"أدب" تجمع شمل عائلة حسن شهاب الدين الشعرية
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
بمناسبة مرور 25 عاماً على إصدار الديوان الأول للشاعر المصري القدير حسن شهاب الدين، احتفت مؤسسة "أدب" به وجمعت شمل عائلته الشعرية، التي تتكون من 11 ديواناً عبر إصدار أعماله الشعرية الكاملة.
حسن علي حسن شهاب الدين من مواليد القاهرة عام 1972، نشر شعره في المجلات والصحف في مصر والبلاد العربية، شارك في العديد من المؤتمرات والمهرجانات الشعرية المحلية والدولية، وكُتبتْ عن تجربته الكثير من الدراسات النقدية كما حصل على العديد من الجوائز الأدبية وشهادات التقدير، وله العديد من الدراسات الأدبية المنشورة في المجلات العربية، كما حظي شعره بالعديد من الترجمات إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية.
وقال شهاب الدين: "اشتملت (الأعمال الشعرية) الصادرة حديثا على 11 ديواناً هي كل ما صدر لي حتى الآن من أعمال باستثناء كتابين للأطفال هما "الجنة الصغيرة" و"الفراشة التي عبرت النهر" وكتابين للمختارات الشعرية وهما "أثري في المرآة" الذي صدر في بيروت و"أشجار هاربة من الغرفة" الصادر في إسطنبول".
وأضاف في تصريح لـ24: "الحقبة الزمنية التي كتبت فيها تلك المجموعات هي 25 عاماً وقد جاءت هذه الأعمال الشعرية احتفالا بمرور 25 عاماً على ديواني الأول" قائلا: "أن شكل القصيدة التي أكتبها ليس محدداً لدي، رغم القراءات والدراسات النقدية التي تناولت تجربتي والتي تعتبرني من المجددين في القصيدة البيتية إلا أنني ومنذ الديوان الأول لديَّ هاجس التمرد حتى داخل النص البيتي إذ يجد القارئ تجاور الأشكال وفتح الأقواس والعبور من بيت موزون إلى سطر شعري أو فضاء النثر الواسع كل هذا يحتمله نصي الشعري".
وقال: "لم أحذف شيئا من نصوصي بل على العكس ثمة نص كان قد سقط عن خطأ الناشر في أحد دواويني السابقة فأعدته إلى مكانه من الديوان".
وعن الكيفية التي ينظر فيها لديوانه الأول بعد مرور الزمن أوضح: "ديواني الأول (شرفة للغيم المتعب) ركيزة أساسية في بنائي الشعري وقد قوبل بترحيب نقدي واسع وفازت بعض نصوصه بجوائز هامة ونُشر بأكمله تقريباً في مجلات ودوريات كبرى وأنا أحب كثيراً ديواني الأول وأجد فيه بذور كثير من إنتاجي الشعري التالي - رغم تجاوزه - ولكنني أبداً لم أنظر إليه كعمل طفولي يسهل التخلص منه لأنه كان خلاصة تجربة الشباب الجامحة والقراءة العميقة وقد كُتب عن وعي وبجدية شديدة ولذلك طبع منه 4 طبعات بين القاهرة ودمشق".
وبالنسبة لأهم ما يميز تجربته الشعرية أضاف: "أعتقد أن أكثر ما يميزني هو أنني أصغي كثيراً لنفسي وأقرأ الآخرين في مرآتي فأنا أشعر أنني فقط من يخط الكلمات على الورق أما البسطاء والمهمشين والفقراء والأطفال هم من يكتبون نصي، لن أكرر هنا ما قيل في تجربتي من نقاد كبار حول أسلوبي الشعري وتجاوز صوري الشعرية المألوف وإقامة عالم من الأبجدية كل هذا يميزني بالطبع ولكن أن تكون أنت نصك هذا هو الأهم وأن يبدع معك الناس والشارع والأشجار والشرفات والأرصفة وأعمدة الإنارة والمقهى ووووو هذا هو حقاً ما يجب أن يفخر به الشاعر".
وعن أهم الفروقات التي قد يجدها بين إصداره الأول"شرفة للغيم المتعب" وديوانه الأحدث " بخفة قط في القصيدة" قال: "هو تغير نظرتي لكثير من تفاصيل الحياة نتيجة تراكم الخبرات كذلك يصعب على الشاعر بعد أن يكون ذا صوت مسموع أن يتجاهل أموراً كان من الممكن أن يتجاهلها قبل ذلك فمثلاً التجارب الذاتية تكون أكثر في المرحلة الأولى من إبداع الشاعر بعد ذلك يثقل تجربة الشاعر دوره الكبير الذي يقع على عاتقه وخاصة إذا كان القراء ينتظرون كل كلمة يقولها وتسارع دور النشر لطباعة أعماله لذا يشعر أن ثمة مسئولية كبرى عليه أن يتحملها نصه، كذلك أشعر أن الأسلوب يميل إلى الإحكام أكثر والألوان صارت أعمق بعد أن كانت ضربات الفرشاة قديماً أسرع وأكثر إبهاراً لأن ثقل العمل الآن صار هو المحك".
وعلى غلاف المجلد الثاني من أعماله الشعرية الكاملة كتب حسن شهاب الدين:
"إني أخاف الشعر
كل قصيدة
موت جديد
لا قيامة بعده
أحيا ولا أحيا
وفوق وريقتي
ضدان
يحذر كل ضد
ضده
أنا ذلك الميت / الوليد
ولم يعد يدري
أيحمل قبره
أم مهده ".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة
إقرأ أيضاً:
غزة… أهناك حياة قبل الموت؟ أنطولوجيا شعرية توثق صمود الروح
مراكش-
ما جدوى إعداد أنطولوجيا شعرية لشعراء غزة، بينما القطاع محاصر، وأهله يُقصَفون صباح مساء؟ ما معنى أن نطلب الشعر في زمن الحرب؟
هي كلمات الشاعر المغربي ياسين عدنان في مقدمة الكتاب الجديد الذي أعده رفقة الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي (غزة، أهناك حياة قبل الموت؟ أنطولوجيا شعرية)، تأتي لتهز شيئا من كيان من يحب الشعر ومن يعشق غزة في الوقت ذاته، أو لنقل من يتعاطف معها ويكره الحرب وهو جالس على أريكة يتابع شريط الأخبار العاجلة.
يقول الأديب والإعلامي ياسين عدنان للجزيرة نت: "تقدم هذه الأنطولوجيا شهادات حية صادقة ممزوجة بالكبرياء، تسجل موقفا من الحرب الهوجاء الغاشمة، من المتخاذلين، ومن العالم الذي كان حرا قبل أن تسلب منه الإرادة ويفقد الإحساس بكرامة الإنسان".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"تاريخ العيون المُطْفأة" لنبيل سليمان.. عميان في جغرافيا الاستبداد يبحثون عن أسرار البصر والبصيرةlist 2 of 2جماليات الوصف.. "حكاية السيدة التي سقطت في الحفرة"end of listويضيف وهو يتذكر قول الشاعر الغزي ناصر رباح: "نأمل أن تكون مقدمة لزقزقة عامة، وإرهاصات لديوان غزة القادم، ديوان يفضح قبح العالم، ويعيد المجد للإنسان".
يكتب رباح في قصيدة مختارة: "العصافير شاهدت كل شيء: القتل والقصف والخراب. وحين انتهت الحرب، واصلت الزقزقة".
بينما يقول الشاعر عبد اللطيف اللعبي في المقدمة: "ولأني عايشت الشعر الفلسطيني وناصرته وشاطرته لأزيد من نصف قرن، فإنني أميل إلى الاعتقاد بأن هذا الشعر تبنى جيلا إثر جيل، فكرة مفادها أن شعبا لا يمكن أن ينتصر على مضطهده، إلا إذا كان متفوقا عليه أخلاقيا".
إعلانويضيف: "إن الأصوات التي تنبثق من هذا الكتاب ترقى إلى مستوى توقعات هذا النوع من المثل. عسى ألا تغمر إمبراطورية الموت جزيرة الشعر الخارقة".
تضم الأنطولوجيا الصادرة حديثا عن "دار الرافدين" ببيروت اللبنانية مقتطفات من قصائد 26 شاعرا وشاعرة من غزة، منهم المقيمون، ومنهم من يتوزعهم الشتات، يكتبون تاريخا مأساويا تجري أحداثه أمام أعين العالم، ويخطون آخر الدرر مما حفظوه في دواخلهم من هويتهم الإنسانية الراسخة.
نبحث في معاني العدد 26، فنجده رمزا للنعمة والرحمة، وللتوازن والانسجام، ولنقطة الفصل بين الكواكب والأحداث المهمة، كما يدل على الحديد وبأسه، وتفاعل الإبداع مع الرمزية.
نجد أيضا العدد في قصيدة مختارة، لكن يبدو أن ذلك جاء فقط صدفة، يقول مصدر الجزيرة نت، ولكي يبقى على المنوال نفسه العمل الأول المنجز للشاعرين نفسيهما سنة 2022 بعنوان "أن تكون فلسطينيا.. أنطولوجيا الشعر الفلسطيني المعاصر".
يشكل العمل الجديد حلقة ثانية في سلسلة ربما لن تتوقف، تأتي فيه كتابات الشعراء بالحبر والدم تعبيرا عن معاناتهم ومعاناة الأهالي. تأتي دون ترتيب في الحروف والأسماء والسن والجنس، سوى أنها بدأت بقصائد كتبها رفعت العرعير (1979-2003) ونور الدين حجاج (1996-2003)، الشاعران الغزيان الشهيدان في القصف المتواصل على غزة.
يكتب العرعير:
إذا كان لا بد أن أموت
فليأت موتي بالأمل
فليصبح حكاية
ويكتب حجاج:
متعب من الركض في متاهات الحياة
بلا وجهة واحدة آمنة منذ 26 سنة
يتفق عدد من الشعراء الذين تواصلت معهم الجزيرة نت، وسألتهم على أن هذه الأنطولوجيا وسيلة الشعراء لنقل تفاصيل الحرب اليومية والحفاظ على الذاكرة، وللتعبير عن الهوية في محاولات الطمس والمحو، والتواصل مع العالم وإيصال أصوات المكلومين إلى كل مكان.
يقول الشاعر حامد عاشور في جوابه لنا: "هي الرواية الصادقة والحقيقية وسط هذا الكم الهائل من التزييف".
وتقول الشاعرة نعمة حسن: "هي توثيق هوية الحكاية الفلسطينية في غزة بحقيقتها من خلال الشعر، فما بين الموت والحياة هناك مساحة آمنة تتيحها الكتابة ليصل صوتك لمن هم خارج نطاق الحرب".
إعلانمن جهتها، تقول الشاعرة ضحى الكحلوت: "سنظل نبحث عن الحياة، لا لنحياها فقط، بل لنحلم ونحب ونفكر ونكتب حتى في أصعب اللحظات، وستظل الكلمة تعرف مداها للأمل والنور مهما اشتدت ظلمة العيش".
وتقول الشاعرة هند جودة: "لقد منحتنا الأنطولوجيا تأشيرة مرور إلى بلاد أخرى ولغة أخرى، وهذا جعلنا نبتسم تحت أطنان الألم".
حكاية غزةتحضر غزة عند الشعراء الغزيين مثل قصيدة لم تكتمل، عيونهم على الورق، لكن قلوبهم على أكفهم، لا يطيقون انتظار الموت القادم من كل مكان، لا ينتظرون مواساة من العالم، يرسمون السعادة، يخطون الأمل، يخربشون الخذلان، لكنهم لا ينتظرون.
في هذه الأنطولوجيا، يطل علينا بكلمات قاسية حجاج، الذي اغتيل في 3 ديسمبر 2023 في قصف قوات الاحتلال منزله في حي الشجاعية. يكتب:
لا تكترثوا للمشهد الأخير
إن كان حرقا أو غرقا أو قفزا من علو أو طعنا
في غزة نحن نموت عدة مرات قبل هذا.
يكتب ياسين، إنه كان يستعجل شعراء غزة لإرسال مساهماتهم، يصف كيف كانوا يموتون مرارا قبل الموت، كيف يتنقلون مع أهلهم من مكان إلى آخر داخل القطاع المحاصر، الأوامر المتكررة بإخلاء المناطق التي يسكنونها تخرب سكينتهم، والقصف الأعمى يطاردهم. بينما كان يطالبهم بمكان إقامتهم: **هنا والآن**، لأن نبذات تعريف الشعراء، كما ينوي نشرها في الأنطولوجيا، يجب أن تتضمن هذا التفصيل.
يصف الشاعر هشام أبو عساكر حال غزة وهي تقصف بلا هوادة. يقول:
إيييه غزة..
ليتك تأخذين قيلولة طويلة
من أجل ترميم أخير
لهذا الجسد المتهالك
ولتنامي بهدوء
كما الأوراق البيضاء
دون حكاية..
ويكتب الشاعر حامد عاشور: "بالرغم من كل الرعب من حولي، أشعر أن هناك سعادة حزينة، تجعلني مرتبكا، كوني لست زوجا ولا أبا لطفل سأعجز عن حمايته، طفل كان كل ذنبي وذنبه أننا ولدنا في غزة".
ويشرح في جوابه لنا: "هذا الموسم الذي عشناه طوال فترة الإبادة، ونحن نعيش مناسبات سعيدة تحت الصواريخ محاطين بكل آلات القتل، قد يبدو ذلك غريبا لكنه يحدث بدرجة أكبر من المرارة، لقد كان الحزن عظيما ومهولا، وكنا نحاول استخراج السعادة من التفاصيل، مثلما تفعل كل الشعوب المحبة للحياة".
من يلجأ إلى الشعر في زمن الحرب، يدرك تماما أنه يستخدم سلاح الروح ومرآة الواقع، يسجل بالكلمات الألم ويقاوم الظلم، يرفع صوت الإنسانية في وجه الدمار، ويحافظ على الأمل في قلوب اليائسين.
إعلانيكتب ياسين في المقدمة: "تلبستني حالة اكتئاب، لكن الشعر كان البلسم. كانت قصائد الشعراء الحارقة تسري عني وتواسيني، تعيد لي الثقة في الكلمة، في دورها، وفي قدرتها على المقاومة".
يكتب وليد الهليس:
حجر قديم
لم يبق لي غير بيت من الشعر
خبأته للمراثي
ولا عتب يوجعني مثل عتب الحجارة
وتكتب منى المصدر:
متى تكتبين الشعر؟
حينما يكون الحديث ترفا
أسكب روحي شعرا
وأهدهد على قلبي بالغيوم
وتكتب هند جودة في نهاية قصيدة:
يا إلهي، لا أريد أن أكون شاعرة في زمن الحرب!
وتكتب ضحى الكحلوت: "الحرف مقصلة راضية، والذكريات قاض يعرف، في النور، أبصر أمكنة، أخيلة، رجفات، وسكوتا، وفي العتم تسقط الرؤيا".
وتقول ضحى في جوابها للجزيرة نت: "إن الشعر يولد من المشاهد التي يصعب علينا تقبلها ويستحيل إنكارها، فهي ماثلة أمامنا ونعيشها وتضع بصمتها على شعورنا وأقوالنا وأفعالنا. يولد من ضرورة البوح، الذي يعد ترفا وسط معركة الموت، وضرورة أرشفة التاريخ بثباته ورجفاته".
وتكتب نعمة حسن:
شاعر
كل يوم يرسم قمحا على شجرته الميتة..
وتصدقه العصافير
تقول في جوابها للجزيرة نت: "لا شيء يداوي آلام الحرب، نحن نحاول إعادة تدوير الألم بالشعر".
يريد الشاعر من العالم أن يوقف الحرب، أن يستيقظ ضميره، ويسمع صرخة الإنسانية التي تئن تحت وطأة القصف والدمار، وأن يدرك أن الكلمات ليست مجرد حروف، بل هي صدى للروح الممزقة، وأمل يضيء عتمة اليأس.
في أبريل/نيسان المقبل، تصدر النسخة الفرنسية من الأنطولوجيا عن دار "لوبوان" الفرنسية، لتفتح آفاقا جديدة.
يكتب حجاج: "أنا لست رقما، وأرفض أن يكون خبر موتي عابرا، دون أن تقولوا إني أحب الحياة، السعادة، الحرية، ضحكات الأطفال، البحر، القهوة، الكتابة، فيروز، وكل ما هو مبهج.. قبل أن يختفي كل هذا بلحظة واحدة.."
ويضيف: "أحد أحلامي أن تجوب كتاباتي العالم، أن يصير لقلمي أجنحة لا توقفها جوازات سفر غير مختومة، ولا فيز مرفوضة".
وتكتب جودة:
صباح الخير أيها العالم
أنا هناك،
أقصد هنا،
نعم، بالضبط في غزة!
تقول للجزيرة نت: "رأينا أحرارا كانوا ولا يزالون يقفون من أجل غزة حول العالم، وما هذه الأنطولوجيا إلا واحدة منها، فقد ترجمت نصوص شعراء غزة إلى معظم لغات الدنيا شرقا وغربا".
وتضيف: "هكذا كان يصل الشعر مثل الصورة، ليقرأ في منابر ومظاهرات، ويطبع في نشرات ومجلات وكتب، إلى جانب صور الشهداء وعلم فلسطين، والمناداة بوجوب العدالة وحرية الشعب الفلسطيني وبلاده من الاحتلال. ما زال هذا يحدث حتى بعد إعلان الهدنة، وهذا مهم جدا، ويجعلنا نحلم بمستقبل يمنحنا العدالة ولو بعد حين".
إعلانبالرغم من كل الأهوال، يتسرب إلى نفوسنا نحن البعيدين عن مكان الحرب قليل من الأمل، ونحن نستذكر: "كيف تعرضت غزة لإبادة من الغرباء، لكنها سرعان ما نهضت من رمادها مثل طائر الفينيق"، كما يقول ياسين في ختام المقدمة.