أعلنت الهيئة المسؤولة عن الانتخابات في مصر، 10 ديسمبر موعدًا لانطلاق الاستحقاق الرئاسي، قَبل أربعة أشْهُر من انتهاء ولاية الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، مطلع أبريل 2024م. هناك ثلاثة تيَّارات مسيطرة على الشَّارع المصري، الغالبيَّة الصَّامتة مع الاستقرار، ويرفع أصحابها شعار «اللي نعرفه أحسن من اللي منعرفهوش» ويستشهدون بسوابق التاريخ، ويخشون أن يكُونَ القادم المجهول أسوأ من الحاضر الملموس، في مواجهة تيَّار أغلبه من الشَّباب يدعو إلى التغيير، بَيْنَما التيَّار الأخير يتبنَّى المقاطعة، ويرَى أنَّه لا جدوى من المشاركة في انتخابات لا تتوافر فيها الضمانات والشروط التي تمنح فرصًا متساوية لكافَّة المُرشَّحين.


حتَّى الآن لَمْ يعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي الترشُّح بشكلٍ رسمي، ولكنَّه حرص على المشاركة في مؤتمرات جماهيريَّة يُنظِّمها مناصروه، يعرض خلالها الإنجازات التي تحقَّقت في عهده، خصوصًا في مجالات البنية الأساسيَّة (الكهرباء والنَّقل والطُّرق والمُدُن الجديدة)، والذي أكَّد عزمه الاستمرار في نهجه وإصراره على تكملة المشروعات التي شرع في بنائها، مهما كانت العوائق والصعاب، وتحدَّى معارضيه قائلًا «اللي مش عاجبه أسلوبي في الحُكم يختار رئيسًا غيري»، بَيْنَما يرَى معارضوه أنَّ كثيرًا من هذه المشروعات لا جدوى من ورائها ولا داعي لها، في ظلِّ محدوديَّة الموارد المتاحة، وأنَّها جاءت على حساب قُوتِ المصريِّين، ورفعت التضخُّم في الأسعار لمستويات غير مسبوقة؛ جرَّاء زيادة الديون والقروض التي تَلْتَهِم معظم الدخل القومي لسداد فوائدها وأقساطها.
قَبل فتْح بابِ الترشيح بشكلٍ رسمي، هناك 6 مرشِّحين محتمَلِين أعلنوا نيَّتهم خوض الانتخابات، هم أحمد طنطاوي النَّائب البرلماني السَّابق، وعبد السند يمامة رئيس حزب الوفد، وحازم عمر رئيس حزب الشَّعب الجمهوري، وأحمد فضالي رئيس حزب السَّلام الديمقراطي، وفريد زهران رئيس الحزب المصري الاجتماعي، وجميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور، حصل معظمهم على 20 تفويضًا من أعضاء مجلس النوَّاب وهو أحد شروط الترشُّح، باستثناء أحمد طنطاوي وجميلة إسماعيل اللذيْنِ لجآ للخيار الآخر وهو الحصول على 25 ألف توكيل من 15 محافظة، ورغم أنَّه يبدو شرطًا سهلًا في ظلِّ عدد سكَّان يناهز الـ110 ملايين، ولكنَّهما يشتكيان من المضايقات التي يتعرَّض لها مؤيِّدوهما من قِبل موظَّفي الشَّهر العقاري المسؤولين عن إصدار التوكيلات.
في اللقاءات الإعلاميَّة التي أُتيحت لبعض المرشَّحين المحتمَلِين لَمْ تخرج برامجهم عن الكلام الجميل المعتاد، تخفيف حدَّة الانقسام السِّياسي، إعادة اللحمة الوطنيَّة، فتح المجال العامِّ والارتقاء بالحياة الحزبيَّة، وترسيخ دعائم الديمقراطيَّة، واستعادة مكانة مصر الإقليميَّة والدوليَّة، وتحسين الخدمات التعليميَّة والصحيَّة. أمَّا عن أهمِّ ملفَّيْنِ وهما سدُّ النهضة، والاقتصاد المُتداعي، فالإجابات جاءت تقليديَّة، لا تختلف عمَّا تقوله الحكومة الحاليَّة، فلَمْ يطرح أيُّ مرشَّح حلًّا واقعيًّا يجبر إثيوبيا على إشراك مصر في إدارة سدِّ النهضة، والحدِّ من تأثيراته الكارثيَّة على مصر، ولَمْ يستطع مرشَّح أن يقنعَنا بامتلاكه حلولا سحريَّة تزيد الموارد وتُعِيد للجِنِيه المصري هيبته، وتقضي على الفقر واشتعال الأسعار.
في هكذا انتخابات، أكثر ما يعوِّل عَلَيْه النِّظام، وينظر إليه المراقبون هو نِسَب المشاركة، في بلد يزيد عدد مَن له حقُّ التصويت عن60 مليونًا، ولَمْ تنضج لدَيْه التجربة الديمقراطيَّة. فقَدْ ظلَّ عقودًا طويلة يكتفي باستفتاء على بقاء الرئيس، ولَمْ يشهد من قَبل وجود رئيس منتخب سابق بِدُونِ الثَّورة عَلَيْه، ويقع في منطقة غير مستقرَّة، فجاره الجنوبي السودان يعيش حربًا أهليَّة مستعرة، هجَّرت الملايين، كان لمصر النصيب الأكبر مِنْهم، وجاره الشرقي ليبيا يعيش حالة صراع وفوضى منذ أكثر من عَقْد، وكُلّ يوم نسمع عن مشاريع دوليَّة وإقليميَّة، بديلة لقناة السويس المَوْرد الأهمِّ للعُملة الصَّعبة في مصر.

محمد عبد الصادق
Mohamed-abdelsadek64@hotmail.com
كاتب صحفي مصري

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

تونس.. بدء التصويت بالانتخابات الرئاسية في الخارج

أحمد شعبان (تونس، القاهرة)

أخبار ذات صلة انتشال 17 جثة لمهاجرين بعد غرق مركب قبالة سواحل تونس قائد عام شرطة أبوظبي يلتقي القائم بالأعمال التونسي

بدأ أفراد الجاليات التونسية في مختلف دول العالم، صباح أمس، التوافد على مقار اللجان الانتخابية للتصويت في الانتخابات الرئاسية. 
وذكرت وكالة تونس أفريقيا للأنباء، أن أغلب لجان الاقتراع في الخارج والبالغ عددها أكثر من 400 لجنة فتحت أبوابها في 59 بلداً. 
وأضافت أن أكثر من 640 ألف ناخب مسجل يحق لهم الاقتراع من بين حوالي مليون و800 ألف تونسي يعيشون في الخارج أغلبهم في الدول الأوروبية. 
وبينت أن عملية الاقتراع ستتواصل حتى غد الأحد، وهو موعد انطلاق عملية التصويت داخل تونس. 
ويتنافس في هذه الانتخابات الرئيس قيس سعيد على الحصول على ولاية ثانية أمام رئيس «حركة الشعب» الممثلة في البرلمان زهير المغزاوي، ورئيس «حركة عازمون» العياشي زمال. 
واعتبر محللون سياسيون، أن الانتخابات الرئاسية تكتسب أهمية كبيرة للشعب التونسي الذي يترقب إجراءها وكله آمال في استكمال بناء «الجمهورية الجديدة»، وتحقيق الطموحات، ومواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تواجه البلاد.
واعتبر المحلل السياسي التونسي، منذر ثابت، أن ثمة علاقة قوية بين انتخابات الرئاسة ودستور «الجمهورية الجديدة».
وأوضح ثابت لـ«الاتحاد»، أن الانتخابات الرئاسية سيكون لها تأثير إيجابي غير مباشر على الأوضاع الاقتصادية من حيث طمأنة مؤسسات الدولة والشركاء الخارجيين والتصنيف الائتماني لتونس من الوكالات الدولية.
ولفت المحلل السياسي التونسي، إلى أن قيس سعيد شرع في تنفيذ «ماكينة الاقتصاد الريعي» كمورد إنتاجي يحقق عائداً مالياً، ويعتمد على الثروات الوطنية، وأصبحت تونس على موعد خلال الفترة المقبلة مع مرحلة البناء، ومواجهة التحديات، وعلى رأسها البطالة والهجرة غير النظامية، وما تسببه من تهديدات أمنية.
من جهته، يرى المحلل السياسي التونسي، الدكتور خالد عبيد، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن إنجاز الانتخابات الرئاسية، سيكون له تأثير إيجابي كبير على مستوى تحسين معيشة الشعب، ويبعث برسالة لكل من يهتم بالشأن الاقتصادي من المستثمرين أو من القوى المالية العالمية، بأن تونس مستقرة ولديها نظام سياسي سلس.
وتعد الانتخابات الرئاسية التونسية المقبلة، الـ 12 في تاريخ تونس والثالثة بعد أحداث 2011.
وبحسب الدستور الذي تم إقراره في يوليو 2022، فإن انتخاب رئيس الجمهورية يتم لمدة 5 سنوات بالاقتراع العام في الأشهر الثلاثة الأخيرة من فترة الرئاسة، بأغلبية مطلقة من الأصوات.

مقالات مشابهة

  • بدء عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية التونسية بالداخل
  • بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية بتونس
  • أين يقف ترامب وهاريس قبل شهر من الانتخابات الرئاسية؟
  • تونس.. مراكز الاقتراع تفتح أبوابها للتصويت في الانتخابات الرئاسية
  • رئيس الحرية المصري: انتصارات أكتوبر ستظل علامة بارزة في تاريخ العسكرية المصرية
  • كيف رد بايدن على سؤال حول تأثير نتنياهو على الانتخابات الرئاسية؟
  • التفاصيل الكاملة حول الانتخابات الرئاسية التونسية
  • تصريح مثير لبايدن حول الانتخابات الرئاسية.. ماذا قال؟
  • تونس.. بدء التصويت بالانتخابات الرئاسية في الخارج
  • رئيس الدولة والرئيس المصري يشهدان حفل تخريج دفعة جديدة من الأكاديمية والكليات العسكرية المصرية