فريق الإنقاذ الإماراتي ينقذ عدد 166 من ضحايا دانيال .
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
أعلن فريق الإنقاذ الإماراتي في مدينة درنة ، أن مجموع ما تم إنقاذه 166 من ضحايا إعصار دانيال الذي ضرب مدن الشرق الليبي . ونشر فريق الإنقاذ عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لعمل الفريق خلال وانتشال الضحايا خلال عمله في ليبيا . يذكر أن الإمارات كانت قد قدمت العديد من المساعدات الإغاثية والإنسانية للمدن المتضررة من الاعصار عبر جسر جوي امتد لأيام.
المصدر: أخبار ليبيا 24
إقرأ أيضاً:
من أهداف حرب السودان … قتل ثورته
د. الشفيع خضر سعيد
رغم الظرف الخاص غير المواتي، نتناول سؤالا صعبا آخرا وهو: كيف نحافظ على جذوة الثورة متقدة رغم الحرب، ورغم أن الغدر والخيانة لازما الثورة منذ لحظة الإطاحة برأس نظام الإنقاذ في أبريل/نيسان 2019؟
فمنذ تلك اللحظة، ظل ساعد الغدر ومخلب الخيانة يشتدان ويقويان وهما يتغذيان على حقيقة أن انتصار الثورة ظل جزئيا وغير مكتمل عندما توقف عند الإطاحة بالغطاء السياسي للنظام السابق، نظام تحالف الاستبداد والفساد، دون أن يمس جسده الذي ظل باقيا ينخر في عظام الثورة وينسج خيوط غطاء سياسي بديل، لينقض ويحكم من جديد بقوة الدم المسفوح. وكنا دائما على يقين تام بأن جسد نظام الإنقاذ الفاسد سيفعل كل شيء من أجل استرداد سلطته وغطائه السياسي حتى وإن دفع بالبلاد إلى المحرقة وشلالات الدماء وأوسعها تفتيتا وتقسيما. فمن الصعب على ذلك الجسد الفاسد أن يفرط في الثروات الضخمة التي راكمها خلال عقود الإنقاذ الثلاثة. وهي ثروات لم تُجنى بكدح عرق الجبين أو بتدوير رأسمال متوارث، وإنما باستغلال يد السلطة في نهب موارد البلاد وسرقة أحلام مستقبل شبابها. وهذه الثروات التي لم تُمس بعد الإطاحة بالبشير، جرى استخدامها في التحضير الجدي للانقضاض على الثورة، بالاستفادة من حقيقة أن الجرائم البشعة التي ارتكبت خلال حكم الإنقاذ ثم إبان حراك الثورة، ظلت دون مساءلة أو عقاب بينما مرتكبوها لا يزالون في مواقع السلطة، ومن حقيقة وجود قوة مسلحة ضمن هياكل السلطة الجديدة تدين بالولاء لتحالف الفساد والاستبداد ولا تعنيها الثورة في شيء، وعقيدتها القتالية الانتقام من الشعب ومن ثورته، ومن حقيقة اشتداد حدة استقطابات المحاور الخارجية وحربها بالوكالة على أرض السودان، حيث واصل بعضها تمتين علاقاته مع مجموعات واسعة تتشارك الرؤى وعموميات الفكرة، بهدف خلق غطاء سياسي جديد يعمل على الاستفادة القصوى من جسد تحالف الفساد والاستبداد الذي لا يزال متمكنا في مفاصل الدولة، تمهيدا للانقضاض على الثورة، بينما على الجانب الآخر اجتهدت محاور مضادة للانتصار لمصالحها، معلنة انحيازها للثورة، لكنها استخدمت تكتيكات أضرت كثيرا بالثورة. ومنذ أيامها الأولى، جرت عدة محاولات للانقضاض على الثورة منها مذبحة فض الاعتصام يونيو/حزيران 2019، انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ولكن أكبرها وأشدها إثما وجرما الحرب المدمرة والمندلعة منذ 15 أبريل/نيسان 2023.
في 2018 و 2019، خرج شباب السودان إلى ساحات التغيير حتى لا يرهنوا حاضرهم ومستقبلهم لخيارات الاستكانة أو البحث عن المنافي أو ضياع المخدرات، معلنين أن ثورتهم ليست مجرد انتفاضة جياع، ولا ترتبط بأهداف سياسية بحتة وآنية وليست انتصارا لهذا الحزب أو ذاك القائد، وليست تعصبا لهذه الأيديولوجية أو تلك الفكرة، وقطعا ليست طمعا في كراسي الحكم أو وظيفة ما، رغم أن جلّهم بدون عمل أو وظيفة. كان الصوت المجلجل أنها ثورة جيل بأكمله، هبّ ليحطم جدارا شيدته الإنقاذ يسد أمامهم الأفق والأمل في المستقبل. كانوا يدركون أن من الصعب تحقيق أهداف الثورة الرئيسية بضربة لازب، وإنما الأمر سيتطلب فترة، قد تكون طويلة نسبيا، وربما سنحتاج إلى ثورات فرعية أخرى حتى تتحقق الأهداف. وهذا ليس أمرا غريبا، فثورة السودان، مثلها مثل كل الثورات الأخرى في التاريخ، قد تحتاج للمرور بعدة مراحل قبل أن تكشف عن كل إمكانياتها وتتبلور في نهاية الأمر بوصفها تكويناً جديداً جذرياً. وفي الحقيقة، فإن ثورة السودان دشنت مرورها بهذه المراحل بدءا بثورة أكتوبر/تشرين الأول 1964، ثم انتفاضة أبريل/نيسان 1985، فاندلاع ثورة ديسمبر/كانون الأول 2019. صحيح، أن استقرار وتحقيق أهداف تلك الثورات الأخرى في التاريخ، تطلب فترات طويلة جدا، مثلما كان الأمر في فرنسا بعد اندلاع ثورتها العظمى 1789، وبريطانيا في اعقاب ثورة كرومل 1649، وألمانيا بعد ثورة 1818. بل، ومثلما هو الأمر في السودان نفسه من حيث طول الفترة بين ثورتي أكتوبر/تشرين الأول 1964م، وثوره ديسمبر/كانون الأول 2018، والتي بلغت 54 عاما. لكن، تلك الثورات، بما فيها ثورات السودان، كانت في ظروف مغايرة تختلف كليا عن واقع اليوم، من حيث قلة إو انعدام التجارب السابقة بالنسبة لتلك الثورات، ومن حيث المهارات والقدرات المكتسبة عند قوى الثورة اليوم مقارنة بقوى الأمس، ومن حيث دور الثورة الرقمية والتكنولوجية الحديثة في تفجير الثورات وتقصير الفترات بين مراحلها، ومن حيث آثار العولمة ودور الظروف الإقليمية والدولية في عالم جديد…الخ. كل ذلك سيقلل، إلى حد كبير، طول الفترة بين المراحل المختلفة للثورة، شريطة العمل بشتى الوسائل، ودون كلل أو ملل، على أن تستمر جذوة الثورة متقدة، لا تهمد أبدا، وتتغذى يوميا بالوقود الكاف المتمثل في تسخير إمكانات وإبدعات الشباب في اجتراح الوسائل والأدوات المتجددة يوميا، والحذر من الفخاخ المنصوبة تجاه الثورة لكي تنطفئ شعلتها أو تضعف شحنتها أو تبرد نارها. ولعل أكبر الفخاخ المنصوبة اليوم لابتلاع ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 هو هذه الحرب الآثمة.
في الذكرى السادسة لثورة السودان نقول، لا شيء يهزم الغدر والخيانة، غير إرادة جماهيرية قوية تتلمس طريقها عبر حراك متماسك تنتظم فيه القوى المدنية والسياسية قيادة وقواعد، بعيدا عن توافه الأمور ومناصبة العداء مع رفاق الخندق الواحد، حراك يخطط ويعبئ وينفذ وفق رؤية متوافق عليها، وننشط خلاله ذاكرتنا المتصلة ونقويها، حتى لا تترك شاردة ولا واردة إلا وتضعها في الحسبان، من أجل التركيز على أولوية الأولويات، وقف الحرب والتي نعلم جميعا أن على رأس أهدافها تدجين الشارع وإصابة حراكه بالشلل، تمهيدا لحرق ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، وعودة تحالف الفساد والاستبداد مرة أخرى إلى سدة الحكم، إما عبر عصابات الموت وكتم أنفاس الشعب، أو عبر عملية سياسية يتم التلاعب بها وبأطرافها.
نقلا عن القدس العربي