطنة عُمان) على الهُوِيَّة العُمانية الراسخة من خلال عرض تجربة تحقيق التعايش المجتمعي في سلطنة عُمان بصفته نموذجًا يحتذى به ورصد أُسُسها وضماناتها.
وتأتي هذه الندوة التي تحدَّث فيها سعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي الأمين العام بمكتب الإفتاء وأدارها الباحث خميس بن راشد العدوي ضمن البرنامج الثقافي لسلطنة عُمان التي تحل ضيف شرف على معرض الرياض الدولي للكتاب بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.
وتطرقت الندوة إلى تاريخ سلطنة عُمان وأسباب التعايش الاجتماعي فيها، وآليَّات غرس أُسُسه ومبادئه في الشباب والنشء، وكيف أصبح هذا التعايش موروثًا عُمانيًّا، كما تناولت طُرق وأساليب الحفاظ على الهُوِيَّة العُمانية.
وعُقدت على هامش المعرض جلسة مشتركة حول الرواية الخليجية وسؤال ما بعد العالمية، شارك فيها كُلٌّ من الروائي والشاعر زهران القاسمي، والروائية بشرى خلفان، والباحثة الدكتورة عزيزة بنت عبدالله الطائية، والروائي عبده خال، والكاتب والروائي عبدالواحد الأنصاري، وأدارتها الدكتورة منى بنت حبراس السليمي. وفي سياق متصل أبرزت الندوة الحوارية (تجليات من التراث المخطوط) التبادل الثقافي بين سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية تحدَّث فيها الباحث محمد العيسري عن الروابط المشتركة بين البلدين الشقيقين، ذاكرًا مجموعة من الأمثلة لمخطوطات توضح التقارب الثقافي والمعرفي بين الجانبين. وحظِيَ ركن سلطنة عُمان في المعرض بزيارات عديدة ومتنوِّعة لعددٍ كبير من الكُتَّاب والمفكِّرين والمثقَّفين والقُرَّاء من المملكة العربية السعودية وخارجها.
من جانبه أعرب محمد رضا نصرالله إعلامي وكاتب سعودي عن سعادته بزيارة ركن سلطنة عُمان في المعرض، وقال: إنَّ سلطنة عُمان تحتل موقعًا رياديًّا في المنطقة وتشهد حراكًا اجتماعيًّا وتطورًا ثقافيًّا وإبداعًا أدبيًّا، مشيرًا إلى أنَّ البحَّارة العُمانيين كانوا يمخرون عباب البحر ليصلوا إلى الصين والهند، مستشهدًا بعُمق التجربة العُمانية حينما وصلت إلى زنجبار.
وأكد أنَّ سلطنة عُمان تُشكِّل بقعة ثقافية لافتة، مبينًا ارتباطه بالاطلاع على الثقافة العُمانية وعلاقته بالشخصيات الثقافية في سلطنة عُمان.
وأكد الدكتور عبدالله السفياني الأكاديمي وعضو مجلس الشورى السعودي سابقًا على العلاقات التاريخية الوطيدة التي تربط سلطنة عُمان بالمملكة العربية السعودية، لافتًا إلى وجود تقارب في العادات والتقاليد بين الشَّعبين الشقيقين.
وأشار إلى أنَّ ممَّا يُعرف عن سلطنة عُمان التعايش المجتمعي، معربًا عن إعجابه بالفعاليات والبرامج العُمانية المصاحبة للمعرض وبالفرق الشَّعبية العُمانية التي تشارك على هامش المعرض.
وقال إنَّ ركن سلطنة عُمان في معرض الرياض الدولي للكتاب ينقل للزوَّار صورة مصغرة عن المجتمع العُماني الكبير حيث الثقافة والفكر والأدب والتاريخ والعادات والتقاليد.
من جهته قال الدكتور أحمد السيد من جمهورية مصر العربية – مقيم في المملكة العربية السعودية وزائر لركن سلطنة عُمان بمعرض الرياض الدولي للكتاب إنَّ الركن العُماني يتميز بمخطوطاته القيَّمة والنادرة ويبرز التطور التاريخي للمعرفة.
وأضاف أنَّه انبهر بمخطوط لخطبة العيدين يبلغ طوله ٦ أمتار ومخطوط مجموع في الطب يحتوي على قصائد وأوَّلها قصيدة ميمية في العين وتشريحاتها، ومخطوط معدن الأسرار في علم البحار، لافتًا إلى أنَّ عِلم البحار الشراعي لا يزال يعمل به رغم التطور التكنولوجي مع إضافة التقنية المتمثلة في شرائح إلكترونية. وقالت هوازن عبدالله الزهراني الكاتبة السعودية والباحثة في شؤون الطفل إنَّ المختصين في شؤون الطفل يحرصون على زيارة ركن سلطنة عُمان في معرض الرياض الدولي للكتاب للتعرف على تاريخها الثري، مضيفةً أنَّ ممَّا يمتاز به العُمانيون التلاحم الوطني.
وبيَّنت أنَّه من خلال ركن سلطنة عُمان تعرَّفتُ على الأماكن السياحية من خلال مشاهدة فيلم يتحدث عن الأماكن والمناشط السياحية ويُظهر جَمال الطبيعة ومكنونات البحار. من جهة أخرى أشارت طاهرة بنت سليمان المعولية مديرة الجمعية العُمانية للفنون إلى أنَّ ١١ فنانًا تشكيليًّا شاركوا في معرض الفن التشكيلي العُماني بـ١٦ لوحةً فنية في مجال الرسم والخط العربي والزخرفة، بحضور الفنَّان التشكيلي سعيد الرويضي الذي يقدِّم تجربته الفنية من خلال الرسم الحر المباشر أمام الجمهور من مرتادي المعرض. وبيَّنت أنَّ اللوحات التشكيلية المشاركة جسَّدت المناظر الطبيعية العُمانية ونقلت إلى الجمهور التقنيات الفنية التي يمتلكها الفنان متفردًا بأعماله الواقعية الممتزجة بالألوان المائية والزيتية والأكريليك، إضافة إلى لوحات الخط العربي التي أبرزت جَماليات الخطِّ بأنواعه المختلفة كالنسخ والديواني والرقعة، وانفردت بعض اللوحات بالزخرفة الإسلامية والرومية. وذكرت أنَّ معرض الفن التشكيلي العُماني شهد إقبالًا كبيرًا من الزوار والمهتمين والمتذوقين للفن التشكيلي، مؤكدة أنَّ هذه المشاركة مهمة للجمعية لمدِّ جسور التواصل والتعاون بين الفنَّانين وتبادل الأفكار والآراء والمعارف.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: معرض الریاض الدولی للکتاب العربیة السعودیة الع مانیة الع مانی من خلال ع مانی إلى أن
إقرأ أيضاً:
"جمعية الذكاء الاصطناعي العُمانية".. بوابة للإبداع والابتكار
عارف بن خميس الفزاري
persware@gmail.com
في ظلّ التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم في مجالات التقنية والذّكاء الاصطناعيّ، تبرز الحاجةُ المُلحّة إلى تأطير هذه الطفرات التقنية ضمن مؤسسات وطنية تُعنى بتطويرها وتسخيرها لخدمة المجتمع ومؤسسات القطاعين العام والخاص.
والذّكاء الاصطناعيّ، كما يصفه كلاوس شواب مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي "لن يُغيّر ما نفعله فقط، بل سيُغيّر من نكون" (شواب، 2016)، وهو ما يُعزّز الشعور بالحاجة إلى تبنّي هذا التحول بشكل مؤسسي منظم. ومن هذا المنطلق، تتجلّى أهميةُ إنشاء جمعية وطنية تُعنى بالذّكاء الاصطناعيّ في سلطنة عُمان، بوصفها خطوةً استراتيجية نحو بناء مجتمعٍ معرفيٍّ مستدام، يواكب تطلعات رؤية عُمان 2040، ويُعزّز مكانة سلطنة عُمان إقليميًّا ودوليًّا في مجالات الابتكار والتقنية. ويُشير تقريرٌ صادر عن مؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC) في عام 2017م إلى أنّ الذّكاء الاصطناعيّ سيُسهم في تعزيز الاقتصاد العالمي بنسبة تصل إلى 14% بحلول عام 2030، وهو ما يعادل زيادة تُقدّر بـ15.7 تريليون دولار أمريكي، وذلك نتيجةً للتطور المتسارع واعتماد تقنيات الذّكاء الاصطناعيّ في شتى المجالات. ويُعزى هذا التأثير الاقتصادي إلى عدة عوامل، من أبرزها: مكاسب في الإنتاجية من خلال قيام الشركات بأتمتة العمليات (بما في ذلك استخدام الروبوتات والمركبات ذاتية القيادة)، ومكاسب أخرى في الإنتاجية من خلال تعزيز القوى العاملة الحالية في الشركات عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي (الذكاء المعزز)، إضافة إلى زيادة في الطلب الاستهلاكي نتيجة توافر منتجات وخدمات مُحسّنة وذات جودة أعلى مدعومة بتقنيات الذّكاء الاصطناعيّ، سواءً من حيث التخصيص أو الكفاءة.
إنّ فكرة تأسيس جمعية وطنية في سلطنة عُمان تُعنى بالذّكاء الاصطناعيّ لا تقتصر على كونها إطارًا تنظيميًا، بل تُعد جسرًا نحو المستقبل، يجمع العقول المبدعة ويحتضن الابتكارات ويهيئ بيئة خصبة للإبداع التقني والمعرفي. ومن خلال هذه الجمعية، يمكن للأفراد لا سيما فئة الشباب، تحويل أفكارهم ومبادراتهم إلى مشاريع واقعية قابلة للتطبيق، تُسهم في حل مشكلات المجتمع وتحسين جودة الخدمات وزيادة الإنتاجية في القطاعين العام والخاص. ويمكن للجمعية أن تؤدي دور الحاضنة المجتمعية، من خلال تعزيز الوعي بتقنيات الذّكاء الاصطناعيّ وتقديم الدعم الفني والاستشاري للمؤسسات والأفراد، إلى جانب إرساء مسارات تعليمية وتدريبية متقدمة بالتعاون مع المؤسسات التعليمية والأكاديمية والبحثية. كما يُمكن أن تُسهم في تنمية رأس المال البشري عبر تنظيم الورش والدورات التدريبية والمسابقات والمشاركة في الفعاليات المحلية والإقليمية والدولية. ولا يمكن الحديث عن جمعية الذّكاء الاصطناعيّ دون الإشارة إلى أهمية التكامل بينها وبين الجمعية العُمانية لتقنية المعلومات، إذ يُمكن أن تتعاون الجمعيتان في مجالات عديدة، من أبرزها تطوير الاستراتيجيات الرقمية وتنظيم الفعاليات الوطنية وبناء القدرات وتبادل الخبرات الفنية بما يُسهم في تعزيز البنية الرقمية لسلطنة عُمان وتوحيد الجهود الوطنية في مجال التكنولوجيا والتحول الرقمي. إنّ تكامل الأدوار بين الجمعيتين يُعد ركيزة أساسية لخلق بيئة أكثر انسجامًا وكفاءة وضمانًا لتفادي الازدواجية في المبادرات وتسريع وتيرة التقدم نحو اقتصاد معرفي مستدام.
على المستوى المجتمعي، يُمكن أن تُسهم الجمعية في ترسيخ الثقافة الرقمية لدى المواطنين، ودمج الذكاء الاصطناعي في تفاصيل الحياة اليومية، بدءًا من التعليم والرعاية الصحية وصولًا إلى النقل والخدمات العامة. كما يمكن أن تُوفر للمواطنين فرصة التفاعل المباشر مع التقنية، ليس كمستهلكين فحسب؛ بل كمطورين ومبتكرين وصنّاع للتغيير. أما على الصعيد المؤسسي، فيمكن أن تُتيح الجمعية منصة متخصصة لتقديم الاستشارات للقطاعين العام والخاص في مجالات توظيف الذّكاء الاصطناعيّ، وتساعد المؤسسات على تصميم حلول ذكية تتناسب مع طبيعة أعمالها، بما يُسهم في رفع الكفاءة التشغيلية وتقليل التكاليف وتحسين جودة الخدمات.
تُشير تجارب عدد من الدول إلى أهمية إنشاء جمعيات وطنية تُعنى بالذّكاء الاصطناعيّ، لما لها من دور فاعل في دعم الابتكار وصناعة المستقبل. ففي الكويت، تأسست جمعية الذّكاء الاصطناعيّ للأشياء عام 2021، بهدف نشر ثقافة الذّكاء الاصطناعيّ وتعزيز التمكين الرقمي بما يتماشى مع رؤية الكويت 2035، وذلك من خلال برامج تدريبية وجهود توعوية ومشاريع بحثية. وتركز الجمعية على تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ وإنترنت الأشياء والأمن السيبراني. أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فتُعد جمعية النهوض بالذّكاء الاصطناعيّ (AAAI)، التي تأسست عام 1979 من أبرز الجهات العالمية في هذا المجال. وقد أسهمت في تطوير الأبحاث وبلورة السياسات وتنظيم المؤتمرات والتعامل مع القضايا الأخلاقية والاجتماعية للذّكاء الاصطناعيّ، من خلال مُبادرات متخصصة تجمع الباحثين والممارسين وتقدم دراسات أصبحت مرجعًا لصنّاع القرار. وفي الصين، تم تأسيس الجمعية الصينية للذّكاء الاصطناعيّ (CAAI) عام 1981، كأول جمعية وطنية من نوعها تحت إشراف وزارة العلوم والتكنولوجيا.
وتضطلع الجمعية بدور محوري في دعم البحث العلمي والتعليم وتعزيز الشراكة بين القطاعين الأكاديمي والصناعي. ومن أبرز أنشطتها: تنظيم المؤتمرات، وإصدار المجلات العلمية وتقديم الاستشارات الفنية للقطاع العام، بالإضافة إلى تنظيم المؤتمر السنوي الصيني للذّكاء الاصطناعيّ (CCAI)، الذي يُعد منصةً عالمية تجمع الباحثين والخبراء والمبتكرين من مختلف أنحاء العالم. يهدف المؤتمر إلى عرض أحدث ما توصلت إليه الأبحاث والتقنيات وتشجيع التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والصناعية والحكومية، إلى جانب مناقشة تحديات التقنيات الذكية مثل التعلم العميق والروبوتات وغيرها. ويأتي تنظيم هذا المؤتمر انسجامًا مع استراتيجية الصين الطموحة لتصبح رائدة عالميًا في مجال الذّكاء الاصطناعيّ بحلول عام 2030.
وتُشكل هذه التجارب الدولية نماذج مُلهمة يُمكن الاستفادة منها، حيث إنّ وجود جمعية متخصصة في الذّكاء الاصطناعيّ من شأنه أن يُعزز مكانة سلطنة عُمان في التقارير العالمية المعنية بالجاهزية الرقمية والابتكار والذّكاء الاصطناعيّ، كما يفتح آفاقًا واسعة للتعاون الدولي وتبادل الخبرات، بما يرسّخ حضور سلطنة عُمان كمركز معرفي واعد في المنطقة.
وعليه، فإن إنشاء جمعية تُعنى بالذّكاء الاصطناعيّ يُعد استثمارًا استراتيجيًا لمستقبل سلطنة عُمان، وركيزة أساسية لبناء مجتمع معرفي مبدع ومبتكر ومتفاعل، يستند إلى العلم والمعرفة والتقنيات الحديثة. ومن شأن هذه الجمعية أن تكون جسرًا نحو المستقبل، يربط بين الحاضر وتطلعات الغد، ويوحّد جهود الأفراد والمؤسسات نحو تنمية شاملة ومستدامة، تُسهم في رفع جودة الحياة وتعزيز الاقتصاد الوطني وتمكين الأجيال القادمة من أدوات المستقبل.