بطول 900 كيلومتر، يمتد خط أنابيب العراق - تركيا النفطي، من كركوك شمالي البلاد مرورا ببلدة فيش خابور الحدودية التابعة لإقليم كردستان، إلى ميناء جيهان التركي (جنوب) على البحر المتوسط.

وبعد توقف دام لأكثر من سبعة أشهر، يستأنف تشغيل خط أنابيب النفط العراقي خلال هذا الأسبوع، بحسب ما أعلنت تركيا الإثنين.

وكشف وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، أن تشغيل خط الأنابيب العراقي، "سيكون قادرا على نقل حوالي نصف مليون برميل نحو الأسواق العالمية".

خط النفط العراقي التركي

ويمتلك العراق وهو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة "أوبك" بعد السعودية، خامس أكبر احتياطيات نفط مؤكدة في العالم، تبلغ 145 مليار برميل، وتمثل 17 في المئة من الاحتياطيات الموجودة في الشرق الأوسط، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية "EIA".

وتم تطوير خط أنابيب العراق-تركيا ليساعد البلاد على تصدير أكثر من مليون برميل من النفط الخام يوميا إلى منطقة المتوسط عبر ميناء جيهان التركي.

ووقع الجانبان اتفاقية تشغيل الخط في عام 1973، وأدخلا عليها تحديثات في أعوام 1976 و1985 وصولا إلى 2010، العام الذي تم فيه تمديد العمل بالاتفاقية.

وتنص الاتفاقية الموقعة أن الحكومة التركية "يجب أن تمتثل لتعليمات الجانب العراقي فيما يتعلق بحركة النفط الخام القادم من العراق في كافة مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية".

سنوات من الخلافات

وبدأت التوترات بين أنقرة وبغداد حول الموضوع، نتيجة خلافات بين كردستان والحكومة الاتحادية حول تدبير ملف الثروات الطبيعية، خاصة بعد عام 2007، عندما أصدر الإقليم قانون النفط والغاز، والذي تلاه تأسيس عدة شركات لاستكشاف وإنتاج وتكرير وتسويق النفط.

وخلال السنوات التالية، أبرم إقليم كردستان العراق مجموعة من العقود مع شركات أجنبية للتنقيب واستخراج النفط، من دون موافقة الحكومة الاتحادية، وهو ما تعتبره بغداد حقا لها بموجب الدستور.

ومنذ أوائل عام 2014، سمحت أنقرة لحكومة إقليم كردستان العراق بتصدير النفط بشكلٍ مستقل عن وزارة النفط الفدرالية، من خلال ربط خطوط الأنابيب الكردية بالخط القادم من كركوك في بلدة فيش خابور.

ومكنت الخطوة حكومة كردستان العراق من بيع نفطه مباشرة إلى السوق والاحتفاظ بالإيرادات، في خطوة اعتبرتها بغداد غير قانونية، في حين الأكراد يعتبرونها تعويضا عن الرواتب المستقطَعة. بحسب ورقة تحليلية للزميل في معهد واشنطن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مايكس نيتس.

ورغم الخلاف على هذا النفط، إلا أن جاذبيته كانت كبيرة للمستوردين في المنطقة خاصة، وأن أربيل كانت تبيعه بخصم يتراوح بين 15-18 دولار بحسب بيانات 2022، وفقا للتحليل.

وأشار المصدر ذاته إلى أنه رغم خسائر الإقليم في العائدات بسبب نسب الخصم إلا أنها "لم تذعن لبغداد"، وهو ما أثل كاهل الموارد المالية لكردستان بديون بمليارات الدولارات.

كما اتفق سابقا على أن يسلم إقليم كردستان 250 ألف برميل من النفط في اليوم ليتم تصديرها من بغداد، مقابل حصة من الموازنة العامة تدفع كرواتب للموظفين الحكوميين ونفقات أخرى.

لكن أربيل لم تسلم النفط قط، والمدفوعات من بغداد لم تكن منتظمة، بحسب تحليل أيضا. 

وفي مايو 2014، دفع هذا الخلاف "شركة تسويق النفط" العراقية إلى رفع دعوى تحكيم لدى "غرفة التجارة الدولية"، نيابة عن وزارة النفط. 

واعتبرت بغداد أن تركيا خرقت اتفاقية خط الأنابيب الموقعة، باستيرادها النفط من كردستان العراق من دون إذن الدولة العراقية. 

وفي مارس الماضي، قضت غرفة التجارة الدولية بأن على تركيا أن تدفع لبغداد تعويضا قدره 1.5 مليار دولار، مستندة على شرط في اتفاقية عام 1973 يقضي بأن تركيا لن تشتري النفط إلا عن طريق شركة تسويق النفط العراقية الحكومية، بحسب "فورين بوليسي".

الأزمة بين بغداد وأربيل.. أصل المشكلة التي تهدد إقليم كردستان العراق لا يكاد يمر عاما في العراق، إلا ويبرز فيه خلاف بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل، ومعظمها تتمحور حول نقطة واحدة هي "الأموال". تبعات القرار

ومنذ ذلك الحين، أوقفت تركيا عبور حوالي 350 ألف برميل يوميا من النفط الخام من إقليم كردستان وحقول كركوك عبر خط الأنابيب الذي يصل إلى الأسواق العالمية عبر ميناء جيهان التركي، بعد أن أمر حكم في قضية تحكيم صادر عن غرفة التجارة الدولية أنقرة بدفع تعويضات لبغداد عن الصادرات غير المصرح بها من قبل حكومة إقليم كردستان العراق بين عامي 2014 و2018.

وبدأت تركيا بعد ذلك أعمال الصيانة في خط الأنابيب الذي يصل طوله إلى أكثر من 900 كيلومتر ويمر عبر منطقة نشطة زلزاليا، بعد أن قالت إنه تضرر من الزلزال الذي ضرب البلاد في شهر فبراير.

وقبل توقف عملياته، كان خط الأنابيب ينقل حوالي 80 ألف برميل يومياً من صادرات النفط الخام من محافظة كركوك وحوالي 390 ألف برميل يوميا من الصادرات من كردستان العراق، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، وفقا لموقع "إنتلجنس إنيرجي".

وكلف إيقاف تركيا لعملية النقل كلا من بغداد وأربيل نحو 5 مليارات دولار من إجمالي إيراداتهما عبر هذا الخط، إلى حدود أواخر أغسطس الماضي، فيما تراوحت خسائر أنقرة بين 2 و3 ملايين دولار يوميا من رسوم عبور النفط على أراضيها، وفقا لأرقام معهد الشرق الأوسط.

ورغم أنها لا تشكل سوى 0.5 في المئة من الإمدادات العالمية، تسبب توقف صادرات الخام عبر أنبوب كركوك ـ جيهان، في زيادة أسعار النفط ليعود إلى مستويات 80 دولارا للبرميل، في شهر مارس.

وفي ختام ذلك، وقعت الحكومة الاتحادية العراقية وإقليم كردستان المتمتعة بالحكم الذاتي اتفاقهما النفطي المؤقت في أبريل، تقضي بأن تتولى بغداد عملية الإشراف الكامل على تصدير النفط من حقول الإقليم.

وفي شهر مايو الماضي، طلبت وزارة النفط العراقية من شركات النفط والغاز العاملة في إقليم كردستان توقيع عقود جديدة مع شركة التسويق المملوكة للدولة (سومو) بدلا من حكومة الإقليم.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: إقلیم کردستان العراق الحکومة الاتحادیة النفط العراقی خط الأنابیب النفط الخام ألف برمیل

إقرأ أيضاً:

تحليل.. السفيرة الأمريكية ستلعب دور الوساطة في كردستان

بغداد اليوم - بغداد

أكد المحلل السياسي كاظم ياور، اليوم الأربعاء (6 تشرين الثاني 2024)، ان زيارة السفيرة الأمريكية الى أربيل ولقاءاتها مع الأطراف الكردية وزعامات الأحزاب لغرض الوساطة وتقريب وجهات النظر.

وقال ياور في حديث لـ "بغداد اليوم" إن "الزيارة تأتي ضمن اهتمام الولايات المتحدة قبيل الانتخابات الرئاسية هناك، ولغرض حث الأطراف الكردية على الاتفاق بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات".

وأضاف أن "اللقاءات تهدف لتقريب وجهات النظر وإصلاح المشاكل بين الأحزاب الكردية وبين الديمقراطي والأطراف العراقية".

وأشار إلى أن "الولايات المتحدة ستلعب دور الوساطة بين الأطراف الكردية لحل عقدة تشكيل الحكومة".

وأجرت السفيرة الأمريكية ألينا رومانوسكي يوم الاثنين (4 تشرين الثاني 2024)، سلسلة لقاءات متتالية في أربيل مع رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.

وذكر المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الإقليم في بيان تلقته "بغداد اليوم"، أن "المباحثات تمحورت حول الإجراءات والتحضيرات المتعلقة بتشكيل الكابينة الوزارية الجديدة لحكومة إقليم كردستان".

وأضاف البيان ان "الجانبين اتفقا على أهمية التفاهم بين الأطراف السياسية للإسراع في الحكومة الجديدة، بما يمكنها من مواصلة عملها وتنفيذ مشاريعها الخدمية التي تلبي احتياجات عموم مواطني ومكونات إقليم كردستان".

وأوضح البيان أن "رئيس الحكومة شدد على ضرورة أن يستند تشكيل الحكومة على أصوات الأطراف السياسية المشاركة واستحقاقها الانتخابي، وأن تكون حكومة شاملة وقوية وموحدة".

من جهته استقبل رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، في مصيف صلاح الدين، السفيرة الأمريكية إلينا رومانوسكي، بحضور، القنصل العام الأمريكي في أربيل ستيف بيتنر.

وذكر المكتب الإعلامي، لبارزاني في بيان تلقته "بغداد اليوم"، أن "اللقاء بحث خطوات تشكيل الحكومة الجديدة في الإقليم والمفاوضات بين الأطراف السياسية، حيث أشار الرئيس بارزاني إلى أن الديمقراطي الكردستاني شكّل فريقاً للتفاوض مع الأطراف الأخرى حول تشكيل الحكومة المقبلة وتحديد أجندتها، وأكد على أن الحزب ليس لديه "فيتو" على أي جهة".

وكان الأكاديمي الكردي في جامعة السليمانية حكيم عبد الكريم، أكد الإثنين (4 تشرين الثاني 2024)، أن أحداث المنطقة المتسارعة تتطلب تشكيل حكومة سريعة داخل إقليم كردستان.

وقال عبد الكريم في حديث لـ "بغداد اليوم" إن "هنالك خيارين لتشكيل الحكومة، أما أن يكون تشكيل الحكومة من قبل الديمقراطي والاتحاد الوطني، وهذا الخيار سيكون سهلا إذا ما اتفقوا".

وأضاف أن "الصعوبة في هذا السيناريو هو كيفية توزيع المناصب بين الحزبين، ونعتقد بأن الاتحاد الوطني يريد استلام منصب رئاسة الإقليم".

وأشار إلى أن "السيناريو الثاني هو تحالف بين الحزب الديمقراطي وحراك الجيل الجديد لتشكيل الأغلبية واستبعاد الاتحاد الوطني وهذا الخيار ضعيف ولا يمكن تطبيقه على الأرض لأسباب مختلفة".


مقالات مشابهة

  • رشيد يدعو تركيا إلى اعتماد الحوار أساساً لحسم الملفات العالقة بين البلدين
  • رغم ارتفاعه عالميا.. النفط العراقي يعود للمنطقة الحمراء
  • بغداد تهنئ ترامب رغم إصدار القضاء العراقي مذكرة للقبض عليه
  • تحليل.. السفيرة الأمريكية ستلعب دور الوساطة في كردستان
  • وزير الدفاع يبحث مع نظيره القطري معالجة جرحى الجيش العراقي
  • أسعار النفط العراقي تحافظ على استقرارها وخامي برنت وتكساس إلى انخفاض
  • الكهرباء تباع.. الظلام يخيّم على كردستان.. من المسؤول ؟
  • تركيا تعلن تحييد 3 عناصر من العماليين بغارة جوية في إقليم كوردستان
  • النفط العراقي يرتفع قليلا بالتزامن مع ارتفاع خامي برنت وتكساس
  • استقلال كردستان في مواجهة عواصف السياسة النفطية العراقية