التسوية الرئاسية مرتبطة بالحدود البرية!
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
حتى اللحظة لا يبدو أن الولايات المتحدة الاميركية قررت الذهاب بعيدا في عملية الدفع بإتجاه تسوية سياسية ورئاسية في لبنان، كما ان التفويض الذي أعطي لقطر لم يشمل ايجاد حل نهائي وشامل يعيد الحياة الى المؤسسات الدستورية بل اقتصر على وضع الدوحة في واجهة الوساطات من أجل إستشراف المشهد والسقوف السياسي للقوى السياسية الأساسية، لذلك فإن المبعوث القطري أبو فهد لم يطرح مبادرة واضحة وطلب التوافق عليها.
في المقابل يستمر "حزب الله" في اعلان تمسكه برئيس تيار المردة سليمان فرنجية كمرشح وحيد للرئاسة وهذا يعني أن ما يقوله الحزب للوسطاء الدوليين لا يوحي بإمكان الوصول الى حلول وسط او الى تسوية بينه وبين واشنطن او الرياض، على اعتبار ان هذه الاطراف هي الأطراف الأكثر تأثيراً على الإستحقاقات السياسية اللبنانية، وانعدام الرغبة او الحماس للتوافق بينها سيجعل الحل بعيدا.
من الواضح أن "حزب الله" يريد البحث عن سلة شاملة يتفاوض من خلالها على رئاسة الجمهورية، وهو غير معني ببحث الملف الرئاسي دون غيره من الملفات الا اذا كان الاسم المتوافق عليه هو فرنجية، لذلك فإن تسليم خصوم الحزب بفكرة ان للحزب حصة سياسية وازنة في المرحلة المقبلة سيسهل الحل لانه يرضي الحزب وعندها يصبح التفاوض حول الرئاسة أمرا مطروحاً وليس مستحيلاً.
اما الولايات المتحدة الاميركية فليس لديها أي دافع يجعلها تسلم لحزب الله بتسوية سياسية يحصل خلالها على حصة داخل المؤسسات الدستورية من دون ان تحصل على مكاسب استراتيجية تسمح لها بعدم عرقلة فكرة الاستقرار السياسي الذي يبحث عنه الحزب منذ زمن، لان هذا الاستقرار سيعزز حضور الحزب ونفوذه ما يصيب حضور واشنطن ونفوذها بأضرار يجب تجنبها قدر الإمكان.
وبحسب مصادر مطلعة فإن ربط التسوية السياسية والرئاسية بترسيم الحدود البحرية بات محسوما بالنسبة للاميركيين، لكنه ليس كافيا، فواشنطن تريد ضمانات حقيقية بعدم حصول انفجار للاوضاع بين "حزب الله" وإسرائيل، ويبدو ملف ترسيم الحدود البرية وسيلة لنزع فتيل الاشكالات والتوترات اليومية بين الطرفين والتي قد تتدحرج لتصل الى معركة عسكرية او حرب شاملة في لحظة غير محسوبة.
فهل يعطي "حزب الله" مثل هذه التنازلات للاميركيين من أجل الحصول على مكاسب داخل الدولة وايصال مرشحه للرئاسة؟ قد لا يكون الامر منطقيا، الا في حال تزامنه مع تسوية شاملة تتضمن مسألة النازحين السوريين واللجوء الفلسطيني ومزارع شبعا التي لا يمكن تصنيفها ضمن المناطق التي سيتم ترسيم الحدود فيها، كل ذلك يجعل الفراغ الرئاسي مجرد رأس لجبل الجليد ويجعل التسوية بعيدة جدا بمعزل عن كل الوساطات والمبادرات.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
رسائل ود من حزب الله للحكّام الجدد في دمشق
كتب ابراهيم حيدر في" النهار": مع موقف لافت أطلقه أخيراً أحد وزيري "حزب الله" مصطفى بيرم وقال فيه "إننا نحترم خيار الشعب السوري، ونحن منفتحون ومرتاحون إلى تصريحاتهم"، بدا جليّاً أن الحزب اتخذ قراره النهائي في شأن التعامل مع التحوّل السياسي الكبير في سوريا الذي تكرّس بسقوط نظام بشار الأسد، وحلول حاكمين جدد محله هم بالأساس على طرف نقيض مع الحزب.
والواضح أن هذا القرار قائم على إبداء الاستعداد لفتح صفحة جديدة مستقبلاً مع الحكام الجدد في عاصمة الأمويين.
لم يكن كلام الوزير بيرم الرسالة الإيجابية الأولى من جانب الحزب إلى السلطة الوليدة في سوريا، إذ ثمة من يعتبر أن الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أصدر مقدمات انفتاحية عندما صدر عنه في إطلالته الإعلامية الأخيرة كلام ليّن بدا فيه وكأنه يقول: لقد أخذنا علماً بأمرين:
الأول أننا خسرنا بهذا التحوّل طريق الإمداد الأساسي لنا.
والثاني أننا ننتظر مآلات المخاض السوري لنبني على الشيء مقتضاه.
وبهذا المعنى كان واضحاً أن الحزب يقر أمام جمهوره المفجوع والعالم الخارجي بفقدان حليف تاريخي ثابت دافع عنه ودفع أثماناً باهظة للحيلولة دون سقوطه سابقاً، وهو نظام بشار الأسد، وخسرنا استطراداً جغرافيا أساسية كانت إضافة إلى أنها خط إمداد أساسي، قاعدة ارتكاز خلفي مكين.
فضلاً عن ذلك كان الحزب بهذا الكلام يأخذ لنفسه مهلة لتقليب الأمر المستجد، في العاصمة السورية على وجوهه كافة. وللأهمية شكل الحزب خلية من ذوي الاختصاص والمعرفة أوكل إليها مهمة إصدار الحكم النهائي على أداء الحكام الجدد الذين نجحوا في تحقيق غلبة وحسموا صراعات ممتدة منذ عام 2011 وبالتالي نجحوا في قلب كل المعادلات القديمة، وقضى القرار النهائي بـ:
- طيّ صفحة معاداة الحكام الجدد خصوصاً وقد أطلقوا منذ دخولهم دمشق خطاباً رصيناً ينمّ عن وعي وإحاطة.
- أن الحزب تلقى عبر قنوات عدة خفية معطيات تشفّ عن رغبة الحكام الجدد في المضيّ قدماً في نهج تعامل جديد يقوم على التصالح سعياً منهم إلى نيل الاعتراف بشرعية حكمهم.
وبناءً على ذلك بدا الحزب كأنه يقرّ بالأمر الواقع المستجد وبالمعادلات الآتية معه، وأقر أيضاً بضرورة الأخذ بسياسة تقنين الخسائر وتضييق دائرة المعادين والاستعداد لمرحلة انفتاح مستقبلية على دمشق الجديدة يجب العمل لفتحها بهدوء وتدرّج.
وإن كان أمراً ثقيل الوطأة على الحزب أن يعترف دفعة واحدة بأنه بات لزاماً عليه الإذعان للأمر الواقع الفارض نفسه بعناد في سوريا وأنه بات عليه استطراداً بعث رسائل إيجابية للحاكمين الجدد في دمشق وصفها البعض بأنها "رسائل غزل"، فإن الأمر كان قليل الوطأة وخفيف الحمل عند الطرف الآخر من الثنائي الشيعي أي حركة "أمل"، إذ لم يكن صعباً على رموز الحركة أن يتجاهلوا الحدث السوري رغم حماوته وأن يعتصموا بحبل الصمت حيال التحوّل الذي هزّ المنطقة. الذين اعتادوا التعبير عن موقف الحركة قالوا صراحة إنهم يلتزمون بتوجيهات أتتهم من رئيس الحركة الرئيس نبيه بري، ومع ذلك كان واضحاً للراصدين أن الحركة لم تعد منذ زمن المعتمد الأول للنظام في دمشق ما يوجب عليها التحرك، وتحديداً مع تسلم الرئيس بشار الأسد الحكم خلفاً لوالده إذ من يومها ساد فتور أقرب إلى البرودة بين الطرفين، وانحدر الأمر إلى قطيعة في الآونة الأخيرة بفعل تطورات كثيرة.
ولكن هذا الصمت من جهة عين التينة لا ينفي أن في أوساطها كلاماً مكتوماً ينطوي على انتقادات توجّه لأداء عنوانه "سوء تقدير" حمّل كلّ الساحة الشيعية أوزاراً وأثقالاً وخسائر كارثية.