سيول بجنوب ليبيا وقلق أممي من مبادرات إعادة إعمار المناطق المتضررة
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
شهدت مدينة أوباري جنوبي ليبيا سيولا بسبب الأمطار التي تهاطلت أمس الأحد، وهو ما أدى إلى تضرر منازل وتعليق الدراسة في بعض المناطق، فيما أبدى المبعوث الأممي عبد الله باتيلي قلقه إزاء ما قال إنه "ظهور مبادرات أحادية ومتضاربة بشأن إعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة من الفيضانات".
وأكد مركز طب الطوارئ والدعم الحكومي في ليبيا أن فرقه الطبية والإغاثية مستمرة في أداء مهامها الإنسانية في كل المدن والمناطق التي تضررت من الفيضانات شرقي البلاد.
وقد أعلنت الشركة العامة للمياه والصرف الصحي أنها تعمل على تقييم الأضرار للبدء في أعمال الصيانة والتجديد في المناطق المتضررة.
وأشارت إلى استمرار توزيع صهاريج مياه الشرب لاستعمالها بدلا من مياه الآبار الجوفية التي تضررت بسبب الفيضانات.
وقالت بلدية أوباري جنوب غربي ليبيا إن عددا من المنازل جنوبي البلدة تضررت بسبب السيول التي ضربتها إثر هطول أمطار غزيرة ليلة أمس الأحد.
وأفادت السلطات المحلية بإصابة شخص إثر تهدم منزله، وأشارت إلى أن عملية تقييم الأضرار لا تزال مستمرة، في حين أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ عن انهيار 4 منازل نتيجة سقوط الأمطار الغزيرة في مدينة أوباري.
وقال عميد بلدية أوباري أحمد ماتكو اليوم الاثنين إن الأمطار الغزيرة التي هطلت مساء أمس الأحد على المدينة تسببت بخسائر مادية، وإنه تم تعليق الدراسة في بعض المناطق المتضررة.
مبادرات أحادية
وفي تصريح للأناضول، أفاد ماتكو بأن مدينة أوباري شهدت مساء الأحد أمطار غزيرة تسببت بانهيار عدد من المنازل في منطقة المشروع، دون حصر عددها.
وأضاف أن منزلا سقط على أصحابه في منطقة المشروع وتم إسعاف العائلة المتضررة ونقل رب البيت إلى مدينة سبها (جنوب) لتلقي العلاج نظرا لوضعه الحرج، فيما تم إسعاف بقية أفراد الأسرة في المكان.
وقال إنه "تم تعليق الدراسة في بعض المناطق المتضررة"، دون تحديد تاريخ لاستئنافها.
ويبلغ عدد سكان منطقة المشروع (تسمى حي تيلاقين وأغلب سكانه من الطوارق) 10 آلاف نسمة، وهي أكثر المناطق تضررا نتيجة الأمطار، وذلك لأن أغلب المنازل فيها مبنية من الطوب، إضافة إلى تضرر منازل في حي التبو (غربي أوباري) وفق المسؤول الليبي.
ولفت ماتكو إلى أن الكهرباء مقطوعة في المدينة بشكل كامل منذ أمس، ويرجع ذلك لتضرر بعض المحطات الموجودة فيها.
وأوضح أن "المدينة لا يمكن لها الصمود أمام الكوارث الطبيعية نظرا لانعدام الإمكانيات، وأن البلدية شكلت لجانا عدة للطوارئ".
وأضاف أنهم "على تواصل مباشر مع حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس والحكومة الليبية ببنغازي (المكلفة من مجلس النواب)، وتم إبلاغهما بالخسائر المسجلة حتى الآن".
وفي سياق مواز، أعرب المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي عن قلقه إزاء ما قال إنه "ظهور مبادرات أحادية ومتضاربة بشأن إعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة من الفيضانات".
وقال باتيلي في بيان إن من شأن هذه الجهود الأحادية أن تعطي نتائج عكسية، وتعمق الانقسامات القائمة وتعرقل جهود إعادة الإعمار.
وشدد باتيلي على أن تمضي عملية إعادة إعمار المناطق المتضررة من الفيضانات على نحو سريع استنادا إلى تقييم موثوق ومستقل وموضوعي للأضرار والاحتياجات، وإلى تقديرات مهنية للتكلفة، مع ضمان شفافية عمليات التعاقد والصفقات.
كما أكد أن عاصفة دانيال هي تذكير بضرورة تسريع المفاوضات بشأن كسر الجمود السياسي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المناطق المتضررة من الفیضانات إعادة إعمار
إقرأ أيضاً:
أسرار «اللون الأحمر» في خريطة غزة
خريطة قطاع غزة التي عممها الجيش الإسرائيلي، قبل ساعتين، عبر متحدثه «أفيخاي أدرعي»، ليست مجرد «وثيقة إخلاء»، بل هي أكبر من هذا بكثير. تظليل المناطق المتاخمة لـ«غلاف غزة» باللون الأحمر يكشف عن معالم استراتيجية عسكرية-سياسية تستهدف إعادة رسم الخريطة الميدانية والديموغرافية في القطاع، ما ستترتب عليه تداعيات قد تستمر عقودًا قادمة.
إسرائيل، لا تسعى فقط لإدارة العمليات الميدانية، بل إلى تثبيت وقائع جديدة على الأرض، فهي تحاول تشكيل القطاع أمنيًا وسكانيًا، وهو ما يظهر من خلال القراءة الاستراتيجية لخريطة المناطق المطلوب إخلاؤها في شمال القطاع، خصوصًا بيت حانون ومحيطها، وجنوب شرق القطاع، تحديدًا: خربة خزاعة وعبسان.
الأهداف الإسرائيلية الميدانية، وفق الخريطة الجديدة، ليست مصادفة، فهذه المناطق شهدت مواجهات مستمرة مع الفصائل الفلسطينية، خلال الشهور الماضية، وبالتالي، فإن تسعى إسرائيل إلى إعادة تشكيل واقع السيطرة على الأرض، والإخلاء هنا ليس مجرد إجراء ميداني لحماية المدنيين، بل خطة لإعادة هندسة الخريطة الديموغرافية.
إسرائيل تحاول إعادة توزيع السكان في مناطق يسهل التحكم بها عسكريًا، بينما تسعى لتفريغ المناطق الحدودية التي تعتبرها مصدر قلق أمني. الحدود كانت دائمًا خط تماس ملتهب بالنسبة لإسرائيل، ومخطط تفريغها لا يهدف فقط إلى تهدئة الأوضاع، أو إخلاء السكان من مناطق التوتر، بل إلى خلق واقع أمني جديد، يمنحها قدرة أكبر على السيطرة الميدانية.
الضغط على المدنيين للنزوح إلى مناطق محددة داخليًا، يفتح المجال أمام الجيش الإسرائيلي للتحرك بحرية أكبر في المناطق الحدودية، وهذا التفريغ قد يمهد لتحويل هذه المناطق إلى «مناطق عمليات» أو «مناطق عازلة»، ما يعني تغييرًا كبيرًا في الواقع الديموغرافي للقطاع، خاصة مع توجيه الجيش الإسرائيلي للسكان إلى غرب مدينة غزة ومدينة خانيونس.
إذا نجحت إسرائيل في تفريغ هذه المناطق، قد تلجأ إلى فرض مناطق عازلة بعمق يتراوح بين كيلومتر واحد إلى ثلاثة على الحدود مع القطاع. هذا السيناريو ليس جديدًا، فقد حاولت إسرائيل سابقًا إقامة منطقة أمنية عازلة لتحييد خطر الأنفاق والصواريخ قصيرة المدى، لكن أخطر الأهداف المسكوت عنها، من وجهة نظري، هو محاولة عزل الفصائل الفلسطينية المسلحة عن الحاضنة الشعبية.
إذا نجحت إسرائيل في تفريغ هذه المناطق، فإن قدرة المقاومة على الحركة ستتراجع، وستفقد العمق السكاني الذي يوفر لها الغطاء. وهنا، نحن أمام معادلة إسرائيلية واضحة تحاول تنفيذها على الأرض: «تفريغ الأرض لإضعاف المقاومة». على المدى القريب، التصعيد في المناطق المفرغة يبدو محتملًا، كون إسرائيل قد تستغل هذه المناطق لضرب الأنفاق وتدمير البنية العسكرية للفصائل، وإذا وسّعت نطاق الإخلاء، فقد يكون ذلك تمهيدًا لتوغل بري أوسع.
على المدى المتوسط، فإن إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود سيضعف قدرة المقاومة على التحرك. إسرائيل جربت هذا السيناريو من قبل، وتسعى الآن لإعادة فرضه، بهدف تحييد خطر الأنفاق والصواريخ قصيرة المدى، غير أن الجديد هنا هو أن الإخلاء هذه المرة يأتي في إطار عمليات عسكرية شاملة، ما يعني أن المناطق الفارغة قد تتحول إلى قواعد عمليات دائمة، وليس مجرد خطوط دفاعية.
على المدى البعيد، فإن استمرار سياسة التهجير بهذا الشكل قد يعيد إلى الأذهان مشهد «نكبة 1948»، لكن على نطاق أصغر. تهجير السكان من المناطق الحدودية وتدمير البنية التحتية قد يخلق واقعًا جديدًا يعزز من السيطرة الإسرائيلية. ما يحدث ليس فقط إعادة تموضع عسكري، بل محاولة لتفريغ غزة من محيطها الأمني، وتحويلها إلى مناطق نفوذ إسرائيلي مباشر، تفقد المقاومة عمقها الاستراتيجي.
العدوان الإسرائيلي الجديد لم يكن وليد لحظة. الحكومة اليمينية، بقيادة بنيامين نتنياهو، اتخذت قرار العودة للحرب خلال مشاورات أمنية مطلع الاسبوع الجاري. رئيس الأركان الجديد، إيال زامير، يحاول الإعلان عن نفسه ميدانيًا، بعدما عرض خطط العمليات، وتمت المصادقة عليها في الجلسة نفسها.
الأهم أن الإدارة الأمريكية كانت على علم مُسبق بموعد التنفيذ. إذن، المسألة ليست مجرد تصعيد تكتيكي، بل خطوة محسوبة ضمن استراتيجية طويلة الأمد، وإدخال المقاتلات «F-35i» الأمريكية إلى العمليات يُشير إلى أن إسرائيل لا تُخطط لمعركة خاطفة، بل لتوسيع نطاق المواجهة وتوجيه ضربات دقيقة للبنية التحتية العسكرية للفصائل الفلسطينية. إسرائيل تراهن على تفوقها الجوي لتحييد قدرة المقاومة على المناورة.
أكثر من 400 ضحية حتى الآن. المعلومات الأولية تشير إلى أن من بينهم قيادات في الصف الأول - أعضاء في المكتب السياسي لحماس، ومسؤولين أمنيين، وقضاة - ما يوحي أن إسرائيل لا تسعى فقط إلى تدمير الأنفاق أو مخازن الأسلحة، بل إلى ضرب شبكة «القيادة والسيطرة» داخل حماس. التصعيد الإسرائيلي يأتي في ظل أزمة تفاوضية عميقة، فالمقاومة الفلسطينية رفضت عروض الوسطاء - بما فيهم المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف - لإطلاق سراح أسرى إسرائيليين. إسرائيل تُدرك أن استمرار الحرب سيُضعف موقف حماس التفاوضي، ويُجبرها على تقديم تنازلات في مرحلة لاحقة، كما أن العدوان الجديد سيرفع تكلفة أي تسوية مستقبلية.
ومعروف أنه حين تُعاد رسم الخريطة الميدانية تحت القصف، يصعب لاحقًا إعادة التوازن على طاولة المفاوضات، علما بأن الضغط على المدنيين لإعادة التمركز في مناطق معينة سيخلق أزمات إنسانية جديدة، فيما المناطق المفرغة قد تصبح ساحة لعمليات عسكرية مستمرة، ما يرفع من تكلفة المقاومة الفلسطينية في تلك المناطق.
بالتالي، مجرد النظر إلى خريطة الإخلاء لقطاع غزة التي عممها الجيش الإسرائيلي يظهر أنها ليست وثيقة عسكرية، بل استراتيجية دموية، واللون الأحمر، الذي يحدد المناطق المطلوب إخلاؤها، ليس «تحذيرًا ميدانيًا» بل إعلان واضح عن مرحلة جديدة من العدوان.
المشهد في غزة يتغير، والخريطة الجديدة لا تقتصر على الخطوط والنقاط الملونة، بل تعيد رسم الحياة اليومية للفلسطينيين، وسياسة الإخلاء بهذا الشكل تعني ترسيخ مناطق عازلة في قطاع غزة، وتغيير الخريطة السكانية، وفرض وقائع جديدة على الأرض.
اقرأ أيضاًعالم الزلازل الهولندي: الهجوم البري على غزة جريمة حرب وإسرائيل لم تكن على الخريطة عام 1947
تناقضات ومناورات إسرائيلية-أمريكية.. مَن يتحايل على «صفقة غزة»؟.. كيف يدير نتنياهو وأجهزتُه الأمنية اتفاقَ التهدئة وتبادل الأسرى؟
الاتحاد الأوروبي يرحب بتبني مجلس الأمن لقرار بشأن وقف إطلاق النار في غزة