لم يكن هناك شيء يشغل باله في طفولته وشبابه أكثر من الحياة ما بعد سن الستين، الطفل الذي أحب الدنيا من والديه وأجداده، ظل مهمومًا بحياته بعد التقاعد حتى أنه استعد لها جيدا- دون تخطيط أو قصد- منذ أن كان في التاسعة عشر من عمره، حين كافئه القدر بلقاء الأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ، تلك الصدفة العابرة شكلّت ملامح حياته بأكملها وظل شغوفًا بالقراءة والأدب.

صدفة قادت «الشنواني» لصداقة الأديب

في أحد صباحات الجمعة الهادئة وتحديدا عام 1976، التقى المراهق محمود الشنواني البالغ من العمر تسعة عشر عاما- حينها- بالأديب الراحل نجيب محفوظ، على أحد الأرصفة القريبة من قهوة «ريش» التاريخية في وسط القاهرة، ذلك المكان المفضل للأديب وأصدقائه للنقاشات الثقافية والحياتية.

لم يتوقع المراهق الجامعي، حينها، بساطة التعامل ورقي الأسلوب حين بادر بالتعرف على الأديب ومصافحته، «أنا كنت من هواة القراءة للأديب الكبير ولما عرفت إنه بيقعد على قهوة ريش روحتله مخصوص وكان نفسي أقابله»، حتى شاء القدر أن يلتقي «الشنواني» بـ«محفوظ» صدفة وبادر الأول بالتعرف على الثاني، «لما روحت أعرفه بنفسي إني واحد من جمهوره مصدقتش بساطته في التعامل» حسب وصفه.

لقاء قهوة ريش

اللقاء القدري الذي جرى على رصيف قهوة ريش امتدت أواصره ثلاثين عامًا بين «الشنواني» والأديب، حيث بادر الأخير بدعوة الأول للحضور والمشاركة في لقاء الجمعة الأسبوي الذي يحرص عليه وسط المثقفين من أصدقاءه، «من وقتها وأنا حريص على القعدة مع الأديب وأصدقاءه في قهوة ريش كل يوم جمعة»، يقول الطبيب الستيني مستكملًا حديثه.

الانبهار بمجتمع المثقفين وصحبة «عميد الرواية العربية» بدا جليًا على ملامح المراهق الجامعي حينها، كان أصغر الحضور سنًا وأكثرهم شغفًا بالأدب والروايات، لكن سرعان ما اندمج بينهم وتطبع بخصالهم واستفاد من علمهم، «مكانتش قعدة ثقافة فقط لكن صداقة كمان و بنتكلم في الأحوال العامة» حتى بعد تخرجه في كلية الطب جامعة القاهرة عام 1981 وممارسته لمهنة الطب لم ينقطع «الشنواني» عن اللقاء الأسبوعي.

عام من بعده عام، لم تنل مشاغل مهنة الطب من شغف «الشنواني» بالأدب والثقافة، ارتبط ارتباطا وثيقًا بالأديب و«شلته» واستمرت الصداقة بينه وبين «محفوظ» ثلاثين عاما، حتى نال المرض ومنه ورحل: «في آواخر أيامه مكنش بيقدر يحضر قعدة القهوة كنا أوقات نزوره في بيته» مرات معدودة فقط هي التي وطأت أقدام «الشنواني» منزل الأديب وكعادته لم يجد منه إلا احتراما وتقديرا، حسب وصفه.

رحيل نجيب محفوظ

رحل محفوظ في عام 2006 ورحلت معه ذكريات المراهقة والشباب لطبيب الأطفال الذي كان في الأربعينات من عمره حينها، تلك العلاقة التي خطت ملامح تفكيره نقلها للجميع في كتاب أسماه «ثلاثين عاما في صحبة نجيب محفوظ»، وصف بين صفحاته ملامح شخصية الأديب الراحل وعلاقته به التي بدأت صدفة وتواضعه ورقي أخلاقه: «كان مثال للشخص المثقف الناضح المتواضع مع الجميع و رحيله أثر فيا لإنه كان جزء كبير من شخصيتي اللي أنا عليها دلوقتي»، حسبما جاء على لسان «الشنواني».

مرت سنين العمر سريعا، وتجاوز طبيب الأطفال الستين من عمره، وعاد التساؤل القديم الذي أستحوذ على تفكيره إلى ذهنه، كيف يقضي الأشخاص حياتهم بعد سن التقاعد، كيف لشخص كان يملأ الدنيا ضجيجا بشغفه أن تتحول حياته في ليلة واحدة إلى السكون والرتابة دون أن يستيقظ صباحا لينخرط في عمله الذي يحبه؟

الحياة ما بعد الستين

هكذا كان يناجي الطبيب الستيني نفسه دوما منذ طفولته وحين  تجاوز الستين من عمره، قرر أن ينقل تجربته كلها في كتابه الصادر هذا العام «الحياة ما بعد الستين»: «مفيش شك إن وجود شاب في السن ده في صحبة نجيب محفوظ والمثقفين أثر عليا وشكل حصيلة ثقافية عندي»، فانطلق في كتابة صفحات الكتاب الذي قدم فيه وصف وتحليل لنفس الإنسان في تلك المرحلة العمرية دون إلقاء مواعظ ونصائح محددة، أملا في أن تكون كتابته عاملا مساعدًا لبعض الأشخاص، حسب قوله.

كيف لمراهق انخرط في مجتمع المثقفين مبكرا لا يحب الكتابة والروايات؟ فكتابه الأول الصادر عن صحبة نجيب محفوظ وكتابه الأخير «الحياة ما بعد الستين» توسطهما كتاب في أدب الرحلات باسم «أهلا بكين» نقل فيه تجربته في الحياة في الصين باختلافها عن مصر ونظرتهم للمستقبل والمفارقة بينهما، إلى جانب إصداره مجموعة قصصية باسم «حلوان- المرج» تدور أحداثها في المترو كدلالة رمزية على رحلة الحياة، هحسب وصفه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: نجيب محفوظ الاديب نجيب محفوظ سن الستين رواية الحیاة ما بعد من عمره

إقرأ أيضاً:

بعوائد 16 مليار دولار.. الدكتور أسامة حمدي يكشف عن فكرة لتنشيط الاقتصاد المصري

كتب- حسن مرسي:

قال الدكتور أسامة حمدي، أستاذ السكر والباطنة في جامعة هارفارد، إنه يمكن تعظيم العوائد الاقتصادية لمصر عبر إنشاء مطار ترانزيت ضخم على الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية، مشيرًا إلى أن هذا المشروع قد يحقق إيرادات سنوية تصل إلى 16 مليار دولار.

وأوضح الدكتور أسامة حمدي خلال استضافته ببرنامج "نظرة" الذي يقدمه الإعلامي حمدي رزق ويُذاع عبر قناة "صدى البلد"، أن عدة دول، مثل تركيا ودبي والبرتغال، حققت نجاحًا هائلًا عبر تحويل نفسها إلى مراكز عبور جوية (Hubs)، مستفيدين من المسافرين العابرين بمنحهم إقامات قصيرة تسمح لهم بالتجول داخل البلاد قبل استكمال رحلاتهم.

وأشار الدكتور أسامة حمدي إلى أن الموقع الجغرافي المميز لمصر بين أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط يمنحها فرصة ذهبية لتنفيذ هذا المشروع، مشددًا على أن قطاع السياحة والنقل الجوي سيتأثر إيجابيًا، كما أن شركات الطيران يمكنها تقديم خصومات للمسافرين لتعزيز الجذب السياحي.

وأضاف الدكتور أسامة حمدي أن التجارب الدولية أثبتت نجاح هذا النموذج، حيث تحقق تركيا حاليًا أكثر من 40 مليار دولار سنويًا من هذا القطاع، بينما تحقق دبي أكثر من 50 مليار دولار، مؤكدًا أن مصر يمكنها الاستفادة من هذه التجربة لتحفيز النمو الاقتصادي.

اقرأ أيضا:

توجيهات عاجلة من الحكومة بشأن توفير الكهرباء خلال الصيف

تنويه جوي بشأن الطقس.. موجة حارة جديدة والعظمى تصل لـ 40 درجة

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

الدكتور أسامة حمدي جامعة هارفارد العوائد الاقتصادية لمصر الطريق الصحراوي مطار ترانزيت الإعلامي حمدي رزق

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة ما حكم قراءة القرآن جماعيًا؟.. المفتي يجيب أخبار خبير استراتيجي: واشنطن لو كانت تعلم مكان الأسرى لأنهت الحرب من بدايتها أخبار فاطمة ناعوت: شعرت بالصدمة عند سماع كلمة "أنت كافرة" أخبار

إعلان

هَلَّ هِلاَلُهُ

المزيد أخبار الأمر على السعة.. وزير الأوقاف السابق يحسم أمر الجمع بين القضاء وصيام الست فتاوى متنوعة الدكتور أسامة قابيل: ليلة القدر كل يوم وليست في رمضان فقط زووم "هيحبسوا نفسهم بنفسهم".. بدرية طلبة توجه رسالة غامضة زووم وفاة زوجة الفنان نضال الشافعي نصائح طبية ماذا يحدث لجسمك عند التوقف عن تناول اللحوم؟

إعلان

أخبار

بعوائد 16 مليار دولار.. الدكتور أسامة حمدي يكشف عن فكرة لتنشيط الاقتصاد المصري

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك الوجود التركي في سوريا.. لماذا تخشاه إسرائيل وما احتمالات المواجهة؟ رسوم ترامب الجمركية.. هل تشعل الحرب التجارية وكيف تتأثر مصر؟- تغطية شاملة 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رمضانك مصراوي رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • التعميم على المركبة التي تسببت بحادث شارع الستين في إربد / شاهد
  • المرحوم الدكتور زكي مصطفي: العالم واللغو
  • جريمة داخل السجن.. سجين ينهي حياة زوجته أثناء “خلوة خاصة”
  • «ترامب» يقيل مدير وكالة الأمن القومي وسط انتقادات من الكونجرس
  • 16 أبريل.. نجيب محفوظ فى قلب الأوبرا
  • بعوائد 16 مليار دولار.. الدكتور أسامة حمدي يكشف عن فكرة لتنشيط الاقتصاد المصري
  • وزير الأوقاف ينعى الدكتور طه عبد العليم الرئيس السابق للهيئة العامة للاستعلامات
  • نظرة على مسيرة النجم السينمائي فال كليمر الذي فارق الحياة مؤخرا
  • محفوظ: المطلوب في الاعلام اللبناني الالكتروني تعزيز الوحدة الوطنية
  • محفوظ ولد الوالد يتحدث عن معسكرات تدريب القاعدة وأول لقاء له مع بن لادن