السودان بين مطرقة الجنجويد وسندان الكيزان
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن الدعم السريع ورغم ما ظللنا نسمعه من بعض "مثقفاتيته" و"لايفانجيته" الذين ما فتئوا يستميتون في محاولة تحسين صورته وتبرير أفعاله لإقناعنا بأن فرعون الأمس قد أصبح اليوم موسى، إلا أن واقع ما يجري على الأرض يؤكد فشل تلك المليشيا المسلحة من التحرر عن مفاهميها وعقيدتها وأدبياتها الجنجويدية التي عُرفت بها في دارفور منذ نشأتها وحتى اليوم.
وهو السبب الرئيسي وراء استعداء وإحجام المواطنين السودانيين عن دعم الدعم السريع، رغم علمهم ببشاعة أعمال الجيش (المكوزن) وجرائمه التي لا تخفى إلا على أعمى.
فليس ثورياً من يمارس نفس الجرائم التي يدعي هو الثورة عليها.
لأن الثوار لا ينهبون، لا يغتصبون، لا يحرقون، لا يهجّرون، لا المواطن يقتلون ولا بسقف منزله يحتمون.
فلا تحدثوني عن ثورة الدعم السريع قبل تركه استسهال قتل المواطن السوداني وانتهاك الأعراض ونهب الأغراض.
* إن مخاوف الكيزان وهلعهم الدائم من شبح ظهور قادة وجنود لا يدينون ب"الكوزنة" وسط الجيش السوداني، هو الذي دفعهم لإرتكاب مجزرة السابع والعشرين من رمضان التي راح ضحيتها ثمانية وعشرين من الضباط في مطلع تسعينيات القرن الماضي، تلتها مجزرة الصالح العام التي كانت ضحاياها الألوف من الضباط والمدنيين العاملين في شتى القطاعات الوظيفية... وهو الدافع وراء تكوين مليشيات الجنجويد لحمايته من الضباط المخلصين المحتمل ظهورهم داخل القوات المسلحة، بجانب خطر الحركات المسلحة التي كانت ماثلة أمامهم.
ومن سُخريات القَدر أن قلب القِدْرِ على رؤوسهم...
فلا حميدتي عاد حامي لنظام المؤتمر الوطني، _كما صُنع لها_، ولا الحركات المسلحة باتت مهددة لبقاءهم، هذا ان لم تسعى -هي نفسها- لضخ الدماء في شرايينهم وإعادتهم للحياة.
* أما جيشنا القومي _ ان صحت هذه التسمية_ فعيبه انه لم يُكتب له في تأريخ السودان أية وقفة لحماية الشعب السوداني او الدفاع عنه من عدو خارجي، بل حتى تلك المعارك التي خاضها في أجزاء السودان المترامية كانت تهدف إلى تثبيت أركان أحزاب وطوائف وأفكار لا علاقة لها بالوطن.
وليس أدل على ذلك من جرائم الحرب التي جرت على يده في جنوب السودان_قبل الانفصال_ ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، حتى وصل به الأمر أن استعان بمليشيات قبلية لإبادة إخوانهم من الشعب السوداني في أقاليم السودان المختلفة، وما الدعم السريع إلا واحدة من تلك المليشيات.
* أما عن خذلان الجيش للمواطن السوداني، فقد وقف العالم أجمع مشدوها يوم أن شاهد مئات من النساء والشباب الفارين من جحيم فض اعتصام القيادة في الثالث من يونيو 2019 ، يحاولون الاحتماء بمباني قيادة جيشهم، علّه يحمهم من بطش هذا الوحش المستذئب ، إلا أنهم سرعان ما أدركوا بأنه "ليس في النار للظمآن ماء".
ليأتي خطاب الكباشي فيقطع الشك بأن الجيش نفسه جزء من تلك الجريمة التي لا تُغتفر.
ووقف العالم مرة أخرى يشاهد بحسرة آلافاً من الجثث المتناثرة التي اكتست شوراع وساحات مدينة الجنينة بغرب دارفور التي لا تزال مليشيات الجنجويد تمرح و" تقدل" و تتلاعب بجثث الضحايا على ساحاتها وأشجارها حتى اللحظة.
ومثلها بقليل في زالنجي ونيالا وبعض أجزاء الخرطوم.
بينما يقبع الجيش خلف الزناد داخل الخنادق منتظراً من يتجرأ على اجتياز تلك الحُفر والستائر الترابية.
* إن إصرار الدعم السريع على التمسك بذات الأخلاقيات التي تعلمها من خلال "الهمبتة" التي أباحتها لها شيوخ الكيزان إبان حملات جرائمه بحق انسان دارفور، وفي ذات الوقت إدعاءه الثورة من أجل الديمقراطية والسلام والعدالة، سيجعل منه أضحوكة القرن الواحد والعشرين.
كما أن إصرار الجيش على التخندق في الحفر و إمطار رؤوس المواطنين بقنابل وبراميل مشتعلة من السماء (ذات الروج)، بجانب تسليم إدارة المعارك لكتائب الكيزان الجهادية ككتيبة البراء بن مالك وغيرها ، سيخرجه من اللعبة تماماً وتمسي الحرب بين جنجويد الكيزان وجنجويد الدعم السريع... وحينها لن يكن للجيش القومي أي سيطرة أو دور في تنفيذ الاتفاقيات التي ستعقد ولا الدولة السودانية الجديدة التي ستُبنى.
وما لم تظهر معجزة تعيد المياه إلى مجاريها، يبقى السودان بين مطرقة الجنجويد وسندان الكيزان.
أحمد محمود كانم
بولتون/إنجلترا
2أكتوبر 2023
amom1834@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع التی لا
إقرأ أيضاً:
انتصارات ساحقة للجيش السوداني في معركته ضد ميليشيا الدعم السريع
أكد الجيش السوداني تقدمه في الخرطوم، مكملًا سيطرته اليوم الأربعاء على مدينة بحري، فيما قتل قيادي بارز بقوات الدعم السريع، وسط غموض حول ما حدث، وفق ما أوردت وسائل إعلام متفرقة.
جسر "المك نمر"وسيطر الجيش والقوات المساندة على جسر "المك نمر" بالخرطوم بحري.
أشار مصدر عسكري أنه لم تتبقَّ إلا جيوب في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة، منوها إلى عملهم مع السلطات المختصة على تأمين عودة المدنيين إلى منازلهم في القريب العاجل.
فيما ذكرت وسائل إعلام سودانية أن الجيش أكمل شبه سيطرته اليوم الأربعاء على مدينة الخرطوم بحري كاملة، ولم تتبقَّ إلا جيوب في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة، في حين أعلنت قوات الدعم السريع مقتل قائد كبير بصفوفها أمس الثلاثاء.
وكان الجيش قد حقق تقدما في مواقع جديدة خلال اليومين الماضيين بمنطقة شرق الخرطوم والخرطوم بحري وشرق النيل التي يطوقها من الريف الشرقي.
حقق الجيش السوداني تقدماوذكرت مصادر عسكرية، أمس الثلاثاء، أن قوة من الجيش بسطت سيطرتها على أبراج الزرقاء وأبراج الشرطة والمستشفى الدولي، ووزارة التربية والتعليم ولاية الخرطوم جامعة الزعيم الأزهري وسلاح المظلات.
وحقق الجيش السوداني تقدما في مواقع جديدة أول أمس الاثنين بمنطقة شرق الخرطوم والخرطوم بحري وشرق النيل التي يطوقها من الريف الشرقي.
وأكدت المصادر تقدم قوة من الجيش في أجزاء واسعة من أحياء العزبة وكافوري بمحلية شرق النيل بالخرطوم بحري.
ويأتي هذا التطور بعد أيام قليلة من فك الحصار عن القيادة العامة وسط الخرطوم، وسلاح الإشارة، ومقر تابع لجهاز المخابرات يقع بالقرب منه في الخرطوم بحري، ليبدأ الجيش في تنفيذ المرحلة الثالثة من العملية العسكرية التي أطلقها يوم 26 سبتمبر الماضي.
مدينة الفاشرمن جهة أخرى، قال الإعلام العسكري بالفرقة 6 بمدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور، في بيان، إن الطيران الحربي للجيش السوداني شن غارات جوية على معاقل قوات الدعم السريع في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء.
وأعلن عمران عبد الله، مستشار قائد قوات الدعم السريع، مقتل القائد الميداني رحمة الله المهدي، الشهير بـ"جلحة"، أمس الثلاثاء، دون أن يحدد ملابسات ومكان مقتله.
ويرأس "جلحة" ما تسمى حركة "شجعان كردفان" التي تم تأسيسها عام 2020، إذ نشطت الحركة بعدة مناطق في ولاية غرب كردفان وينتمي أغلب عناصرها لقبيلة المسيرية.
وانضم جلحة لقوات الدعم السريع في سبتمبر 2023.