تطورات كبيرة يشهدها قطاع العمل في سلطنة عمان .. وتسارع وتيرة التعمين
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
-تراجع أعداد العمالة الوافدة في القطاع الحكومي إلى 43 ألف عامل بنهاية أغسطس
-إعداد مقترح لاستراتيجية التعمين في القطاع اللوجستي لتأهيل الكوادر الوطنية وفق أعلى المستويات التكنولوجية
-مرونة قانون العمل ترفع كفاءة القطاع الخاص وتشجع الشباب على الانضمام إليه
-توفير 9.1 ألف وظيفة في القطاع الحكومي، و7.4 في الخاص بنهاية النصف الأول
-إطلاق منصة "خطى" لربط مخرجات المؤسسات التعليمية بسوق العمل
-التدوير الوظيفي يمنح الموظف فرصة لتبادل الخبرات والممارسات الإدارية المختلفة ويطور المهارات
شهد قطاع العمل في سلطنة عمان خلال العام الجاري العديد من المتغيرات والتطورات التي تخدم المواطن بالدرجة الأولى، سواء على مستوى توفير فرص العمل وتدريب الباحثين عن عمل، أو رفع كفاءة الموظفين في وحدات الجهاز الإداري، أو إطلاق المبادرات المختلفة لربط مخرجات التعليم العام بسوق العمل.
فعلى صعيد قضية الباحثين عن عمل التي تشغل الرأي العام العماني، أولت الحكومة اهتماما كبيرا بها، على اعتبار أن توفير فرص عمل تنسجم مع "رؤية عُمان 2040" التي تهدف إلى تعزيز دور الكوادر الوطنية في التنمية الشاملة وضرورة تدريبها وتنمية قدراتها وتمكينها في سوق العمل.
فقد استطاعت وزارة العمل وبالتعاون مع الجهات المختلفة توفير فرص وظيفية للمواطنين في مختلف القطاعات الاقتصادية سواء من خلال التوظيف المباشر أو التدريب المقرون بالتشغيل أو عن طريق مبادرة دعم الأجور وغيرها من المبادرات في هذا الجانب، الأمر الذي أدى إلى تراجع العمالة الوافدة في القطاع الحكومي بشكل كبير، إذ تشير البيانات الصادرة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات عن تراجع أعداد العمالة الوافدة في القطاع من 44 ألف عامل في نهاية 2022 إلى 43 ألف عامل بنهاية أغسطس الماضي. كما وصل إجمالي العاملين في القطاع الخاص والمؤمن عليهم بنهاية يوليو حوالي 273 ألف عامل.
وكانت وزارة العمل قد وفرت قرابة 7.4 ألف وظيفة في القطاع الخاص بنهاية النصف الأول من العام، إذ بلغ إجمالي عدد الوظائف الموفرة عن طريق الدوران الوظيفي "ممن سبق لهم العمل في القطاع الخاص" نحو 16.4 ألف مواطن، بينما بلغ عدد الملتحقين بمبادرة العمل الحر 941 مواطنا وهو مسار تدريبي يربط الباحثين عن عمل بعدد من البرامج التدريبية لشغل الفرص المرتبطة بالعمل الحر في السوق المحلي والعالمي، أما في القطاع الحكومي فقد وفر نحو 9.1 ألف وظيفة.
كما أعلنت الوزارة مؤخرا عن توفر 909 وظيفة شاغرة في وحدات الجهاز الإداري مما يدل على تواصل الجهود المبذولة في حل قضية الباحثين عن عمل.
وتتضمن خطة وزارة العمل هذا العام تدريب وتأهيل الباحثين عن عمل، وتطوير وتعزير سياسات سوق العمل، وإعداد منظومة وطنية متكاملة لبناء القدرات الوطنية وإدارة المواهب.
كما تهدف الوزارة عبر خطتها إلى توفير 35 ألف وظيفة، منها 14 ألف فرصة عمل عن طريق الإحلال والتوظيف في القطاع الخاص، إضافة إلى تخصيص ما نسبته 8% لمهن المديرين والاختصاصيين والفنيين. كما تسعى إلى توفير ألفي وظيفة في المهن المعمنة لمستوى دبلوم التعليم العام، و10 آلاف وظيفة عن طريق التوظيف والإحلال في القطاع العام أو الحكومي، و5 الاف وظيفة ناتجة من التدريب المقرون بالتشغيل أو التدريب على رأس العمل، وألفي وظيفة من مبادرات القطاعات التي تشرف عليها الهيئات والوحدات الحكومية في القطاع الخاص.
قانون العمل
يعد قانون العمل الجديد الذي صدر مؤخرا إحدى الإضافات المهمة لسوق العمل، إذ يشمل القانون حوافز تشجع الباحثين عن عمل على الانضمام إلى القطاع الخاص مثل الإجازات السنوية وإجازة الأمومة وساعات العمل المرنة وغيرها. كما يشتمل على امتيازات كثيرة لرب العمل تعينه على رفع إنتاجية الموظفين وتحقيق إيرادات جيدة لمنشأته.
وقد ألزم القانون شركات القطاع الخاص بالكشف عن الخطة السنوية للتعمين والإحلال بشكل مفصل مثل عدد العمال العمانيين وأجورهم وجنسهم، وعدد ونوع الشواغر إن وجدت. إضافة إلى إلزامهم بإعداد خطة سنوية تتضمن تعيين وتدريب العمانيين لشغل المهن القيادية، ومتابعة تنفيذها، فضلا عن تطوير استراتيجيات عملية للاحتفاظ بالقوى العاملة الوطنية.
مبادرة التدوير الوظيفي
ولتحقيق التوازن والانسجام في أعداد الموظفين وإعادة توزيعهم بين وحدات الجهاز الإداري على أسس موضوعية مدروسة أطلقت وزارة العمل مبادرة التدوير الوظيفي الذي يعد أحد الأساليب المتبعة في التطوير الوظيفي لاستثمار الطاقات البشرية في الأعمال الفنية أو الإدارية وغيرها من المجالات.
وكانت وزارة العمل قد أنشأت منصة متخصصة لتقديم طلبات التدوير سواء بالإعارة أو الندب، إذ وصلت الطلبات في إحدى المراحل إلى أكثر من 15 ألف طلب.
ويحقق التدوير الوظيفي مكاسب عديدة بالنسبة للموظف أو الوحدة الإدارية على حد سواء، فترفع الوحدة من خلال التدوير مستوى جودة الخدمات والإنتاجية والأداء، كما يعطي الموظف فرصة لتبادل الخبرات والممارسات الإدارية مما يؤدي إلى تحسين بيئة العمل، إضافة إلى سد احتياجات الوحدات الإدارية من الكوادر البشرية ذات الكفاءة خاصة في الأوقات الحرجة، أي عندما يخرج الموظف الكفؤ من عمله لأي سبب كان.
أما الموظف المستفيد من التدوير فيكتسب المعارف والمهارات الإدارية و التخصصية من خلال تجربة وظائف متعددة أثناء التدوير الوظيفي بحيث يكون الموظف مؤهلا بعد فترة معينة لاستلام مهام وظيفية أعلى، الأمر الذي قد يعزز من مستويات الرضا الوظيفي له من خلال إتاحة الفرصة للموظف لاختيار بيئة عمل جديدة.
مبادرات المركز الوطني للتشغيل
وأطلق المركز العديد من المبادرات لتوفير فرص عمل للشباب إضافة إلى إعدادهم وتأهيلهم في شتى القطاعات، فقد قام المركز مؤخرا بإطلاق مشروع نوعي وهو إعداد مقترح لاستراتيجية التعمين في القطاع اللوجستي من خلال إيجاد مركز لتقييم الشباب الذين سوف يلتحقون للعمل بهذا القطاع، وإعداد برامج تدريبية فنية متخصصة لتأهيل الكوادر وفق أعلى المستويات التكنولوجية، وإتاحة الفرصة لتمويل المشروعات الجديدة في هذا القطاع.
ويعمل البرنامج الوطني للتشغيل على بناء القدرات الوطنية وتهيئة البيئة المناسبة للمواطنين للالتحاق بسوق العمل من خلال إتاحة فرص عمل وظيفية لهم وتأهيلهم وتدريبهم بما يتواكب والتطورات التكنولوجية والثورة الصناعية الرابعة ومهارات المستقبل. كما يسعى البرنامج من خلال مساره الاقتصادي إلى توعية وتشجيع الشباب العماني بفلسفة العمل الحر وأهمية الانخراط في هذا المسار إضافة إلى تهيئة البيئة المناسبة لهم بالتنسيق مع مختلف قطاعات الدولة.
وكان المركز قد أطلق في العام الماضي مبادرة دعم العمل الحر بهدف توفير تسهيلات متكاملة ومترابطة لأصحاب العمل الحر في سلطنة عمان، مثل خدمات التمويل، ومنصات لعرض العمل الحر، وخدمة إدارة الحسابات، إلى جانب الحماية الاجتماعية، وبما يسهم في استدامة العمل الحر وتطوره.
منصة خطى
كما دشن البرنامج الوطني للتشغيل أول منصة وطنيــة إلكترونيــة تفاعليــة للإرشاد المهني والتوجيه الوظيفي (خطى) لرفع كفاءة خدمة الإرشاد المهني في سلطنة عمان.
وتسهم هذه المنصة في تعزيز جاهزية مخرجات المؤسسات التعليمية لسوق العمل من خلال تزويدهم بالإرشاد المبني على أسس علمية وبالمهارات اللازمة للنجاح المهني، وهي بذلك مكون مهم في تعزيز النمو الاقتصادي الذي يقوم على مورد بشري ذو كفاءة عالية.
وتوفر المنصة بيانات مفصلة لطلبة المدارس والمؤسسات التعليمية الجامعية حول البرامج الدراسية والتخصصات التي تطرحها مؤسسات التعليم العالي بمختلف فروعها ومجالاتها، كما ستعمل على إيجاد روابط وثيقة بين المدارس ومؤسسات التعليم العالي بالقطاعات الاقتصادية في سلطنة عمان وفرص التوظيف المباشرة بسوق لعمل، والعمل على موائمة البرامج الدراسية المختلفة والاحتياجات الفعلية لسوق العمل من المهن والتخصصات المتنوعة.
كما توفر منصة خُطى عددا من الأدوات التي تساعد الفئات المستهدفة على اتخاذ القرار المهني والتخطيط للمستقبل والمسار المهني المناسب مثل مقياس الميول المهنية، وإعداد السيرة الذاتية واختيار النموذج المناسب لهم من الأنموذجات المعروضة في المنصة، إضافة إلى إتاحة المجال للطلبة للتواصل المباشر " عن بعد" مع مختصين في التوجيه المهني للرد على الاستفسارات المختلفة المتعلقة بالتخطيط للمسار المهني والمسار الأكاديمي وإعداد الخطط المهنية وغيرها من المواضيع المرتبطة بتطورهم الدراسي أو المهني.
كما وقع البرنامج خلال العام الماضي العديد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون مع جهات مختلفة، إذ وقع مذكرة تعاون مع شركة أوج الابتكار للشراكة لتأهيل وتنمية القدرات الوطنية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، واتفاقية مع المؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن" لإيجاد نظام إحلال وتوأمة فرص وظيفية متوسطة وعُليا بالمدن الصناعية التابعة لـ "مدائن"، ومذكرة تعاون مع هيئة تنظيم الاتصالات في منصة "نفاذ" الرقمية حول مجالات التدريب والتشغيل، ومذكرة تعاون مع شركة الجبر لتأهيل القدرات الوطنية في قطاع التجارة الإلكترونية، ومذكرة تعاون أخرى مع شركة أوج للابتكار بهدف تأهيل وتنمية القدرات الوطنية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتقنيات الثورة الرابعة والمستقبلية من خلال برنامج دونت نكست، وبرنامج تعاون مع الشركة العُمانية لإدارة السفن لتأهيل الكوادر الوطنية لشغل الوظائف المتوفرة في قطاع النقل عامة والقطاع البحري.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی القطاع الحکومی القدرات الوطنیة الباحثین عن عمل فی القطاع الخاص فی سلطنة عمان وزارة العمل العمل الحر الوطنیة فی إضافة إلى ألف وظیفة توفیر فرص تعاون مع ألف عامل عن طریق من خلال
إقرأ أيضاً:
“معلومات الوزراء”: توقعات باستبدال 85 مليون وظيفة بحلول 2025 نتيجة للتحول الرقمي
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً حول آفاق التوظيف المستقبلية، أشار خلاله إلى نشر العديد من الأبحاث المتعلقة بمستقبل العمل وذلك منذ إصدار المنتدى الاقتصادي العالمي للطبعة الأولى منه وحتى الآن.
وأفاد المركز بأن الاستنتاجات المستخلصة من هذه الأدبيات تشير إلى مزيج من التفاؤل والحذر، بعد أن أحدثت القوة المزدوجة لكلا من التكنولوجيا والعولمة تحولات عميقة في أسواق العمل على المدى القريب، ويتوقع العديد من المحللين أن التطورات التكنولوجية قد تؤدي إلى انكماش فرص العمل بشكل عام.
وأكد التحليل أنه رغم ذلك، تشير العديد من الدراسات التي جُمِعت إلى ظهور فرص عمل جديدة عبر البلدان وسلاسل التوريد، كما أثبتت الأبحاث أن هناك ارتفاعًا في الطلب على الوظائف غير الروتينية التي تتطلب مهارات تحليلية، في مقابل أتمتة كبيرة للوظائف اليدوية الروتينية.
وأشار التحليل إلى أنه تاريخيًّا، أدى تبني التكنولوجيا الحديثة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى استبدال ما يقرب من 2.6 مليون وظيفة خلال الفترة 2007 - 2018، وتتمثل أهم الوظائف التي تم استبدالها في: مشغلي الكمبيوتر، والمساعدين الإداريين، وموظفي حفظ الملفات، وموظفي إدخال البيانات وغيرها من الوظائف التي تتقادم بسرعة نتيجة التطور التكنولوجي.
وأوضح مركز المعلومات أنه وفقًا لتحليل اتجاهات التوظيف في السنوات السابقة، فقد شهد العامان الماضيان تسارعًا ملحوظًا في اعتماد التقنيات الحديثة بين الشركات، ولا تزال الحوسبة السحابية، والبيانات الضخمة، والتجارة الإلكترونية تشكل محركات أساسية، ومع ذلك لوحظ أيضًا ارتفاع كبير في الاهتمام بتقنيات التشفير؛ مما يعكس تزايد نقاط الضعف في عصرنا الرقمي، بالإضافة إلى زيادة ملحوظة في عدد الشركات التي تتوقع اعتماد الروبوتات غير البشرية والذكاء الاصطناعي، حيث بدأ في التحول إلى ركيزة أساسية في مختلف الصناعات.
وفيما يتعلق باتجاهات وأنماط تبني التكنولوجيا فإنها تختلف باختلاف الصناعة والنشاط؛ فالذكاء الاصطناعي يُعتبر الأكثر تكيفًا وشمولًا في قطاعات المعلومات الرقمية والاتصالات، والخدمات المالية، والرعاية الصحية، والنقل. بينما تشهد تقنيات البيانات الضخمة وإنترنت الأشياء والروبوتات غير البشرية اعتمادًا واسعًا في صناعات مثل التعدين. وفي المقابل، تركز الحكومة والقطاع العام بشكل كبير على تقنيات التشفير.
وأفاد التحليل أن بيانات استطلاع "مستقبل الوظائف" لعام 2020، الذي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي، أظهرت أن الشركات تتوقع إعادة هيكلة القوى العاملة لديها استجابةً للتقنيات الجديدة.
وأشارت الشركات المشاركة في الدراسة إلى أنها تتجه نحو إعادة تشكيل سلاسل القيمة الخاصة بها بنحو 55%، وزيادة الأتمتة، وتقليص حجم القوى العاملة الحالية بنسبة 43%. وفي المقابل، تعتزم توسيع قواها العاملة بنسبة 34% نتيجة للتكامل التكنولوجي الأعمق، وزيادة الاعتماد على مقدمي خدمات التعهيد لتنفيذ مهام تخصصية بنسبة 41%.
وتوضح الأرقام الواردة في الاستطلاع أن أصحاب العمل يتوقعون تراجعًا كبيرًا في الوظائف الزائدة عن الحاجة بحلول عام 2025؛ حيث ستنخفض نسبتها من 15.4% إلى 9%، وفي المقابل، يُتوقَّع نمو المهن الناشئة من 7.8% إلى 13.5% من إجمالي عدد الموظفين لدى الشركات التي شملها الاستطلاع.
وبناءً على هذه الأرقام، يُقدر أنه بحلول عام 2025، قد يتم استبدال 85 مليون وظيفة نتيجة للتحول في تقسيم العمل بين البشر والآلات، في حين ستظهر 97 مليون وظيفة جديدة تتكيف مع هذا التقسيم الجديد بين البشر والآلات والخوارزميات عبر 15 صناعة و26 اقتصادًا.
أوضح التحليل أن استطلاع عام 2020 يسلط الضوء على التشابهات بين الصناعات المختلفة فيما يتعلق بالأدوار الوظيفية ذات الطلب المتزايد.
وكما ورد في استطلاع 2018، فإن المناصب الرائدة في الطلب تشمل: محللي البيانات والعلماء، ومتخصصي الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، ومهندسي الروبوتات، ومطوري البرمجيات والتطبيقات، إلى جانب متخصصي التحول الرقمي.
ومع ذلك، تظهر وظائف جديدة، مثل: أخصائي أتمتة العمليات، ومحللي أمن المعلومات، ومتخصصي إنترنت الأشياء كجزء من الأدوار أو الوظائف التي تشهد زيادة ملحوظة في الطلب. يشير هذا الأمر إلى تسارع الأتمتة وزيادة التركيز على الأمن السيبراني مع تزايُد المخاطر في العصر الرقمي.
كما سيظهر مجموعة من الأدوار المميزة في صناعات محددة، على سبيل المثال، يبرز مهندسو المواد في قطاع السيارات، وأخصائيو التجارة الإلكترونية والوسائط الاجتماعية في القطاع الاستهلاكي، ومهندسو الطاقة المتجددة في قطاع الطاقة، ومهندسو التكنولوجيا المالية في الخدمات المالية، وعلماء الأحياء وعلماء الوراثة في قطاع الصحة والرعاية الصحية، إلى جانب علماء الاستشعار عن بُعد والفنيين في مجال التعدين، وتعكس هذه الأدوار أو الوظائف المسار نحو مجالات الابتكار والنمو عبر مجموعة متنوعة من الصناعات؛ ما يعزز من أهمية اكتساب مهارات جديدة لمواكبة التحولات التكنولوجية والاقتصادية.
وأضاف التحليل أنه على الجانب الآخر، تظل الأدوار -التي من المقرر أن تصبح زائدة عن الحاجة بشكل كبير بحلول عام 2025- متوافقة إلى حد كبير مع الأدوار الوظيفية المحددة في عام 2018 وعبر مجموعة من الأوراق البحثية حول أتمتة الوظائف.
وتشمل هذه الأدوار التي حلَّت محلها التقنيات الجديدة: موظفي إدخال البيانات، والأمناء الإداريين والتنفيذيين، والمحاسبة ومسك الدفاتر (تسجيل البيانات المالية وتنظيمها)، وكاتبي الرواتب والمحاسبين والمراجعين الماليين، وعمال التجميع بالمصانع، بالإضافة إلى خدمات الأعمال والمديرين الإداريين.
وأفاد التحليل بأن الشركات العالمية تواجه تحديات كبيرة في تسخير إمكانات النمو المرتبطة بتبني التكنولوجيا الجديدة، وذلك بسبب نقص المهارات. وتظل فجوات المهارات في سوق العمل المحلية، وعدم القدرة على جذب المواهب المناسبة، من بين العوائق الرئيسة التي تحول دون اعتماد التقنيات الجديدة. هذه النتيجة تتسق مع 20 دولة من أصل 26 شملتها الدراسة.
ونوه تحليل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بأن التوقعات تشير إلى أن التفكير التحليلي، والإبداع، والمرونة ستكون من بين أكثر المهارات المطلوبة بحلول عام 2025، بينما ستكون أفضل الوظائف في مجالات تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي، وإنشاء المحتوى، والحوسبة السحابية.
واستعرض التحليل أهم وظائف المستقبل 2030 على النحو الآتي:
- العمل من المنزل Work from Home: قبل عام 2020، تشير التقديرات إلى أن أقل من 5% من الشركات لديها سياسات العمل عن بُعد. الآن، وبعد مرور عدة سنوات على جائحة كوفيد-19، أصبح العمل عن بُعد هو القاعدة. وترغب الشركات في تطبيق الدروس المستفادة من هذه الفترة لتحسين تجربة العمل من المنزل.
- مدير تصميم المنازل الذكية Smart Home Design Manager: ستكون من بين الدروس المستفادة من الجائحة بالنسبة للكثيرين هي أن "منزل كل فرد هو قلعته". مع زيادة الطلب على منازل مخصصة للعمل من المنزل، سيزدهر دور مديري تصميم المنازل الذكية؛ حيث سيعملون على بناء أو تعديل المنازل لتشمل مساحات مكتبية مخصصة، مزودة بأجهزة توجيه في الأماكن المناسبة، وعوازل للصوت، ومداخل منفصلة مدفوعة بالصوت، وحتى شاشات حائط زجاجية من (Gorilla).
- مهندس بيئة أماكن العمل Workplace Environment Architect: ستخضع جميع عناصر هندسة المكاتب بعد الجائحة، بدءًا من الفحوصات الصحية إلى تنقلات المصاعد، لعملية إعادة تفكير شاملة. أصبحت أهمية رفاهية الموظف وكيفية تأثير التصميم الذي يركز على الإنسان للممتلكات العقارية على هذه الرفاهية أمرًا حاسمًا لمستقبل العمل.
- مدقق التحيز في الخوارزمية Algorithm Bias Auditor: أدت أنماط الحياة "طوال الوقت عبر الإنترنت" للعمل والترفيه إلى تسريع الميزة التنافسية المستمدة من الخوارزميات من قبل الشركات الرقمية. لكن مع ازدياد التدقيق القانوني على البيانات، فمن المؤكد أن عمليات التدقيق ستساعد في ضمان أن تكون القوى العاملة المستقبلية أيضًا قوة عاملة عادلة.
- محقق البيانات: تظل فرص عمل علماء البيانات هي الوظيفة الأسرع نموًّا في مجال "الخوارزميات والأتمتة والذكاء الاصطناعي". منذ إنشائها، حققت معدل نمو بنسبة 42% في الربع الأول من عام 2021. ومع تزايد الطلب على هذه المهارات، سيظل علم البيانات يشكل مهارة مطلوبة؛ مما يجعل محققي البيانات حاسمين في سد الفجوة لمساعدة الشركات على استكشاف الألغاز في البيانات الضخمة.
- متنبئ الكوارث الإلكترونية (الهجمات السيبرانية) Cyber Calamity Forecaster: بالإضافة إلى جائحة كوفيد-19، يمكن القول إن الكارثة الكبرى الأخرى كانت الهجمات الإلكترونية المتزايدة، بالإضافة إلى الأنشطة الضارة التي تنفذها جهات فاعلة فردية من خلال برمجيات الفدية، وفي هذا السياق تبرز أهمية وجود متنبئين بالكوارث الإلكترونية؛ حيث تُعَد القدرة على التنبؤ بمثل هذه الأحداث أمرًا بالغ الأهمية لتحذير المؤسسات والمجتمعات من المخاطر المحتملة.
كما يعمل متنبئو الكوارث الإلكترونية على تحليل البيانات واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لرصد الأنماط والسلوكيات المشبوهة؛ مما يمكنهم من استشراف التهديدات قبل وقوعها. يساعد هؤلاء المتنبئون في تعزيز أمن المعلومات، وتطوير استراتيجيات استجابة فعالة، وتقليل الأضرار المحتملة الناتجة عن الهجمات السيبرانية.
وأضاف التحليل أنه مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا، ستصبح وظائف متنبئي الكوارث الإلكترونية ضرورية لحماية المؤسسات والمجتمعات من المخاطر السيبرانية المتزايدة وضمان استمرارية الأعمال في عالم يواجه تهديدات متزايدة.
وبناءً على ما سبق، من المتوقع أن يكون هناك نمو في الوظائف المرتبطة بالتكنولوجيا، مثل: محللي البيانات، ومهندسي الروبوتات، ومتخصصي التحول الرقمي؛ مما يشير إلى تحول كبير في نوعية المهارات المطلوبة بسوق العمل.
ستعاني سوق العمل العالمية من نقص في المهارات المناسبة لمتطلبات الأدوار الوظيفية الناشئة؛ مما يشكل عائقًا أمام تبني التقنيات الجديدة، وهذا يعزز الحاجة إلى استثمارات في التعليم المستمر والتدريب على رأس العمل، ومع تزايد التهديدات السيبرانية، ستظهر الحاجة لتوظيف مختصين في مجال الأمن السيبراني لضمان الحماية المستدامة للشركات والمجتمعات من المخاطر الرقمية المتزايدة.
كما استعرض مركز المعلومات أبرز التوصيات في هذا الشأن، وتشمل:
- تقديم برامج شاملة لإعادة تأهيل وتطوير المهارات للعمالة الحالية: فمع تزايد الاعتماد على الأتمتة والتكنولوجيا، ينبغي للشركات والحكومات توسيع نطاق التدريب على التقنيات الحديثة، مثل: الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، وهو سيساعد على ملء الفجوات في المهارات المطلوبة.
- التوسع في البرامج التعليمية التي تتماشى مع متطلبات سوق العمل المستقبلية: ففي ظل وجود تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، يمكن للمؤسسات التعليمية أن تُسهم في ذلك من خلال تقديم مناهج تتضمن مهارات ناشئة، مثل أتمتة العمليات وتطوير البرمجيات.
- توسيع عمليات تأمين البيانات وحمايتها في ظل تزايد الهجمات السيبرانية: وذلك من خلال توظيف مدققين متخصصين في أمن المعلومات وتدقيق الخوارزميات؛ لمتابعة الثغرات وتقديم حلول وقائية.
- دعم الوظائف الناشئة في قطاعات معينة: مثل: الرعاية الصحية، والتكنولوجيا المالية، والطاقة المتجددة، عبر تحفيز الابتكار وتشجيع الشركات على تبني تقنيات جديدة لتطوير المنتجات والخدمات.
- تطوير شبكات الأمان الاجتماعي: فمع زيادة احتمالية تأثير التحولات الاقتصادية على العمال من الفئات المهمشة، يجب على الشركات والحكومات تطوير شبكات أمان اجتماعي فعّالة، وتعزيز ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية؛ لتقليل التفاوتات وتعزيز الاستقرار الاجتماعي.
وأكد التحليل في ختامه أن التوصيات السابقة تسلط الضوء على ضرورة التحضير لمستقبل العمل عبر سياسات استراتيجية شاملة لضمان استدامة النمو الاقتصادي مع التطور التكنولوجي.