بوابة الوفد:
2025-04-29@13:38:31 GMT

محفوظ والسينما.. علاقة نفعية أم صراع لا ينتهي؟

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

كان أقرب الأدباء المصريين إلى السينما، حتى أن الناقد اللبنانى إبراهيم العريس أطلق عليه «أديب السينمائيين وسينمائى الأدباء». ويذكر أنه أول روائى مصرى تخرج رواياته إلى السينما العالمية، فقد قدمت السينما المكسيكية فيلمين عن روايتيه «زقاق المدق»، و«بداية ونهاية».

هكذا ربطت الأديب العالمى نجيب محفوظ والسينما علاقة خاصة، فقد قدمت السينما المصرية 27 فيلمًا عن 19رواية له.

وقد نفذت روايات محفوظ سينمائيا بشكل يناسب الحالة السائدة فى المجتمع، وعن علاقته بالسينما قال: «كنت دائمًا أنظر للسينما باعتبارها وسيلة فعالة فى الوصول إلى قطاعات من الجماهير لم أكن سأصل إليها بالأدب».

كتب محفوظ سيناريوهات لعدد من أبرز الأفلام التى تم إنتاجها خلال فترة الخمسينيات والستينيات، إضافة إلى أعمال مأخوذة عن رواياته الأدبية. بدأ محفوظ العمل فى المجال السينمائى مع نهاية المرحلة التاريخية فى أدبه، حيث التقى بالمخرج صلاح أبوسيف الذى لقب بـ«مخرج الواقعية»، وعرض عليه أن يكتب للسينما. فكانت أولى تجاربه فى الكتابة السينمائية فيلم «مغامرات عنتر وعبلة» عام 1945، وتوالت أعماله بعد ذلك، فقد كتب سيناريوهات لستة وعشرين فيلما من عيون السينما المصرية فى تلك الفترة، سواء بمفرده أو بمشاركة بعض المخرجين. وفى عام 1960، التفتت السينما إلى أعماله الروائية وتم تحويلها لأفلام. وكانت البداية مع فيلم «بداية ونهاية»، إخراج صلاح أبوسيف،   وصولا إلى «السكرية» (1973). من أفلام هذه المرحلة: «اللص والكلاب»، و«خان الخليلي»، و«ميرامار»، و«الحب تحت المطر»، و«الكرنك».

ولأن كلا من الأدب والسينما يظل فى علاقة نفعية تبادلية وطيدة مع الآخر، فالسينما تظل بحاجة إلى الأدب لأن النصوص الأدبية تقدم للسينما موضوعات جمالية جديدة، وإلهامات خيالية مهمة، لا تكتفى بما يتخيله المنتجون من مغازلة شباك التذاكر، ولا تولى ظهرها للمشاهد والقارئ، كما يتلخص احتياج الأدب للسينما فى أن الأخيرة يمكنها نقل العمل الأدبى إلى آفاق أرحب من الشهرة والوصول المباشر للمشاهد، الذى ما إن يعجب بعمل سينمائى حتى يبحث عنه مكتوبا، وهو ما يصب فى النهاية لصالح الكاتب والأدب عامة.

لكن إلى أى مدى نجحت السينما فى الاحتفاظ بروايات محفوظ ومضمونها؟ خاصة تلك الأعمال التى لم يكتب لها محفوظ السيناريو مثل «السكرية»، «قلب الليل»، وغيرهما، وأيهما استفاد أكثر من الآخر، السينما أم محفوظ؟ يرى البعض أن السينما جارت على أعمال نجيب محفوظ، وخاصة ما أخرجه حسن الإمام وحسام الدين مصطفى. وقد نال حسن الإمام القسط الأكبر من النقد حين صور «الثلاثية» على سبيل المثال، أو حسام الدين مصطفى حين صور «الطريق»، و«الشحاذ» وغيرهما. ولم ينج من النقد غير صلاح أبوسيف المخرج الواقعى الذى عرف نجيب محفوظ مبكرًا.

فيما يرى البعض الآخر أن محفوظ استفاد من السينما لأنها صنعت له شعبية كبيرة لدرجة أنها ساهمت فى رواج كتبه. ولكن بداية توظيف روايات محفوظ سينمائيا جاءت بعد ظهور «الثلاثية» وأثرها فى الوطن العربى، إضافة إلى «أولاد حارتنا»، وما أثارته من ضجة كبيرة.

بداية يقول الكاتب والناقد د.السيد نجم، إنه عندما وجه أحدهم للأستاذ محفوظ السؤال حول موضوع نقل الروايات إلى السينما حسم الأمر بشأنه، وقال إن السينما وسط وتقنية أخرى لها أسرارها وحرفيتها

مسئول عنها المخرج بالدرجة الأولى.

مع ذلك لم تحسم القضية سواء بالنسبة إلى أعمال محفوظ أو غيره.. واتضحت بعض الحقائق: أن الأفلام الجيدة ومنها أغلب أفضل 100 فيلم فى القرن الماضى هى التى وظفت الرواية الجيدة أولا، الأمر الآخر أن تلك الأفلام المنتجة بصفة عامة تعبر عن ذاتها فقط بالجودة أو السوء، والغالبية العظمى من الجمهور

لا تعنيه القضية وغير حريص على المقارنة التى يتعلق بها المثقف أو الناقد.

ويضيف د. السيد نجم: فى النهاية التغيير الذى يمارسه المخرج وكاتب السيناريو من حقهما لاعتبارات الميديا ومستلزماتها فى السينما، ومنها مطالب السوق،  ولا يقلقنى ما يحدث للرواية، بل ربما يكون ذلك الخلاف سببا لمحاولة البعض البحث عن الرواية

لقراءتها.

أما عن نتيجة الحوار الذى دار حول روايات محفوظ والأفلام المنتجة عنها، فقد استفاد منها محفوظ شخصيا وربما بعض المشاهدين الذين بحثوا عن الرواية حتى وإن كانوا قليلين، وبالعموم نختلف فى مثل تلك القضايا أفضل من الموات فى السينما والرواية معا.. الآن ضجيج بلا طحين!

فيما يرى الكاتب والناقد د.شريف صالح، والذى اعتمدت رسالته للماجستير على تحولات نص «اللص والكلاب» من القصة الصحفية إلى الرواية ثم الفيلم ثم المسلسل وكانت النتيجة المنطقية كما يقول هيراقليطس: لا أحد ينزل النهر مرتين، كذلك لا حكاية تروى مرتين.

يقول صالح: من المؤكد أن المعالجات السينمائية والتليفزيونية لروايات وقصص محفوظ مختلفة عنها كثيرا ومتباينة أيضا فى جودتها، وهذا طبيعى لأن لكل وسيط طبيعته وإكراهاته، فيصعب مثلا تصوير رواية ملحمة ضخمة من عشرة أجيال مثل «الحرافيش» فى فيلم من ساعتين. لذلك عالجتها السينما فى عدة أفلام.

كما تجد السينما صعوبة فى نقل الصوت الداخلى أو المونولوج مثلما تفعل الرواية أو الحفاظ على الحمولة الفلسفية للنصوص لأن السينما تهتم أكثر بالحركة والصراع بين الشخصيات؛ لذلك فكل فيلم لا يقدم ترجمة حرفية للنص وإنما هو تأويل مرئى للمكتوب وفقا لرؤية صناعه. وهو ما أكد عليه محفوظ مرارًا بأنه مسؤول فقط عن رواياته ولا علاقة له بالأفلام المأخوذة عنها، وهذا طبيعى ومفهوم، ومن ثم ليس غريبا أنه رغم عمله لأكثر من عشر سنوات فى كتابة السيناريو تحاشى إعداد نصوصه واختار دائما أن يعالج نصوص غيره؛ حتى لا يتعارض وعيه كروائى مع متطلبات عمله كسينارست.

وعن مدى إيجابية أو سلبية تحويل العمل الأدبى إلى سينمائى، يقول صالح: لا يمكن الجزم بسلبيات وإيجابيات تجربة التحويل للشاشة إجمالا لأن كل فيلم يقيم على حدة فى علاقته بنصه. هناك أفلام كانت بجودة الروايات مثل «بداية ونهاية» و«القاهرة 30» و»خان الخليلي»، وأفلام تعثرت بعض الشيء مثل «قلب الليل» فى نصفه الثانى. لكن إجمالا ضاعفت السينما من حضور محفوظ ونصه فى الوعى الجمعى ولدى شرائح واسعة لا تقرأ.

ويختتم د.شريف صالح قائلا: بالطبع أفاد محفوظ من السينما التى حسنت وضعه المادى وزادت شهرته مثلما ضخت نصوصه دماء مهمة فى السينما المصرية وبفضله أنتجت أعمال تعد من الكلاسيكيات. أى هى استفادة متبادلة خدمت محفوظ والأدب المصرى عموما مثلما خدمت السينما نفسها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السينما المصرية السكرية الكرنك ميرامار

إقرأ أيضاً:

ريهام عبد الغفور بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير: عانيت من سوء اختياراتي في السينما

أعربت الفنانة ريهام عبد الغفور خلال مشاركتها في ماستر كلاس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، في دورته الحادية عشرة، عن تأثرها السلبي بوسائل التواصل الاجتماعي، قائلة: “وسائل التواصل الاجتماعي أصبح لها تأثير مؤذٍ، وقد أثرت بالفعل في حالتي النفسية خلال الفترة الأخيرة.”

سوء اختيارات في السينما

وعن مشوارها السينمائي، أكدت ريهام أنها واجهت فترة من سوء الاختيارات، ما انعكس سلباً على مسيرتها، مضيفة:

“لمدة طويلة كانت اختياراتي في السينما غير موفقة، وهو ما أثّر عليّ، وسأسعى لمعالجة ذلك في أعمالي القادمة.”

تغير شخصيتها بفضل سلوى محمد علي

كما تحدثت عن علاقتها القوية بالفنانة سلوى محمد علي، قائلة: “كنت شخصية سطحية إلى حد كبير، وتغيرت كثيراً بعد تعرفي على الفنانة سلوى محمد علي، التي أثرت في شخصيتي وحياتي بشكل إيجابي.”

ضغوط لقب «أبناء العاملين»

وتطرقت ريهام إلى الضغوط التي واجهتها بسبب كونها ابنة الفنان أشرف عبد الغفور، قائلة: “مصطلح أبناء العاملين كان يضعني تحت ضغط كبير، وشعرت في أول عشر سنوات من مسيرتي بالرغبة في ترك المجال الفني، لكنني تحديت نفسي من أجل اسم والدي ومن أجل إثبات ذاتي.”

كيمياء خاصة مع إياد نصار

وعن تعاونها مع الفنان إياد نصار، أكدت ريهام وجود “كيمياء” وتفاهم كبير بينهما في الأعمال المشتركة، مشيرة إلى مسلسلي وش وضهر وظلم المصطبة كنماذج لهذا الانسجام الفني.

وتستمر فعاليات المهرجان حتى 2 مايو، وتشمل عروضًا لأفلام قصيرة من مصر والعالم، بالإضافة إلى ندوات وورش عمل تهدف إلى دعم المواهب السينمائية الشابة وتعزيز الحوار حول قضايا الفن والسينما.

يُذكر أن مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، الذي تأسس عام 2015، يُقام سنويًا في شهر أبريل بمدينة الإسكندرية، ويهدف إلى إتاحة الفرصة أمام صناع السينما لعرض أعمالهم على الجمهور.

المهرجان أسسته وتنظمه جمعية دائرة الفن، ويقام برعاية وزارة الثقافة وهيئة تنشيط السياحة، وريد ستار، بيست ميديا، لاجوني، أوسكار، ديجيتايزد، ومحافظة الإسكندرية، نيو سينشري شركة باشون للإنتاج الفني.

اقرأ أيضاًريهام عبد الغفور: وسائل التواصل الاجتماعي مؤذية وعانيت من سوء اختياراتي في السينما

بعد معاناتها من التنمر.. أحمد السعدني لـ ريهام عبد الغفور: أحلى واحدة | صورة

«أسطورتنا وقدوتنا».. ريهام عبد الغفور توجه رسالة لـ يسرا لهذا السبب

مقالات مشابهة

  • المنتخب الوطني تحت 20 سنة يتدرب بالإسماعيلية استعدادا لسيراليون
  • كيف يمكن للمليشيا ومن يدعمها بعد كل تلك الفظائع التى إرتكبتها بحق أهل السودان أن يعيشوا معهم بسلام
  • تصوير فيديو ينتهي بجريمة داخل الحرم الجامعي بسوهاج
  • ريهام عبد الغفور بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير: عانيت من سوء اختياراتي في السينما
  • هل ستستقيل وزيرة التربية.. أم ينتهي العام الدراسي؟
  • اعتراف صهيوني: كمين حماس كاد أن ينتهي باختطافها للمجندات 
  • ثورة روبوتات الدردشة: هل ينتهي عصر بحث غوغل مع تحوّل العلامات التجارية؟
  • إحالة حمو بيكا لنيابة غسل الأموال للتحقيق بسبب فيديوهات مسيئة
  • ضرب مبرح ينتهي بمأساة.. أم تنهي حياة طفلها وتصيب شقيقته في الدقهلية
  • خالد أبو بكر: الإعلام ليس مجرد وظيفة بل شغف لا ينتهي