جاكرتا- في ظل التوترات التي يشهدها بحر الصين الجنوبي، انطلقت الاثنين تدريبات تشارك فيها البحرية الفلبينية مع حلفائها جنوب جزيرة "لوزون"، لتعزيز سيادة البلاد البحرية على بحر غرب الفلبين، وفق إعلان مانيلا.

وتستمر التدريبات لأسبوعين، بمشاركة سفن فلبينية وأميركية وكندية ويابانية وبريطانية، ومئات من جنود هذه الدول، إلى جانب عدد أقل من فرنسا وأستراليا ونيوزلندا وإندونيسيا.

وحسب إعلاميين فلبينيين، يأتي هذا التدريب استكمالا لنحو 500 تدريب ومناورة منذ مطلع العام الجاري، بين الجيش الفلبيني وجيوش الحلفاء وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، وبمشاركة أقل مع اليابان وأستراليا. بينما شهد 2021 نحو 300 تدريب ومناورة، ويتوقع أن يشهد 2024 مزيدا من هذه التدريبات والمناورات، تمثل مشاركات الولايات المتحدة أكثرها، في منطقة آسيا والمحيط الهادي.

وتأتي التدريبات في وقت تحدّث فيه اتحاد الصيادين في منطقة زامباليس على الساحل الغربي للفليبين صباح الإثنين عن تزايد المضايقات من قبل خفر السواحل الصيني في صخور باناتاغ؛ وهي منطقة متنازع عليها بين الصين والفليبين، بحسب خرائط كل منهما، لكنها تظل أقرب إلى سواحل الفليبين.

ومنع خفر السواحل الصيني الصيادين الفليبينيين من الوصول إلى مصائد الأسماك في تلك المياه، بينما تتحرك سفن الصيد الصينية بحُرية على الجانب الآخر من تلك الصخور.

وكانت المحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي قد فندت مزاعم خارطة الصين التي تزعم فيها السيادة على تلك المياه وانتصرت المحكمة للفليبين باعتبارها ذات السواحل الأقرب.

ويعدّ بحر غرب الفلبين الجزء الشرقي من بحر جنوب الصين، وهو منطقة اقتصادية خالصة للفلبين كونها دولة أرخبيلية، تمتد سيادتها لنحو 200 ميل بحري من سواحل جزرها، حسب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في 1982.

ويتجه الموقف الفلبيني لمزيد من الحزم ويجذب معه دولا حليفة في مواجهة التمدد البحري للصين، التي تزعم أن هذا البحر كان تابعا لممالكها القديمة.


توسع غير مسبوق

وازدادت التدريبات الفلبينية الأميركية المشتركة مع حلفاء آخرين، بشكل غير مسبوق منذ 30 عاما، ويتوقع أن يتوثق التعاون الدفاعي الأميركي الفلبيني أكثر خلال الفترات القادمة.

في هذا السياق، تحدث قائد القيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي "الجنرال" روميو برونير، عن مناقشات مع نظرائه الفلبينيين بخصوص توسعة عدد القواعد العسكرية التي تصل إليها القوات الأميركية في الأرخبيل الفلبيني، الذي يمثل أهمية إستراتيجية في مواجهة التمدد الصيني، وذلك في إطار اتفاقية تعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين، حيث يحق لواشنطن الوصول إلى 9 قواعد فلبينية، بعضها يقع إلى الشمال والأقرب باتجاه تايوان.

وكان رئيس مجلس الشيوخ الفلبيني جوان ميغول زبيري، قد تحدث عن حاجة بلاده إلى دعم الحلفاء في مواجهة الصين، ليس عسكريا فقط، لكن اقتصاديا أيضا، مثمّنا موقف الولايات المتحدة الميداني، وفي المحافل الدولية دفاعا عن سيادة الفلبين، وكذلك موقف آخرين؛ مثل: أستراليا واليابان وفيتنام وكوريا الجنوبية ودول أوروبية.

كما تتفق الهند مع اليابان والولايات المتحدة في توحيد الأفق الإستراتيجي لهذه الدول بخصوص الحضور في المحيطين الهندي والهادي، وهو ما ظهرت بعض تجلياته في الحوار الذي نُظّم مؤخرا بشأن التعاون البحري الفلبيني الهندي، وكان من اللافت تجاوزه الأبعاد الأمنية والدفاعية إلى الاقتصاد الأزرق، والطاقة المتجددة والتنقيب عن الثروات الطبيعية.


موازنات أمنية واستخباراتية

تأتي هذه التدريبات بعد أيام قليلة من مناقشات مطولة شهدها مجلس النواب الفلبيني، حول التأزم في بحر غرب الفلبين وبحر جنوب الصين، حيث طالب قادة الأحزاب السياسية بتوجيه مخصصات مهمات سرية واستخباراتية لأربعة أجهزة حكومية، لها علاقة بما يدور في بحر جنوب الصين؛ وهي: خفر السواحل، ومجلس الأمن القومي،  والمجلس القومي للتنسيق الاستخباراتي، وكذلك إدارة مصايد الأسماك والموارد المائية.

وعبّر قادة الأحزاب بالفلبين عن عميق قلقهم من سلوكيات الصين في مياه المنطقة الاقتصادية الخالصة لبلادهم، مؤكدين أنها تمس حقوق الصيادين الفلبينيين، وتؤثر في أجواء السلم والتعاون الإقليمي.

من جانبه، قال رئيس مجلس الشيوخ الفلبيني، إن مجلسه سيثني على قرار مجلس النواب، وما اقترحه قادة الأحزاب السياسية، مضيفا إلى الأجهزة الحكومية الأربعة: أهمية دعم الجيش الفلبيني كذلك، مشيرا إلى أن جميع الموازنات السرية في الموازنة الوطنية، ستُراجع في هذا الإطار.


تعزيز قدرات خفر السواحل

على أرض الواقع، تزايد بشكل ملحوظ مؤخرا عدد المتقدمين للانضمام أو التطوع لقوات خفر السواحل، مع توقع تزايد عدد السفن والقوارب الخاصة بها، فمع نهاية 2022 انضم 22 ألف عنصر جديد إلى الخفر الساحلي، ويتوقع أن يصل العدد إلى 30 ألفا نهاية هذا العام.

كما تسلم خفر السواحل قبل نحو أسبوعين مجمعا تعليميا جديدا، لتدريب المنضمين إليه حديثا، تبرعت به الولايات المتحدة على أرض مساحتها 3900 متر مربع. يتزامن ذلك مع مراجعة الكونغرس الفلبيني لقانون حول تحديث خفر السواحل، بهدف تعزيز قدراته خلال العقود المقبلة.


معركة الخرائط والسيادة البحرية

ونشرت الصين خريطة تؤكد سيادتها التاريخية على بحر جنوب الصين، وتنازع السيادة مع تايوان وماليزيا والفلبين وبروناي دار السلام، وحتى بعض مياه إندونيسيا بصورة غير مباشرة.

في المقابل، ترفض الفلبين الخريطة الصينية، وتعمل على نشر خريطة جديدة تعكس سيادتها القانونية في البحار المحيطة بها كونها دولة أرخبيلية، مستندة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الصادر في 1982، ويعمل على إعداد تلك الخريطة فريق مختص بقضية بحر غرب الفلبين، وذلك بالتزامن مع قانون للحدود البحرية الفلبينية، يعمل عليه المشرّعون في الكونغرس الفلبيني.

ولأكثر من عقدين من المفاوضات بين دول آسيان والصين، لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن قواعد السلوك في بحر جنوب الصين، وما أُنجز طوال هذه السنين هو التوصل إلى مدونة بهذا الإطار.

وتركز المدونة المعنية على نقاط؛ أهمها: تسوية الخلافات الإقليمية والقانونية سلميا، مع تبادل المعلومات حول التدريبات المشتركة، والتعامل الإنساني والعادل، وكذلك الوصول إلى تسوية شاملة وطويلة الأمد، والعمل المشترك في مجالات البيئة والبحث العلمي والتواصل الملاحي وعمليات البحث والإنقاذ المشتركة.

وحقق هذا الاتفاق نوعا من الهدوء الإقليمي لحد كبير حتى الآن، لكن الأشهر الأخيرة عادت لتشهد توترا واضحا -في مياه غرب الفلبين تحديدا- متوازيا مع التوتر في مضيق تايوان.

ولأهداف بيئية علمية وقانونية، سيطلق مجلس الأمن القومي الفلبيني مشروع بحث بحري علمي في المناطق التي تضررت بسبب إبحار سفن خفر السواحل الصيني، حسب تسجيلات نشرها خفر السواحل الفلبيني مؤخرا، وكذلك بسبب إبحار ما يعرف فلبينيا بـ "قوارب الميليشيات البحرية الصينية"، وذلك للوقوف على الأضرار على البيئة البحرية والشعب المرجانية.

وفي الوقت ذاته تعتزم الفلبين تكثيف الدوريات البحرية، في حين يعمل على الجانب العلمي مركز العلوم البحرية في جامعة الفلبين، بهدف تحديث بيانات الوضع البيئي، ومن المتوقع  أن ترفع نتائج البحث العلمي إلى المحاكم الدولية، كون الإضرار بالبيئة في مياه المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة بحر جنوب الصین خفر السواحل

إقرأ أيضاً:

روبيو يحذر من خطر إغلاق الصين قناة بنما

قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أمس الخميس إنه "ليس لديه أدنى شك" في أن الصين لديها خطة طوارئ لإغلاق قناة بنما في حالة نشوب صراع مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن واشنطن تنوي معالجة ما تراه تهديداً للأمن القومي.

وقبل أيام قليلة من زيارته لأمريكا الوسطى في أول رحلة خارجية له في منصبه الجديد، ردد روبيو في مقابلة مع إذاعة سيريوس إكس إم بعض مخاوف الرئيس دونالد ترامب بشأن النفوذ الصيني على الممر المائي الاستراتيجي.

واتهم ترامب في خطاب تنصيبه يوم 20 يناير (كانون الثاني) بنما مجدداً بخرق الوعود التي قدمتها خلال النقل النهائي للقناة في عام 1999 والتنازل عن تشغيلها للصين - وهي ادعاءات نفتها الحكومة البنمية بشدة.

وتعهد في ذلك الوقت بأن تستعيد الولايات المتحدة القناة لكنه لم يذكر متى أو كيف.

وأشار روبيو إلى شركة مقرها هونغ كونغ تدير ميناءين عند مدخلي القناة على المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ باعتبار ذلك بمثابة خطر على الولايات المتحدة لأنها "يجب أن تفعل أي شيء تطلبه منها الحكومة الصينية.

وقال روبيو "وإذا طلبت منها الحكومة في الصين خلال أي صراع إغلاق قناة بنما، فسوف يتعين عليها فعل ذلك. وفي الواقع، ليس لدي أدنى شك في أن لديهم خطة طوارئ للقيام بذلك. وهذا تهديد مباشر".

ونفت الحكومة البنمية بشدة صحة ما تردد عن أنها تنازلت عن تشغيل القناة للصين، وتصر على أنها تدير القناة بشكل عادل لجميع الشحنات.

وفي وقت سابق أمس الخميس، استبعد الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو مناقشة السيطرة على القناة مع روبيو عندما يزور البلاد. وقال للصحافيين "القناة تابعة لبنما".

ورغم أن القناة ذاتها تديرها بنما، فإن الميناءين تديرهما شركة مدرجة في هونغ كونغ، في حين تدير شركات خاصة من الولايات المتحدة وسنغافورة وتايوان الموانئ الأخرى القريبة.

ولم يكرر روبيو تعهد ترامب باستعادة القناة، لكنه أصر على أن الولايات المتحدة تعتزم معالجة القضايا التي أثارها الرئيس، قائلاً إن الوضع الحالي "لا يمكن أن يستمر".

"The partially completed bridge gives China the ability to block the Panama canal without warning. And the ports give China ready observation posts to take to time that action. This situation, I believe, poses acute risks to US national security." pic.twitter.com/G9NAfHbQgN

— EpochTV (@EpochTV) January 30, 2025

وقال "استطيع أن أزعم أن القناة بالفعل في أحضان الصينيين"، معربا عن أمله في إمكانية حل القضية قريباً.

مقالات مشابهة

  • الصين والمكسيك وكندا ترد على رسوم ترامب الجمركية
  • الصين تتوعد بالرد على الرسوم الجمركية الأميركية
  • كندا تردّ على الرسوم الجمركية التي فرضتها عليها أميركا
  • أميركا تفرض رسوما جمركية على البضائع الكندية
  • بعد توليها الرئاسة.. هل تستطيع الصين تغيير معادلات القوة في مجلس الأمن؟
  • ما مستقبل الشراكة بين أميركا والجزائر بعد عودة ترامب؟
  • ليست مزحة.. وزير خارجية أميركا يعلّق على عرض ترامب لشراء غرينلاند
  • واشنطن قلقة من إغلاق الصين قناة بنما إذا نشب صراع
  • روبيو يحذر من خطر إغلاق الصين قناة بنما
  • وزير الخارجية الأميركي يبدأ جولة في أميركا الوسطى