الأساتذة غاضبون ودعوات إلى إسقاط نظام بنموسى
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
بقلم: إسماعيل الحلوتي
يبدو أن الموسم الدراسي 2023/2024 لهذه السنة لن يختلف كثيرا عن المواسم الدراسية السابقة من حيث تنامي الاحتجاجات وتواصل مسلسل الإضرابات التي تنعكس بالسلب على مستوى التلاميذ، وذلك في خضم رفض هيئات تعليمية واسعة لمشروع مرسوم النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، الذي تقدم به وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى وصادقت عليه الحكومة يوم الأربعاء 27 شتنبر 2023، وهو "نظام" يندرج في إطار تنفيذ أحكام القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وتفعيل التوجهات الواردة في النموذج التنموي الجديد، بانسجام مع البرنامج الحكومي 2021/2026، الذي يولي أهمية كبرى للتعليم باعتباره إحدى الركائز الأساسية في بناء الدولة الاجتماعية.
الحكومة من جهتها لم تتردد في المصادقة عليه، وتقول على لسان الناطق الرسمي باسمها مصطفى بايتاس بأن مشروع المرسوم رقم 819.23.2 المتعلق بالنظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية، الذي تقرر أن يدخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح شتنبر 2023 تم وفق مقاربة تشاركية مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، حيث أحدثت لجنة عليا برئاسته وعضوية الكتاب العامين لهذه النقابات، وهو النظام الذي يستند على عدة مرتكزات أساسية تهم تحقيق التكامل والانسجام وتعزيز جاذبية المهنة، وإلزامية التكوين الأساس والمستمر، وتثمين الاستحقاق، كما أنه يتأسس كذلك على مبادئ التوحيد والتحفيز والالتزام والمسؤولية والمردودية. بالإضافة إلى أنه يهدف إلى رد الاعتبار لمهنة التدريس إلى جانب تنزيل الالتزامات الواردة في خارطة طريق الإصلاح التربوي (2022/2026)، خاصة فيما يتعلق بإرساء نظام لتدبير المسار المهني، من سماته البارزة الدفع نحو الارتقاء بمردودية الأطر التربوية لما فيه مصلحة التلاميذ، وخضوع جل الموارد البشرية العاملة بالقطاع لمقتضياته، عبر إدماج الأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وإلغاء الأنظمة الإثني عشر (12) التي كانت تسري عليها من قبل.
وقال وزير التربية الوطنية في الندوة الصحفية التي أعقبت المجلس الحكومي الذي انعقد يوم الأربعاء 27 شتنبر 2023 بأن جاذبية المهنة تكمن فيما جاء به نظامه "السحري" من تحفيز استثنائي وغير مسبوق مرتبط بخلق وإحداث درجة ممتازة، ستمكن ثلثي أطر وزارته من الاستفادة منها بعد حوالي 15 إلى 20 سنة من العمل، وأشار أيضا إلى أنه عندما ينتقل الأستاذ من السلم 11 إلى الدرجة الممتازة، سيستفيد من مبلغ إضافي يقد بحوالي 2700 درهم شهريا... وما إلى ذلك من مساحيق غير ذات جودة.
إلا أن الاطلاع على مضامينه خيب آمال الكثير من نساء ورجال التعليم وأثار لديهم الشعور بالاستياء والإحباط، ثم سرعان ما ارتفعت الأصوات منددة بعدم الإنصاف والمطالبة بضرورة التعجيل بسحبه، حيث سارع البعض إلى فتح عريضة احتجاج موجهة إلى مهندس مشروع مرسوم النظام الأساسي الجديد شكيب بنموسى، يعربون من خلالها عن رفضهم التام لمضامينه، باعتباره نظاما شاردا وبعيدا كل البعد عن طموحات الشغيلة التعليمية، فيما دعا البعض الآخر إلى الحرص على رص الصفوف في اتجاه تأسيس نقابة مستقلة خاصة بهيئة التدريس، بدعوى غياب جل النقابات عن المشهد التعليمي وعدم تفاعلها بالشكل اللازم مما ورد في هذا "النظام" من إجراءات في غير صالحهم.
ذلك أن هناك عددا من الهيئات التعليمية ترى أن النظام الجديد لم ينصفها من خلال التغاضي عن مشاكلها وعدم الاستجابة لأي مطلب من مطالبها المشروعة، بل ولكافة الفئات المزاولة لعملها والمتقاعدة على حد سواء. وفي هذا الإطار قالت لجنة التنسيق الوطني لقطاع التعليم بأن ما جاء به النظام الأساسي الجديد يعتبر نظاما تراجعيا وفاقدا للمشروعية، لكونه ركز فقط على تدبير المسار المهني والحقوق والواجبات، بينما أغفل أو تغافل أبرز المطالب الملحة العادلة والمشروعة لمختلف فئات الشغيلة التعليمية، ويكرس العمل بالعقدة تحت مسميات احتيالية وينزع عنه طابع الوظيفة العمومية.
وقد أشار أصحاب العريضة الاحتجاجية التي انطلقت في جمع توقيعات الرافضين لنظام بنموسى غداة المصادقة عليه من قبل الحكومة، إلى أنه أهمل بشكل مقصود وممنهج كل الملفات العالقة من قبيل الإدماج الفعلي للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، وملف "الزنزانة 10" والأثر الرجعي للدرجة الممتازة (خارج السلم) وملف الإدارة التربوية، وانعدام التعويضات المناسبة وكثرة المهام وغيرها، فيما رفض بيان مشترك لعدة هيئات تنسيقية وفئوية "التعاطي مع قطاع التعليم والشغيلة التعليمية بمنطق المقاربة المالية"
نحن لا نعتقد أن هناك فئة تعليمية واحدة من الفئات الرافضة للنظام الأساسي الجديد، تعترض على عملية الإصلاح والارتقاء بمستوى المتعلمات والمتعلمين، لما عرف عن نساء ورجال التعليم من تضحيات جسام ونكران الذات في سبيل رفعة الوطن، لكنهم يرفضون تمادي القائمين على الشأن التربوي في غض الطرف عن مطالبهم المشروعة، ويتطلعون إلى إقرار نظام أساسي منصف وعادل. وإلا كيف يستقيم الحديث عن إصلاح المنظومة التعليمية واسترجاع هيبة المدرسة العمومية، وثقة المواطنين وتعزيز جاذبية التعليم وتصحيح وضعيات بعض الهيئات المهنية، في ظل استمرار الحيف والتهميش والإقصاء وعدم إنصاف الفاعلين الأساسيين في العملية التعليمية-التعلمية، وتكييف النظام الأساسي مع خصوصيات المهنة؟
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: التربیة الوطنیة النظام الأساسی الأساسی الجدید
إقرأ أيضاً:
نظام ساير والثورة في النماذج الاقتصادية... هل نحن أمام نظام مالي جديد؟
نشر موقع " شيناري إيكونومتشي" تقريرا سلّط فيه الضوء على فشل النماذج الاقتصادية التقليدية "دي إس جي إي" في التنبؤ بالأزمات المالية، إذ تفترض أن البنوك المركزية تتحكم في المعروض النقدي، بينما الواقع يُظهر أن 90% من الأموال تُخلق عبر القروض البنكية الخاصة، ممّا يجعل النظام المالي أكثر هشاشة وأقل قدرة على الاستجابة للصدمات.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن النماذج الاقتصادية التقليدية تفترض، وجود نظام نقدي تسيطر فيه البنوك المركزية بشكل كامل على عرض النقود من خلال أدوات مثل أسعار الفائدة، وإن هذه الفرضية ليس لها أي أساس من الصحة، إذ أن العرض النقدي الإجمالي اليوم هو بنسبة 90% نتيجة لنشاط الإقراض الذي تقوم به البنوك الخاصة، وهو مستقل تقريبًا عن البنك المركزي.
ومع ذلك، من خلال دمج النماذج الاقتصادية التقليدية مع المستجدات في مجال العملة المالية التي أنشأتها المبادرة الاقتصادية الإيطالية للإصلاح النظام النقدي مونيطا بوزيتيفا من خلال ساير (النظام المتكامل للادخار الحكومي)، سيأخذ النظام النقدي شكلًا مختلفًا جذريًا:
1- سيتم إنشاء النظام المتكامل للادخار الحكومي"ساير" مباشرة من قبل الدولة، دون أي ديون مرتبطة به. وهذا الإصدار النقدي سيؤدي تدريجيًا بمرور الوقت إلى تقليل آلية إنشاء النقود القائمة على الدين، والتي تميز النظام المصرفي الحالي.
2- لن يكون النظام المصرفي التقليدي بعد الآن هو الجهة التي تنشئ الغالبية العظمى من النقود الموجودة في النظام الاقتصادي من خلال الائتمان، بل سيعمل في منافسة مع ساير الذي يتم إنشاؤه من قبل الدولة.
وأوضح الموقع أنه لدمج "ساير" في النماذج الاقتصادية التقليدية، سيكون من الضروري إعادة تصميم آلية الإصدار المباشر للنقود: إدخال عنصر "الدولة" كوكيل اقتصادي يقوم بإصدار النقود وفقًا لاحتياجات الاقتصاد، دون توليد ديون. ويتطلب ذلك إعادة صياغة معادلات عرض النقود بحيث تعكس الواقع بشكل أكثر دقة.
إن إعداد آلية إدارة لساير يتم تمثيلها كوحدة تنظم عرض النقود استنادًا إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي، مثل الرفاهية العادلة والمستدامة "بي إي إس"، ومستويات التوظيف، والتضخم، كي تعمل كأداة استقرار تلقائي.
وأشار الموقع أنه في النماذج الاقتصادية التقليدية، تعكس معادلات التوازن المالي للوكلاء الاقتصاديين (الأسر، الشركات، الدولة) التفاعلات بين الادخار والاستثمار والديون، ومع إدخال ساير ومونيطا بوزيتيفا سيتوجب إعادة النظر في هذه المعادلات مع الأخذ في الاعتبار ما يلي:
1- التأثير على الدين العام: من خلال إصدار ساير، ستقوم الدولة تدريجيًا بتقليل إصدار السندات الحكومية في السوق، مما سيؤدي إلى تغيير جذري في ديناميكيات وإدارة الموازنة العامة.
2- إدخال متغير جديد عبر ساير: يوفّر ساير آلية حقيقية لحماية الادخار الخاص، وفقًا لما ينص عليه الدستور الإيطالي في المادة 47، من خلال عزله عن التقلبات والمضاربات السوقية. هذا المتغير سيؤثر بشكل مباشر على قرارات الإنفاق العام وإعادة التوزيع، ليصبح عنصرًا أساسيًا في استقرار الاقتصاد.
في النماذج الجديدة للنماذج الاقتصادية التقليدية سيكون من الضروري تحليل التأثيرات التي ستنتج عن السياسات الاقتصادية الجديدة المستندة إلى عمل ساير، خاصة في حالة حدوث صدمات اقتصادية.
في الواقع، في حالة:
صدمة في الطلب: إذا حدث انخفاض في الطلب الكلي، يمكن لساير تنشيط استثمارات عامة جديدة لتحفيز الاقتصاد، مما يساهم في تخفيف الآثار السلبية لهذه الصدمة.
سياسات مالية مضادة للدورات الاقتصادية: يتيح ساير اختبار سياسات مالية تلقائية تقلل من الحاجة إلى التدخلات الاستثنائية، مما يحسن سرعة الاستجابة الاقتصادية.
التحكم في التضخم والانكماش: يمكن ضبط عرض النقود مباشرة عبر ساير لدراسة تأثيره على التضخم واستقرار الأسعار، مما يوفر رؤى جديدة حول إدارة السياسة النقدية.
أزمة الائتمان: في حال حدوث انخفاض في الإقراض للقطاع الخاص، يمكن لساير أن يتيح تقديم قروض جديدة مباشرة به، أو استخدامه كضمان للحصول على تمويل من النظام المصرفي التقليدي.
وذكر الموقع أن دمج ساير في النماذج الاقتصادية التقليدية سيفتح المجال أمام عمليات محاكاة وسيناريوهات جديدة، يمكنها أن تُبرز الإمكانات الهائلة لهذه الأداة. فهي تتيح لكل دولة إمكانية اتباع سياسة اقتصادية مستقلة، بعيدًا عن القيود والتدخلات الخارجية.
من خلال ساير وتبنّي الرفاهية العادلة والمستدامة، سيصبح النظام الاقتصادي:
أكثر استقرارًا: حيث ستنخفض كمية الائتمان المصرفي داخل النظام، مما يقلل من مخاطر الأزمات المالية.
أكثر كفاءة من حيث النمو المتوازن والمستدام: وذلك بفضل تفضيل الإنفاق على الاستثمارات بدلًا من الإنفاق الذي يؤدي فقط إلى الاستهلاك أو المضاربات.
أكثر تجانسًا: إذ سيساهم في تصحيح الفجوات الاجتماعية الكبيرة التي تفاقمت خلال الأربعين عامًا الماضية، مما يجعل النمو الاقتصادي أكثر عدالة وشمولية.
وبذلك يُعد دمج النظام المتكامل للادخار الحكومي (ساير) في النماذج الاقتصادية التقليدية فرصة مثيرة لاستكشاف آثار نظام نقدي بديل قائم على مونيطا بوزيتيفا.
واختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أن هذا يتطلب مراجعة جذرية للأسس النظرية للنماذج الاقتصادية التقليدية وتكييف هياكلها بحيث تستوعب مفاهيم جوهرية، مثل الإصدار المباشر للنقود من قبل الدولة دون توليد ديون. ومع ذلك، فإن هذا الجهد سيفتح المجال لنقاش تقني معمّق حول الإمكانات الحقيقية للنقدية الضريبية وكيفية تفاعلها مع النظام الاقتصادي ككل.