منهجية في إدارة الخلاف: في التعامل مع الفقه السياسي للصحابة
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
لم يبرح الكتاب والمفكرون ومن بعدهم السياسيون في العالم العربي، وتبعهم في ذلك الغربيون المتقدمون والمتأخرون، في البحث عن أسباب تخلف العرب والمسلمين في القرون الأخيرة، وتراجع أدوارهم الحضارية، في الخلفية الدينية، وتحميل الإسلام والرعيل الأول من المسلمين مسؤولية التأسيس لمنطق الغلبة في حل الخلاف بين قادة المسلمين.
ومع أن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار، كما يقول العلامة ابن خلدون، فإنه في الحالة الإسلامية تحول إلى صورة نمطية يسعى خصوم الإسلام والمسلمين إلى إلصاقها بخاتمة الأديان، وتحميله مسؤولية ليس فقط تخلف العرب والمسلمين، بل ووصل حد القول بتحميله مسؤولية العنف الذي يلجأ إليه بعض الساسة لحل خلافاتهم مع خصومهم..
اليوم يناقش الكاتب والباحث المغربي في شؤون الفكر الإسلامي الدكتور بلال التليدي "ما ورد في ورقة الكاتب والباحث الليبي إبراهيم الهنغاري التي نرناها هنا في "عربي21"، ضمن ملف يعيد فتح ملف أدب الخلاف في الإسلام..
انقسام مذهبي حاد
تعاني الأمة الإسلامية من انقسام عقدي ومذهبي حاد، أخذ مدى طويلا في الزمن، وتوارثته الأجيال منذ لحظة الفتنة (مقتل الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه) وتعمقت أكثر مع معركتي الجمل وصفين، إذ تفجر ـ على خلفية حادث التحكيم وما تلاه ـ العمران الاجتماعي والسياسي والمذهبي للأمة ببروز الشيعة والخوارج (الروافض) وانتصار جزء من الأمة للأطروحة الناصبية (الدفاع عن دولة بني أمية)، وانفصال القيادة العلمية لأهل السنة والجماعة عن القيادة السياسية، واحتفاظها بمواقف تميل أكثر إلى وحدة بيضة الأمة دون تزكية الاستبداد السياسي.
وقد انعكس هذا الخلاف الذي كان أصله سياسيا، على مختلف التشكيلات الثقافية والمعرفية والعلمية والتراثية، فتأثرت حقول الفقه والأصول والحديث والكلام به، بل حتى التاريخ نفسه، فقد تم إعادة قراءته بوحي من هذا الخلاف، بما في ذلك التاريخ الذي سبق نشأة الصراع، فحاولت كل فرقة أن تعيد التأريخ لذاتها، وتؤصل وجودها، من خلال الاعتماد على العهد النبوي وما تضمنه من نصوص في حق الأصحاب، تم تأويلها وإعادة توجيهها للهدف التأسيسي للمذهب (الوصية بالنسبة للشيعة)، ثم بالتركيز على واقعة اجتماع السقيفة والخلاف الذي نشأ بين المهاجرين والأنصار حول الأحقية بالخلافة، إذ حولت بعض الفرق هذا الحدث بملابساته والنصوص التي أُثِرَت فيه عن بعض الصحابة خاصة أبي وعمر رضي الله عنهما إلى مادة للطعن فيهما، واتهامهما بالتواطؤ على اختطاف الخلافة من المستحق الشرعي لها، أي علي ابن أبي طالب، الذي كان منشغلا مع أهل البيت النبوي بتجهيز النبي عليه السلام ودفنه.
وتبعا لذلك، صار التراث المعرفي للامة مادة خلافية بامتياز، لا تكاد تقرأ جزئية من جزئياته في أي حقل من الحقول المعرفية، إلا وتلمس أثر الخلاف السياسي في تفسيره، والأسوأ من ذلك، أن جزءا من الفقهاء من الفريقين، السني والشيعي، ترك عددا من الأقوال المذهبية التي تشهد لها أصول المذهب وتسندها وقاعده، لمجرد أنها تتفق مع ما عليه الفريق الخصم، وذلك حتى يحدث الفرز الواسع، وتحدث القطيعة، ويصير من الصعب تصور أي لقاء على أي مستوى من المستويات الفقهية أو الأصولية أو الحديثية أو الكلامية أو حتى ما يتعلق بعلوم القرآن الشكلية التي تضبط القراءة والرسم.
ومما عزز الخلاف، وزاد في تعميقه أن الصدمة الحضارية التي تعرضت لها الأمة، والاستعمار الغربي الذي جثا على رقعتها الجغرافية الواسعة، دفع جزءا من نخب الأمة المتأثرة بالتجربة النهضوية الغربية إلى التماس مادة الخلاف السياسي التاريخي بين مكونات الأمة، وإعادة قراءة حدث الفتنة على أساس أنه التعبير عن أزمة العلاقة بين الدين والسياسة، لكي تؤسس لفكرة تلازم النهضة بالعلمنة والقطيعة مع الدين ودوره في الفضاء العام، فكرست جزءا من اهتمامها الفكري لقراءة الخلاف السياسي للصحابة، وتفسير الخلافات التي اخترقت فرق الأمة العقدية على أنه من آثار توظيف الدين في السياسة، مع أن مقاومة الاستبداد السياسي في تاريخ الأمة كان دائما في جبهة علماء الأمة الذين احتفظوا بالقيادة العلمية، ومورست عليهم جميع أشكال الإقصاء كي يتركوا الفضاء العام، أو على الأقل يهجروا منطقة التأثير في السياسة والحكم، ويبتعدوا كليا عن أي دور يندرج ضمن الاشتباك مع الشرعية السياسية.
ولذلك، يصعب اليوم أن نلج حقل تفكيك الخلاف الذي يخترق الأمة، وتأصيل سبل إدارة الخلاف داخلها، دون مطارحة قضية منهجية التعامل مع الخلاف السياسي للصحابة، ونقد القراءات السائدة التي هيمنت على المشهد الثقافي، واقتراح معالم في الاعتدال المنهجي في التعامل مع هذا الإرث الضخم من الخلاف العقدي والفقهي والأصولي والكلامي والسياسي.
في نقد القراءات المتعصبة.. إرث الغلاة الشيعة والمتطرفين السنة
لقد كان أبو الأعلى المودودي جريئا أكثر من غيره في قراءة حدث الفتنة، وتفسير الانكسار التاريخي الذي حدث في عروة الحكم، والتحول الذي وقع في النظام السياسي للأمة من الخلافة الراشدة إلى الملك، لكن جرأته، كانت أكبر حينما أعاد قراءة مفهوم "عدالة الصحابة"، وناهض فكرة تحويلها إلى عصمة في السلوك والموقف والتقدير السياسي، ولم يتردد في كتابه "الخلافة والملك" في مناقشة اجتهادات الصحابة وتقديراتهم السياسية الخاطئة، دون أن يسقط في خانة المجرحين للصحابة، وربما كان محمد بن المختار الشنقيطي في كتابه "الخلافات السياسية بين الصحابة"، أكثر منهجية حينما حرر مفهوم "عدالة الصحابة"، وأبعده عن حقل التقدير السياسي واعتبره مفهوما إجرائيا صاغه علماء الحديث (علماء مصطلح الحديث) وحصروا فاعليته في دائرة النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، دون الامتداد إلى مجال السلوك والتقدير السياسي.
ولم يكن سيد قطب رحمة الله عليه، حين كتب "العدالة الاجتماعية في الإسلام" معنيا مطلقا بفكرة "عدالة الصحابة" وإسقاطاتها، فناقش أخطاء عثمان السياسية، وتقريبه لأقربائه وأهل قبيلته، وأثر ذلك في إثارة النقمة عليه، دون أن يسقط في تجريحه أو الطعن في مواقفه وسلوكه وتقديره السياسي.
يصعب اليوم أن نلج حقل تفكيك الخلاف الذي يخترق الأمة، وتأصيل سبل إدارة الخلاف داخلها، دون مطارحة قضية منهجية التعامل مع الخلاف السياسي للصحابة، ونقد القراءات السائدة التي هيمنت على المشهد الثقافي، واقتراح معالم في الاعتدال المنهجي في التعامل مع هذا الإرث الضخم من الخلاف العقدي والفقهي والأصولي والكلامي والسياسي.وقد تابع الشيخ عبد السلام ياسين منهج المودودي، وكتب كتابا صغيرا بنفس عنوان كتابه، أي "الخلافة والملك"، وانتصر لفكرة الانكسار التاريخي الذي حدث في الأمة، وسقوط عروة الحكم، وتحول النظام السياسي من خلافة إلى ملك، بل إنه كرس معظم كتاباته، لتفسير حديث تحول الحكم من الخلافة إلى الملك العاض، ثم إلى الجبر، واعتبر في كتابه: "نظرات في فقه التاريخ" أنه لا يمكن الخروج من الأزمة التي تعاني منها الأمة دون تفكير من خارج شروط الأزمة، أي التفكير بتحرر من الدائرة الصراعية التي نشأت بسبب هذه الفتنة، وأرخت بظلالها على كل الحقوق المعرفية والعقدية والمذهبية.
كما قام غير واحد من العلماء المدققين في حقل التاريخ بتصحيح كثير من الأخطاء في رواية غلاة الشيعة أو في رواية بعض المتطرفين من أهل السنة النواصب، وألحوا على فكرة إعادة قراءة الروايات التاريخية وتمحيصها والتفريق بين منهج المؤرخين الآثاريين ومنهج المحدثين المنضبط لقواعد الجرح والتعديل في قبول الرواية أو رفضها.
واستقرأ محمد بن المختار الشنقيطي في كتابه السابق (الخلافات السياسية بين الصحابة)، من تراث شيخ الإسلام ابن تيمية، خاصة كتابه "منهاج السنة"، معالم منهجية مهمة في التعامل مع خلاف الأصحاب انتصر فيها لفكرة الاعتدال المنهجي، وفكرة العدل والإنصاف في التعامل مع أطروحات الفرق العقدية والسياسية والمذهبية في مختلف الحقول المعرفية.
وإذا كان هذا هو حال من انتبهوا إلى المخاطر التي يشكلها هذا الإرث التاريخي الضخم من الخلاف، فإن أخطر ما يجعل مهمة إدارة الخلاف مستعصية أو مستحيلة، هو تزكية القراءات المتعصبة، وإعادة تثويرها ونشرها، وإعطائها سندا معرفيا جديدا، وتجاوز كل الأطر المنهجية التي نبه إليها العلماء، مما يصلح اطارا لرسم معالم إدارة صحية للخلاف بين مكونات الأمة.
وتتربع على عرش هذه القراءات المتعصبة قراءة غلاة الشيعة، الذين قاموا في الحقيقة بجهد ضخم في إعادة تأسيس المذهب وتأصيله، بل وإعادة تأويل كل التراث الإسلامي بمختلف حقوله المعرفية لخدمة أطروحتهم، فأولوا النصوص الشرعية، وأعادوا قراءة النص القرآني وفسروه بما يدعم مقولاتهم، بما في ذلك تبني تفسيرات باطنية إشارية بعيدة لا تتحملها اللغة ولا السياق، فقط لإدانة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وإدانة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فذكرت بعض تفاسيرهم أن المقصود بذبح البقرة في سورة البقرة هي عائشة رضي الله عنها! مع أن السياق يخص بني إسرائيل وقوم موسى عليه السلام، وأغفلوا أو غيبوا كل النصوص التي وردت عن علي كرم الله وجهه في الثناء على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وتأولوا أقوالا لعمر رضي الله عنه على غير وجهها، فتأولوا قوله يوم السقيفة عن سعد بن عبادة "قتله الله" بأنها تعبير عن رغبته في قتله، وأنه مارس هذا الاغتيال في فترة خلافته، لما اختار سعد بن عبادة رضي الله عنه مغادرة مقر الخلافة إلى الشام، وسخروا من روايات بشأن موته، مدعين بأن الرواة نسبوا للجن قتله، للتغطية على فعلة عمر، مع أن أقصى ما تورده الروايات التاريخية أنه مات في مغسله، واخضر لون جسده، ولم يشر أحد من المؤرخين إلى قتله، بل ساير الرواة رواية تدخل الجن في وفاته، جريا على عادة العرب في تأويل ما يحدث للمرء عند دخوله المغسل أو الخلاء من موت أو إصابة بعاهة أـو شلل من تعرض الجن له.
ومما يؤخذ على رواية غلاة الشيعة، أنهم حاولوا مد جذور الخلاف السياسي إلى فترة سابقة بكثير عن فترتها الحقيقية، فلم يعهد عن علي كرم الله وجهه أن ناصب أبا بكر وعمر وعثمان العداء أو الكراهية، وثبت أنه أثنى عليهم جميعا، فقال عنهم كما ورد في "نهج البلاغة": "إن الله تعالى اجتبى له من المسلمين أعوانا أيده الله بهم، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام، فكان أفضلهم في الإسلام، وأنصحهم لله ولرسوله الخليفة وخليفة الخليفة، ولعمري إن مكانهما في الإسلام لعظيم، وإن المصاب بهما لجرح في الإسلام شديد، فرحمهما الله وجزاهما أحسن ما عملا!
وذكرت أن عثمان كان في الفضل تاليا، فإن يك عثمان محسنا فسيجزيه الله بإحسانه، وإن يك مسيئا فسيلقى ربا غفورا لا يتعاظمه ذنب إن يغفره"، ومع ذلك نجد غلاة الشيعة يقرأون حدث السقيفة على أساس أنه تآمر خفي وتواطؤ بين أبي بكر وعمر على نزع شرعية الحكم من علي الذي كان منشغلا مع أهل بيته في تجهيز ودفن النبي عليه السلام، وأيضا على إبعاد سعد بن عبادة عن حقه في الشورى لنيل منصب الخلافة، وإسنادها لأبي بكر، وفسروا الاستناد إلى فكرة القرشية بأنها بداية التحول من إعمال السنة (التي تقتضي إسناد الحكم لمن يستحقه أي علي بحسب قولهم بالوصية) وبين إعمال الاعتبارات القبلية الجاهلية، التي تعطي الشرعية للقبائل القوية على حساب القبائل التي لم يكن لها وزن كبير (الإمارة في قريش).
وفي مقابل هذه الرواية المتعصبة، هناك رواية أخرى، فضل محمد بن المختار الشنقيطي أن يسميها برواية التشيع السني، ونسب الفقيه ابا بكر بن العربي إليها لاسيما في كتابه "العواصم من القواصم"، التي حاول فيها تكذيب كل الروايات التي تنسب الخطأ في الاجتهاد والتقدير السياسي للصحابة، ونقل فكرة "عدالة الصحابة" إلى عصمة تبرر كل أخطائهم، وساوى بين معاوية وعلي رضي الله عنهما مع ما بينهما من التفاوت في السابقة وفي الخيرية، وجعل من التعرض للصحابة قضية عقدية كبرى، وألحق بها مناقشة اجتهاداتهم وتقديراتهم السياسية، فصارت أطروحة الكتاب أشبه ما تكون بصك تبرئة لهذه الاجتهادات والتقديرات ومانعا من التبصر بأسباب الأزمة داخل الأمة، وطرق ا استشراف حلها وإدارة الخلاف داخلها.
ويلحق بالقراءة المتعصبة لغلاة السنة، قراءة النواصب، وهي الفرقة الأجدر بتسميتها غلاة السنة، وهي التي كانت تذهب في الاتجاه المعاكس لقراءة الشيعة، وتبالغ في تسفيه معتقداتهم وعلمائهم ورواياتهم وفقههم، بل اتخذت من مخالفتهم عقيدة أصلية بديلا عن عقيدة الأمة، فحولت عاشوراء إلى لحظات فرح وسرور وتسلية فقط لأن الشيعة يتخذونها لحظات حزن وتذكار للألم والمصاب التاريخي، وتركوا الجهر بالبسملة فقط لأن الشيعة يفعلون ذلك، واتهموا كثيرا من علماء السنة بالتشيع وألحقوا بهم ضررا بليغا لمجرد أنهم انتصروا في بعض الأحكام الشرعية لأقوال تقول بها الشيعة، فتعرض الشافعي والنسائي والطبري وابن حبان وغيرهم، لمحنة الاتهام بالتشيع، لمجرد أن الناصبة وجدوا في بعض أقوالهم الجزئية ما يتفق مع ما ذهب إليه الشيعة، فقاموا فألبوا العامة عليهم إلا من شهد له من العلماء بالبراءة من التشيع، وأخذت السلطة السياسية بشفاعتهم كما حصل للإمام الشافعي.
ودون الإطالة في متعلقات هذه الرواية المتطرفة، التي ساهم في ترويجها النواصب وفرضوا ضغطا سياسيا ومصادرة فكرية على العلماء من أجل تحصين معتقداتهم ومذهبهم من الالتقاء في أي نقطة مع الشيعة، فإن النقد لها، كما النقد لمقابلتها من رواية غلاة الشيعة لا تتطلب مجهودا كبيرا، فبعضها يكذبه البحث التاريخي والمقارنة بين الروايات والتي تكشف بوضوح أثر الوضع والتدليس فيها، وبعضها تكذبه السنة النبوية نفسها التي شهدت بفضل الصحابة كلهم، وذكرت فضل كل واحد على حدة، وميزته بميزته، وبعضها الآخر، كذبه العلماء المحققون، الذين انتصروا للحق والعدل والإنصاف في تعاطيهم، دون أن يأخذهم في ذلك الانتصار للمذهب أو الفرق.
في منهجية إدارة الخلاف بين مكونات الأمة.. الحاجة إلى الضوابط المنهجية في التعامل مع الخلاف السياسي للأصحاب
أورد محمد بن المختار الشنقيطي عددا مهما من الضوابط التي من شأنها أن تعين في فهم الخلافات السياسية بين الصحابة، وتساعد في التزام قواعد لإدارة الخلاف بين مكونات الأمة، وذكر منها ضابطا مهما، يتطلب أن نتوقف عنده قليلا، وهو ضابط التمييز بين المثاليات الطهرانية وبين الحقائق التاريخية والواقعية، وبيان ذلك مأن عددا من الكتابات، تضع في كفة القيم والمبادئ القرآنية، وتضع في الكفى المقابلة الأحداث التي جرت في السقيفة، وتخلص إلى أن الممارسة كانت بعيدا عن المبدأ والقيم، وأن انحرافا كبيرا قد وقع في منظومة القيم، هو الذي فجر الخلاف داخل مكونات الأمة، وترى هذه الكتابات تبعا من ذلك، أن القيم التي تربى عليها الصحابة هي الإيمان والشورى والاستقامة، بينما الذي تحكم في حسم الصراع في حدث السقيفة، هو القبلية والتواطؤ في اقتسام المنصب على التوالي، ونزع الحق من مستحقيه ممن لهم أهليته. ومثل هذا التفسير حديث حالم عن عصر النبوة، وما كان فيها من تنافس على الخير، وتفضيل الغير على النفس، ونكران للذات وإيثار للتقوى الورع على ملذات الدنيا، وأنه مع وفاة النبي عليه السلام، وقع الانقلاب في القيم لجهة حب الدنيا والمنصب وحب الزعامة والرئاسة.
والحقيقة أن هذين التفسيرين معا مسكونان بكثير من الطهرانية المثالية، وخاليان تماما من تقدير الاعتبارات الموضوعية. ففي لحظة السقيفة، لم يكن الإجماع حاصلا كما كان في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، كما فرق بين الحادثين خلو منصب الخلافة، وحاجة الأمة لمن يسوسها، فاحتاج النظر إلى تحديد الأحق بها، والمؤهلات التي ترجح هذا عن ذاك، فلم يكن التدين حاسما في الأمر، ووضع السبق للإسلام مقابل النصرة، فلم تقو كفة المهاجرين على كفة الأنصار، فاحتيج مع ذلك إلى مستند يتم به الترجيح، فقدم كل واحد من الفريقين مستنده، وآل الجميع إلى مستند القرشية بوصفها عصبية معينة على تدعيم شرعية الحكم إلى جانب التدين والسابقة في الإسلام والفضل والقرب من النبي صلى الله عليه وسلم. فاتضح من مجموع ما دار بين الصحابة أن النقاش كان واقعيا، يتوسل بالمرجحات التي تحتاجها شرعية الحكم، وحاجة الأمة إلى الاستقرار، بعد أن لم يحسم التدين والسبق والنصرة في الأمر، ولبس كما يطرح المثاليون، الذين يتصورون أن معيار التدين والقرب والانتساب هو المعيار الحاسم (البيت النبوي)، أو اعتبروا أن النصرة أقوى من السبق، وما إلى ذلك من المرجحات التي لم تصمد في التداول بين الصحابة والتماس رأي أغلبهم.
وأولى الضوابط بالاعتبار مما لم يطرحه الشنقيطي، ولم يدقق الشيخ عبد السلام ياسين في بيان مفهومه، ما نطرحه من عدم تعدية فترة الخلاف إلى التاريخ السابق له، فأصل الخلاف، الذي تفجرت فيه فرق الأمة كان في فترة خلافة علي، وتحديدا بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، فالأولى، أن لا تقرأ الفترة التي قبله بقراءة مسكونة بالخلاف الذي سبقها، فالجزء الأكبر من تراث غلاة الشيعة مرتبط بهذه القراءة، والعقبة الأكبر أمام إدارة الخلاف بين مكونات الأمة، هو ما يرتبط بسب الصحابة والطعن في نواياهم وعدم اعتبار فضلهم وسابقتهم في الدين ونسبة اجتهادهم وتقديرهم السياسي لفكرة التآمر.
وأما ما عدا ذلك مما يرتبط بأحداث حصلت في فترة ولاية علي، وخاصة معركة صفين ومعركة الجمل، فالأنسب فيها، التمييز بين ما كان حرب فتنة، وما كان حرب بغي، إذ لا يستقيم بحال استثمار خطأ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في التقدير السياسي، وخروجها على علي، لتحويلها مع الصحابيين الجليلين الزبير وطلحة رضي الله عنهما، إلى أعداء للإسلام تعلق بهم كل الأزمات التي تمر منها الأمة، مع أن الثابت تاريخيا، أن عائشة أم المؤمنين رجعت عن خروجها بعد أن سألت عن المكان الذي نبحت عليها الكلاب فيه، فقيل لها "الحوأب"، فعلمت أنها المعنية بحديث للنبي صلى الله عليه وسلم، فقررت الرجوع عن خروجها، وكذلك الأمر بالنسبة للزبير وطلحة رضي الله عنهما اللذين رجعا عن خروجهما لولا أن فئة من خارج الفريقين هاجمت معسكر علي ومعسكر الزبير فظن كل فريق منهما بغدر أحدهما بالآخر، فنشبت الحرب وراح ضحيتها الزبير وطلحة، وقد ثبت في الروايات من ثناء علي عليهما أمام جثتهما بما لا يدع حجة لغلاة يبررون بها السب والذم فيهما والتعريض بما فعلاه رضي الله عنهما بخطأ في التقدير.
وأما معركة صفين، فشأن آخر، فسرته نصوص السنة التي تحدثت عن الفئة الباغية، فلم يتردد أحد من علماء الأمة أن المقصود بها جماعة معاوية ومن معه، مع تفصيل بينهم بين ما كان قبل التحكيم، وما كان بعده على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة.
ولو كان ميسورا في هذا المقال أن أثبت كل الضوابط التي وضعها محمد بن المختار الشنقيطي واستقرأها من تراث شيخ الإسلام ابن تيمية في التزام الاعتدال المنهجي والتعامل بمقتضى العدل والإنصاف في تقويم الروايات والأقوال والمواقف والمذاهب في هذا الشأن لما ترددت في ذلك نظرا لفائدتها العظمية، لكن حسب هذا المقال أن يشير إلى أهمها، فقد سبق أن أشرنا إلى فكرة تمحيص النقل والرواية، واستصحاب فضل الأصحاب، وتدقيق مفهوم "عدالة الصحابة"، والتمييز بين المثاليات والحقائق الموضوعية، والابتعاد عن السب والقدح والشتم، وما يلازمه من اتهام بالكفر أو النفاق، فوجب أن نضيف إليها ضوابط أخرى أكثر أهمية تتعلق بفهم الطبيعة المركبة للفتن، والتركيز على العوامل الداخلية للصراع، وعدم التغطية عليه باستحضار مؤامرات خارجية (رواية تضخيم دور عبد الله سبأ)، ومحاولة إبعاد العقيدة عن ساحة الخلافات السياسية التي تدور ضمن دائرة الاجتهاد والتقدير السياسي.
خاتمة
هذه مجرد معالم لإدارة الخلاف تتذيلها نماذج تشير إلى بعض مظاهر الأزمة، وتحتف بها قواعد في النظر المنهجي، ترفع شعار العدل والإنصاف في التعامل مع الأحداث والوقائع والأقوال والموقف، وتقيد بمقتضى الأمانة العلمية والصرامة في التعامل مع المرويات، وتقترح إعادة قراءة فترة الخلاف بمنظور واقعي موضوعي، يتحرر من شروط الأزمة ومنطقها في التفكير، وتروم وضع حدود أدنى لسقف الخلاف، مع بسط القواعد الأساسية لإدارته. وتيسير شروط حوار منتج بين مكونات الأمة، ولم لا، تأسيس أرضية لتقارب حقيقي غير مطبوع بشكليات التوظيف السياسي.
إقرأ أيضا: قراءة موجعة ومؤلمة وقاسية لكتاب التاريخ العربي-الإسلامي.. رأي من ليبيا
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير الخلاف التاريخ تاريخ خلاف مسلمون خطاب أدبيات تغطيات سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخلافات السیاسیة الخلاف السیاسی رضی الله عنهما فی التعامل مع رضی الله عنه الخلاف الذی علیه السلام فی الإسلام الخلاف بین النبی علیه الله علیه من الخلاف فی کتابه أبی بکر ما کان لم یکن فی ذلک کان فی
إقرأ أيضاً:
“حوار” عضو السياسي الأعلى الحوثي: أبناء الشعب اليمني هم جديرون بأن يُفشِلوا كل المخططات
أجرى عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي حوارا متلفزا مع قناة الميادين إليكم نص اللقاء…
يمانيون ـ حوار
* مذيع قناة الميادين: من الميادين نحييكم أينما كنتم مشاهدينا الأعزاء، أكثر من ألفي كيلو متر يفصل اليمن عن فلسطين المحتلة، بُعد المسافة بينهما لم يمنع اليمنيين من إسناد الفلسطينيين والتصدي للاحتلال فكان أولاً منع السفن المتجهة إلى الكيان من المرور في البحر وبعدها تطورت عمليات جبهة الإسناد اليمنية لتطال صواريخها ومسيراتها عمق الكيان مفشِلَة قبته الحديدية في اعتراضها ومكبّدة إياه خسائر فادحة، ورغم تكتم المؤسسة الإسرائيلية إلا أن الهجمات اليمنية باتت تهدد مواقع استراتيجية منها مطار بن غوريون وميناء إيلات ومحطات الكهرباء، كيف ستتطور الأمور على هذه الجبهة ولا سيما في ضوء التطورات في المنطقة، وبعد ما شهدته سوريا في الفترة الأخيرة ؟ كيف سيكون شكل رد صنعاء على الغارات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية عليها؟ وهل ستؤثر على إسنادها غزة ؟ عن هذه المواضيع مشاهدينا ستكون المقابلة مع عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن السيد محمد علي الحوثي، سيد محمد أهلا بك معنا في هذه المقابلة عبر شاشة الميادين، وأبدأ مباشرة معك بالحديث عن إسناد اليمن لقطاع غزة، هناك تكثيف واضح لعمليات القوات المسلحة اليمنية باتجاه الأهداف في فلسطين المحتلة، لماذا قررتم تصعيد العمليات بهذا الشكل؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى محمد_علي_الحوثي: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، بسم الله الرحمن الرحيم. أولاً: سعداء أن نلتقي بالأخوة في قناة الميادين، وقناة الميادين لها صولة وجولة في مواجهة هذا العدوان الإسرائيلي سواءً كان في لبنان أو في غزة من خلال فضح جرائمه عبر قناتهم المميزة. ثانياً: نحن نقوم بواجبنا الديني والإيماني والأخلاقي في مواجهة هذا الصلف وهذا العتو وهذا الإرهاب الإسرائيلي الأمريكي المستمر في إبادة إخواننا أبناء غزة. ثالثاً: استجابة لصوت الجماهير اليمنية التي تنادينا بأن نقف إلى جانب إخواننا، واستجابة أيضاً لإخواننا المجاهدين الأبطال الميامين الذين دعونا لأن تزداد عملياتنا الإسنادية لغزة من أبطال الكتائب من أبطال حماس من أبطال الجهاد، من أبطال جميع الفصائل الموجودة في داخل غزة الذين دعونا لأن تزداد عملياتنا الاسنادية لغزة، والذين يواجهون العتو والاستكبار ولا نصير لهم في هذا الوقت إلا من يحمل نفس الثقافة الإيمانية ويعلم بأنه واجبه واجب الضمير الإنساني والإسلامي أن يتحرك في مؤازرتهم. فموقفنا واضح، هو موقف إيماني.
* مذيع قناة الميادين: ولكن سيد محمد هذه العمليات بدأت منذ السابع من أكتوبر بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الآن هناك تكثيف لها، نلاحظ عمليات أكثر نوعية نلاحظ عدد عمليات كبير، العميد يحيى سريع بات عندما يطل في الفترة الأخيرة يعلن عن عدة عمليات وليس عملية واحدة، لماذا ذهب اليمن تجاه تصعيد العمليات بهذا الشكل ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى محمد_علي_الحوثي: لأننا في الوقت الحاضر بحاجة إلى المزيد من العمليات لإيقاف الصلف الصهيوني الأمريكي، الإرهاب المستمر على أبناء غزة وإبادة غزة، كل ما كان يفصل بيننا وبين مثل هذه العمليات هو الحاجة إلى مزيد من التطور ومزيد من القدرات التي تحتاجها القوات المسلحة اليمنية للوصول إلى ما وصلنا إليه اليوم، وبإذن الله ستزداد أكثر وأكثر حتى يتوقف هذا العدوان على أبناء غزة ويتوقف الحصار لأبناء غزة كما هو مشهور ومعروف في بيانات القوات المسلحة اليمنية.
* مذيع قناة الميادين: طيب، سيد محمد لاحظنا أن هناك أيضاً اعتداءات متكررة أمريكية بريطانية اعتداءات إسرائيلية أيضاً على اليمن بحسب البيانات الصادرة مؤخراً إن كان على الإسرائيليين أو الأمريكيين بأن هناك استهداف لمقدرات عسكرية يمنية وتحديداً مخازن للصواريخ، هكذا صدرت البيانات الأخيرة الأمريكية والإسرائيلية، هل فعلاً أثرت هذه الاعتداءات على القدرات الصاروخية والتسليحية عند القوات المسلحة اليمنية ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى محمد_علي_الحوثي: هم يقولون ونحن نقول أيضاً لن تؤثر هذه الضربات على استمرار المساندة لأبناء غزة بإذن الله تعالى، وسيستمر الإسناد وسيستمر التطوير، وكلما ازداد صلفهم وعدوانهم وعدم توقفهم عن هذه المعركة سيستمر أيضاً الزخم في الإسناد بإذن الله تعالى.
* مذيع قناة الميادين: طيب، سيد محمد هناك من يقول أنه يقدّم النصيحة لكم أن هذه الضربات التي تقومون بها هذا الإسناد لقطاع غزة لم يوقف الحرب على القطاع وتالياً من الأفضل أن توقفوا جبهة الإسناد، كيف تعلقون على هذه الدعوات لليمن بأن يوقف جبهة الإسناد انطلاقاً من فكرة انه حتى الآن هذا العدوان مستمر على قطاع غزة.
** عضو المجلس السياسي الأعلى محمد_علي_الحوثي: نحن نقول بأن واجبنا ان نقوم به كيفما كان، أهم شيئ لدينا أن لا نتوقف عن شيئ باستطاعتنا القيام به. ونقول لكل الناصحين، اذهبوا فانصحوا أمريكا وانصحوا بريطانيا في التوقف عن دعم هذا الكيان لتتوقف المعركة. المفترض بكم أن تذهبوا إلى هذه الأنظمة الإرهابية التي تعمل بصلف، تعمل فوق القانون، تمارس عملياتها خارج الشرعية، لا يوجد لها أي مبرر فيما تقوم به، تستمر في دعم الإبادة ضد أبناء غزة. فالموقف الصحيح والموقف الذي يجب أن يكون هو أن يتجه الجميع لإيقاف هذه الحرب التي تجرى في قطاع غزة بكل ما يستطيع الإنسان. إن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا ما استطاعت، فنحن نعمل بكل ما في استطاعتنا وبإذن الله ستزداد الاستطاعة أكثر فأكثر.
* مذيع قناة الميادين: سيد، ليس فقط عسكرياً يعني صحيح ان هناك اعتداءات أمريكية بريطانية إسرائيلية على اليمن مؤخراً ولكن أيضاً اليوم استخباراتياً، هناك مخططات تستهدف اليمن، آخر ما كشفتم عنه في اليمن كان مخطط استخبارات بريطانيا بشكل أساسي للـ MI6 وأيضاً تحدثتم عن دور سعودي في هذا المخطط، يضاف إلى ذلك ما تكشفه هيئة البث الإسرائيلية بأن الاستخبارات الإسرائيلية جنّدت عشرات اليهود من أصول يمنية يتقنون العربية للتعامل مع ما سمته هيئة البث الإسرائيلية بتهديدات “الحوثيين” كيف ستتعاملون أيضاً مع مثل هكذا محاولات ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى محمد_علي_الحوثي: أولاً: أبناء الشعب اليمني هم جديرون بأن يُفشِلوا كل المخططات.
وثانياً: هناك بفضل الله تعالى إلتفاف شعبي، إلتفاف حقيقي يقوم بالإبلاغ عن كثير من الجواسيس الذين يحاولون أن يزرعونهم.
ثانياً: أننا لا نأبه بكل ما يقومون به؛ لأن هناك يقظة أمنية بفضل الله تعالى، وهناك اهتمام من الجانب الأمني، سواءً جهاز الأمن والمخابرات أو وزارة الداخلية أو غيرها من المؤسسات الأمنية التي تعمل على كشف وفضح هؤلاء الجواسيس.
وكما قلت لك هناك أيضاً خلايا كثيرة تم إلقاء القبض على عناصرها لكن لم يتم الإعلان عنهم ولم يتم الإفصاح عنهم لأنهم لا زالوا في طور التحقيقات، هناك معلومات كثيرة وكبيرة، وممكن أن يكون هناك تبادل للمعلومات مع الجهات التي ترغب في تبادل المعلومات الأمنية معها.
* مذيع قناة الميادين: هناك الآن أيضاً سيد محمد علي الحوثي المزيد من الأشخاص الذين تم اكتشافهم أيضاً في إطار شبكات تجسس على اليمن، لا يمكن الكشف عن أي معلومات بخصوص هؤلاء خاصة ان هذا مخطط يعتبر خطير عندما يتعلق الأمر بمحاولات حسب ما فهمنا من المعلن وما تم أيضاً إيفاد الميادين به بأن هناك محاولة للوصول إلى القادة في اليمن، هل هناك مزيد من المعلومات ؟ هل هناك أطراف أخرى غير الطرف البريطاني متورط بهذه الشبكات ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى محمد_علي_الحوثي: هناك أطراف كثيرة لكن لا يتم الإفصاح عنها، لكن قد تم إلقاء القبض على مجموعة من الخلايا كما قلت لك، ولهم امتدادات متعددة بعضها مرتبط بالعدو الإسرائيلي مباشرة، ولكن حتى الآن لم يتم الإفصاح عن هؤلاء.
* مذيع قناة الميادين: سيد محمد، بالنسبة لما تقول هيئة البث الإسرائيلية بأنهم من اليمنيين اليهود يعني يتكلمون اللغة العربية، وكان واضح مؤخراً أنه الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن صعوبة في التعاطي استخباراتياً مع الملف اليمني نظراً لأن اليمني غير معروف بالنسبة إليهم على مستوى بعض التفاصيل التي لها علاقة بالطبيعة اليمنية، هل يشكّل هؤلاء الذين يعمل الإسرائيليون على تجنيدهم هل يشكلون خطراً اليوم على اليمن لأنهم من اليمنيين بنهاية المطاف ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: تذكّر قضية أصحاب الكهف، هم بقوا في كهفهم عدة سنوات فخرجوا ولم يعد يعرفهم أحد. وهؤلاء كذلك خرجوا من اليمن ولهم فترة طويلة نحن لا نعرفهم ولا يعرفهم الشعب اليمني ولا يعرفون الشعب اليمني.
* مذيع قناة الميادين: في الفترة الأخيرة سيد محمد علي لاحظنا أنه كيف كان هناك تركيز على حاملات الطائرات الأمريكية تحديداً “يو أس أس هاري ترومن” هناك بيانات عدة من القوات المسلحة اليمنية، ولكن في المقابل كان وكأن هناك نوع من التراجع في استهداف السفن التجارية التي لها علاقة او المتجهة باتجاه فلسطين المحتلة ليس كما كان في السابق إعلان الكثير عن استهداف هذه السفن، ما أسباب هذا التراجع ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: قبل أن أدخل في سؤالك الحالي، أعود إلى السؤال السابق الذي تحدثت فيه عن التجنيد للخلايا وعن تجنيد كيان العدو الصهيوني لمجموعة من اليهود ممن يتعلمون أو يفهمون اللهجة اليمنية، أقول لك، نحن نتعلم كثيراً ونحن أيضاً عندما تم أو ما شاهدناه وما حصل من استشهاد السيد حسن – رضوان الله عليه – واستهداف الكثير من القادة في حزب الله تم توجيه كل المجاهدين لدينا وكل القوات المسلحة لدينا وأصبح كل فصيل لديه أوامره الخاصة به ويستطيع أن يتحرك وفقتوجيهات وتعليمات سابقة لديه، لم يعد لدينا التسلسل الهرمي المرتبط، حتى لا يكون هناك شلل لأي عمليات، فأي شيئ يحصل لا يمكن أن يؤثر على عملياتنا. هذا بالنسبة للسؤال الأول.
أما بالنسبة لما يحصل اليوم من استهداف لحاملة الطائرات وعما تحدثت ان هناك انخفاض في استهداف للسفن المرتبطة بإسرائيل او التابعة للكيان الصهيوني التي تصل إلى موانئ فلسطين المحتلة فالسبب في ذلك عدم وجود هذه السفن، لم تعد تعبر من المناطق التي يتم تحديدها من قبل القوات المسلحة بأنها مناطق للعمليات سواءً في البحر الأحمر او في البحر العربي او في الأماكن التي تحدثت عنها العمليات السابقة، فقلة الاستهداف هو لعدم وجود السفن، لم يعد هناك أي سفن تمر من تلك المنطقة التي يتم الإعلان عن استهدافها، تمر السفن الأخرى التي لا علاقة لها بإسرائيل ولا علاقة لها بأمريكا ولا بريطانيا ولا يتم استهدافها لأنها ليست ضمن أهداف او ضمن العمليات التي تم الإعلان عنها.
* مذيع قناة الميادين: طيب سيد محمد، في موقف سابق لك وجهت دعوة للسعوديين لتعقيل الأمريكيين كما ذكرت كي لا يستهدفه اليمن، لماذا وجهت هذا الدعوة للسعودية بهذا التوقيت، وما سبب هذا التحذير، أي دور ممكن هل فعلاً ممكن للسعودية أن تعقّل الأمريكيين في هذا السياق ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: أولاً المصالح الأمريكية مرتبطة مع المصالح السعودية وقد يكون الاستهداف مباشرة لتلك المصالح فبالتالي هم بالأولى لهم أن يتحدثوا إلى الأمريكيين وباعتبارهم هم الأكثر حليف بالنسبة للأمريكيين في المنطقة فنحن نتحدث معهم حتى لا يكون يعني انطلاقاً من قول الله تعالى “فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ” نحن ننبذ إليهم على سواء ونقول لهم بأن أي استهداف نتوقع انه سيحصل بسببه أضرار بالنسبة لنا سيتم استهداف تلك المصالح الأمريكية في المنطقة، وإعلان ذلك هو من باب مصداقيتنا واننا لا نريد ان ندخل في معركة أخرى غير المعركة التي نعمل اليوم ونواجه بسببها يعني من أجل غزة، نريد ان تبقى المعركة مع العدو الصهيوني مباشرة فنحاول بكل ما في وسعنا ان يفهم الآخرين ان لا يتدخلوا او ان يثنوا الآخرين من اعتداءاتهم.
* مذيع قناة الميادين: أيضاً في موقف سابق سيد محمد حذرت وقلت بأنه لدى دول العدوان رسالة بالتصعيد بقراءة خاطئة معتمدين على ذبابهم ونشوة ذهابهم إلى دمشق، هل هذا الكلام سيد محمد يعني أنكم لمستم إمكانية لتحريك الجبهات في اليمن داخلياً مجدداً، أم الأمر يتعلق بأمور خارجية ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: لا، السعوديين أوصلوا إلينا رسالة قالوا بأنهم في الوقت الحالي لا يريدون التصعيد ولكنهم يشعرون ان لدينا إرباك، وقالوا يشعرون بأننا لا يوجد لدينا تحرك يعني قراءة خاطئة لديهم وبالتالي هم ربما في الإدارة الجديدة يعني يدخلوا في تحالف جديد قد لا يستطيعون رفض الدخول في مثل هذا التحالف، قلنا لهم يعني إذاً أنتم تقرأون قراءات خاطئة مستمرة، اليوم الشعب اليمني بأكمله يقف إلى جانبنا ويتحرك معنا في هذه القضية، وأي قراءة خاطئة فمعناه أنكم ستنالون بإذن الله الفشل وسيتحقق النصر لليمنيين، لم يستفيدوا من التجارب السابقة، وقراءتهم السابقة كانت خاطئة مائة في المائة، عندما تحدثوا بأنهم سيحتلون اليمن وسيسيطرون على اليمن في غضون أسبوعين، أيضاً كان هناك محاولات عديدة جداً عملوا على عفاش علي عبدالله صالح الرئيس السابق على أن يقوم بانتفاضة في داخل صنعاء انتفاضة الجوع انتفاضة المرتبات انتفاضة كشر انتفاضة الجبل الأسود انتفاضة انتفاضة قد عملوا كل ما في وسعهم يعني، وقال “عسيري” في إحدى خطاباته بأن مطار صنعاء تحت النيران قال انهم سيطروا على صنعاء انهم سيطروا على عدة أشياء ولكن في الأخير تكون العاقبة للمؤمنين والعاقبة للمتقين وكانت العاقبة لصالح اليمنيين وكانت الانتصارات في أوج قوتهم وفي أوج ما يقومون به كانت لصالحنا بفضل الله تعالى ونحن لم نملك مثل ما نملك اليوم من الخبرات والقدرات، السيد القائد -حفظه الله- يقول انه مع كل معركة نزداد خبرة وتطور وقدرة ومع ذلك لم يفهموا ذلك، في بداية المعركة هذه معركة طوفان الأقصى التي هي معركة بالنسبة لنا نسميها معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس هذه المعركة استفدنا منها خبرات كثيرة وكبيرة بما فيها إطلاق الفرط الصوتي فهذه من نتائج هذه المعركة، استهداف السفن المتحركة بصواريخ بالستية.
* مذيع قناة الميادين: الصواريخ الباليستية قد تستفيد منها بضرب العدو الخارجي ولكن ماذا عن الجبهات الداخلية ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: أنا احدثك عن كيف تستفيد، نحن سريعي الاستفادة من أي معارك، ولهذا وجّهنا التحذير للسعودية بأن قراءتكم فاشلة إذا كنتم تعتقدون بأننا في حالة إرباك فهذا هو عين الجنون، وإذا ما صدّقوا وأرادوا ان يدخلوا في تلك المغامرة التي يريدون البحث عنها فبإذن الله تعالى ستكون خسارتهم أكبر وأشد مما كانت ومن مامنيوا به في السابق لأننا نعرف عندما نتحدث لا نتحدث من أجل الحرب النفسية وأنا أتحدث بهذا كثيراً لأنه دائماً ما تُقرَأ التصريحات بأنها في إطار الحرب النفسية، لا، نحن نتحدث من معرفة جهوزية من معرفة غضب الشعب اليمني لأنهم قاموا باستهداف الشعب اليمني بتجويع الشعب اليمني بحصار الشعب اليمني، وهذا الشعب فقط لأننا نواجه اليوم الأمريكي مباشرة والبريطاني مباشرة والإسرائيلي مباشرة وإلا لن نتوقف في هذا ولن يحصل لدينا خفض تصعيد لولا هذه المعركة ولن نقبل كان بخفض التصعيد لولا هذه المعركة لأننا نعلم انهم المعتدون على بلدنا وأن لنا اليد الطولى بفضل الله تعالى في ان نلحق بهم الخسائر المتتالية كما رأيتموها خلال العدوان علينا في الفترات السابقة.
* مذيع قناة الميادين: يعني القوات المسلحة اليمنية سيد محمد لديها القدرة العسكرية أن تواجِه حتى لو كان هناك عدوان خارجي ويتزامن ذلك مع تحريك الجبهات الداخلية في اليمن لدى القوات المسلحة اليمنية كل هذه القدرة اليوم ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: بل لديها المفاجآت الكثيرة والكبيرة، وكما قال السيد القائد انتظروا مفاجآتنا في البر كما رأيتموها في البحر او بأعظم مما رأيتموها في البحر.
* مذيع قناة الميادين: طيب ممكن تشرح لنا أكثر موضوع البر وهل له علاقة بالاحتلال الإسرائيلي أو له علاقة بأماكن أخرى ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: اليوم أي معركة تتوجه ضد الشعب اليمني فهي بالتأكيد إسناد لإسرائيل لأنها تريد منا ان نوقف الإسناد على غزة، لأنها تريد منا ان نوقف إسناد معركة غزة، لأنها تزيد منا أن نحول معركتنا من اتجاه العدو مباشرة العدو الإسرائيلي والعدو الأمريكي والبريطاني إلى عدو داخلي فبالتأكيد هي عملية مرتبطة وستكون حرب معروفة بأنها من أجل مساندة الإسرائيلي ومن أجل مساندة الأمريكي في عدوانه على أبناء غزة ولن يحركهم إلا من أجل هذا.
* مذيع قناة الميادين: لابد أن نتطرق معك أيضاً سيد محمد علي الحوثي للوضع الداخلي في اليمن، بعد غياب لعام ونصف العام “هانس غروندبرغ” المبعوث الأممي إلى اليمن يصل إلى صنعاء وكان له لقاءات، ما الذي حمله “هانس غروندبرغ” إلى صنعاء ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: لا يوحد لدى ممثل الأمم المتحدة هو يعتبر ساعي بريد كما تحدثت في أكثر من مرة ينقل رسائل لكن رسائله اليوم لم ينقلها بالشكل الصحيح، المفترض أن يتحرك بجدية في الإفراج عن الأسرى، المفروض أن يتحرك بجدية في المواضيع الإنسانية، المفروض أن يتحرك بجدية ويدين إيقاف المساعدات لأبناء الشعب اليمني بسبب تحركهم ومساندتهم لأبناء غزة، لكنه لم يأتي بجديد، ولذلك نحن نقول لممثل الأمم المتحدة من هنا وإن كنا لن نلتقي به عليك أن تبحث في الموضوع الإنساني وأن تتحرك من أجل الوضع الإنساني إن كنت تريد أن يكون لديك رسالة حقيقية لأبناء الشعب اليمني، إلى اليوم ما يتحرك به وما تقوم به هو حمل رسائل من قِبل الأمريكي.
* مذيع قناة الميادين: هل فعلاً “هانس غروندبرغ” قدّم لكم عرضاً أمريكياً للمقايضة بالإفراج عن شبكات تجسس مرتبطة بأمريكا والكيان الإسرائيلي مقابل سماح إدارة “جو بايدن” باستئناف جهود السلام، هل فعلاً هذا ما حمله ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: وحتى إن حمل مثل هذه الرسائل فعندما يقول انه من أجل أن تستأنف إدارة جو بايدن وقد إدارة جو بايدن لم يبقى لها إلا عدة أيام، فالرسائل هي رسائل فاشلة نحن نعتبرها، حديثهم يتحدثون باستمرار عن إيقاف العمليات في البحار وأن نوقف إسنادنا لغزة وهذا شيئ مرفوض ما لم تتوقف العمليات والحصار ضد أبناء غزة لن يتوقف إسنادنا لأبناء غزة.
* مذيع قناة الميادين: سيد محمد علي الحوثي أيضاً بخصوص الوضع الداخلي في اليمن لابد أن نسأل اليوم إذا ما كان هناك مفاوضات معينة تحصل خلف الكواليس ؟ ماذا عن التواصل مع السعودية هل هناك تمهيد لمفاوضات ما من أجل أيضاً الخروج باليمن من الأزمة التي مر بها خلال السنوات الماضية حتى اليوم ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: ولهذا قلنا للسعودية أن يعقّلوا الأمريكيين أولاً لأن السعوديين قالوا بالحرف الواحد قالوا الأمريكيين قالوا أن نتوقف عن الحوار معكم، قالوا لا يمكن أن يكون هناك خارطة سلام إلا إذا توقفت العمليات في البحر الأحمر وتوقف الإسناد لغزة، هذه الرسائل التي تأتينا من قِبل السعوديين فلا يوجد أي مفاوضات على الاطلاق، ولكن نحن كما أشرت إليه سابقاً منشغلون بمساندة الاخوة في غزة المجاهدون في غزة ونسعى بكل ما في وسعنا لمواجهة الشر الحقيقي والعدو الحقيقي علينا وعلى السعوديين وعلى اللبنانيين وعلى جميع من في الوطن العربي وهم “إسرائيل”.
* مذيع قناة الميادين: على كل حال، في سياق هذه المواجهة سأسلك سؤال بعد استشف منك أيضاً الموقف اليمني ولكن قبل ذلك سيد محمد علي كان هناك خارطة إسرائيلية تم نشرها مؤخراً هي تقتطع أجزاء من الأراضي العربية، حضرتك علقت عليها وتساءلت هل سيكون هناك تحرك عربي فعلي لمواجهة هذه الخطة الإسرائيلية، ما خطورة هذه الخارطة من وجهة نظر يمنية، ولماذا الدعوى اليوم بضرورة التحرك العربي ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: أولاً لأن الخارطة هي تُنبئ عن أهداف حقيقية ويعمل اليهودي على تنفيذها، فما نُشِرَ اليوم هو نُشِر على أساس خارطة تضم بعض الأراضي أو تقضم بعض الأراضي في لبنان وفي سوريا وفي الأردن ولكن ليست الخارطة بكلها لأن الخارطة تضم أيضاً في بعضها مصر وفي بعضها المملكة العربية السعودية، ولديهم توسع واطماع حقيقية، وهم يأملون من وجود الإدارة الجديدة والحديثة أن يعملوا على الاستفادة من الوضع والدعم المتكامل من ترامب لقضم هذه الأراضي، فلابد من تحرك عربي، التحرك العربي لماذا يتحركون بقوة و بشدة إذا كان الأمر متعلق بالقتال ضد اليمنيين يتحرك العرب، أو إذا كانت المعركة جانبية فيما بين العرب أنفسهم، لكن إذا كانت متجهة ضد العدو الذي هو عدوٌ للجميع لا نرى هذه المواقف العربية الحازمة، لذلك نحن ندعو تلك الدول جميعاً إلى أن تقوم بهذا العمل، والمفترض بالأردن أيضاً يعني نحن اعتبرنا أنها استشعرت الخطر بإدانة نشر مثل هذه الخرائط لكن لا يجب ان يكون هذا هو الموقف الأردني الوحيد، المفترض دعوة الجامعة العربية المفترض أن يكون هناك تحرك عربي أن يكون هناك إسناد للمقاومين للمجاهدين للذين لديهم توجّه حقيقي في مواجهة هذا العدو دون الاعتراض عليهم، يعني مثلاً المفترض أن تُدعَم هذه المقاومة داخل فلسطين وأن تُدعَم المقاومة في لبنان وأن تُدعَم المقاومة في كل مكان من الوطن العربي لمواجهة هذا الكيان الغاصب المحتل الزائل دون أن يكون هناك تأثير على مواقفهم أو محاولة لمواجهتهم.
* مذيع قناة الميادين: ولكن سيد كان هناك مواقف عربية تحديداً من الأردن والسعودية، يعني السعودية موقفها كان كالتالي أولاً عبّرت عن رفضها واعتبرت أن هذه الادعاءات المتطرفة تدلل على نوايا الاحتلال في تكريس احتلاله والاستمرار في الاعتداءات السافرة، كيف تنظرون إلى هذه المواقف هذا الموقف السعودي تحديداً من هذه الخارطة ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: إذا لم يكن هناك مواقف عملية فالإدانة اللفظية لا تُؤتي ثمارها، إذا لم يكن هناك عمل حقيقي، كان باستطاعة العرب أن يقوموا بأشياء كثيرة، باستطاعتهم أن يخفضوا في الصادرات النفطية، أن يقوموا بقطع العلاقات الدبلوماسية، باستطاعتهم أن يكون لهم موقف موحد عملي في رفض العلاقات مع من تدعم “إسرائيل” وقطع العلاقات مع من تدعم “إسرائيل”، في أن يعدّوا جيوشهم للمواجهة، هذا هو المفترض أن يكون لديهم موقف، لا يستشعر الخطر ثم يرضخ ويهجع ويطأطأ رأسه حتى يضع الصهيوني قدمه على رأس كل من يضع رأسه.
* مذيع قناة الميادين: طيب، في سياق المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي سيد محمد علي الحوثي، لا سمح الله لنفترض أنه دولة عربية أخرى تعرضت للعدوان الأردن مثلاً في ظل هذه الخارطة الإسرائيلية محاولات التوسع، هل يمكن أن نرى أيضاً جبهة إسناد يمنية جديدة لأي دولة عربية تتعرض لعدوان إسرائيلي ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: وسنتغاضى عن كل مواقف الأردنيين أيضاً في السابق التي وُجّهَت ضد شعبنا وكانت ضمن العدوان على بلدنا بالطبع، لأننا نعتبر أن العدو الحقيقي الذين يجب مواجهته هو الكيان الزائل وأنه سبب مصائب المجتمعات العربية والإسلامية وأنه البؤرة والغدّة السرطانية التي من خلالها يسعى لإقلاق السكينة العامة وإثارة الحروب والمشاكل في المنطقة.
* مذيع قناة الميادين: سيد محمد علي الحوثي، بالمباشر أن تقول الآن أفهم منك أنه أي دولة عربية أي دولة أيضاً يعتبر اليمن أنه له علاقة بها بطريقة أو بأخرى تاريخية سياسية اجتماعية دينية إذا أي دولة من هذه الدول تتعرض لعدوان إسرائيلي فإن اليمن أيضاً سيساند هذه الدولة ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: طبعاً، حتى المملكة العربية السعودية وهي أكبر دولة شاركت في العدوان وأقامت هذا العدوان على بلدنا لو تُقدِم “إسرائيل” الكيان الغازي على استهدافها لوقفنا إلى جانبها، هذا هو موقف عربي هذا هو موقف إيماني هذا هو موقف إسلامي موقف مشرّف أن نقف هذه المواقف، المواقف التي يجب ألّا يقفها أحد هي الموقف العربي ضد العربي المسلم ضد المسلم هو الذي لا يجب أن يقف الإنسان فيه، أما موقف في مواجهة الأعداء الذين يمثلون عداوة للجميع فيجب أن يقف الجميع وأن يتغاضوا وأن يرتفعوا بأنفسهم عن كل الجروح وأن يرتقوا لما هو في صالحهم جميعاً.
* مذيع قناة الميادين: هذه رسالة مهمة للغاية سيد لأن هذا يعبّر عن أن اليمن عندما يتخذ هذه المواقف فهو يتخذ مواقف مبدئية لا مواقف استنسابية، سيد محمد علي الحوثي بعد سقوط النظام في سوريا بدأ الحديث كما تعلم في المنطقة أنه خلاص محور المقاومة انتهى وتالياً هناك شروط جديدة وإسرائيل ستفرض رؤيتها على المنطقة وشرق أوسط جديد يعبّر في كلامه “نتنياهو” عنه، هل فعلاً الأمر كذلك بالنسبة لليمنيين ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: نحن لا نعتبر أن المحور انتهى، وحتى بالنسبة لنا في الأخوة في لبنان أنا أقول دائماً السيد الشهيد رضوان الله عليه بالنسبة للسيد حسن نصر الله مدرسة متكاملة قد أعطى دُفعة كبيرة جداً من الجانب المعنوي ومن الخطابات ما يكفي حزب الله إلى يوم القيامة مما أعطى من العبارات ومما أعطى من التوصيات والتوجيهات والخطابات العظيمة والكبيرة والواضحة، فالمحور لا يمكن على الإطلاق ان يتوقف لأنه محور مبدأي وأعتقد أن الجميع يفهم هذه، قد يكون هناك توقف في هذه المنطقة أو في هذه لكن لا يعني بالتأكيد أنها توقفت العمليات أو أنه بتوقف هذه العمليات في هذه المنطقة وهذه المنطقة أنها انتهت المواجهة مع هذا العدو، ستنتهي المواجهة لهذا المحور بزوال “إسرائيل” بإذن الله تعالى.
* مذيع قناة الميادين: هل هناك تنسيق اليوم بينكم وبين حزب الله سيد محمد علي الحوثي ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: التواصل مستمر من خلال غرف العمليات، وكما كان يقول الشهيد حسن نصر الله “نحن لا نهزم، نحن عندما نستشهد ننتصر وعندما ننتصر ننتصر”
* مذيع قناة الميادين: يعني هذا التنسيق مستمر مع حزب الله ومع بقية أطراف محور المقاومة ليس فقط أيضاً حزب الله ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: بالتأكيد بالتأكيد.
* مذيع قناة الميادين: طيب، سيد محمد علي الحوثي هناك دائماً أيضاً كما تعلم قبل أن أسألك هذا السؤال لابد أن نسألك عن العلاقة مع فصائل المقاومة الفلسطينية اليوم، أي مرحلة وصلتها في ظل استمرار عمليات الإسناد وفي ظل أيضاً تأكيد فلسطيني على هذا الدور الكبير لليمن بهذه المواجهة ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: أخوة صادقة أخوة جهادية أخوة ترتبط بالسلاح أخوة تعمل بكل ما في وسعها من أجل إسناد هذه المعركة والانتصار فيها.
* مذيع قناة الميادين: عندما يتحدث البعض اليمن وهم ضد هذا الموقف اليمني سيد محمد علي يتحدثون ويقولون أننا نضرب أذرع إيران كما تعلم، إن كان حزب الله وإن كان فصائل المقاومة الفلسطينية إن كان أيضاً القوات المسلحة اليمنية التي تقوم بهذه العمليات ويدّعون دائماً أن إيران هي من تهرّب هذا السلاح، كيف تردون اليوم على هذه الادعاءات خاصة أن اليمن دائماً يؤكد “فلسطين2” صاروخ يميني “ذو الفقار” صاروخ يمني المسيّرات التي تضرب عمق كيان الاحتلال هي مسيّرات يمنية ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: لكن التوصيف هو توصيف للأعداء وليس توصيف ناتج عن من يتحرك، ونحن إن كان هناك بيننا وبين الأخوة الإيرانيين أو بين الأخوة في فلسطين أو غيرها غرف عمليات مشتركة فلا يعني تجيير أي موقف على موقف الآخرين، الإيرانيين يتحدثون بأنه لدى الشعب اليمني ولدى الجمهورية اليمنية قرار مستقل، ونحن نقول أيضاً لدينا قرار مستقر، والآخرون لا يتصورون هذا لأنهم لم يذوقوا الاستقلال في قرارهم، عندما الآخرون لم يذوقوا الاستقلالية في قرارهم وتسيّرهم أمريكا ذات اليمينِ وذات الشمال فهم يعتقدون بأن الآخرين مثلهم، لا يوجد لديهم الحرية والإباء والاستقلال في القرار، هذا هو ما تحدث عنه أيضاً الشهيد حسن نصر الله رحمه الله.
* مذيع قناة الميادين: طيب، سيد محمد علي الحوثي بالنسبة لسوريا سقوط النظام السابق في سوريا هل يُشعِر اليمنيين بالقلق أم تعتبرون أنه من المبكر أيضاً التقييم أو الحديث عما ستؤول إليه الأمور في سوريا ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: ليس لنا أي علاقة بسوريا ولا كانت ترتبط بيننا وبين الأخوة في سوريا علاقة ولم يكن هناك مواجهة، كان هناك استغفال كان هناك خديعة للنظام كان هناك تسليم على أساس أن هناك مفاوضات وتم تسليم المواقع فلم يكن هناك دخول إلى سوريا عنوة، وأيضاً لا ترتبط معركتنا بالأخوة في سوريا ولا تأثير بما حصل في سوريا على الشعب اليمني، والشعب اليمني هو محاصر منذ البداية ولا يوجد أي شيئ إنما ذلك في الخيال قراءات خاطئة، نقول لهم دعوكم عن قراءاتكم الخاطئة اليمن غير، اليمن لا يمكن أن يكون كما كان في سوريا، وإذا كان معهم تصنيفات وإلا معهم شيئ فليتفضلوا، الشعب اليمني بكله لو لم يجد ما يواجههم به إلا بالجنابي لواجههم بالجنابي لأنهم يرفضون الغازي المحتل.
* مذيع قناة الميادين: على كل حال، جماعات الحكم الجديد حتى الآن في سوريا من هم -إذا صح التعبير- في سدّة الحكم في سوريا لم يأتوا على ذكر اليمن لا سلباً ولا إيجاباً في هذا السياق، بالنسبة لموضوع الحصار على اليمن سيد محمد علي وهذه أيضاً بما أنه اقتربنا من ختام هذه المقابلة، لابد أن نسألك عن الوضع الإنساني في اليمن، ربما الناس نسيت أو تم محاولة إشاحة النظر عن الوضع الإنساني في اليمن من قِبل المجتمع الدولي لأنه من المعلوم اليمن كما ذكرت حضرتك محاصر حرب أكثر من ست سنوات و واضح أن هناك أزمة إنسانية خانقة، لو سمحت نريد أن نعرف تفاصيل نذكّر العالم أيضاً بما يعيشه الشعب اليمني لأن هذا أيضاً مهم للغاية يؤكد على ما يبذله اليمن من طاقة ويؤكد على ما يبذله اليمن من تضحيات عندما يقوم أيضاً بإسناد قطاع غزة ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: نعم بالتأكيد هناك حصار لشعبنا اليمني ولكن بفضل الله تعالى الشعب اليمني يعمل بكل ما في وسعه وبكل طاقاته من أجل أن يتجاوز هذا الحصار، أيضاً نحن نقول لهم بأن ما تم استهدافه وما تم قصفه في السنوات التسع الماضية قبل خفض العدوان على بلدنا أو ما يتم قصفه اليوم لا يثنينا عن معركتنا في غزة، وأن ما قد تم قصفه به أكثر مما تم قصف به خلال الحرب العالمية الثانية على الجمهورية اليمنية ومع ذلك لم يستطيعوا أن يحرزوا النصر على الجمهورية اليمنية، ما يحصل اليوم من تجويع لأبناء الشعب اليمني من حصار لأبناء الشعب اليمني يزيد أبناء الشعب اليمني قوة استبسال عزيمة عنفوان، يعلمون بأن العدو الأمريكي السعودي البريطاني الإماراتي الذين يحاصرون بلدنا أنهم أعداء لهم وأنهم لا يمكن أن يقدموا لهم أي خير، لذلك نحن ندعو المملكة العربية السعودية إلى تعديل خطتها وإلى تعديل توجهها وإلى أن تفوق من قراءاتها الخاطئة وأن تصحح من نظرتها السالبة للمجتمع اليمني وأن تتجه الاتجاه الصحيح اتجاه الأخوة لأبناء الشعب اليمن بدلاً من العداء لأبناء الشعب اليمني ما لم فلن يستطيعوا أن ينالوا من شعبنا شيئ، وشعبنا قوي برجاله بأبطاله بقائده بعزيمته بكل مواطنيه يتحركون وفق ما يملي عليه دينهم وقيمهم وإيمانهم لنصرة إخوانهم في غزة أو للدفاع عن أنفسهم لن يثنيهم شيئ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ هذا الشعب أن يبارك في هذا الشعب أن يوفق هذا الشعب ونحن فخورون جداً بأبناء شعبنا بأبناء قبائله بمشائخه بشخصياته بمواطنيه بمسؤوليه على دورهم النضالي والجهادي في هذه السنوات التي مرت ونحن نواجه فيها طغاة العالم من أمريكا و “إسرائيل” وبريطانيا ومن الدول المتحالفة ضد بلدنا.
* مذيع قناة الميادين: سيد محمد علي بما أنك عدت وأتيت على ذكر السعودية وطلبت مجدداً كما ذكرت حضرتك سابقاً بأن لا يكون هناك خطأ في الحسابات أو أن تقوم بتعديل رؤيتها لما يحصل في اليمن، هل تتوقعون مثلاً أن يتغير الموقف السعودي، أن يصبح أكثر حدّة مع وصول “دونالد ترامب” إلى سدّة الرئاسة أم أن الأمور الآن تختلف عمّا كانت في السابق ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: بحسب رسالتهم أنهم قالوا ان إذا كان هناك تحالف ضد اليمن فهم لا يستطيعون أن لا يكونوا ضمن هذا التحالف، لكن نحن ننصحهم بأن يغيروا حساباتهم.
* مذيع قناة الميادين: لماذا هذه الابتسامة سيد محمد علي ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: لن ينفعهم لا ترامب ولا غيره، هم جربوا في السابق وكان ترامب على سدة الحكم وكانوا يواجهونا وقاموا بقصف بلدنا واستهداف بلدنا ومقدرات بلدنا، استهدفوا الموانئ استهدفوا الطرقات المدارس كل شيئ استُهدِف وترامب هو من في سدة الحكم ومع ذلك لم يحقق لهم ترامب الانتصار، فإذا اعتقدوا بأن بعودة ترامب مجدداً سيتحقق الانتصار فهذا هو الفشل بعينه، أيضاً جربوا كروتهم الفاشلة والحارقة من المرتزقة اليمنيين ولم يجدي معهم، أيضاً جربوا السودانيين اليوم السودانيين فيما بينهم حرب مع أنهم كانوا يدعمون المعركة في اليمن، فهناك أوراق كثيرة قد تساقطت من هذا التحالف الذي يُقاد على بلدنا، فمغامرة جديدة هي مغامرة غير محسوبة ومغامرة مصيرها الفشل مصيرها الهزيمة، نحن نقول بملء الفم أي تحرك ضد بلدنا سيصاب بالهزيمة سيصاب بالفشل وسنحرز بإذن الله تعالى الانتصار.
* مذيع قناة الميادين: ولكن سيد، ترامب اليوم يطل من الولايات المتحدة الأمريكية حتى يهدد بموضوع الأسرى في قطاع غزة إن لم يُطلَق سراح الأسرى فإن المنطقة ستتحول إلى جهنم هكذا يقول، يعني أنا أفهم منك أنه من هكذا تصريحات لا تؤثر عليكم ولا على المعنويات عند الشعب اليمني ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: بالتأكيد لأنه فقط هو يجيد حرب التصريحات، أما في الواقع فنحن جربناه في الجمهورية اليمنية ولم يستطع أن يعمل شيئ.
* مذيع قناة الميادين: حتى لو كان هناك كما ذكرت حضرتك انطلاقاً من التجربة مهما كانت المواقف الأمريكية هذا لن يغير من الموقف اليمني شيئاً ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: بالتأكيد، لأننا عندما نتحرك نحن نتحرك ونحن نؤمن بأن الله القادر على كل شيئ.
* مذيع قناة الميادين: ألاحظ من خلفك وأختم معك في هذه النقطة سيد محمد علي وضعت علم فلسطين مع الشعارات التي ترددونها في اليمن وأيضاً إلى جانبه العلم اليمني في هذه رسالة أليس كذلك ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: بإذن الله أنها ستبقى مرفوعة وستحصل على الانتصار، ونحن بقوة الله وبفضل الله وبعزة الله وبالتوكل على الله نحن المنتصرين في المعركة، لا يوجد ما يقلق أبناء الشعب اليمني ولا يوجد ما يحزن أبناء الشعب اليمني، ماذا يريدون أن يفعلوا بنا أكثر مما فعلوا ؟ الغارات التي نسمعها بين الفينة والأخرى هي التي سمعناها طوال العشر سنوات الماضية لم يتغير، السلاح الأمريكي الذي يُضرَب به شعبنا اليوم هو السلاح الأمريكي الذي ضُرِبَ به خلال العدوان السعودي الأمريكي على بلدنا، فلا يوجد أي شيئ جديد، نحن من نمتلك الجديد نحن من لدينا أيضاً التجربة الجديدة، نحن من نمتلك التطور والابداع، والأمريكي يشهد بذلك، اليونان عندما أتوا لقتالنا قالوا بأنهم يقاتلون النجوم فما بالك اليوم ونحن نملك بفضل الله تعالى الخبرات نملك التطور والقدرات نملك المعركة المفتوحة نقاتل بكل ما في وسعنا من أجل إسناد إخواننا في غزة وللدفاع عن أنفسنا، لا نبالي بشيئ ولا نأبه بشيئ بفضل الله تعالى لأننا متمسكين بالله ونعرف صدق موقفنا وموقعنا وأين نتجه.
* مذيع قناة الميادين: سيد، أيضاً سؤال أخير كنت سألتك إياه قبل قليل عن الرسالة من خلال وضع علم فلسطين وإلى جانبه الشعار الذي ترددونه في اليمن مع العلم اليمني، أي رسالة أردت أن ترسلها من خلال ذلك ؟
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: يعلم الجميع بأنها ستبقى راية مرفوعة، الراية التي بإذن الله ستخفق بالنصر وسترفرف بالنصر في الأيام القادمة بإذن الله تعالى.
* مذيع قناة الميادين: شكراً جزيلاً لك سيد محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن على وجودك معنا في هذه المقابلة.
** عضو المجلس السياسي الأعلى #محمد_علي_الحوثي: شكرا كثيراً لكم