أذربيجان تنتصر بعد عقود من الانكسار.. وأرمينيا وحلفاؤها يتجرعون الهزيمة!
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
شنّ الجيش الأذريبجاني في 19 أيلول/ سبتمبر 2023 هجوماً خاطفاً على الانفصاليين في إقليم "ناغورني قره باغ"، وذلك باستخدام أسلحة حديثة عالية الكفاءة، مما حمل الانفصاليين على الاستسلام السريع أمام قوة نيران الجيش الأذري، وذلك بعد مرور 24 ساعة فقط من بداية الهجوم، ووافقوا من فورهم على البدء في مفاوضات الاستسلام مع تفعيل إجراءات تسليم إدارة الإقليم إلى حكومة "باكو".
والحقيقة أن الصراع بين أرمينيا وأذربيجان له أوصافه المتعددة، ويعود تاريخ النزاع بين الدولتين إلى الحقبة السوفييتية ابان حكم الرئيس "جوزيف ستالين" والذي خطط لملفات الأقليات لتكون قنابل موقوتة -قابلة للانفجار!- فصنع ذلك فيما صنع مع إقليم (ناغورني قره باغ) والذي كان جزءاً موثقاً من أراضي أذربيجان، وغالبية سكانه من الأرمن، ثم أعطى للإقليم صفة الحكم الذاتي وهكذا أصبح فتيل الأزمة جاهزاً في أي وقت!
وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي أعلن إقليم "ناغورني قره باغ" استقلاله عن باكو تحت اسم جمهورية "آرتساخ" وبدعم من يريفان، وإلى جانب إقليم قره باغ، فقد احتلت أرمينيا مدنا أذرية مثل "لاجين" و"خوجاوند" و"كلباجار" و"أغدره" و"أغدام" و"جبرائيل" و"فضولي" و"قوبادلي" و"زنكيلان"، مما أثار حربا طويلة إلى أن توصل الطرفان إلى عقد هدنة عام 1994، ثم عادت الأوضاع لتنفجر مرة ثانية عام 2016، وتلتها حرب عام 2020 والتي شهدت تفوقاً للجيش الأذري، ولولا تدخل الروس لبسطت أذربيجان ساعتها كامل سيطرتها على الإقليم.
تشابك المصالح بين حلفاء الدولتين كانت من أهم أسباب تغذية الصراع:
نستطيع القول بأن النزاع الدائر بين باكو ويريفان ليس إلا حرباً بالوكالة بين أصحاب مصالح متعددين، وليست الحرب كما هو شائع لأسباب عرقية أو دينية بحتة -وإن كانت موجودة- أو لأطماع مجردة حملت الأرمن على احتلال الإقليم، بل الأمر تعدى ذلك بمراحل، لتتشابك المصالح وفقاً لكل من الأطراف على حدة
نستطيع القول بأن النزاع الدائر بين باكو ويريفان ليس إلا حرباً بالوكالة بين أصحاب مصالح متعددين، وليست الحرب كما هو شائع لأسباب عرقية أو دينية بحتة -وإن كانت موجودة- أو لأطماع مجردة حملت الأرمن على احتلال الإقليم، بل الأمر تعدى ذلك بمراحل، لتتشابك المصالح وفقاً لكل الأطراف على حدة.
1- روسيا.. أقرب حلفاء أرمينيا، وهي الشقيقة الكبرى لها في الاتحاد السوفييتي، ورفيقتها في "منظمة معاهدة الأمن الجماعي"، والتي تضم مع أرمينيا وروسيا كلا من بيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، وكثيرا ما دعّمت أرمينيا عسكريا. وثمّة إتهامات للجيش الروسي بالتورط المباشر في مذبحة "خوجالي" عام 1992 والتي راح ضحيتها أكثر من 600 مدني أذري، لكنه ومع ذلك فقد حدث تغير في الموقف الروسي في دعم أرمينيا وأسبابه: التقارب بين روسيا وأذربيجان، وكذلك رغبة موسكو في عقاب حليفتها يريفان على التقارب الذي تجريه مع أوروبا وأمريكا، بالإضافة إلى موقفها من الحرب الروسية الأوكرانية..
2- إيران.. ومع تشاركها المذهب الشيعي مع أذربيجان! إلا أنها لا تُلقي بوزنها في دعم باكو بل وتتعامل بحميمية مع أرمينيا الأرثوزكسية! ربما عقابا لباكو كما يشاع على تقاربها مع الغرب، لكن الحقيقة أن إيران تعارض وبشدة اتصال تركيا بأذربيجان عبر ممر"زنغيزو" المزمع إنشاؤه والذي يترتب عليه ضياع الحدود الإيرانية الأرمينية وفقدانها الاتصال المباشر بأوروبا، مع خسارتها للعوائد الضريبية التي كانت تجنيها بسبب التجارة التركية الأذرية التي كانت تمر عبر أراضيها..
ولأرمينيا موقفها الرافض لفتح ممر"زنغيزو" إلا تحت إشرافها حتى لا تفقد سيطرتها على حدودها الجنوبية مع إيران الحليفة! وحتى لا تجد نفسها محاصرة بين دول ذات علاقات أقل ما يقال عنها أنها في حالة توتر معها! مثل أذربيجان شرقا، وتركيا غرباً، وجورجيا شمالاً..
وأهم ما تخشاه إيران بعد فتح ممر"زنغيزو" هو التقارب العِرقي التركماني، بداية من أنقرة مروراً بمقاطعة "نخجوان" ثم وصولا إلى العاصمة باكو ومنها إلى العمق التاريخي والجيوسياسي لتركيا مع الدول الناطقة باللغة التركية في جمهوريات آسيا الوسطى، وانتهاء بالإيغور في تركستان الشرقية "شيانج يانج الصينية"!..
أصبحت أذربيجان بعد إعلان سيطرتها على الإقليم، في وضع عسكري وسياسي متقدم قد يمكِّنها من سرعة تحقيق الواقع المأمول بما يخدم مصالحها ومصالح تركيا وبما يحقق أحلام الدول الناطقة بالتركية
وكذلك فإن ما تخشاه إيران بعد سيطرة أذربيجان على الإقليم هو اتصال أذربيجان المباشر بالأقلية الأذرية في شمال إيران، وما يشكله ذلك من مخاطر على أمن إيران الجيوسياسي..
3- فرنسا.. الداعمة لأرمينيا دون خفاء رغم فرض حيادها لوجودها في مجموعة "مينسك" والتي تضم بجانبها كلا من أمريكا وروسيا، ومهمة هذه المجموعة منذ إنشائها قبل 28 عام هو حل أزمة "ناغورني قره باغ"، ورغم ذلك ففرنسا حاضرة في كل ما يعود على الدولة التركية بالخسارة! ولذا فهي تدعم أرمينيا في نزاعها مع أهم حلفاء أنقرة! كما تفعل الأمر نفسه مع اليونان وقبرص الجنوبية مكايدة لتركيا!
4- الاتحاد الأوروبي حرص على إرساء علاقات متوازنة مع طرفي الأزمة، خاصة أذربيجان، التي تُعَد مورِّداً مهمّاً للغاز إلى أوروبا، خاصة مع استمرار الحرب الأوكرانية، مع ارتفاع صادرات الغاز الأذربيجاني إلى الاتحاد الأوروبي.
5- تركيا.. تقف أنقرة بكل ما تملكه من قوة سياسية وتكنولوجية وعسكرية خلف باكو، وقد وضعت كل سبل الدعم العسكري رهن إشارة أذربيجان من صناعات دفاعية وخبرات وتقنيات وقدرات عسكرية وذخائر وطائرات مسيرة وصواريخ وأنظمة دفاع جوي.
هذا وقد أصبحت أذربيجان بعد إعلان سيطرتها على الإقليم، في وضع عسكري وسياسي متقدم قد يمكِّنها من سرعة تحقيق الواقع المأمول بما يخدم مصالحها ومصالح تركيا وبما يحقق أحلام الدول الناطقة بالتركية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قره باغ الصراع أرمينيا أرمينيا اذربيجان صراع تحالفات قره باغ مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ناغورنی قره باغ سیطرتها على على الإقلیم
إقرأ أيضاً:
الشربيني: الأيكوثيرم لعب دورا مهما في التحول للطاقة الخضراء بمؤتمر COP29 في أذربيجان
أكد السفير مصطفى الشربيني، الخبير الدولي في الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ، رئيس الكرسي العلمي للاستدامة والبصمة الكربونية بمنظمة الألكسو بجامعة الدول العربية المراقب باتفاقية باريس لتغير المناخ، أهمية استكمال الجهود الدولية لتحقيق التزامات اتفاق باريس ودعم المبادرات التي تضمن توفير التمويل المستدام للدول النامية لتعزيز قدرتها على التكيف مع تغير المناخ.
جاء ذلك خلال كلمته في ندوة "مصر وأذربيجان: من COP27 إلى COP29 – مسار تكاملي"، بحضور الدكتور الخان بولوخوف، سفير جمهورية أذربيجان في القاهرة، ومشاركة واسعة من السفراء والخبراء البيئيين.
وأشار الشربيني إلى الدور المحوري الذي لعبه سفراء المناخ في الدفع بأجندة الاستدامة داخل COP29، حيث ركزت جهودهم على تعزيز الشراكات بين الدول النامية والمتقدمة من خلال مبادرات مثل "عالم أخضر" التي تهدف إلى تقليل الفجوة المناخية بين الدول، الضغط لتنفيذ التعهدات المناخية السابقة بما في ذلك مخرجات COP27 في شرم الشيخ، لضمان عدم التراجع عن الالتزامات المناخية لذلك يبرز دور سفراء المناخ كجهة رئيسية لمتابعة التنفيذ وضمان تحقيق تحول عادل ومستدام في السياسات البيئية والاقتصادية فنجاح COP29 لم يكن مجرد اتفاقيات، بل هو بداية لمرحلة تنفيذية حقيقية يجب أن يشارك فيها الجميع لضمان عالم أكثر استدامة.
وأضاف أنه مع اختتام مؤتمر الأطراف COP29 في أذربيجان، برزت العديد من القضايا الجوهرية المتعلقة بالتمويل الأخضر، والاستدامة، والابتكار في مواجهة تحديات المناخ ومن بين الشخصيات البارزة التي لعبت دورًا رئيسيًا في المؤتمر الدكتور نايف الفقير، أمين عام سفراء المناخ وأحد الخبراء البارزين في مجال الاستدامة والذي قدم رؤى متقدمة حول دور الأيكوثيرم (EcoTherm) في تحقيق التحول نحو الطاقة المستدامة وتقليل الانبعاثات وهو نظام متطور لتقليل استهلاك الطاقة والانبعاثات الكربونية، يعتمد على تقنيات حديثة في إدارة الحرارة والطاقة، مما يجعله نموذجًا فعالًا يمكن تطبيقه في مختلف الصناعات، خاصة في الدول التي تسعى إلى تحقيق أهداف الحياد الكربوني.
من جانبه، أكد السفير الخان بولوخوف، أن أذربيجان لا تكتفي بمجرد استضافة المؤتمر، بل تسعى إلى أن تكون نموذجًا رائدًا في إشراك القطاعين العام والخاص في دعم المشروعات البيئية.. موضحا أن التمويل الأخضر هو مفتاح تنفيذ سياسات الحياد الكربوني، خصوصًا للدول النامية التي تواجه تحديات اقتصادية معقدة في التحول إلى الطاقة النظيفة.
وأشار بولوخوف إلى أن COP29 لم يكن مجرد مؤتمر سياسي، بل كان منصة لإيجاد حلول واقعية ومستدامة، حيث ركزت أذربيجان على جذب الاستثمارات البيئية، وتشجيع الابتكار في مجالات الطاقة المتجددة وإدارة الموارد الطبيعية، مما يضمن تحولًا عادلًا نحو الاقتصاد الأخضر دون الإضرار بالتنمية الاقتصادية.
ونوه بولوخوف إلى أهمية التعاون الدولي والمجتمع المدني في دعم العمل المناخي، وهنا يأتي دور سفراء المناخ بقيادة السفير الدكتور مصطفى الشربيني، الذي كان له إسهام بارز في مناقشات COP29، من خلال رؤيته حول التمويل المناخي العادل، وتعزيز إشراك المجتمعات المحلية في سياسات المناخ و دعم تطوير استراتيجيات الاستدامة عالميًا، وقيادته لمبادرات مثل سفراء المناخ، التي تهدف إلى إشراك الشباب والمجتمع المدني في تنفيذ أهداف المناخ.
وأشار أيضًا إلى أن الشراكة بين أذربيجان وسفراء المناخ تمثل خطوة استراتيجية لتعزيز التعاون الدولي في ملف التمويل الأخضر، حيث تتلاقى رؤية أذربيجان مع مبادرات الدكتور الشربيني في وضع حلول فعالة لمواجهة تحديات المناخ، مع التأكيد على أهمية بناء القدرات المحلية وتطوير سياسات تدعم الاقتصاد الدائري وخفض الانبعاثات الكربونية.
وأكد السفير الأذربيجاني، أن التحدي الحقيقي لا يكمن في التعهدات والالتزامات، بل في آليات التنفيذ الفعلي، وهو ما دفع أذربيجان إلى التركيز على إيجاد آليات تمويل واضحة، وتعزيز الشفافية في توزيع الموارد المالية المخصصة للعمل المناخي.
وشدد على أن التعاون مع خبراء المناخ مثل الدكتور مصطفى الشربيني يساهم في تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية، من خلال تبني نماذج مبتكرة في تمويل المشاريع المناخية، مثل السندات الخضراء، وصناديق الاستثمار المناخي، ودعم استخدام التكنولوجيا المتقدمة في إدارة الموارد الطبيعية.
من جهته، أشار الدكتور أحمد علي، عالم الايكو ثيرم بسفراء المناخ، خلال الندوة، إلى الدور الذي لعبه الدكتور نايف الفقير في المناقشات المناخية بمؤتمر COP29، حيث ناقش التحديات التي تواجه الدول النامية في التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وسلط الضوء على الحلول التكنولوجية التي يمكن أن تدعم هذا التحول والتأكيد على أن الاستثمار في تقنيات الأيكوثيرم ليس فقط ضرورة بيئية، بل هو فرصة اقتصادية، حيث يمكن أن يوفر على الدول مليارات الدولارات من تكاليف الطاقة، ويخلق فرص عمل جديدة في قطاع التكنولوجيا الخضراء؛ لذلك كان التركيز خلال مؤتمر COP29 على أن التحول إلى الاقتصاد الأخضر ليس مجرد خيار، بل ضرورة عالمية، وأن التكنولوجيا تلعب دورًا رئيسيًا في تسريع هذا التحول.
وأوضح الدكتور أحمد علي، أن نجاح COP29 لا يكمن فقط في التوصيات التي خرج بها المؤتمر، بل في كيفية تنفيذ هذه التوصيات عبر الشراكات الذكية بين الحكومات، القطاع الخاص، والخبراء الدوليين، وهو ما نراه يتحقق اليوم من خلال تعاون الأيكوثيرم وسفراء المناخ.