مرت ثماني سنوات على أحداث "انتفاضة السكاكين"، المسماه بالهبة الشعبية والانتفاضة الفلسطينية الثالثة أو انتفاضة القدس، والتي شهدت موجة احتجاجات في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي الأراضي المحتلة عام 1948، منذ مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2015.

وشهدت الهبة عمليات طعن ودهس نفذها فلسطينيون ضد الجنود الإسرائيليين والمستوطنين، وتضمنت أيضا قيام إسرائيليين بقتل فلسطينيين مع تنفيذ إعدامات ميدانية بحقهم بحجج محاولتهم تنفيذ عمليات.



وتعود بدايات هذه الانتفاضة لأواخر تموز/ يوليو 2015، بعدما أحرق مستوطنون منزل عائلة دوابشة، ما أدى إلى زيادة في أعمال المقاومة الموجهة ضد الإسرائيليين، كما تضمن العام السابق عددا من الأحداث التي اتسمت بصفة المقاومة، وهي التي قابلها الاحتلال بالقمع والقتل.

المصدر: Getty Images pic.twitter.com/2AZPMVqAug — صور فلسطين (@PalestinianPic ) July 31, 2021
ومن أبرز هذه الأحداث كان إضراب الأسرى الفلسطينيين في السجون والذي استمر لشهرين، واستشهاد الشاب محمد أبو خضير.

كما تعود أسباب انطلاق هذه الانتفاضة بشكل مباشر للاقتحامات المتكررة لمجموعات استيطانية متطرفة وأعضاء يمينيين من الكنيست للمسجد الأقصى.

وتهدف هذه الاقتحامات لتقسيم المسجد الأقصى مكانيا وزمانيا بين المسلمين والمستوطنين وبالتالي تغيير الوضع القائم، حيث أخذت هذه المحاولات بعدا جديدا مع تكثيف الاعتداءات على المرابطين في المسجد، وتعقيد وصولهم إليه عبر الإجراءات الأمنية وأحكام المنع.


ماذا حدث؟
بلغ عدد الشهداء منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2015 حتى نفس الشهر عام 2017، أكثر من 347 شهيدا من بينهم 79 طفلا و17 امرأة، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية.

أكدت الوكالة أن سياسة الإعدام والقتل العمد طغت ضد الشبان والفتيات على الحواجز الاحتلالية المنتشرة بحجج وذرائع واهية، حيث أعدمت قوات الاحتلال ما يزيد عن 180 مواطنا على الحواجز دون تشكيل أية خطورة على جنود الاحتلال.

وأوضحت أن قوات الاحتلال انتهجت سياسة احتجاز جثامين الشهداء والمماطلة بتسليمهم لذويهم من أجل دفنها.

وهدم الاحتلال خلال عامين 1572 منزلا ومنشأة فلسطينية منها 663 بيتا سكنيا، و909 منشآت زراعية وصناعية وتجارية، أدت إلى تشريد عائلات بأكملها وإلحاق أضرار اقتصادية جسيمة على المواطنين الفلسطينيين.

وضمن سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها دولة الاحتلال، تم هدم وتفجير 41 بيتا تعود لعائلات شهداء وأسرى ممن تتهمهم دولة الاحتلال بتنفيذ عمليات ضدها.

كما جرى خلال هذه الفترة اعتقال أكثر من 15 ألف مواطن، من بينهم 5 آلاف حالة اعتقال من القدس وحدها، كما تم تسجيل ارتفاع في نسبة ممارسة التعذيب بحق المعتقلين عما كانت عليه قبل اندلاع هبة القدس.

ومن بين المعتقلين 4 آلاف حالة جرت في صفوف الأطفال لمن هم أقل من 18 عاما، إضافة إلى 370 حالة اعتقال لفتيات ونساء، كما صدر خلال الفترة المذكورة 3200 قرار بالسجن الإداري ما بين قرار جديد وتجديد اعتقال.

حاضنة شعبية
كان الشهيد مهند الحلبي من أبرز شهداء هبة 2015، بعدما نفذ عملية طعن في باب الأسباط ببلدة القدس القديمه على أثرها قتل مستوطنين وجرح آخرين، وينظر للعملية على أنها بداية "انتفاضة السكاكين".

وفي الأول من أيلول/ سبتمبر 2016، هدم الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلة الشهيد الحلبي شمال رام الله بالضفة الغربية، ما أطلق حملة شعبية لمساندة الأسرة من أجل إعادة بناء المنزل.

وتمكنت الحملات من جمع تبرعات شملت هبات نقدية وعينية ومصاغ ذهب إلى جانب التبرع للمساعدة بالعمل في إعادة بناء المنزل، قائلة إن التبرعات النقدية "بلغت 349033 شيكل، و60354 دولار، و10524 دينار، 750 يورو".

#صور والد الشهيد مهند الحلبي يوقع عقد المنزل الجديد بدل الذي هدمه الاحتلال، بتمويل من تبرعات الشعب الفلسطيني. pic.twitter.com/N00UTxe0uT — شبكة فلسطين للحوار (@paldf ) April 5, 2016
وعقب ذلك، تمكنت حملة التبرعات الشعبية من جمع عشرات آلاف الدولارات لإعادة بناء منازل الشهداء الفلسطينيين التي هدمها الاحتلال بعد تنفيذ عدد من أبنائها لعمليات.

واستمرت هذه الحاضنة بالتواجد طوال سنوات، وأحدث ما يشير إليها هو ما حدث خلال عدوان الاحتلال الواسع على مدينة ومخيم جنين في تموز يوليو الماضي واستمر ليومين وخلف دمارا واسعا طال كافة مناحي الحياة.

ودمر الاحتلال حينها قرابة 800 منزل بشكل جزئي وكلي، بالإضافة لتدمير شبكة الكهرباء والمياه في المخيم، كما أدى إلى استشهاد أكثر من 12 فلسطينيا وإصابة المئات من السكان.

وحاول الاحتلال ضرب الحاضنة الشعبية بإخراج الفلسطينيين من مخيم جنين خلال العملية العسكرية، إلا أن فتح غالبية كبيرة من السكان أبواب بيوتهم عرقل مخطط الاحتلال في القضاء على المقاومين.

رسالة تركها المواطنين للمقاومة ????????#جنين #جنين_تحت_القصف pic.twitter.com/fAbqoaWXr1 — وســـيـم جـنـيـن ???? ???????? (@Wsym_ps ) July 4, 2023


ثورة السكاكين
لم تكن "انتفاضة السكاكين" الأولى من نوعها، بل إن البعض أطلق عليها اسم "ثورة السكاكين الثانية"، وأنها امتداد للهبة التي أطلقها الأسير المحرر، عامر أبو سرحان، في تشرين الأول/ أكتوبر أيضا، لكن من عام 1990.

ونفذ أبو سرحان عملية في القدس باستخدام سكين، وأدت لمقتل 3 إسرائيليين وإصابة رابع، وعلى إثرها اعتقل وحكم عليه بالسجن المؤبد أربع مرات، حتى أفرج عنه في عام 2011 ضمن صفقة شاليط، المعروفة فلسطينيا باسم وفاء الأحرار.

#ذاكرة_القسام

???? 20/أكتوبر/1990م
رداً على مجزرة الأقصى .. المجاهد عامر أبو سرحان يطعن (4) جنود صهاينة بسكين في حي البقعة بالقدس المحتلة، فيقتل ثلاثة منهم ويصيب الرابع pic.twitter.com/UxR5q29fXY — محمد عبدالقادر | ???? ABDU’L-QADIR (@FuckFrance00 ) October 20, 2021
وذكرت إحصائية أجراها مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي، أن عدد عمليات ومحاولات الطعن وصلت إلى 50، ووصل 29 منها إلى مرحلة متقدمة أو نجحت.

الأحداث الحالية
تتزامن ذكرى "انتفاضة السكاكين" مع اقتحامات حالية لمجموعات المستوطنين والمتطرفين الإسرائيليين للمسجد الأقصى بشكل مكثف بمناسبة ما يسمى "عيد العرش" اليهودي، وذلك تحت حماية قوات خاصة تابعة للاحتلال.

وجاءت هذه الاقتحامات تلبية لدعوات "منظمات الهيكل" المزعوم والجماعات اليهودية الاستيطانية المتطرفة، التي تصاعدت خلال فترة الأعياد اليهودية الحالية، حيث شهدت باحات الأقصى انتهاكات واسعة ومتكررة، تزامنا مع العيد اليهودي الذي يستمر لـ 8 أيام.

ويذكر أن الجماعات الاستيطانية وجماعات الهيكل المزعوم المتطرفة تستغل فترة الأعياد اليهودية من أجل شن اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى، تترافق مع حالة توتر كبير في القدس والأقصى، وتتطور أحيانا لمواجهات مع قوات الاحتلال.

وتستمر هذه الأعياد لـ22 يوما، وتبدأ بما يسمى "رأس السنة العبرية" يوم 17 أيلول/ سبتمبر الماضي وتستمر حتى نهاية "عيد العرش" التوراتي يوم 9 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.

وكشفت منصة "البوصلة" المقدسية أن 4492 مستوطنا اقتحموا الأقصى خلال أيلول/ سبتمبر الماضي، بينهم 1383 خلال عيدي رأس السنة العبرية و"الغفران" في منتصف الشهر، بينما قالت دائرة الأوقاف الإسلامية: إن 867 مستوطنا اقتحوا المسجد الأقصى مع مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.


تواصل المقاومة
شهد عام 2023 الجاري العديد من العمليات المستمرة للمقاومة الفلسطنيية، وذلك رغم العديد من العمليات العسكرية التي نفذها الاحتلال في مختلف مدن الضفة الغربية من أجل القضاء على المقاومة أو حتى الحد من تأثيرها.

وشهدت الضفة الغربية المحتلة أكثر من 22 عملية منذ انطلاق العام الجاري، قتل فيها أكثر من 35 إسرائيليا، وهو الرقم الأعلى منذ الانتفاضة الثانية التي اندلعت عام 2000، بحسب ما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في نهاية آب/ أغسطس الماضي.

وقالت الصحيفة أن 31 إسرائيليا قتلوا في علميات خلال عام 2022 بأكمله، بينما جرى تجاوز هذا العدد خلال 8 أشهر فقط من العام الجاري.

وأوضحت أنه باستثناء عام 2006، حيث قتل 165 في حرب لبنان الثانية، وعام 2014 حيث قتل 75 خلال تصاعد العدوان على غزة، يعد عام 2023 بالفعل "العام الأكثر دموية منذ أيام الانتفاضة الثانية، التي استمرت نحو ست سنوات وقُتل خلالها أكثر من 1000 إسرائيلي".

ولعل أبرز العمليات كانت في 27 كانون الثاني/ يناير الماضي، أمام كنيس في القدس، ما أسفرَ عن مقتل ثمانية إسرائيليين إلى جانب استشهاد المنفذ وإصابة آخرين، وهي العملية التي جاءت بعد يوم واحد فقط من اسشتهاد 10 فلسطينيين في مدينة جنين أثناء اقتحام جيش الاحتلال للمدينة ومخيّمها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الضفة الغربية دوابشة الاحتلال الفلسطينيين الضفة الغربية الاحتلال الفلسطينيين سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تشرین الأول pic twitter com أکثر من من أجل

إقرأ أيضاً:

"الشعبية": سياسة الاغتيالات والاعتقالات لن تكسر المقاومة

رام الله - صفا

قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في رسالة تحدٍ للاحتلال: "لا اغتيالاتكم ولا اعتقالاتكم ولا ملاحقاتكم قادرة على اقتلاع الجبهة أو كسر إرادة المقاومة المتجذرة فيها".

 وأضاف بيان الجبهة الثلاثاء أن إعلان جيش الاحتلال وما يُسمى جهاز “الشاباك” عن اعتقال العشرات من قيادات وكوادر الجبهة واستهداف رموزها في الضفة المحتلة، واعترافهم باغتيال قيادات عسكرية بارزة للجبهة في لبنان هو محاولة صهيونية يائسة للنيل من إرادة الجبهة وصلابتها.

  وأشار إلى أن الاحتلال يشن منذ سنوات طويلة حرباً شاملة على الجبهة الشعبية، عبر اغتيالات وملاحقات مستمرة واعتقالات واسعة ومتكررة، فضلاً عن استهداف رموزها القيادية، في محاولات لن تنجح في اقتلاع الجبهة أو كسر عزيمة رفاقها؛ فالجبهة باقية ومتجذرة عميقاً في أرضنا، وستبقى مواقفها صلبة وراسخة.

 ودعت الجبهة إلى تصعيد كافة أشكال النضال وتكثيف الأنشطة والفعاليات المساندة للحركة الأسيرة، خصوصاً تلك التي تسلط الضوء على معاناة الأسرى البواسل داخل سجون الاحتلال.

 وأكد البيان أن صمود وثبات الأسرى، رغم الانتهاكات المتصاعدة والقمع الممنهج، يجب أن يكون محوراً أساسياً للحراك الشعبي والنضالي، تعبيراً عن المساندة الدائمة للأسرى في مواجهة هذا الطغيان الصهيوني، الذي لن يفلح في إخماد روح المقاومة.

مقالات مشابهة

  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
  • ضمن معركة "طوفان الأقصى".. 33 عملا مقاوما بالضفة خلال 48 ساعة
  • محكمة الاحتلال تحكم على الشيخ جمال مصطفى بالسجن 3 سنوات
  • "الشعبية": سياسة الاغتيالات والاعتقالات لن تكسر المقاومة
  • من الحسناوات إلى عملية “سراب” وصولًا لطوفان الأقصى .. هكذا اخترقت “حماس” الاحتلال سيبرانيًا
  • "الشعبية": تصعيد المقاومة الرد الناجع على جرائم الاحتلال وسياسة الاغتيالات
  • 131 مستوطنًا يقتحمون المسجد الأقصى
  • عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى والاحتلال يداهم بلدات بالقدس المحتلة (شاهد)
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى